



البنيوية (بالإنجليزية:Structuralism) هي حركة في العمارة والتخطيط الحضري تطورت نحو منتصف القرن العشرين. كانت رد فعل علىالعقلانية[1] (وظيفيةالمؤتمر الدولي للعمارة الحديثة) وتعبيرها ذي المنظور المُفتقر حول التخطيط الحضري الذي تجاهل هوية السكان والتكوينات الحضرية.
البنيوية بالمعنى العام هي أسلوب فكري في القرن العشرين، نشأ في علم اللغة. استخدمت تخصصات أخرى مثل الأنثروبولوجيا، وعلم النفس، والاقتصاد، والفلسفة، وكذلك الفن الأفكار البنيوية وطورتها أكثر. لعبتالمدرسة الشكلية الروسية[2]وحلقة براغ دورًا مهمًا في تطوير البنيوية. جادلرولان بار، وهو شخصية رئيسية في الفكر البنيوي، بأنه لم تكن هناك فلسفة بنيوية كاملة ولكن فقط نهج بنيوي.[3]
في بداية المقالة العامةللبنيوية، لوحظت التفسيرات التالية: «البنيوية هينموذج نظري يؤكد على أن عناصر الثقافة يجب أن تُفهم من حيث علاقتها بنظام أو هيكل أكبر وشامل». عكسيًا، كما لخص الفيلسوفسيمون بلاكبيرن، «البنيوية هي الاعتقاد بأن ظواهر الحياة البشرية ليست مفهومة إلا من خلال علاقاتها المتبادلة. تشكل هذه العلاقات هيكلًا، وخلف الاختلافات المحلية في الظواهر السطحية هناك قوانين ثابتة للثقافة المجردة».
تعود أصول البنيوية في العمارة والتخطيط الحضري إلى منظمةالمؤتمر الدولي للعمارة الحديثة بعدالحرب العالمية الثانية. بين عامي 1928 و1959، كانت المنظمة منصة مهمة لمناقشة العمارة والحضرية. نشطت في هذه المنظمة مجموعات مختلفة ذات وجهات نظر متضاربة؛ على سبيل المثال، الأعضاء الذين لديهم مقاربة علمية للهندسة المعمارية دون اعتبارات جمالية (العقلانيون)، والأعضاء الذين اعتبروا العمارة شكلًا فنيًا (لو كوربوزييه)، والأعضاء الذين كانوا من أنصار المباني الشاهقة أو المنخفضة (إرنست ماي)، والأعضاء الذين يدعمون مسار الإصلاح بعد الحرب العالمية الثانية (فريق 10)، وأعضاء الحرس القديم وما إلى ذلك. وضع أسس البنيوية أعضاء فرديون منفريق 10 الصغير المنشق. فُسر تأثير هذا الفريق في وقت لاحق من قبل نصير الجيل الثانيهيرمان هيرتزبرغر عندما قال: «أنا مُنتجفريق 10».[4] كمجموعة من المعماريينالطليعيين، كان فريق 10 نشطًا من 1953 إلى 1981، وظهرت منه حركتان مختلفتان:الوحشية الجديدة للأعضاء الإنجليز (أليسون وبيتر سميثسون)، وهيكلة الأعضاء الهولنديين (ألدو فان إيك وياب باكيما).[4]
خارج فريق 10، تطورت أفكار أخرى عززت الحركة البنيوية -متأثرة بمفاهيملويس كان فيالولايات المتحدة،وكنزو تانغه فياليابان، والمعماريّ إن. جون هابراكن فيهولندا (مع نظريته حول إدماج المستخدم في الإسكان). قدمهيرمان هيرتزبرغرولوسيان كرولوأليخاندرو أرافينا مساهمات معمارية مهمة في مجال التصميم التشاركي.
في عام 1960، صمم المهندس المعماري اليابانيكنزو تانغه مخططه المعروف لخليج طوكيو. قال موضحًا فيما بعد في المرحلة الأولى من هذا المشروع: «أعتقد أنه في نحو عام 1959 أو في بداية الستينيات، بدأت أفكر فيما كنت سأسميه فيما بعد بالبنية الهيكلية».[5] كتب تانغه أيضًا مقالة «الوظيفة، والبنية، والرمز، 1966»، التي يصف فيها الانتقال من مقاربة وظيفية إلى مقاربة هيكلية في التفكير. يعتبر تانغه الفترة من 1920 إلى 1960 تحت عنوان «الوظيفية» والفترة من 1960 فصاعدًا تحت عنوان «البنيوية».[5]
أنشألو كوربوزييه العديد من المشاريع المبكرة وبنى نماذج أولية في نمط هيكلي، يعود بعضها إلى عشرينيات القرن العشرين. على الرغم من انتقاده من قبل أعضاء فريق 10 في الخمسينيات من القرن الماضي بسبب بعض نواحي عمله (الاعتبار الحضري دون «إحساس بالمكان» والشوارع الداخلية المظلمة لمشروعة وحدة السكن)، إلا أنهم اعترفوا به كنموذج عظيم وشخصية إبداعية في العمارة والفن.
في الخمسينات فيهولندا، تشكلت، حول شخصيةألدو فان ايك (Aldo van Eyck) ، الحركة المعروفة باسمالبنوية الهولندية ، التي كانت لها خصائصها المستقلة في معارضةالوظائفية (functionalism)، مجموعة من المعماريين، رفضت المبادئ العقلانية والصرامة في مجال العمارة، وأوجدوا بنية هرمية عارية تماما من التسلسل بين الأجزاء، على غرار النموذج البدائي في بناءالقصبة (casbah) والسوق الإسلامي (bazar).
من بين الشخصيات القيادية في البنوية الهولندية :هيرمان هيرتزبرغر (Hermann Hertzberger) ، الذي اعتمد على مفهوم «متعدد الفضاء» ، ولم ينهي عمداً بعض مشاريعه من المباني، ليتمكن المستخدمين من إكمالها حسب ذوقهم (في هذه الحالة تسمىبيئة شخصية).