اللغة الفرنسية (بالفرنسية: Le français أو La langue française) هي إحدىاللغات الرومانسية المنحدرة من اللغة اللاتينية، وتُعد من أبرز اللغات العالمية من حيث الانتشار والتأثير الثقافي. تحتل الفرنسية المرتبة السابعة بين أكثر اللغات تحدثاً في العالم، والمرتبة الثامنة عشرة كلغة أم،[2] حيث يُقدّر عدد المتحدثين بها بنحو 80 مليون شخص كلغة أولى، و190 مليون شخص كلغة ثانية، ويصل إجمالي الناطقين بها إلى حوالي 274 مليون شخص موزعين على نحو 54 دولة.[3] وتُعد الفرنسية إلى جانبالإنجليزية اللغة الوحيدة المستخدمة في القارات الخمس.[4][5]
تنحدر الفرنسية من اللاتينية الشعبية التي كانت لغة الإمبراطورية الرومانية، وتشترك في جذورها مع لغات رومانسية أخرى مثل الإسبانية، البرتغالية، الإيطالية، الكتالونية، والرومانية. كما ترتبط ببعض اللغات المحلية مثل القسطانية (أو الأوكستانية) في جنوب فرنسا، والنابولية في جنوب إيطاليا.
تأثرت اللغة الفرنسية تاريخياً بلغتين رئيسيتين:
اللغات السلتية: التي كانت واسعة الانتشار في أوروبا الغربية والوسطى قبل الحقبة الرومانية، لكنها أصبحت لاحقاً محصورة في مناطق ساحلية محدودة في شمال غرب أوروبا.
اللغات الجرمانية: التي دخلت إلى فرنسا بعد انهيار السيطرة الرومانية، مع غزوات شعبالإفرنج (الفرنجة)، الذين اشتق اسم "فرنسا" من اسمهم.
الفرنسية هي لغة رسمية في 26 دولة، كما تُعدّ من أكثر اللغات انتشارًا من حيث النطاق الجغرافي، إذ يتحدث بها أشخاص في نحو 50 دولة.[6] تنتمي معظم هذه الدول إلىالمنظمة الدولية للفرنكوفونية (OIF)، وهي رابطة تضم 54 دولة عضوًا تشترك في استخدام اللغة الفرنسية أو تعليمها. كما أنها لغة رسمية في جميع وكالاتالأمم المتحدة، وتُستخدم كلغة عمل في العديد من المنظمات الدولية. يُقدَّر عدد الناطقين بالفرنسية بنحو 310 ملايين شخص، من بينهم نحو 74 مليونًا يتحدثونهاكلغة أم.[7] وتُعدّ لغة أولى (بحسب عدد المتحدثين تنازليًا) في فرنسا، وكندا (مقاطعة كيبك)، وبلجيكا (والونيا ومنطقة العاصمةبروكسل)، وغرب سويسرا (منطقة روماند)، وأجزاء منلوكسمبورغ، وموناكو.[8] أما فيأفريقيا الفرنكوفونية، فتُستخدم الفرنسية أساسًا لغةً ثانيةً أو لغة تواصل مشترك (lingua franca)، على الرغم من أنها أصبحت لغة أم في بعض المناطق الحضرية المحدودة. وفي بعض دول شمال أفريقيا مثلالجزائر، تُستخدم الفرنسية كلغة أولى بين بعض الطبقات العليا إلى جانب اللغات المحلية، لكنها تظل لغة ثانية لدى غالبية السكان.[9]
في عام 2015، كانت نسبة السكانالناطقين بالفرنسية (بمن فيهم متحدثوها كلغة ثانية أو جزئية) توزَّع على النحو الآتي: 40٪ في أوروبا، 36٪ في أفريقيا جنوب الصحراء والمحيط الهندي، 15٪ في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، 8٪ في الأميركيتين، و1٪ في آسيا وأوقيانوسيا.[10] الفرنسية هي ثاني أكثر اللغات الأم انتشارًا في الاتحاد الأوروبي.[11] ومن بين الأوروبيين الذين يتحدثون لغات أخرى كلغة أم، يستطيع نحو خُمسهم التحدث بالفرنسية كلغة ثانية. وتُستخدم الفرنسية كلغة عمل في العديد من مؤسسات الاتحاد الأوروبي إلى جانب الإنجليزية والألمانية والإيطالية، وتُعدّ اللغة الوحيدة المعتمدة في بعض المؤسسات مثلمحكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي.[12] عالميًا، تحتل الفرنسية المرتبة الـ22 من حيث عدد المتحدثين بها كلغة أم،[13] والمرتبة السادسة من حيث إجمالي عدد المتحدثين، وهي من بين اللغات الخمس الأكثر دراسةً في العالم، إذ بلغ عدد متعلميها نحو 120 مليون شخص عام 2017.[14][15] وللفرنسية تاريخ طويل بوصفها لغة عالمية للأدب والمعايير العلمية، وهي لغة أولى أو ثانية في العديد من المنظمات الدولية، بما في ذلك:الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، ومنظمة التجارة العالمية، واللجنة الأولمبية الدولية، والمؤتمر العام للأوزان والمقاييس، واللجنة الدولية للصليب الأحمر
تاريخياً، وقبل صعود هيمنة اللغة الإنجليزية في القرن العشرين، كانت الفرنسية اللغة الأبرز في المجال الدبلوماسي الأوروبي والدولي، كما كانت لغة الثقافة والتعليم والنخب السياسية في العديد من الدول الأوروبية.
الفرنسية هي لغة رومانسية (أي إنها تنحدر أساسًا من اللاتينية الدارجة)، تطورت من اللهجات الغالو-رومانسية التي كانت تُتحدث في شمال فرنسا. وتشمل مراحلها المبكرة الفرنسية القديمة والفرنسية الوسطى.
اعتمد سكان غال اللاتينية بشكل تدريجي بسبب الحكم الروماني، وبما أن عامة الشعب كانوا يتعلمون اللغة فقد طورت طابعًا محليًا متميزًا، مع وجود اختلافات نحوية عن اللاتينية المتحدثة في مناطق أخرى، وُثِّق بعض هذه الاختلافات في النقوش الجدارية. تطور هذا التنوع المحلي إلى لغات غالو رومنسية، من ضمنها الفرنسية واللغات الأكثر تقاربًا معها مثل لغة أربيتان (البروفنسالية الفرنسية).[16]
أخذ تطوراللغة اللاتينية في بلاد الغال شكله من خلال تعايش هذه اللغة لأكثر من نصف ألف عام إلى جانب اللغة الغالية القلطية الأصلية، التي لم تنقرض حتى أواخر القرن السادس، أي بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية الغربية بوقت طويل.[17] ولأن عدد المتحدثين باللاتينية الذين استقروا في الأرياف كان قليلًا خلال الحقبة الرومانية، فقد كانت اللاتينية عديمة الأهمية الاجتماعية تقريبًا لدى الفلاحين؛ ولهذا ظلّ نحو 90٪ من سكان الغال ذوي أصول محلية. أما الطبقة الأرستقراطية الحضرية، فكانت تستخدم اللاتينية في التجارة والتعليم والإدارة، وترسل أبناءها إلى المدارس الرومانية وتدير الأراضي لصالح روما. في القرن الخامس، وقت انهيار الإمبراطورية الرومانية الغربية، كانت الغالبية العظمى من السكان الريفيين لا تزال تتحدث الغالية. ولم يتحولوا إلى اللاتينية لغةً أم إلا بعد قرن من الفتح الفرانكي لبلاد الغال، عندما اعتنقوا لغة النخبة المتعلمة في المدن كلغة مكانة اجتماعية مرموقة. ويمكن عزو هذا الانتشار التدريجي للاتينية إلى التحول الاجتماعي من السلطة الحضرية إلى الاقتصاد الريفي ونظام العبودية الإقطاعية.[18][19][20]
ُرجَّح أن اللغة الغالية نَجَت استمرت حتى القرن السادس في فرنسا على الرغم من درجة الرومنة العالية.[17] وبفضل هذا التعايش، أثّرت الغالية في تطور اللهجات اللاتينية الدارجة التي تطورت إلى الفرنسية،[20]
وأسهمت في إدخال كلماتٍ مستعارةٍ وتراكيب لغوية (منها كلمة oui[21] بمعنى «نعم»)،[22] وكذلك تحولات صوتية ناتجة عن التأثير الغالي،[23][24][25] إضافة إلى تأثيرات في تصريف الأفعال وترتيب الكلمات. وتشير دراسات حاسوبية حديثة إلى أن التحولات المبكرة في الجنس النحوي قد تأثرت بجنس الكلمات المناظرة في اللغة الغالية.[26][27][28]
يقدر عدد الكلمات الفرنسية المشتقة من الغالية وفقًا لقاموس بوتيت روبرت بنحو 154 كلمة، حيث يعد هذا القاموس ممثلًا للفرنسية الموحدة، في حين أنه في حال شملنا اللهجات غير الموحدة فإن العدد يزداد إلى 240 كلمة.[29] الاستعارات التي تنحرف من اللغة الغالية تتعلق بمجالات دلالية معينة، كالحياة النباتية (chêne, bille)،والحيوانات (mouton)،والطبيعة (boue)، والنشاطات المحلية (berceau)، ووحدات القياس الزراعية والريفية (arpent, lieue, borne, boisseau)، والأسلحة[30] والمنتجات التي يتم الإتجار بها على مستوى إقليمي بدلًا من أن تكون خارجية.[31] نُسب هذا التوزع الدلالي إلى كونالفلاحين هم آخر المتمسكين بالغالية.[31][30]
تأثرت بداية الفرنسية بشكل كبير بالغزوات الجرمانية على البلاد. كان لهذه الغزوات التأثير الأكبر على الجزء الشمالي من البلاد وعلى اللغة هناك. بدأ الانقسام اللغوي بالازدياد في أنحاء البلاد. يتحدث السكان في الشمال لغة دويل (langue d'oïl)، في حين يتحدث السكان في الجنوب لغة دوك (langue d'oc). تطورت لغة دويل إلى ما يعرف الآن بالفرنسية القديمة. امتدت حقبة الفرنسية القديمة بين القرنين الثامن والرابع عشر. تشترك الفرنسية القديمة مع اللاتينية بالعديد من المميزات. استخدمت الفرنسية القديمة على سبيل المثال ترتيب كلمات مختلف كمااللغة اللاتينية لأن لديها نظام حالات يفرق بين حالات الفاعل الاسمية وحالات غير الفاعل المائلة (الموضوعية). تتسم هذه الفترة بوجود تأثير كبير للغة الطبقة العليا الفرنكية الجرمانية، التي تضمنت استخدام غير شامل للفعل الثاني في ترتيب الجملة ضمن لهجة الطبقة العليا وفي المستويات الأعلى، ووجود نسبة كبيرة من المفردات (تشكل حاليًا نحو 15% من المفردات الفرنسية الحديثة) بما فيها الضمير المفرد المجرد on (يقابله كلمة man في الجرمانية)، واسم اللغة نفسه.[32]
حافظت الفرنسية القديمة حتى مراحلها الأخيرة، إلى جانب الاكستانية القديمة، على بقايا من نظام الحالة الاسمية القديم في اللاتينية لمدة أطول من معظماللغات الرومنسية الأخرى (مع الاستثناء الجدير بالذكر للرومانية التي ماتزال تحافظ حتى الآن على تمييز الحالات) مما يجعلها تميز بين الحالة الاسمية والحالة المائلة (الموضوعية). تميز علم الصوتيات الكلامية فيها بضغط مقطعي ثقيل، مما أدى إلى ظهور العديد من المصوتات المزدوجة المعقدة والمتنوعة مثل-eau، التي تغيرت فيما بعد لتصبح أصواتًا أحادية.[33]
يمكن ملاحظة أحدث دليل على ما أصبح يسمى لغة فرنسية قديمة في قسم ستراسبورغ أو سلسلة سان أولاليا، إذ بدأ أدب الفرنسية القديمة بالظهور في القرن الحادي عشر، من خلال أعمال كبيرة تركز غالبًا على حيوات القديسين (مثلحياة القديس سان أليكسيس)، أو الحروب والمحاكم الملكية، لا سيماأغنية رولاند (Chanson deRoland)، والدورات الملحمية التي ركزت على الملك آرثر وبلاطه، إضافة إلى دورة مركزة على وليام أمير أورانج.[34]
اللغة الفرنسية لغة رسمية فيكندا ويتحدثها أكثر من 35% من السكان، معظمهم في مقاطعةكيبك، حيث يتحدث الغالبية الساحقة من سكان المقاطعة اللغة الفرنسية (فرنسية كبكية).
للغة الفرنسية مكانة مهمة فيلبنان كما أنها تعلم في مدارسسوريا، وهذا راجع للانتداب الفرنسي في هذين البلدين.كما أنها لغة مهمة فيفيتنامولاوسوكمبوديا لكن أهميتها تراجعت هناك أماماللغة الإنجليزية.
الألفبائية الفرنسية مبنية على الألفبائية اللاتينية وتحتوي على 26 حرفاً وتكتب من اليسار إلى اليمين.
تختلف الألفبائية الفرنسية عن الإنجليزية ببعض الحروف التي يُضاف عليها الحركات أو الـ"accent" مثل حرف ال "e"؛ حيث قد يُضاف فوقهé أو è أو ê أو ëوتلك الإضافات تغير نطق بعض الحروف، أو تُضاف لتمييز الكلمات عن أخرى شبيهة بها، أو للدلالة على تغيير لغوي سابق. من أمثلة إضافة هذه العلامات لتغيير نُطق الحروف، إضافة حرف c حيث يغير نطق الحرف من c إلي s أي من «ك» إلى «س» كما في كلمة فرنسي (بالفرنسية:Français) وهذا الحرف يسمى (بالفرنسية:c cedille)، أو ككلمة Garçon: ولد وتنطق Garson.
تشمل اللغة الفرنسية بعض الأحرف التي لا مقابل لها بالعربية، مثل حرفيّ U أو E:
حرف U وينطق /y/، ليس بنفس النطق في اللغة الإنجليزية، ولكن له نظيره في اللغة الألمانية وهو حرف Ü.
حرف E ليس في اللغة العربية ولكنه يُنطق مثل ألف مضمومة ولكن بفتح الفم.
الفرنسية تحتوي الكثير من الحروف الساكنة فإذا أتت في أخر الكلمة لا تُنطق إلا في حالةالربط مثل: N , M, T, S, P, Z.[35]
^Schrijver، Peter (1997).Studies in the History of Celtic Pronouns and Particles. Maynooth: Department of Old Irish, National University of Ireland. ص. 15.ISBN:9780901519597.
^Savignac، Jean-Paul (2004).Dictionnaire Français-Gaulois. Paris: La Différence. ص. 26.
^Pellegrini، Giovanni Battista (2011). "Substrata". في Posner؛ Green (المحررون).Romance Comparative and Historical Linguistics. De Gruyter Mouton. ص. 43–74. Celtic influences on French discussed in pages 64–67. Page 65:"In recent years the primary role of the substratum... has been disputed. Best documented is the CT- >it change which is found in all Western Romania... more reservations have been expressed about... ū > [y]..."; :"Summary on page 67: "There can be no doubt that the way French stands out from the other Western Romance languages (Vidos 1956: 363) is largely due to the intensity of its Celtic substratum, compared with lateral areas like Iberia and Venetia..."
^Guiter، Henri (1995). "Sur le substrat gaulois dans la Romania". في Bochnakowa، Anna؛ Widlak، Stanislan (المحررون).Munus amicitae. Studia linguistica in honorem Witoldi Manczak septuagenarii. Krakow.{{استشهاد بكتاب}}: صيانة الاستشهاد: مكان بدون ناشر (link)
^Savignac, Jean-Paul (2004).Dictionnaire Français-Gaulois. Paris: La Différence. ص. 26.
^Matasovic، Ranko (2007). "Insular Celtic as a Language Area".Papers from the Workship within the Framework of the XIII International Congress of Celtic Studies: 106.{{استشهاد بدورية محكمة}}:تجاهل المحلل الوسيط|agency= لأنه غير معروف (مساعدة)
^Müller، Bodo (1982). "Geostatistik der gallischen/keltischen Substratwörter in der Galloromania". في Winkelmann، Otto (المحرر).Festschrift für Johannes Hubschmid zum 65. Geburtsag. Beiträge zur allgemeinen, indogermanischen und romanischen Sprachwissenschaft. ص. 603–620.
^ابHolmes، Urban؛ Herman Schutz، Alexander (يونيو 1938).A History of the French Language. Biblo & Tannen Publishers. ص. 30.ISBN:978-0-8196-0191-9.مؤرشف من الأصل في 2023-09-18. اطلع عليه بتاريخ2021-06-10."...sixty-eight or more Celtic words in standard Latin; not all of these came down into Romance.... did not survive among the people. Vulgar speech in Gaul used many others... at least 361 words of Gaulish provenance in French and Provençal. These Celtic words fell into more homely types than... borrowings from Germanː agriculture... household effects... animals... food and drink... trees... body -- 17 (dor <durnu), dress... construction... birds... fish... insects...pièce < *pettia, and the remainder divided among weapons, religion, literature, music, persons, sickness and mineral. It is evident that the peasants were the last to hold to their Celtic. The count on the Celtic element was made by Leslie Moss at the University of North Carolina... based on unanimity of agreement among the best lexicographers...
^Müller، Bodo (1982). "Geostatistik der gallischen/keltischen Substratwörter in der Galloromania". في Winkelmann، Otto (المحرر).Festschrift für Johannes Hubschmid zum 65. Geburtsag. Beiträge zur allgemeinen, indogermanischen und romanischen Sprachwissenschaft. ص. 603–620.