من اليسار إلى اليمين ومن أعلى إلى أسفل:الوادي الكبير،مدينة الزهراء، الحي التاريخي،كاتدرائية - جامع قرطبة، المعبد الروماني، الجسر الروماني، سوق البلدية، تمثاللوكيوس سينيكا، بلاثا دي لا كوريديرا، مهرجان "معركة الزهور" (Batalla de las flores)،قصر قرطبة، متحف خوليو روميرو دي توريس والمعبد اليهودي، وتمثالإبن رشد.
قُرْطُبَة (بالإسبانية:Córdoba) مدينة وعاصمةمقاطعة قرطبة التابعةلمنطقة أندلوسيا في جنوبإسبانيا وتقع على ضفة نهرالوادي الكبير، على دائرة عرض (38ْ) شمالخط الاستواء. يبلغ عدد سكانها حوالي 328.659 نسمة (تعداد سنة 2011). اشتهرت أيام الحكم الإسلاميلإسبانيا، ولقد ذكرها الكثير من المؤرخين العرب في كتاباتهم ومنهمياقوت الحموي، حيث كانت قرطبة في عهدعبد الرحمن الثالثالأموي عاصمة لدولةالأندلس، ويستضيء الماشي بسراجها من على بعد عشرة أميال، وبلغ عدد سكانها حوالي المليون نسمة بينما كانت أكبر مدينة فيأوروبا لا يزيد سكانها عن ربع مليون نسمة، وكان عدد حماماتها العمومية ومرافقها وبيوتها حوالي 283000، وبلغ عدد قصورها ثمانون ألفا، وكان فيها مئة وسبعون امرأة كلهن يكتبنالمصاحف بالخط الكوفي، وتحتوي المدينة على خمسينمستشفى، وفيها ستمئةمسجد ومن أهم مساجدهامسجد قرطبة، والذي لم يوجد له مثيل أو نظير في الفخامة والزخرفة وروعة البنيان.[13]
يذكرالبكري في كتابهالمسالك والممالك، أن الكلمة بلسان القوط تنطق قرظبة بالظاء المعجمة، معناه بلسانهم القلوب المختلفة.[14] أماياقوت الحموي يحسب أصل كلمة قرطبة أعجمية رومية. كما يذكر انه يجوز لها أن تكون مناللغة العربية فيقصد بها العدو الشديد أو السيف.[15] أما مؤلف مقالة قرطبة في دائرة المعارف الإسلامية والعديد من الكتاب الغربيين والعرب يشيرون إلى أن الكلمة أصلها أيبيري قديم مأخوذ من كلمة كوردوبا أو Corduva. وهي بالفعل تشير إلى مدينة قديمة أزلية، ورد ذكرها أثناء الصراع بيناليونان وقرطاجنة حيث اشترك أهالي قرطبة في حملة هانيبال على روما. كما أنها أصبحت تابعة للامبراطورية الرومانية بحدود سنة 206 ق.م[16]
تأسست قرطبة مستوطنةًرومانية على الجانب الشمالي لنهرالوادي الكبير (نهر بيتيس قديماً) في عصرجمهورية روما سنة 206 قبل الميلاد، ثم صارت عاصمةلولاية بيتيكا (جنوبإسبانيا) ضمنالإمبراطورية الرومانية. وقد ظلت قرطبة مدينة رومانية لمدة تزيد عن سبعة قرون، ولذلك ما زالت في قرطبة آثار من الحكم الروماني، أبرزها الجسر الروماني («بوينتي رومانو») الذي يقطعالوادي الكبير، وأطلال معبد روماني، بالإضافة إلى ضريح روماني مكتشف حديثاً. وظهر في قرطبة في تلك الفترة الفيلسوفسينيكا.
بعد أن فتح المسلمونالأمويون بقيادةطارق بن زياد إشبيلية وإستجة وغيرها من مدن الجنوب الأندلسي تراجع عدد المقاتلين مما دفع بن زياد إلى تقسيم جيشه إلى سرايا وولىمغيث الرومي قيادة السرية التي فتحت قرطبة في سنة 92 هـ/ 710 م[17]، بعد أن عبر بقواته إلىأيبيريا (التي سماها المسلمون ببلادالأندلس) وقتل ملكها لذريق (رودريك). وقد جعل الأمويون الأندلس ولاية تابعة لولاية المغرب، حتى جعلهاعمر بن عبد العزيز ولاية الأندلس تتبع للعاصمة الأموية فيدمشق بشكل مباشر. وجعل الأمويون قرطبة مقراً لولاتهم على الأندلس فظلت كذلك حتى سقوط الدولة الأموية على أيديالعباسيين عام 750 م.
و لكن لم يعل شأن قرطبة إلا مع قدوم الأمير الأمويعبد الرحمن الداخل إلى الأندلس فاراً منالعباسيين، فاستولى على مقاليد الأمور في الأندلس الإسلامية وجعل قرطبة عاصمة له عام 756 م. وقد كان هذا بداية لعصر قرطبة الذهبي، حيث أصبحت عاصمة الأندلس الإسلامية بأكملها وأهم مدينة في شبه الجزيرة، وفي عهد الداخل بدأ العمل علىجامع قرطبة الكبير الذي لا زال قائماً في المدينة اليوم. واستمر الحكم بيد الأمويين من سلالة عبد الرحمن الداخل في هذه الفترة.
و قد تعرضت الدولة الأموية لعدد من الثورات المتعاقبة وفقد أمراؤها مقاليد الأمور حتى تمكن أحد أحفاد الداخل، عبد الرحمن الثالث الملقّب بالناصر، من إعادة توطيد ملك الأمويين وإخضاع معظم الأندلس لسلطته في قرطبة، وذلك في القرن العاشر الميلادي (الرابع الهجري). وقد بلغت به القوة إلى أن اتخذ لنفسه لقبخليفة المسلمين، مستنداً إلى ما اعتبره حق أسرته القديم في الخلافة السابق لحقبني العباس. وقام الناصر بنقل حكومته إلى مدينة جديدة اختطها على بعد أميال من قرطبة أسماهاالزهراء، إلا أن قرطبة ظلت المدينة الرئيسية في البلاد. بعد أحداثوقعة الربض وصلت المدينة لأوج مجدها في عهد الخليفةعبد الرحمن الناصر (912 -961)، وابنهالحكم الثاني (961 -976)، ثم تلاهم الحاجبالمنصور بن أبي عامر (981 -1002)، الذي استولى على مقاليد السلطة في قرطبة وصيّر الخليفة الأموي سجيناً في قصوره في الزهراء وابتنى له قصراً للحكم في طرف قرطبة أسماهبالمدينة الزاهرة. وقد كانت دولة قرطبة من أهم الدول الأوروبية في القرن العاشر، كما كانت منارة للعلم والثقافة فيأوروبا، وعاصمة من عواصم الأدب والثقافة العربية والإسلامية، وأنجبت المدينة في هذه الفترة الشاعرابن زيدون، والشاعرة الأمويةولادة بنت المستكفي، والفقيهابن حزم، والعالمعباس بن فرناس، كما أنتقل إليهاالموسيقيزرياب وأسسدار المدنيات.
وبينما ورثت تلك دويلات الطوائف ثراء الخلافة، إلا أن عدم استقرار الحكم فيها والتناحر المستمر بين بعضها البعض جعل منهم فريسة لمسيحيي الشمال. إلى أن أفتى الفقهاء وأهل الشورى من المغرب والأندلسليوسف بن تاشفين، زعيم دولةالمرابطين فيالمغرب العربي بخلعهم وانتزاع الأمر من أيديهم وصارت إليه بذلك فتاوى أهل الشرق الأعلام مثل:الغزالي والطرطوشي فاقتحم عامة الأندلس من أيدي ملوك الطوائف وانتظمت بلاد الأندلس، بما فيها قرطبة، في مملكة يوسف بن تاشفين، وذلك عام 1091 م.
وسقطت دولة المرابطين على يد حركة إسلامية أخرى هي حركةالموحدين، فصارت قرطبة وباقي الأندلس الإسلامية بأيديهم في منتصف القرن الثاني عشر. وقام الموحدون بإعادة عاصمة الأندلس إلى قرطبة، فاستعادت شيئاً من مكانتها السابقة. وفي هذه الفترة ظهر في قرطبة الفيلسوف المسلمابن رشد، بالإضافة إلى العالم الدينياليهوديابن ميمون، أشهر فلاسفة اليهودية في العصور الوسطى.
و لم يصمد الموحدون طويلاً بعد ذلك، فقد انهزموا هزيمة قاصمة فيمعركة العقاب («لوس ناباس دي تولوزا»بالإسبانية) عام 1212 م، فتهاوت بعد ذلك معظم المدن الإسلامية في الأندلس في أيدي مملكةقشتالة المسيحية، فسقطت قرطبة عام 1236 م على يدفرناندو الثالث بعد ما يزيد على خمسة قرون من الحكم الإسلامي للمدينة.
فرغت قرطبة سريعاً بعد ذلك من معظم سكانها المسلمين، وسمح الملوك الإٍسبان لمن تبقى منهم بالبقاءعلى الإسلام بعد استيلائهم على المدينة، أسوة بباقي المسلمين في الأندلس، واستخدموا العمال والمهندسين المسلمين في تصميم مباني وقصور وكنائس لهم على الطراز الأندلسي، وسمي المسلمون الباقون تحت حكم الإسبان بالمدجنين («مديخار» بالإسبانية)، ولكن ذلك لم يستمر طويلاً، إذ بدؤوا بعد ذلك بالتضييق عليهم ثم إجبارهم على اعتناق المسيحية من خلال محاكم التفتيش، التي أستخدمت أنواع التعذيب والقتل حتى البعض منهم يخشى يكتشف إسلامه حتى لايقتل إلى أن قرّرت إسبانيا طرد المسلمين وأحفادهم ممن اعتنق المسيحية من سائر البلاد، كما تم طرد اليهود منها أيضاً، وذلك في بداية القرن السابع عشر، وتم توزيع الأراضي والإقطاعيات على مهاجرين مسيحيين من الشمال أعادوا توطين المدن مثل قرطبة.
و لا يزال الحيّان الإسلامي واليهودي القديمان معروفين في قرطبة الحالية، كما بقي مسجدها الضخم قائماً في وسطها، إلا أنه تم بناء كنيسة في قلب المسجد في القرن السادس عشر، ويستخدم الجامع الآنككاتدرائية تتبعالكنيسة الكاثوليكية. وقد جعلتاليونيسكو وسط مدينة قرطبة (أي الحي القديم بما فيه المسجد والحي اليهودي) موقعاً من مواقع التراث العالمي، بالإضافة إلى مدينة الزهراء المجاورة لقرطبة.
وقد مرت جنوب إسبانيا («أندلسيا» كما أسماها الإسبان) بفترة من الانحدار الاقتصادي والثقافي بعد ذلك مقارنة بباقي إسبانيا، وازدهرت إشبيلية على حساب قرطبة بسبب استخدامها كميناء يربط إسبانيابالعالم الجديد، إلا أن المنطقة بأسرها باتت تعيش رخاء اقتصادياً في الوقت الحالي بفعل تنشيط السياحة وإنشاءمنطقة أندلسيا ذات الحكم الذاتي. وتشكّل قرطبة مقر محافظة قرطبة داخل هذه المنطقة، وسكانها يتجاوزون الثلاثمئة ألف نسمة.
مدينة الزهراء التي أنشأهاعبد الرحمن الناصر باسم زوجته. وقد احترقت تماماً خلالثورة البربر عام1020. ويجري حاليا ترميمها، إلا أن مجرّد 10% فقط من إجمالي مساحتها قد تم التنقيب عنه حتى الآن. وتقع في قلبه دار الروضة، وهي قصر «عبد الرحمن الناصر»، وجلب إليه الماء من الجبل.
الحمامات العربية
الحي اليهودي بقرطبة، وتسمى في الإسبانية بالخوديريا أي «مكان اليهود»، رغم أن اليهود قد طردوا من قرطبة منذالقرن السابع عشر.
قلعة «كالاهورا»، وهي قلعة إسلامية تقع على الجانب الآخر (الجنوبي) للوادي الكبير عند نهاية الجسر الروماني، أجرى عليها الملوك الإسبان إضافات فيما بعد، وتحوي الآن متحفاً.
بقايا أسوار المدينة وبعض بواباتها، خصوصاً في الجانب الغربي.
قصر قرطبة (Alcazar) وهو قصر ابتناه حكام قرطبة المسيحيون بعد استيلائهم عليها على موقع قصر قرطبة القديم، ومنه تم السماحلكريستوفر كولمبوس عام1492 بالسفر بحثاً عن طريق جديد إلىالهند.
^"Las 12 hermanas de Córdoba".diariocordoba.com (بالإسبانية). Diario Córdoba. 10 Feb 2020.Archived from the original on 2020-10-21. Retrieved2020-02-14.