الوسطية هي الاعتدال في كل أمور الحياة منتصورات ومناهج ومواقف، وهي تحر متواصل للصواب في التوجهات والاختيارات، فالوسطية ليست مجرد موقف بين التشدد والانحلال؛ بل هي منهج فكري وموقف أخلاقي وسلوكي، كما ذكر فيالقرآن:﴿وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين﴾" حيث تشير تلك الآية إلى أهمية الوسطية وتحقيقالتوازن في الحياة.[1] ومرجع الوسطية إلى الشرع فما وافق الشرع فهو الوسط فالتشدد في محله وسطية والرفق في محله وسطا كذلك.[وفقًا لِمَن؟]، والوسط يفيد معنى البعد عن الإفراط والتفريط، والزيادة على المطلوب في الأمر إفراط والنقص عنه تفريط، وكلٌّ من الإفراط والتفريط ميل عن الجادة القويمة؛ فهو شر ومذموم، والخيار هو الوسط بين طرفي الأمر، أي المتوسط بينهما؛ ولذلك يقول القرطبي: ((لما كان الوسط مجانبًا للغلو والتقصير كان محمودًا))[2]
السداد: الاستقامة، والقصد[3]، قال ابن حجر: ((عن مجاهد في قوله تعالى:﴿قَوْلاً سَدِيدًا﴾، قال: السداد العدل المعتدل الكافي)).[4]
وردت الوسطية في كتاب المسلمين: القرآن الكريم، وأُريدَ به: عدل الأمور وخيرها، وذلك في قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}[البقرة: 143]، يقولابن كثير: «والوسط هاهنا: الخيار والأجود»[8]، وبناء على هذا فإن الوسطية في الإسلام هي: خيار الأمور، وهي متمثلة في أوامرالشريعة الإسلامية لأن الشريعة لا تأمر إلا بالخير، وأصل الوسطية في الدين: الدين الإسلامي، لأنه جاء بخير الشرائع حسب ما تقوله مصادر الدين الإسلامي، كما أنه وسط بين طرفين أو أطراف أخرى في مسائل الدين، يقولالطبري: «وأرى أن الله تعالى ذكره إنما وصفهم بأنهم» وسط«، لتوسطهم في الدين، فلا هم أهل غلو فيه، غلو النصارى الذين غلوا بالترهب، وقيلهم فيعيسى ما قالوا فيه - ولا هم أهل تقصير فيه، تقصيراليهود الذين بدلواكتاب الله، وقتلوا أنبياءهم، وكذبوا على ربهم، وكفروا به؛ ولكنهم أهل توسط واعتدال فيه. فوصفهم الله بذلك، إذ كان أحب الأمور إلى الله أوسطها».[9]
يقول محمد الحبر يوسف: والحق أن الوسطية في مفهومالإسلام منهج أصيل ووصف جميل، ومفهوم جامع لمعاني العدل والخير والاستقامة، فهي حق بين باطلين واعتدال بين تطرفين وعدل بين ظلمين.
ويقول الدكتورمحمد عمارة الذي ينتمي للمدرسة الوسطية ويدعو إليها، فيقول عنها إنها (الوسطية الجامعة)التي تجمع بين عناصر الحق والعدل من الأقطاب المتقابلة فتكوّن موقفا جديدا مغايرًا للقطبين المختلفين ولكن المغايرة ليست تامة، فالعقلانية الإسلامية تجمع بين العقل والنقل، والإيمان الإسلامي يجمع بين الإيمان بعالم الغيب والإيمان بعالم الشهادة، والوسطية الإسلامية تعني ضرورة وضوح الرؤية باعتبار ذلك خصيصة مهمة من خصائصالأمة الإسلامية والفكر الإسلامي، بل هي منظار للرؤية وبدونه لا يمكن أن نبصر حقيقة الإسلام، وكأنها العدسة اللامعة للنظام الإسلامي والفكرية الإسلامية. والفقه الإسلامي وتطبيقاته فقه وسطي يجمع بين الشرعية الثابتة والواقع المتغير أو يجمع بين فقه الأحكام وبين فقه الواقع، ومن هنا فإن الله جعل وسطيتنا جعلا إلهيا﴿جعلناكم أمة وسطا﴾ سورة البقرة آية 143.
قال عالم الإسلام البنجلاديشي عبد الحي محمد سيف الله، إن سورة البقرة في القرآن الكريم تحتوي على 286 آية، فإذا قسمناها على 2 أصبح عددها 143، والآية 143 من سورة البقرة تحتوي على كلمة الوسط، وهي معجزة من معجزات القرآن الكريم.
هذا وقد حدد الدكتوريوسف القرضاويبالمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث ضوابط المنهج الوسطي قائلا: «يقوم تيار الوسطية على جملة من الدعائم الفكرية، تبرز ملامحه وتحدد معالمه، وتحسم منطلقاته وأهدافه، وتميزه عن غيره من التيارات»، تتمثل فيما يلي:
{{استشهاد ويب}}:|مؤلف= باسم عام (مساعدة)