تقع لا روشيل في وسط الساحل الفرنسي للمحيط الأطلسي مقابلجزيرة ري وجزيرة أوليرون اللتان تحميان مينائها من الأمواج الصاخبة الغربية القوية. وهي مركز إقليم شارنت ماريتيم وتقع في شمال غربه وهي أكبر مدينة فيه وثاني أكبر مدينة في منطقة بواتو شارنت بعد عاصمتهابواتييه. تقع على بعد 125 كم جنوب غرب تلك المدينة و 147 كم جنوبنانت و 187 كم شمالبوردو و 472 كم جنوب غربباريس.
اتخذت لا روشيل صفة المدينة فيالقرن الحادي عشر الميلادي فيالعصور الوسطى. في بدايةالقرن الثاني عشر في موقع المدينة الحديثة تم بناء قلعة من قِبَل لورد محلي وفي عام1130 سيطر عليهادوق آكيتانيا الذي أحاطها بسور وأعطاها ميثاق ميناء حر. ومع وريثة دوق آكيتانياإليانور آكيتيان (1122 – 1204) وبزواجها منلويس السابع ملك فرنسا في عام 1137 خضعت لا روشيل لحكم فرنسا ولكن بعد إلغاء هذا الزواج وزواجها اللاحق منهنري الثاني ملك إنجلترا في عام 1154 خضعت لا روشيل لحكم إنجلترا. هذا الوضع فتح السوق الإنجليزي لصادرات المدينة من الملح والخمر المحلي وبالإضافة إلى وجود كل منفرسان الهيكلوفرسان الإسبتارية في المدينة تحولت إلى أكبر ميناء على الساحل الأطلسي. في عام 1224 حاصر جيش ملك فرنسا لا روشيل وعادت المدينة إليه بعد هزيمة قوات ملك إنجلترا.
في وقتحرب المئة عام خضعت لا روشيل لحكم ملك إنجلترا مؤقتاً عدة مرات وخصوصا من 1360 إلى 1372 عندما حاصرها جيش ملك فرنسا وهكذا أجبر عمدة المدينة وسكانها أن يغادروها المحتلين الإنجليز. في مقابل دخول القوات الفرنسية في المدينة، تفاوض العمدة للحصول على امتيازات تعطي المدينة استقلالا واسعا.
فيالقرن السادس عشر الميلادي ومع تطويرالإصلاح البروتستانتي أصبحت لا روشيل مدينة بروتستانتية وخلالحروب فرنسا الدينية عانت المدينة كثيرا من معارضتها للتيار الكاثوليكي وأصبحت واحدة من أربعة معاقل بروتستانتية أذن بها ملك فرنسا. و مع قدومهنري الرابع كملك لفرنسا وهو كان بروتستانتي سابقا صدر مرسوم نانت في عام 1598 الذي أنشأ حول 150 مناطق حماية بروتستانتية في فرنسا بما فيها لا روشيل.
فيالقرن السابع عشر الميلادي استمرت التوترات الدينية وفي عام 1621 أعلن عمدة لا روشيل استقلالها ووضع دستور دولة بروتستانتية. تمكن أسطول لاروشل من المقاومة ضد سفن ملك فرنسا. لإنهاء هذه المقاومة نظمالكاردينال ريشيليو وزير الملك الفرنسيلويس الثالث عشر حصار المدينة وحظر وصول أسطول إنجليزي إلى ميناء المدينة ليساعدها. في نهاية الأمر استسلمت لا روشيل في عام 1628 بسبب نقص الغذاء وخسر البروتستانت هنا كل حقوقهم السياسية إلا حريتهم للعبادة. بعد ذلك عان البروتستانت في لا روشيل اضطهادا جديدا، وتم طرد 300 أسرة في 1661 وبلغ ذروته مع إلغاء مرسوم نانت في 1685 وإنهاء حرية العبادة للبروتستانت في فرنسا. هاجر العديد منهم وأسّسوا مدن مثلنيو روشيل في محيطنيويورك فيأمريكا.
وكانت الفترة التي تلت الحروب الدينية مزدهرة، تميزت بالتبادلات المكثفة مع أمريكا وشارك تجار لا روشيل في الإتجار في العبيد منأفريقيا إلىجزر الأنتيل وفي السكر منها أو في الفرو منكندا إلى فرنسا. فيالقرنين السابع عشروالثامن عشر، كان يستنزف ميناء لا روشيل أكثر من نصف حركة المرور الاستعماري إلىفرنسا الجديدة.
مع معاهدة باريس التي عيّنت كندا إلىبريطانيا العظمى، المنتصرة فيحرب السنوات السبع في عام 1763، ثم معالحروب النابليونية والحصار من بريطانيا العظمى في بدايةالقرن التاسع عشر، فقدت لا روشيل الفرص المتاحة في السوق وتناقص دور ميناؤها. في عام 1810 أمرنابوليون بنقل مركز إقليم شارنت إنفيريور (حاياشارنت ماريتيم) منسانتس إلى لا روشيل. وصلت السكك الحديدية إلى لا روشيل في عام 1857 واُفتتح ميناء جديد أكبر في عام 1890.
محطة السكك الحديدية.
كانت تقع لا روشيل عند تقاطع خطوط السكك الحديدية التي تربطبوردوونانتوبواتييه. وفي أوائلالقرن العشرين تزايدت حركة السكك الحديدية بشكل ملحوظ، ولا سيما بسبب السياحة الساحلية. في عام 1939 تم افتتاح مطار المدينة. خلالالحرب العالمية الثانية استخدم المحتلينالنازيين الميناء كقاعدة للغواصات، التي تعرضت للقصف من قبل الحلفاء البريطانيين والأمريكيين. وعندما تحررت بقية فرنسا منذ منتصف عام 1944، كانت المدينة واحدة من المناطق التي لا تزال محتلة حتى 8 مايو 1945، يوم الهدنة.
باب الساعة الكبرى.
كانت لا روشيل مدينة رائدة في البيئة الحضرية مع منطقة المُشاة الأولى من فرنسا في عام 1970، وأول سيارات كهربائية في الخدمة الذاتية في عام 1999. تتميز المدينة بأكبر ثامن ميناء فرنسي، الذي يتعامل أساسا الهيدروكربونات والحبوب والأخشاب الاستوائية، وميناء الصيد وأكبر مارينا في أوروبا.