اللغة السومرية (𒅴𒂠يميكَير) كانت لغةسومر القديمة، وهي لغة معزولة لاسامية[1][2][3][4] تحدث بهاالسومريون في جنوببلاد الرافدين منذ الألفية الرابعة قبل الميلاد على أقل تقدير. خلال الألفية الثالثة قبل الميلاد، حصل تطور تكافلي ثقافي بين السومريينوالأكديين، تضمن هذا التطور انتشارا واسعا للثنائية اللغوية (كتابة لغتين في آن واحد). كان تأثير السومرية علىالأكدية (والعكس صحيح) واضحاً في جميع المجالات، من الاقتراض المعجمي واسع النطاق، إلى النحو، والصرف، وحتى التقارب الصوتي. هذا الذي جعل الدارسين يشيرون إلى أن اندماجا لغويا حصل في الألفية الثالثة قبل الميلاد.
مع مرور الزمن استبدلت السومرية بشكل تدريجيبالأكدية في حوالي الألفية الثالثة أو الثانية قبل الميلاد، لكن السومرية استمرتكلغة مقدسة، وطقسية،وأدبية، وعلمية فيبلاد الرافدين حتى القرن الأول للميلاد. مع مرور الزمن، أصبحت اللغة السومرية منسية حتى القرن 19 الميلادي، عندما قامعلماء الآشوريات بفك رموزالمسمارية والتنقيب عن الآثار التي تركوها ناطقي هذه اللغة. تعتبر اللغة السومريةلغة معزولة لا تشابه أي لغة في المناطق الجغرافية القريبة منها.
منذ حوالي 3500 ق.م. لعب السومريين جنوب بلاد الرافدين دورا هاما في التحول الثقافي المتطور، وتحديدا في الأعمال الاقتصادية والمراسيم الحكومية في حوالي 3200 ق.م. هذه الكتابة هي أقدم تطور للنصوص في العالم، والكتابة الوحيدة التي تقاربها في الفترة الزمنية هي الكتابةالهيروغليفية المصرية الأولى. أما عن العلاقة بين الكتابتين فإن هذا لا يزال لغزا في علميالمصرياتوالآشوريات.
طور النص المسماري السومري من الكتابة التصويرية. حيث كل رمز في هذه الكتابة له معنى، وكل رمز من الرموز مستوحى من المظاهر الطبيعية، وعلى هذا حدد المعنى العام للرموز. في غضون بضعة قرون قاموا بوضع الشكل العام بعد تمثيل المقطع اللفظي، ترتبط هذا الرموز مع قيمة صوتية واحدة أو أكثر لكل مقطع (عادة صوت علة، حرف وصوت علة، صوت علة وحرف، حرف وصوت علة وحرف). وتطورت بعد ذلك إلى كتابة تصوير صوتية.
المثال الآتي، نقشطوبيلگوديا حاكملجش (نحو 2130 ق.)، ويبين شروط نقل الحروف من الكتابة المسمارية وركاكة في التحليل النحوي.
يمكن تقسيم تاريخ اللغة السومرية خلال ثلاث ألفيات إلى المراحل التالية:
السومرية العتيقة أوالسومرية المبكرة 3100–2600 ق. معظم وثائق هذه الفترة كانت اقتصادية وإدارية، عثر على معظمها فيوركاء وشروپك. في فترة جمدت نصر، كان هناك بعض الوثائق القانونية والأدبية في الصيغة العتيقة.
السومرية القديمة منذ 2600–2150 ق. في الغالب وثائق إدارية واقتصادية، وبداية النقوش الملكية، والأعمال الأدبية مبعثرة. الموقع الرئيسي لها هولجش. نص هذه المرحلة يعطي بالفعل بعض المؤشرات على قواعد اللغة السومرية. بعد سيطرة الإمبراطورية الأكدية (2350–2200 ق.)، رافقها انخفاض حاد في المواد السومرية، ومن ثم يأتي عصر النهضة السومرية.
السومرية الحديثة 2150–2000ق. وهي الأكثر كثافة منذ حكم سلالةأور الثالثة، العديد من النصوص الاقتصادية منلگشوأور.
السومرية المتأخرة 2000–1700ق. استعملت كلغة محكية في جنوب بلاد الرافدين، ولكن كانت تستخدم بشكل أكثر في النصوص الإدارية والقانونية والنقوش الملكية (غالبا كصيغة ثنائية لغوية أكدية-سومرية). العديد من الأعمال الأدبية تم إنشاؤها مأخوذة من الأزمنة القديمة التي تمت كتابتها لأول مرة، تتضمن الجزء السومري منملحمة گلگامش الشهيرة.
السومرية اللاحقة 1700–100ق. لم تعد السومرية لغة محكية ولا كتابيةكالأكدية التي قامت بكبتها. بل قامت كلغة علمية، وطقسية، وأدبية.
في 1838، وبناء على أبحاثجورج فريدريش كروتفند، تمكنهنري راولينسون فك شفرة القسم الفارسي مننقش بيستون، مستعملا معرفتهباللغة الفارسية الحديثة. عندما تم ترميم بقية النص في 1843، قام هو آخرون بترجمة القسم العيلامي والأكدي فيه، بادئاً بـ37 رمزا مسماريا قام بفك شفرتها من الفارسية القديمة. في هذه الأثناء، تم اكتشاف العديد من نصوص المسمارية عن طريق التنقيبات، وغالبية هذه النصوص مكتوبةباللغة الأكديةالسامية، والتي فكت شفرتها كما ينبغي.
وفي 1850م، اكتشف إدوارد هنكز جزء مسماري لا ينتمي للغات السامية. تعرف اللغات السامية بـأنها مبنية علىالجذر السامي، في حين أن المسمارية، تكونمقطعية صوتية، أي تربط الأحرف بأصوات العلة. ومع هذا، لا يوجد جذر سامي يفسر بعض القيم المقطعية للرموز المسمارية، على أنه يمكن التفكير في النظرية التي اقترحها اللغوي عبد المنعم المحجوب في كتابهماقبل اللغة والتي أعاد بها قراءة اللغة العربية (الأفروآسيوية) مقطعياً، بينما قام بقراءة اللغة السومرية جذرياً، وقد أدي هذا المنهج إلى اكتشاف مقاربات معجمية لا يمكن إغفالها بين اللغة السومرية واللغات الأفروآسيوية (السامية).[5]
حتى القرن 19 من الميلاد فقدت اللغة السومريةوالكتابة المسمارية. على نقيض الآشورية، والأكدية، والمصرية، الذين وثقت أعمالهم في العصور القديمة، لم يكن هناك أي دليل على وجود السومريين. مع فك شفرة الكتابة المسمارية في القرن 19م. اكتشفت ثلاث لغات كبداية:الأكدية السامية (الصيغة اللغوية البابلية)،وفارسية القديمة،والعيلامية (لغة معزولة منقرضة كانت محكية في ما يعرف باسم جنوب غرب إيران اليوم). لاحقا تم التعرف على لغة غير معروفة في النصوص البابلية، وقد عرّفهايولس أوبرت[6] باللغة «السومرية». والاسم التعريفي للغة السومرية لدى السومريون كان «إمه گِ (ر)» التي تعني «اللغة الأصلية»، واسموا أرضهمكِنگير.
مع هذه الاقتراحات، ما تزال اللغة السومرية تعتبر لغة منعزلة. وإذا كانت هناك لغة متصلة بالسومرية قديما، فإن هذه اللغة لم تدون وبالتالي هذه المقارنة تضيع.
الحصيلةالصوتية في اللغة السومرية بسيطة جدا. تتكون من أربعة حروف علة /a,e,i,u/ و 16 حرفا ساكنا:
نقحرة
b
d
g
p
t
k
z
s
š
ḫ
r
r̂
l
m
n
ĝ
لفظ
p
t
k
pʰ
tʰ
kʰ
ʦ
s
ʃ
x
r
(?)
l
m
n
ŋ
الصوت /r̂/ (أو /dr/) تقرأ عند بي.جاگرسما وجي.زوليُمي كصوتزفيري ساكن. كما يظهر في بعض الكلمات الأكدية المستعارة كـ[r]، وهذا التحليل قابل للنقاش. ويفكّك عبد المنعم المحجوب الحرف ĝ إلى حرفي n وg أثناء المقارنة باللغات الأفروآسيوية، كما في ĝar التي تماثل ngar، وهي العربية القديمة نجر، أي: أصل وهيئة.[7] وتقوم آراء العديد من العلماء (منهم u. a. Edzard - 2003) على وجود الصوت [h]. سواء أكان نفس الصوت، أو كان حنجري بلعومي، وهو ما يتفق والنظرية التي تقول بوجود حروف مغيّبة في النقحرة الأولى لقراء المسماريات الأوائل، لاعتمادهم على المخارج الهندوأوروبية، وعلى رأس ذلك الحروف الحلقية غير الواردة في نقحرة الحروف المذكورة أعلاه.
يوجد لدى اللغة السومريةنحو التمييز الجنسي، وله قسمان، أحدهما فئة «الأشخاص»، والآخر فئة «الممتلكات»، وعلى نحو أدق ففئة غير الحي هي شكل مختلف في هذه الصيغة. وعادة ما تصنف الحيوانات ضمن فئة «الممتلكات». هذا النظام المزدوج له تأثير في مجالات مثل تصريف الأفعال والجمع. وكلمة التمييز النحوي بين الجنسين لا تصنف كمعيار في اللغة السومرية.
هناك صيغتان للعد في اللغة السومرية، المفرد والجمع. وفي فئة الأشخاص يتم التعليم للإشارة إلى الجمع، وإشارة الجمع هي /-ene/، وفي حالة سبقها حرف علة تصبح /-ne/. وتتم الإشارة إلى الأشخاص بإلحاق العدد ولا يسري ذلك على فئة الممتلكات.
يمكن الجمع أيضا بتكرار الاسم أو الصفة المراد جمعها تتبعها السمة. وفي أسماء الممتلكات يمكن الجمع بإلحاق-hi.a إلى الاسم المراد جمعه.
^Piotr Michalowski, "Sumerian,"The Cambridge Encyclopedia of the World's Ancient Languages." Ed. Roger D. Woodard (2004, Cambridge University Press). Pages 19–59
^Joan Oates,Babylon, Rev. ed., Thames and Hudson, London, ç1986, p.19
^John Haywood,The Penguin Historical Atlas of Ancient Civilizations, Penguin Books, London, ç2005, p.28
^انظر عبدالمنعم المحجوب: ما قبل اللغة.. الجذور السومرية للغة العربية واللغات الأفروآسيوية، ط1، دار تانيت للنشر والدراسات، 2008، طرابلس – تونس. ط2. دار الكتب العلمية، بيروت، 2012
^انظر عبدالمنعم المحجوب: ما قبل اللغة، الجذور السومرية للغة العربية واللغات الأفروآسيوية، ط1، دار تانيت، 2008. ط2، الكتب العلمية، بيروت، 2012
المحجوب، عبد المنعم. ما قبل اللغة.. الجذور السومرية للغة العربية واللغات الأفروآسيوية، ط1. 2008، دار تانيت للنشر والدراسات، ليبيا - تونس، ط2. 2012، دار الكتب العلمية، بيروت، 2012.