العُقاب (كلمة مؤنثة جمعها عِقْبَان) هو اسم عام لعديد من الطيور الجارحة الكبيرة التي تتبع رتبة بازيات الشكل وفصيلة البازية، وله أكثر من واحد وستين نوعًا تعيش معظمها في أوراسيا وإفريقيا، ويوجد خارج هذه المنطقة نوعان يعيشان في الولايات المتحدة وكندا هما العقاب الرخماء والعقاب الذهبية، وتسعة أنواع في أواسط أمريكا وجنوبها، ... يُطلق الكثيرُ من الناس اسمَالنسر على العقاب خطأً؛ ولعل السبب في ذلك هو ترجمةالكتاب المقدس، فكلمة النسر يقابلها في هذا الكتاب "נֶשֶׁר" (تلفظ "نَشَر")بالعبرية و αετός (aetós)باليونانية و Aquilaباللاتينية و Aigleبالفرنسية (حيث أن التسميات الثلاثة الأخيرة تعني "العُقاب") وهكذا، مع أن النسر يقابله (γυπς (Gyps باليونانية و Vultur باللاتينية، إن بعض اليونانيين ومنهم مترجمي الكتاب المقدس إلى اليونانية توسعوا في لفظة αετός وأطلقوها على هذين الطائرين دون تمييز بينهما، حيث جاء فيميخا 16:1: «وسّعي قرعتك كالنسر» وفيمتى 28:24: «حيث تكون الجثة فهناك تجتمع النسور»، فاللفظة العربية صحيحة وفي محلها في هاتين الآيتين يقابلها נֶשֶׁר بالعبرية لأن هذا الوصف لا ينطبق على العقاب بل ينطبق على النسر المسمى عندهم γυπς، فهذا الأخير هو طائر جبان لا ينقض على فريسته إلا أن تموت أو يصطادها حيوان آخر ثم يتركها، والمسمى αετός لا يقع على الجيف إلا مضطرًا. لعل العبرانيين توسعوا في لفظة נֶשֶׁר أيضًا، أما العرب فالنسر والعقاب عندهم طائران مختلفان من عهد شعراءالجاهلية.[3]
هناك احتمال آخر حول سبب الاختلاط بين الاسمين، ففي التفكير الغربي والأمريكي على وجه الخصوص نجد الطير المسمى (بالإنجليزية:eagle) يتصدر كثيرًا من الشعارات، فهو يوجد على كثير منشعارات الحكومة الأمريكية وإداراتها المختلفة، ويظهر في كثير من قصص الأطفال كالنسر الذهبي مثلاً، كما يستخدم فيالأدب الأمريكي أيضًا كرمزللحرية والانطلاق والعلو. ولما احتك العرب بالأمريكيين ترجموا اسم هذا الطيربالنسر وأخذوا معه استخدامه في الأدب والكتابة كرمز لصفات إيجابية. لكن حدث خطأ فادح هنا في الترجمة إلىالعربية، إذ أن الطير المسمى (بالإنجليزية:eagle) ليس هو النسر إطلاقًا وانما هو العقاب كما هي الترجمة الصحيحة له، أما النسر فهو الذي يطلق عليه في (بالإنجليزية :vulture) وتصفه المعاجم الإنجليزية بما ينطبق على وصفه فيالعربية.[4][5]
العِقْبانطيور جارحة ضخمة وقوية البنية، ولها رؤوسومناقير كبيرة، وحتى أصغر العقبان حجمًا لهاأجنحة طويلة وعريضة وتستطيعالطيران بسرعة كبيرة. وكباقي الطيور الجارحة، فإن للعقبان مناقير معقوفة ضخمة تستخدمها لتمزيقاللحم عن فريستها، ولها أقدامبعضلات قويةومخالب خارقة. أما مناقيرها فتعتبر الأثقل من بين الطيور الجارحة، ولها أيضًابصر حاد للغاية، والذي يمكّنها من تحديد مكان الفريسة من مسافة بعيدة جدًا.
تبني العقبانأعشاشها عادةً علىالأشجار الطويلة أو الحافاتالجبلية العالية، وتضع معظم الأنواعبيضتين في آن واحد، فيقوم الصغير الأكبر عمرًا والأثقل وزنًا بقتل أخيه الأصغر بعد أن يفقس مباشرة، ويكون الفرخ المهيمن عادةأنثى، لأن الإناث أكبر حجمًا من الذكور، ولا يقوم الأبوان بأي عمل لإيقاف القتل.
تعتبر العقاب من الجوارح التي لها شرف ومكانة عندالعرب، لأنها طائر قوي لا تأكل إلا من صيدها، وتنقض على طرائدها من أعلى، ولها نظر ثاقب يضرب به المثل فيقال (أحد من نظر العقاب). وهي تغلبالصقر في القوة، بل إن الصقر يفر منها في العادة لأنها تفوقه في الحجم وقوة البأس. كما أنه ترمز للقوة والشجاعة حيث أن العرب استخدموا اسم (عقاب) في مسمياتهم، فكانوا يتفاخرون بتسمية فخرائهم باسم (عقاب)، وذلك فخرًا ورمزًا للقوة والشجاعة التي شاهدوها في العقاب. ويعتبر طائر العُقَاب سيد الطيور، ومَلِكلها بلا منازع، فهي إذا حلقت في السماء لم تجرؤ طائرٌ على أن يحلّق معها، أو أن يطير من الأرض باتجاهها، وكانت العرب تسمّيه الكاسر، حيث إن هذا الطائر لا يأكلُ إلا مما صطادهُ، ولا يأكلُ إلا حيًا، ولا يأكلُ الميتةَ ولا الحشرات ولا الجيف «أي بقايا الطعام»، وإذا لم يجد ما يأكلهُ يبقى جائعًا، ومن سرعتهِ أنّه يصبح في العراق ويُمسي في اليمن.
كان لرسول الإسلاممحمد راية تسمىراية العقاب، فقد أخرج الطبراني عن حديث ابن عباس: «أن رسول اللهﷺ كان من خلقه تسمية دوابه وسلاحه ومتاعه، فكان اسم رايته العقاب، واسم سيفه الذي يشهد به الحروب ذو الفقار، وكان له سيف آخر يقال له المخذم، وآخر يقال له الرسوب»
وتعتبر سورية أول دولة عربية تعتمد العقاب شعارًا لها ووفقًا للمرسوم رقم 158 تاريخ 6/3/1364هـ - 18/2/1945م والمنشور في الجريدة الرسمية: يتألف شعار الجمهورية السورية من ترس عربي في وسطه ثلاث نجوم هي نجوم العلم السوري ويحضن الترس عقاب مستمد من التاريخ العربي إذ كانت راية قريش في الجاهلية وراية خالد بن الوليد عند فتحه دمشق. ويحيط بالترس ثلاثة خطوط وفي أسفل الترس سنبلتان قمح يرمزان إلى محصول البلاد الأول وطابعها الزراعي، وقد أمسك العقاب بمخالبه شريطاً كتب عليه بالخط الكوفي «الجمهورية السورية» ، فمفهوم القومية العربية لم يكن قد تبلور بعد.[6]