| نسبة التسمية |
|---|
| التعداد | 3,198,600[1] |
|---|
| البلد | |
|---|---|
1,062,000[1] | |
750,000[1] | |
550,000[1] | |
215,000[1] | |
160,000[1] | |
160,000[1] | |
85,000[1] | |
52,100[1] | |
52,000[1] | |
25,000[1] | |
10,500[1] | |
6,700[2] | |
5,400[1] | |
5,300[1] | |
5,000[1] | |
2,470[1] | |
3,400[1] | |
2,500[1] | |
1,000[1] |
| فرع من | |
|---|---|
| مجموعات ذات علاقة |
الموارنة (بالسريانية: ܡܪܘܢܝܐ، مارونايي)، هيمجموعة دينية[3] تقطن في سواحلبلاد الشام وخاصة فيلبنان وتتبعالكنيسة المارونية. تعود تسميتهم إلى مارمارون الراهبالسرياني الذي عاش في شمال سوريا خلال القرن الرابع وانتقل اتباعه لاحقًا إلىجبل لبنان ليقترن اسمهم به منذ القرن العاشر الميلادي مؤسسين بذلكالكنيسة المارونية.[4]تمكن الموارنة من الحفاظ على كيان شبه مستقل في خلال فترتيالخلافة الامويةوالعباسية محافظين بذلك على ديانتهمالمسيحية حتى الآن ولغتهمالسريانية حتى القرن الثالث عشر.[4]
هيمن الموارنة لاحقًا على كل منمتصرفية جبل لبنانالعثمانية بالقرن التاسع عشروجمهورية لبنان الكبير برعاية دول أوروبية. غير أن هجرة أعداد كبيرة منهم إلىالأمريكيتين ونشوبالحرب الأهلية اللبنانية أدت إلى تقلص اعدادهم بشكل حاد حيث يشكلون حاليًا حوالي ربع عدد سكان لبنان.[بحاجة لمصدر]

يتبع الموارنة إلىالكنيسة المارونية أو الكنيسة الأنطاكية السريانية المارونية وهي كنيسةأنطاكيّة،وسريانية،وشرقية،وكاثوليكية، وشبهوطنية؛ اجتمعت نواتها الأولى حول القديسمارون بهيئة حركة رهبانيّة ما لبثت أن ضمّتعلمانيين، لذلك دعيت باسمه.[5] وقد أكدالمجمع البطريركي الماروني الذي ختم أعماله عام 2006[6] هوية الكنيسة بأنها: ”كنيسة أنطاكية سريانية ذات تراثليتورجي خاص“.يعتبر الموارنة أيضًا من دوحةالكنيسة السريانية تاريخيًا وطقسيًا وثقافيًا، أما إيمانيًا، فهم جزء منالكنيسة الكاثوليكية التي تقرّ بسيادةالبابا، رغم ذلك، فللكنيسة المارونيّة بطريركها الخاص وأساقفتها. ويقيم البطريرك فيبكركي الواقعة ضمن قضاءكسروان اللبناني، ويعاونه في الإدارةالمجمع المقدس،[7] أما الأبرشيات فهي سبع وعشرونأبرشية حول العالم.[8] وللكنيسة المارونيّة رهبناتها الخاصة،[9] وتعتبر الرهبنة اللبنانية المارونية أكبر رهبنة فيالشرق الأوسط.
برز الموارنة كجماعة رهبانية ثم طائفة دينية اتفقت معالملكيين الإنطاكيين علىمجمع خلقيدونية مع المحافظة علىالتراث السرياني خلافًا لسائر الملكيين الذين اندمجوا فيالتراث البيزنطي كليًا، وفي الوقت نفسه اتفق الموارنة معالكنيسة السريانية الأرثوذكسية بالحفاظ على التراث السرياني لكنهم حافظوا على وحدة الكنيسة بقبول المجمع الخلقيدوني،[10] و«لو لم يتوفر لهذه الكنيسة الالتقاء معالكنيسة الكاثوليكية في روما لكان مصيرها كمصير بقية الكنائس التي تعرف اليوم باسم الكنائس الوطنية المستقلة، ولو لم تتمسك بلغتها وطقسها وخطها الحضاري لكان حظها كحظ الكنيسة الملكية التي اندمجت في تراث بيزنطة بشكل كلي».[11]
يعرف أتباع هذه الكنيسة بالموارنة، ويبلغ تعدادهم في العالم أكثر من ثلاثة ملايين نسمة، يعيش ثلثهم تقريبا فيلبنان، وإلى جانب تواجدهم في لبنان، يتواجد الموارنة فيسوريا. أما عن الاغتراب المارونيّ، فهو يتركز أوروبيًا فيفرنسا وأمريكيًا فيالولايات المتحدةوالبرازيلوالمكسيك. كذلك يوجد عدد كبير من الموارنة فيأستراليا وكندا ودولالخليج العربيوغرب أفريقيا، وبناءً عليه تعتبر الكنيسة المارونيّة، أكبر كنيسة مشرقيّة داخل النطاق الأنطاكي، وتحل ثانيًا بعدالكنيسة القبطية على مستوى الشرق الأوسط. أيضًا تعتبر الكنيسة المارونيّة أكبر هذه الطوائف من حيث التواصل الجغرافي لأماكن الانتشار.[12]
يعود أصل الموارنة إلى أراضي سوريا الحالية بلا شك، حيثُ نشأت الطائفة المارونية فيحلب وانتشرت إلى أماكن مختلفة، أبرزُها مناطقحمصوحماة وسط سوريا،ومعرة النعمانوأنطاكيةوعنتابومنبج في الشمال، قبل أن يتّسع انتشارها ليصل إلىكسروان في لبنان.
منذ نهايةالقرن السادس عشر طفق عدد كبير من المؤرخين الموارنة، وهم في الغالب من خريجي المدرسة المارونية في روما، يكتبون عن أصل الطائفة المارونية وجذورها،[13] ثم خطا البطريرك اسطفان الدويهي فيالقرن السابع عشر مزيدًا في هذا المجال إذ أنه أول من كتب بشكل واف ومنتظم عن تاريخ الكنيسة والطائفة المارونيتين، ولذلك يعدّ أول مؤرخ ماروني في الأزمنة الحديثة"،[14] وقد كانت تكاثرت هذه المؤلفات خلالالقرن التاسع عشروالقرن العشرين، ولعلّ من أهم المؤرخين الأباليسوعي هنري لامنس، والموفد البابوييوسف السمعاني ورئيس أساقفةبيروت يوسف الدبس، وفي العصر الحديث الأباتي بولس نعمان والأب بطرس ضو والمطران بيير ديب فضلاً عن المؤرخكمال الصليبي.
وقد اختلف المؤرخون باختلاف الحقب، في تحديد أصل واحد للموارنة كجماعة دينية، وإن كانت ككنيسة جزء منالتراث السرياني الإنطاكي الغربي بما لا يقبل الشك. لعلّ أحد أبرز ميادين الاختلاف فيالقرن العشرين، قد تسبب نتيجةالحرب الأهلية اللبنانية وما رافق ذلك من محاولة بعض المؤرخين ربط الموارنة بمحيطهم العربي، ومحاولة بعضهم لآخر فصلهم عن هذا المحيط وربطهم بهويات أخرى، وصلت لحد اعتبار «الأمّة المارونية» كيانًا قائمًا بذاته.[15]
الموارنة جماعة نشأت في «سوريا الكبرى» بأنهم جزء وذوي أصول معالأمة السريانية، وذلك واضح لكون طقوسالكنيسة المارونية طقوس سريانية غربية، وجزء هام من قديسيها مبجلون في الكنائس السريانية، كما أنها استعملت ولا تزال،اللغة السريانيةكلغة ليتورجية؛ يقول الأباتي بولس نعمان، أن الموارنة «شعب مسيحي قروي كان يعيش في أرياف بطريركية أنطاكية ولغته سريانيّة - آرامية وطقوسه فيها عنصر شعري عاطفي» ويتفق مع يوحنا تابت بتوصيف الطائفة بأنها «ديانة حقول مرحة».[16]
غير أن عددًا كبيرًا من الباحثين السريان وغيرهم حديثًا، ومنهم متى موسى قد أعلنوا «فقدان» الموارنة الهوية السريانية.[17] ذلك يعود لعدة عوامل، أولاً لأنه ومنذالقرن العاشر انفصل الموارنة جغرافيًا عن سائر السريان، فبينما استقرّ الموارنة بشكل أساسي فيجبل لبنان، فإن باقي السريان انتشروا في شمالالعراق وشمال شرقسوريا وبعض مناطق جنوبتركيا حاليًا، وبالتالي فإنه وطوال ألف عام، نمت الشخصية السريانية وتطورت بمعزل عن الشخصية المارونيّة، التي نمت وتطورت بشكل منفصل من واقعها الخاص، وكوّنت موروثاتها الثقافية الخاصة،[18] يضاف إلى ذلك فقدان الموارنة، ومنذ فترة مبكرة،اللغة السريانية كلغة تخاطب، على عكس سائر الكنائس السريانية التي لا يزال أغلب أتباعها فيسورياوالعراق يجيدون السريانية وإن كانت أعدادًا أقل منهم تستعملها كلغة تخاطب.[18] عمومًا فإن فقد اللغة السريانية، لم يتم دفعة واحدة بل على مراحل استغرقت قرونًا طويلة، لدينا اليوم ومنالقرن الحادي عشر ترجمة لكتاب «الهدى الماروني» الذي وضع بالسريانية وترجمه الأسقف داود إلىالعربية، وقال في مقدمة الترجمة أنه نقله إلى العربية لانتشار هذه اللغة في ذلك العصر،[19] ومن ثم أهدى الكتاب لأهلجبيل ما يدلّ على انتشار العربية في مناطق الساحل اللبناني، بينما احتفظت قرى الجبل بالسريانية، وقد مكثتبشري وثلاث قرى محيطة تستعمل السريانية في تخاطبها، حتىالقرن التاسع عشر، هناك أيضًا أجزاء من كتاب «تاريخ العالم» لمؤلفه «قيس الماروني» ترقىللعصر العباسي، وكتبت بالعربية أيضًا. وعندما أخذت العربية تنتشر في الجبل، اختلطت بالسريانية فتشكلتاللهجة اللبنانية المحكية، ونملك اليوم «مديحة كسروان» وهي مجموعة من الزجليات التي ترقىللقرن الرابع عشر نظمها الأسقفجبرائيل القلاعي، وتشكل تاريخ الكنيسة منذ القرن الخامس.[20] ورغم أن المجمع اللبناني عام1736 أصر على تأدية الطقوس بالسريانية ثم بالعربية، واستمرت الكتب الطقسية توضع بالسريانية أو الكرشونية، إلا أن الكنيسة أصدرت ومنذ نهايةالقرن التاسع عشر كتب الطقوس بالعربية، بل أدت الطقوس نفسها بالعربية ولم يعد يتلى بالسريانية، سوى بعض المقاطع الرمزية ككلام التقديس. أعمق من ذلك، فإنه خلال نشاط الإرساليات اللاتينية للموارنة، بين القرنين السادس عشر والسابع عشر، أُحلت عدد من القطوس اللاتينية بدلاً من السريانية ما أدى إلى مزيد من التباعد.[21] رغم أن أغلب الطقوس أعيدت إلى شكلها السرياني كما كانت عليه، خلال النصف الثاني من القرن العشرين بدءًا من عهد البطريركبولس بطرس المعوشي، وعندما أصدر المجمع البطريركي الماروني نصوصه وتوصياته عام2006، قال بشكل واضح في نصه الثاني أن الكنيسة المارونية ذات «أصل سرياني وإنطاكي وتراث خاص»،[22] ثم عاد وأوضح في النص الثامن عشر أن «الثقافة العربية باتت أحد أعمدة تراث الكنيسة»،[23] كما دعا البابايوحنا بولس الثاني خلال رسالته «رجاء جديد للبنان» على اعتبار «اندراجهم في الثقافة العربية التي طالما ساهموا بها في موقع متميز، فرصة ليقودوا مع مسيحيي البلاد العربية الآخرين حوارًا حقيقيًا مع مؤمني الإسلام».[24]
| هناك مفهوم في عقول بعض اللبنانيين هو نتيجة رواسب الماضي وتركيب هويات متناقضة خلال القرنين الأخيرين لدعم مطالب سياسية وطائفية. | ||
— بطرس لبكي، مؤرخ ماروني.[25] | ||
لم يسبق أن ناقش مؤرخ سواءً أكان مارونيًا أم لا، كون الموارنة متحدرين من أصل فينقي منذ أن بدأت مؤلفات التأريخ للموارنة بالظهور فيالقرن السادس عشر وحتى النصف الأول منالقرن العشرين، وعندما بدأت هذه النزعة قبلالحرب الأهلية اللبنانية انتشرت في أوساط أدبية وسياسية لا في أوساط علمية، كان من روادها على سبيل المثال الشاعرسعيد عقل.[26][27] ثم جاءت الحرب الأهلية، التي ترافقت مع تبني أوساط سياسية لهذا الطرح مثل حزب «حراس الأرز» لمؤسسهإتيان صقر، والذي وجد أن الموارنة هم ورثةالفينيق، الذين أسسوا حضارة مزدهرة في الألف الثاني قبل الميلاد على ساحللبنانوسوريا حاليًا.[28] يعيق هذا الطرح أمران أساسيان، الأول أنه من الثابت تاريخيًا أن الجماعة المارونية نشأت على ضفافنهر العاصي، وعشية الفتح العربي وكما يذكر مؤرخ القرن التاسع ديونيسيوس التلمحري، كانوا يشكلون الأغلبية وذاتية مستقلة فيحمصوحماةوشيزر،معرة النعمان أي ليس فيلبنان؛[29] وأنه من الصحيح انتقال البطريركية أواخرالقرن السابع إلىالبترون - ما يفترض وجود جماعة مارونية فيها - إلا أن ثقل الموارنة ظل في وادي العاصي حتىالقرن العاشر، وهو تاريخ بداية اضطهاد الأقليات الدينية وعلى رأسهاالمسيحية من قبل الخلفاءالعباسيينوالفاطميين، حتى أن التلمحري يذكر أن البطاركة ظلوا ينصبون من دير مار مارون في وادي العاصي لا من سواه، عندما كتب تأريخه.[29] ويقول الدكتور إلياس قطار، المدير السابق للموسوعة المارونية التي تصدر عن جامعة الروح القدس في الكسليك، أن الهجرة المارونية، تمت خلالالقرن العاشروالقرن الحادي عشر منحمصوحماةوشيزرومعرة النعمان نحوجبل لبنانوحلب، وذلك يفسّر وجود الموارنة الملحوظ في المخطوطات المتعلقة التي ترقى لعام956 وتلاشي ذكرهم بعد العام1085، وقد شاطر رأيهكمال الصليبي وقبلاًهنري لامنس معتمدين على مؤرخين اثنين من القدماء هماالبلاذري وثيوفانس.[30]
فإذا كان القسم الغالب من الموارنة قد هاجر من وادي العاصي نحو الجبل، فهم بالتالي قطعًا ليسوا فينيقيين،[28] وبالتالي فإنّه حسب رأي راجي مطر، لو سُلّم جدلاً أن الفينيقيين قومية خاصة، ولكون من الثابت أنهم سكنوا الساحل، فهذا يعني أنّسنّة لبنان هم الفينيقيون لا الموارنة، لكونهم أغلبية المناطق الساحلية منطرابلس شمالاً وحتىصور جنوبًا.[31] ويخلص الأب مطر لاعتبار «الأصول الفينيقية للموارنة مجرّد خرافة»،[31] علمًا أن عددًا من المؤرخين أمثالهيروديتوكمال الصليبي نفوا أن يكون الفينيقيون قومية أو عرق خاص.[31] بيير زلوعا، عالم الجينات فيالجامعة اللبنانية الإمريكية قال أنه أجرى بحوثًا حول الأصل الفينيقي المفترض، وخلص أن 30% من اللبنانيين فقط يحملون الحمض النووي الخاص بذلك، وأكّد أن هذه الجينات «ليست حكرًا على طائفة معينة».[25] في حين أشارت دراسات أخرى إلى أن الجينات الفينيقية موجودة بنسبة عالية بين 20% - 30% لدى جميع سكانسورياوفلسطينوتونس أيضًا وليست حكرًا على لبنان بوجه الخصوص.[32]
أول من تحدث عن أصل الموارنة ونسبه للمردة هو البطريرك الدويهي، نقلاً عن المؤرخ ثيوفانس المتوفى عام818، وقد قال الدويهي أن المردة هم أنفسهم الموارنة الذي خضعوا لحكميوحنا مارون، ثم جاء يوسف السمعاني فيالقرن الثامن عشر ليؤكد هذه النظرية مستخلصًا أنّ «المردة أجداد أهاليلبنان والموارنة الحاليين»،[33] ثم جاء المطران يوسف الدين الذي كتاب بإسهاب حول كون المردة هم الموارنة في كتابهالجامع المفصّل في تاريخ الموارنة المؤصل.[33]
أماالمردة حسب ثيوفانس، فهو قوم هاجموا لبنان عام669 حين كان خاضعًاالحكم الأموي واستطاعوا السيطرة على البلاد الممتدة من الجبل الأسود وحتى حدودالقدس، ويقول ثيوفانس أن أهالي البلاد والعبيد والأسرى انضموا إليهم حتى زاد عددهم عدة آلاف، ما أصابمعاوية بن أبي سفيان بالذعر، فأرسل موفدين إلى الإمبراطورقسطنطين الرابع ليقوم بدفع جزية سنوية مقابل استئمان جانب المردة، فوافق الإمبراطور وحرر الطرفان بذلك وثيقة مدتها ثلاثين عامًا.[33] إلا أنه وعندما أصبحعبد الملك بن مروان خليفة عام685 كانت الأوضاع الاقتصادية في سوريا سيئة وعادت هجمات المردة من لبنان على أراضي الأمويين، وبنتيجة مفاوضات وافق الإمبراطوريوستيان الثاني على إجلاء المردة من لبنان، وهو ما يلومه عليه ثيوفانس، إذ إنه «هدم بيديه السور النحاسي المنيع في لبنان» مقابل حصول الإمبراطور على ألفي دينار ذهبي سنويًا واقتسام ضريبةقبرصوأرمينيا، وقد بلغ عدد المخرجين من لبنان 12,000 شخص.[34] ويقول الدويهي أن من «الموارنة المبعدين» عمل في البلاط وتزوج أميرات، وهكذا أصبحت العائلة الإمبراطورية مختلطة بالطائفة المارونية، دون أن يقدم تفاصيل أو أي مرجع استند إليه في هذا القول.[34]
منذ أواخرالقرن التاسع عشر تتالى المؤرخون الذين نقدوا صلة الموارنة بالمردة، أولهم هنري لامنس الذي أشار إلى أنه في جميع الكتابات السريانية واليونانية والعربية يشار إلى المردة بوصفهم «جندًا أو جماعة عسكرية» ما يخالف تمامًا الموارنة الذين نشؤوا حول رهبنة وشكلوا جماعة ريفية،[33] ويقول أن المردة أغلب الظن قد جلبوا منبلاد فارس أو جهاتبحر قزوين إلى الشرق. المطرانالسرياني الكاثوليكي يوسف داود، قال أنه لا وجود لدليل أن الموارنة تواجدوا يومًا فيأرمينيا رغم أنّ الإمبراطور أجلى المردة إليها،[35] وهو ما تابعه مؤرخون حديثون مثل كمال الصليبي وإلياس قطار وبولس نعمان، ويمكن القول أنه لم يعد في العصر الحاضر، أحد ينسب الموارنة إلى المردة، رغم رواج هذه النظرية في السابق،[36] علمًا أن الدبس يقدم تفسيرًا للمصطلح بأنه ضد مصطلح «ملكي» الذي وهبللبيزنطيين الإنطاكيين الأرثوذكس، إلا أن هذا الرأي أبعد ما يكون عن تبيان أصل الموارنة، بل يوضع في مجال ديني بحت. ومع ذلك، فمن الممكن أن يكون عدة ألوف من المردة لم يجلوا عن المناطق التي احتلوها، بل استقروا فيلبنان واندمجوا ضمن نسيجه الاجتماعي والموارنة أحد أطيافه، إلا أن ذلك لا يبرر أبدًا نسب الموارنة إليهم.[36]
العلاقة بينالعرب وسكانسوريا الكبرى قديم للغاية ويرجع لما قبلالفتح الإسلامي لبلاد الشام بزمن طويل؛ فعلى سبيل المثال، كما أنّ مدينةنصيبين استقرت حولها قبائلبني ربيعة إحدى فروعبني تغلب لفترة طويلة،[37]والرقة التي قدمت عشرين مطرانًا كما يذكر المؤرخ والبطريرك ميخائيل الكبير وكانت من أكبر أسقفياتالسريان الأرثوذكس استقرّ فيها قبائلبني مضر،[38] أما المناطق التي تواجد فيها موارنة، وشكلت حسب ديونيسيوس التلمحري ثقلهم، فمن ناحية فيحمص وريفها من المعروف استقرار قبائل منبني كلب من الفترة السابقة للميلاد، وفيمنبج استقرت فصائل منقبيلة طيءوتغلب، طبعًا وفي جميع هذه الأمصار إلى جانب السريان «سكانالهلال الأصلاء»، كما يقول المؤرخ السوري عبد القادر عيّاش، معترفًا بوجود التمازج بين السريان والعرب منذ ما قبل الميلاد.[39] إضافة إلى ذلك، فإن أغلب هذه القبائل التي اعتنقتالمسيحية لم تطور مذهبًا أو طقسًا فكريًا خاصًا بها، بل انخرطت فيالطقس السرياني أو البيزنطي، ولم يكن هناك طقوس عربية. هذا التجاور المكاني، دفع عدد من المؤرخين ومنهم طانيوس شاهين الرئيس السابق لقسم التاريخ فيالجامعة اللبنانية للقول أنه من غير الممكن إنكار وجود جذور عربيّة للموارنة، استنادًا إلى «التجاور المكاني».[40] المؤرخ اللبناني كمال الصليبي حاول توسيع هذه النظرية وقال في كتابه «منزل ببيوت كثيرة» أن الموارنة لهم جذور مع قبائل عربية انتقلت مناليمن إلىبلاد الشام قبل الإسلام، ولم تعتنقه قط، ويصنفها بأنها منالعرب العاربة.[41]
خلال الفترة الممتدة منالقرن الثاني عشر وحتىالتاسع عشر وكما يذكر رستلهوبر، قنصل فرنسا فيبيروت فإن الموارنة كانوا قد شكلوا بقيادة الكنيسة والإقطاع المحلي تنظيمًا قويًا، وأنشؤوا القرى الكبرى والبلدات، وعاشوا في جبلهم مدة طويلة في شبه عزلة.[42] غير أنه ومعالقرن التاسع عشر وما شهده من نهضة ثقافية وقومية عربية، كان من روادها عدد كبير من الموارنة، دفعت عدد من المؤرخين من أمثال طانيوس نجيم الذي ناقش موضوع «عروبة الموارنة» للقول: «إن لم يكن الموارنة عربًا بالعرق، فهم حكمًا عرب بالثقافة، وبما قدموه للثقافة العربية.»[40] يمكن أن يذكر في هذا الصدد جرمانوس فرحات رئيس أساقفة حلب والذي قاد حملة مكافحة التتريك التي نظمتهاجمعية الاتحاد والترقي، ويمكن أن يذكر أيضًاناصيف اليازجيوبطرس البستاني،[40] كما أن المدارس والجماعات التي بدأت أولاً في جبل لبنان كانت «أمهات جامعات المشرق»، ويذكر أيضًا أدوار مماثلة للموارنة في الأدب والشعر العربيين والمسرح والصحافة، ليس فقط في لبنان، إذ إن أعدادًا كبيرة قد هاجرت نحو مصر خلال عهدالخديوي إسماعيل، وإلىالعالم الجديد خصوصًانيويورك التي شهدت ميلادالرابطة القلميةوريو دي جنيرو حيث نشطإلياس فرحات وسواه. وقد اعترف مؤرخو العرب الحديثون من مسلمين وسواهم بهذا الدور الهام للموارنة في الثقافة العربية.
يقول المجمع البطريركي الماروني أن الموارنة هم أكثرمسيحيي المشرق اختلاطًا بالعمل السياسي،[43] وجذور ذلك يعود إلى أواخرالقرن الثالث عشروالقرن الرابع عشر خلال عهدالمماليك. فالسلطنة المملوكية، لم تولبلاد الشام أية أهمية، فانهارت زراعتها وانخفض عدد سكانها إلى الثلث، وغاب الأمن من الطرقات بين مدنها فتقلصت المبادلات التجارية، كما كانت السلطة المركزية وسلطة الولايات شبه غائبة عن الأرياف، ما أدى إلى بروز الزعامات والتنظيمات السياسية المحلية، وهذه عرفت عند الموارنة باسم «مقدّم»، ويرأس المقدمين أجمعهم «مقدم بشري».[44]
انتهجت السلطة المملوكية خلال عهدالمماليك البحرية سياسة قمع واضطهاد الأقليات الدينية، يذكر في هذا المجال حملة العام1035 علىالشيعة فيكسروانوجبيل وحملة العام1268 علىبشري وحملة العام1282 على بشري وإهدن ، ثم إحراق البطريرك جبرائيل حجولا حيًا فيطرابلس عام1367،[45] غير أنالمماليك البرجية منحوا الأقليات والمناطق شيءًا من حقوق إدارتها الذاتية واعترفوا بالمقدمين وقلّدوا مقدم بشري يعقوب بن أيوب منصب «الكاشف» في سلسلة المراتب المملوكية، وقد تم توارث هذه المرتبة بين أبناءه، وانتشار الأمن في شمالجبل لبنان ما دفع بانتقال البطريركية المارونية نفسها إلىوادي قاديشا قرب بشري عام1440، ثم اعتراف البطريرك بالسلطة الزمنية للمقدم ومنحه رتبة «شدياق» في الكنيسة كنوع من العلاقة الطيبة بين السلطة الكنيسة والسلطة الزمنية.[46]
في عام1516 دخلت سوريا في إمرةالدولة العثمانية، ويقول الباحث في التاريخ الماروني الأباتي بولس نعمان أنّ الموارنة بعد الفتح العثماني ليسوا كالموارنة قبله، وقد تميّزت المرحلة العثمانية بكونها أكثر نموًا وأكثر انفتاحًا بالنسبة للموارنة.[47] وكانت أغلب مناطق الموارنة تابعة لولاية طرابلس، وقد انتهج العثمانيون نهج التسامح الديني، ولم يتعرضوا للأقليات الدينية حينها. كان حكام جبل لبنان حينها منأنطلياس وحتىالمنيطرة من آل عساف، وهو منالسنّة الذين تحالفوا مع آل حبيش الموارنة لتوطيد دعائم الإمارة العسافية،[48] وقد اتخذ الإمراء العسافيون سيّما الأمير منصور العسافي الذي تسلّم الإمارة عام1523 مستشارين ومعاونين له من هذه العائلة، وينوّه بولس نعمان لكون زعامة آل حبيش كانت من نوع جديد في الحياة السياسيّة المارونية لم يألفه الموارنة من قبل، فهي لم تكن دينية كهنوتية كزعامة البطاركة وليست محلية ضيقة كالمقدمين، إذ تمكن آل حبيش كوكلاء الإمارة العسافية من الاطلاع على شؤون البلاد الداخلية والخارجية على حد سواء، وكانت علاقتهم مع البطاركة الموارنة جيدة ولم يناصبوهم المنافسة أو العداء.[49] وقد شاطره رأيه أيضًاكمال الصليبي الذي يرى أن الموارنة دخلوا بشكل فعال في الإمارة العسافية التي كانت نوعًا ما «إمارة مدنية ذات أعراف إقطاعية وضعية»،[50] واستمر الوضع متناغمًا في الجبل حتى1569 حين خشي العثمانيون من تلاقي مصالح أهل الجبل ضد الدولة، فيعن يوسف سيفا واليًا على طرابلس، لكسر نفوذ آل عساف، وقد انتهى الصراع بين الطرفين بهزيمة آل عساف عام1591 حين توفي الأمير محمد العسافي قربالبترون قبيل المعركة الفاصلة مع جيش الوالي.[48]
سقط آل حبيش ومقدمو الموارنة الموالون لهم، تلقائيًا مع سقوط آل عساف، وتسلّط الوالي بفرض الضرائب الباهظة والتفرقة الدينية، وهو ما ساعد في نزوح الموارنة وانتشارهم فيجزينوالبقاعوالشوف، حيث كان ومنذ عام1584 يحكم الأميرفخر الدين المعني الثاني.
انتهجفخر الدين المعني الثاني سياسة تسامحيّة، واعتمد على آل الخازن من الموارنة كمساعدين له في صغائر أمور الدولة وكبائرها، واستطاع بمعونتهم أيضًا ضمالمتن عام1591 ثمبيروت عام1598 وأخيرًاكسروان عام1605 قاضيًا بذلك على نفوذ آل سيفا.[51] وكثيرة هي التغيرات التي حصلت خلال عهد الإمارة المعنية، إذ تحولت كسروان إلى مقاطعة يديرها آل الخازن،[52] وانتقل البطريرك يوحنا مخولف من كرسيه في قاديشا إلىالشوف هربًا من الوالي العثماني يوسف باشا في طرابلس، ونشأت وازدهرت قرى كبيرة وبلدات مثلدير القمر، ثم سيطر فخر الدين علىجبيلوالبترونوبشري عام1621 وأوكل إدارتها لآل الخازن، الذين تعاملوا بدورهم مع إقطاع محلي أصغر من الموارنة ما ساهم في تعقيد البنية السياسية في الجبل. وبعد إعدام فخر الدين عام1635 ظل دور المقدمين فاعلاً في الجبل، وظهر التنافس بين آل الخازن وآل حماده منالموحدين الدروز وظلت الإمارة المعنية قائمة حتى1697 ويقول الدكتور إلياس كرم مقيمًا تلك الحقبة:[53]
عدد من الموارنة برز على صعيد الشرق الأوسط والعالم، على صعيد الفن الطربي هناك عدد من المغنين المشهورين على مستوى الشرق الأوسط، والذين ينتمون للطائفة المارونية، مثلغسان صليبا وكذلكنوال الزغبيونجوى كرموصباحوإليساوجوزيف عطية وغيرهم على صعيد الفن الشعبي، أما على صعيد الرياضة فهناك العديد من الفرق ذات الطابع الماروني سيّما فيكرة السلة ومن أبرز وجوهها إيلي مشنتف، أما على صعيد السياسيةفرالف نادر المرشح للرئاسةالولايات المتحدة سابقا ماروني، ويذكر أن أثرى رجل في العالم هو الماروني المكسيكي اللبناني الأصلكارلوس سليم الحلو،[54] وكذلك الحال بالنسبة لعرش الجمال العالمي إذ أصبحتجورجينا رزق ملكة جمال الكون عام1970، ونشاط الموارنة في عالم الموضة والأزياء ذو بصمة واضحة من خلال مصممين عالميين أمثالإيلي صعبوزهير مرادومارون الشماس، ولا يقتصر نشاط الموارنة على هذه الميادين بل يشمل الأدب والشعركسعيد عقلوجبران خليل جبران، والتأليف الموسيقي والتحليل الاقتصادي والإعلامكجورج قرداحيوأنطون شويري الذي يطلق عليه إمبراطور الإعلان العربي والتمثيل كيوسف الخالوأنطوان كرباجوقصي خولي، والعلومفإلياس خوري الحائز علىجائزة نوبل في الكيمياءوبيتر مدور الحائز علىجائزة نوبل في الطب من المورانة[55] كما ويعتبرمايكل دبغي أحد روادجراحة القلب في العالم[56]وشارل العشي المسؤول فيوكالة الفضاء الأميركية ناسا وفي ميدان الاختراعاتطوني فاضل وهو أحد مخترعي مشغلآي بود وهاتفآي فون، ونشاط الموارنة في الأعمال التجارية ذو بصمة واضحة خاصًة فيأمريكا اللاتينية ويبرزون في مجال الأعمال التجارية، التجارة، الخدمات المصرفية، والصناعة منهمكارلوس غصن رئيس شركةنيسانورينو،[57] وهناك أيضًا عدد من النجوم العالميين من أصول مارونيّة من أمثالطوني شلهوبوسلمى حايك.
{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link){{استشهاد بخبر}}:تجاهل المحلل الوسيط|مؤلفين مشاركين= لأنه غير معروف، ويقترح استخدام|authors= (مساعدة)