قـُرْشِقَة[2] أوقَرْسَقَة[3][4] أوكُرْسِكة أوكُورَسِكَا أوكُورَسِيكَا (بالفرنسية: Corse،بالكورسية: Corsica) جزيرة تقع علىالبحر الأبيض المتوسط وهي واحدة من الأقاليم ال18 فيفرنسا. وهي رابع أكبر جزيرة في البحر المتوسط وتقع جنوب شرق البر الرئيسي الفرنسي، وغرب شبه الجزيرة الإيطالية، ومباشرة شمال جزيرةسردينيا الإيطالية، الكتلة البرية الأقرب منها. تشكل سلسلة جبال واحدة ثلثي الجزيرة. وبلغ عدد سكانها حتى شهر يناير عام 2024 355,528 نسمة.[5]
جزيرة كورسيكا هي تجمع إقليمي تابع لفرنسا، ويتوقع أن تحقق «شكلًا من أشكال الحكم الذاتي» في المستقبل القريب. العاصمة الإقليمية للجزيرة هي أجاكسيو. وعلى الرغم من أن الإقليم مقسم إلى إقليمين إداريين، كورسيكا العليا وكورس دو سود، فقد دمج التجمعان الإقليميان الخاصين بها في 1 يناير 2018 ليشكلا تجمع إقليم كورسيكا.[6] الحكم الذاتي في كورسيكا أكثر شمولًا مما هو في تجمعات إقليمية أخرى من فرنسا وأُتيح للجمعية الكورسيكية ممارسة سلطات تنفيذية محدودة. وثاني أكبر بلدة في كورسيكا هي باستيا، الواقعة في ولاية كورسيكا العليا.
حكمت كورسيكا من قبلجمهورية جنوة منذ عام 1284 حتى عام 1755، حين انفصلت وأعلنت أنها قد أصبحت جمهورية ناطقة باللغة الإيطالية. في عام 1768، تم التنازل رسميًا عن جنوة لملك فرنسالويس الخامس عشر كجزء من رهن على الديون بعد تجنيد جنود فرنسيين للمساعدة في قمع التمرد في كورسيكا، ونتيجة لذلك ضمت فرنسا الجزيرة في عام 1769. كان الإمبراطور الفرنسينابليون بونابرت من سكان كورسيكا الأصليين، وولد في السنة نفسها في أجاكسيو. ومنزل أسرته المتوارث،بيت بونابرت، هو اليوم متحف يجتذب الزوار. وبسبب الروابط التاريخية التي جمعت كورسيكا بتوسكاني، احتفظت الجزيرة بالعديد من العناصر الثقافية الإيطالية، وتعود جذور العديد من أسماء الأسر الكورسيكية إلى شبه الجزيرة الإيطالية.
اللغة الفرنسية هي اللغة الرسمية والمتحدثة على نطاق واسع على الجزيرة. ويعترفباللغة الكورسيكية، اللغة الأم واللغة الإيطالية الدالماتية، كواحدة من اللغات الإقليمية في فرنسا.
كورسيكا هي ثالث أقل إقليم ازدحامًا سكانيًا من أقاليم فرنسا بعدمايوت وغويانا الفرنسية.
إنّ أصل تسميةالجزيرة يبقى غامضا من حيث معنى التسمية إلا أنه من الواضح أن أصل التسمية إغريقي (كورسيس)، وقد سكنت هذه الجزيرة منذ ما قبل التاريخ وقد استوطنها فيالعصر الحجري الوسيط شعوب متوسطية الملامح (شعوب البحر المتوسط).ومنذ أواسط الألفية الأولى قبل الميلاد احتلهاالقرطاجيون، كما استوطنهاالإغريق واحتلّها الإيتروسكانيون لفترة طويلة من الزمن حتى سقطت بيدالرومان وأصبحت إلى جانبسردينيا ولاية رومانية تابعة للجمهورية الرومانية حينها.بعد سقوطالإمبراطورية الرومانية أواخرالقرن الخامس الميلادي غزتها شعوب عديدة منها البرابرة الوندال ثمّالقوط الغربيون، وكذلكالعربالمسلمون واللومبارديون وكان آخر تلك الغزوات اجتياح (بيبين الثالث) ملك الفرنك (الفرنجة) لها وطرده للغزاة الذين سبقوه وقام بمنح الجزيرة للكرسي البابوي عام 756.م وبقيت الجزيرة تابعة للكرسي البابوي حتىالقرن الرابع عشر.عام1347.م استولى الجنويون على الجزيرة واستوطنوا فيها وحكموها حتى عام 1729.م ومن المعروف أننابليون بونابرت من أصول جنوية نبيلة فأجداده ممن وفدوا منجنوة وتحكموا بالجزيرة سياسيا واقتصاديا.
اندلعت في عام1729.م ثورة شعبية عارمة ضدّ الحكم الجنوي في كورسيكا واستمرّ الكفاح طويلا ولمدّة 26 عاما حتى انتهى عام1755.م بتوقيع استقلال كورسيكا على يد المناضل الكورسيكي (باسكالي باولي) الذي كتب أول دستور للجزيرة وقد كتبهباللغة الإيطالية (اللغة الرسمية الثقافية آنذاك) كما أعلن باولي أنّالإيطالية هي اللغة الرسمية في كورسيكا.لم يدم استقلال الجزيرة أكثر من 14 عاما، فقد اجتاحها الفرنسيون عام1769.م وقد كان السبب الرئيسي لذلك في أنّ كورسيكا لم تستقل بشكل كامل عن جمهورية جنوة إذ بقي الجنويون ذوي سطوة وسلطة في شؤون الجزيرة وقد عقد الجنويون صفقة معفرنسا تقضي بشراء فرنسا (التي كانت قد عانت خسائر فادحة خلالحرب السنوات السبع) للجزيرة وقد عقد هذا الاتفاق عام1764.م.عارض الكورسيكيون هذا الاتفاق وخاضو مقاومة شرسة ضدّ الغزو الفرنسيّ اتّسعت لتتحول إلى حرب قصيرة الأمد (1768-1769.م) انتهت بهزيمة المقاومين في معركة بونتي نوفو وفي السنة التالية (1770.م) ضمّت فرنسا الجزيرة رسميا إلى ممتلكاتها.ناضل الكورسيكيون الهاربون من الجزيرة في الخارج من أجل الحصول على دعم خارجي وقد حصلوا على بعض التأييد منبريطانيا إلا أنه لم يرتق للمستوى المطلوب للبدء بثورة جديدة.بعد اندلاعالثورة الفرنسية عام1789.م وسقوط النظام الملكي، بدأت الآمال باستقلال كورسيكا تعود من جديد ولا سيّما بعد عودة باولي من منفاه فيبريطانيا ودعوته عام1794.م للقوّات البريطانية لغزو الجزيرة وتحريرها من الحكم الفرنسي وقد تمّ ذلك لهم بالفعل وأسّسوا مملكة أنجلو-كورسيكية استمرّت حتى عام1796.م حينما تدخلتإسبانيا لصالح فرنسا في الحرب على الجزيرة فاضطرتالقوات البريطانية للانسحاب وعادالفرنسيون مجدّدا إلى كورسيكا.خلال الربع الأول منالقرن التاسع عشر وبعد انتهاءالحروب النابليونية تأرجحت تبعية الجزيرة بينالمملكة الفرنسيةوالمملكة البريطانية.
خلال الحرب العالمية الثانية أنشأت الولايات المتحدة الأمريكية على الجزيرة 17 حقلا جويا لاستخدامها من قبل الطائرات قاذفة القنابل التي كانت تهاجم أهدافا في إيطاليا. لذلك لقبت كورسيكا في ذلك الوقت ب «يو إس إس كورسيكا».
يبلغ طول الشريط الساحلي لجزيرة قرشقة حوالي 1000كم. كما تضم قرشقة تضاريس متباينة حيث تضم مرتفعاتوجبال أعلاهامنت شنتهMonte Cinto التي يبلغ أرتفاع قمتها 2706متر. إضافة إلى 20 قمة أخرى تبلغ ارتفاعاتها حوالي ال 2000 مترا عنسطح البحر.
حسب إحصائيات عام2009.م فإنّ 9% من سكان كورسيكا من الأجانب، بساكنة مهاجرة قوامها 362 25 نسمة منهم 844 12مغاربيا.يشكلالمغاربيون حوالي 50% تقريبا من مجموعالمهاجرين، يضاف إليهم مهاجرون منإيطالياوالبرتغال. 31.2% من مواليد 2011 بالجزيرة (ما تعداده 962 من 084 3) لديهم واحد من الأبوين، على الأقل، مزداد بالخارج. وهي ثالث أعلى نسبة في فرنسا بعدمناطقإيل دو فرانس (46.3%)وبروفنس ألب كوت دازور (32.6%). بين المواليد ال 962، 17.6% هم أبناء آباء ولدوا في المغرب العربي، وهي أعلى نسبة بينمناطق فرنسا.[8]
خلالالقرن التاسع عشر وفي سبيل البحث عن ظروف اقتصادية ومعيشية أفضل هاجرت مجموعات من الكورسيكيين إلى الدول الأكثر ثراء آنذاك، كانت غالب الهجرات تتمّ إلى المستعمرات الفرنسية أو إلى دولأمريكا الجنوبية وعلى رأسهافنزويلاوبورتوريكو، وفي الربع الثاني منالقرن العشرين هاجرت أعداد كبيرة من الكورسيكيين إلىجنوب فرنسا ولا سيّما مدينةمارسيليا حيث يبلغ تجمعهم هناك حوالي 200 ألف نسمة. يبلغ عدد الكورسيكيين في المهجر اليوم ما يقارب 1.5 مليون نسمة (800 ألف منهم في فرنسا).
تتميز كورسيكا بوضعية إدارية مؤسساتية استثنائية فيفرنسا. فتسميتها الرسمية هيالمقاطعة الترابية لكورسيكا Collectivité territoriale de Corse-CTC وهو وضع خاص بالجزيرة، خلق بقانون في 13ماي1991، يعطي لكورسيكا هامش سلطة ذاتية أكبر من سلطاتالمنطقة.عندما أنشئت، في1960، دوائر العمل الجهوي Circonscriptions d'action régionale-CAR، والتي عوضت لاحقابالمناطق، كانت كورسيكا تابعة لمنطقةبروفنس ألب كوت دازور، قبل أن تفصل عنها بمرسوم[10] سنة1970. في 1يناير1976، تم تقسيم كورسيكا، بقانون[11]، إلى إقليمين:كورسيكا الجنوبيةوكورسيكا العليا.تحظى كورسيكا وفق هذه الأطر المؤسساتية، بوضعية فريدة بينمناطقفرنسا القارية، شبيهة بأغلبية المناطق الأوروبية ذاتالجهوية الموسعة. ويرجع ذلك إلى الخصوصية التاريخية للجزيرة داخلالجمهورية الفرنسية، والتي تجسدت عبر إصلاحات قانونية سنوات1982و1991و2002، والتي هدفت بالأساس إلى احتواء النقاشين السياسي والهوياتي داخل ديمقراطية محلية متقدمةوجهوية موسعة، مقارنة مع باقيمناطق فرنسا.تضم المقاطعة الترابية لكورسيكا، المؤسسات التالية:
المجلس التنفيذي لكورسيكا: وهوالجهاز التنفيذي للمقاطعة، يتشكل من 9 أعضاء منتخبين من طرف الجمعية لمدة 6 سنوات. خلافا لباقيمناطق فرنسا، حيث يتولى رئيس مجلس المنطقة، في نفس الآن، رئاسة الجهاز التنفيذي ورئاسة جمعية المنطقة، يتميز الجهازان بفصل للسلط في كورسيكا.[12]
جمعية كورسيكا: يمثابةبرلمان محلي، بإمكانها سحب الثقة من المجلس التنفيذي، عبر ملتمس رقابة بأغلبية 26 صوتا (أغلبية مطلقة).[13]
المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي لكورسيكا: بمثابة غرفة برلمانية عليا، ذات وظيفة اقتراحية واستشارية.[14]
تعتبر كورسيكا أقلمناطق فرنسا نموا من الناحية الاقتصادية. يعتمد الاقتصاد في كورسيكا علىالسياحة بشكل كبير، حيث تتميز الجزيرة بجبالها وسوحالها وبمناخها الملائم مما جعلها مقصدا سياحيا.يتصف مناخ كورسيكا بالاعتدال. وتزدهر زراعة المحاصيل في تربة الوديان الخصبة حيث يزرع الفلاحون الزيتون، والعنب والفواكه الأخرى، والحبوب، والخضراوات، والتبغ. وتوجد أشجار البلوط الفلّيني، والصنوبر، والبلّوط والكستناء بالقرب من منحدرات الجبال. ويطحن الكورسيكيون الكستناء ليكون دقيقًا لصناعة الخبز. وينتج الصوف للملابس من الأغنام التي ترعى في الجبال. ويزاول السكان في الساحل صيد أسماك السردين، والبحث عن المرجان، ويقوم المشتغلون بالتعدين باستخراجالجرانيت والرخام من المحاجر في الجبال. وكذلك توجد بعض مناجم للحديد والرصاص والنحاس.
أصبحتالأجبانوالصوف ـ منذالحرب العالمية الثانية ـ من أهم الصادرات الرئيسية لكورسيكا. تعدالسياحة أسرع مصدر متنام للدخل في الجزيرة. ويستمتع السياح في كورسيكا بالمناخ وبالمنظر الصخري المتعرج وبالقرى الزاهية.