عُطَارِد (رمزه:) هو أصغركواكبالمجموعة الشمسية وأقربها إلىالشمس، أطلقت العرب على هذا الكوكب تسمية «عطارد»؛ وأصل الاسم منالمصدر ط ر د، طارد ومطّرَد أي المتتابع في سيره، وأيضاً سريع الجري ومن هنا اسم الكوكب عطارد الذي يرمز إلى السرعة الكبيرة لدورانالكوكب حولالشمس.[13] إن اللغات التي لم تعرفالكوكب باسم محدد، تستعمل الاسم اللاتينيميركوري نسبة لإله التجارة الروماني.
يظهر عطارد بشكل متألق عندما يراه الناظر من الأرض، ويتراوحالقدر الظاهري له بين -2.3 إلى 5.7، لكن ليس من السهل رؤيته من خطوط العرض المرتفعة في حين يمكن رؤيته من خطوط العرض المتوسطة والدنيا، وخصوصاً عندما يكون فيالاستطالة العظمى له بالنسبة إلىالشمس والتي تبلغ 28.3 درجة قبل الفجر أو بعد غروب الشمس، ويمكن معرفة مواعيدها من خلال مواقع الإنترنت المختلفة. ولا يمكن رؤية عطارد في وهج النهار إلا (للراصدين المحترفين) وأثناء الكسوف الكلي للشمس، ووقت عبوره من أمام قرصها؛ الحدث الذي يتكرر 13 مرة كل قرن، وحدث آخر مرة يوم 11 تشرين ثاني/نوفمبر 2019، وسيحدث المرة المقبلة عام 2032.
المعلومات المتوفرة حول عطارد قليلة نسبياً إذ أنالمقاريب الأرضية لم تكشف سوى الأجزاء الهلالية من سطح عطارد. إن أولمسبار فضائي زار كوكب عطارد هومارينر 10 والذي أسقط خرائطاً لحوالي 45% من سطحه منذ عام1974 حتى1975، أما الرحلة الثانية فكانت بواسطة المسبارماسنجر الذي أضاف 30% من الخرائط لهذا الكوكب عندما مر بقربه في14 كانون الثاني2008.
يشبه عطاردقمر الأرض في شكله، إذ يحوي العديد منالفوهات الصدمية، ومناطق سهلية ناعمة، ولا يوجد لهأقمار طبيعية أوغلاف جوي، ولكنه يملك نواة حديدية على عكس القمر مما يؤدي إلى توليدحقل مغناطيسي يساوي 1% من قيمة الحقل المغناطيسي للأرض. وتعتبر كثافة هذا الكوكب استثنائية بالنسبة إلى حجمه نظراً للحجم الكبير لنواته،[15] أما درجة حرارته فهي متغيرة بشكل كبير وتتراوح بين 90 إلى 700كلفن.[16]
يبلغ من صغر عطارد أن بعض الأقمار الضخمة، من شاكلةغانيميدوتيتان، أكبر منه حجماً. تتكوّن تركيبة عطارد من 70%معادن و 30% سليكات،[17] وكثافته هي ثاني أكبر كثافة فيالمجموعة الشمسية وتقل عن كثافة الأرض بحوالي 5.515 غ/سم³ فقط.[2] يلجأ العلماء إلى كثافة عطارد لتحديد بنيته الداخلية، حيث يقولون أنه بسبب حجم الكوكب الصغير وعدم انضغاط مكوناته الداخلية، فإنه لا بد من أن تكون نواته ضخمة الحجم ومكونة بمعظمها منالحديد.[18]
يرجع تاريخ رصد عطارد إلى الألفية الأولى قبل الميلاد. كانعلماء الفلك الإغريق يعتقدون أن هذا الكوكب عبارة عن جرمين منفصلين، وذلك قبل القرن الرابع قبل الميلاد، وأطلقوا على أحد هذين الجرمين تسمية «أبولو»، واعتقدوا أنه لا يظهر للعيان إلا عند الشروق، وأطلقوا على الآخر تسمية «هرمس»، واعتقدوا أنه لا يمكن رؤيته إلا عند الغروب. يُشتق الرمز الفلكي لعطارد من شكل الصولجان الأسطوري لإله التجارة الإغريقي هرمس.[19]
يُعتبر عطارد الكوكب السائد في فلكيّبرج الجوزاءوبرج العذراء وفقاًلعلم التنجيم، حيث يُقال أن تأثيره الفلكي يكون في أوجه عندما يمر ضمن هذهالكوكبات،[20] مما يؤثر على حظوظ الناس المولودين خلال هذا الزمن (حسب رأيهم). وكان الفلكيون القدماء يعتقدون بأن «بريةهرمس الهرامسة» (باللاتينية:Solitudo Hermae Trismegisti) تُشكل ميزة أساسية من ميزات الكوكب، حيث قيل بأنها تغطي تقريباً ربع ربعه الجنوبي الشرقي.[21]
يتراوحالقدر الظاهري لعطارد بين -2.3 (أكثر لمعاناً منالشعرى اليمانية) إلى +5.7، وأقصى مقدار للقدر الظاهري عندما يكون قريباً منالشمس في السماء.[9] إن مراقبة عطارد مُعقدة بسبب قربه من الشمس، بحيث تصعب مراقبته بسبب وهجها، ويمكن مشاهدته لفترة قصيرة عندالفجروالغسق، ولم يستطعمرصد هابل الفضائي مشاهدته إطلاقاً حتى الآن، بسبب الإجراءات الوقائية التي تمنع من توجيهه بالقرب منالشمس.[22] ويمكن رؤية عطارد من النصف الجنوبيللكرة الأرضية بشكل أسهل من رؤيته من النصف الشمالي.
تعتبر جداول «مل أبن» (Mul.Apin) أقدم الملاحظات الفلكية حول عطارد. ويُعتقد أن هذه الجداول وُضعت بواسطة الفلكيينالأشوريين على الأغلب، في القرن الرابع عشر قبل الميلاد،[23] وكانت ترجمةالكتابة المسمارية لاسم هذا الكوكب في الجداول بمعنى الكوكب القافز.[24] تعود سجلاتالبابليين لعطارد إلى الألفية الأولى قبل الميلاد، وقد أطلقوا عليه اسمنابو وهو إله الحكمة والكتابة وفقاًلميثولوجيتهم.[25]
عَرفالإغريق في زمنهسيود كوكب عطارد، وقد أطلقوا عليه اسمي «ستيلبون» (باليونانية: Στίλβων) و«هيرماون» (باليونانية: Ἑρμάων) ظناً منهم بأنه عبارة عن جرمين سماوييّن منفصلين. وفي وقت لاحق أعطوه اسمأبولو عندما يكون مرئياً في الفجر،وهيرميز عندما يكون مرئياً في الغسق. وفي القرن الرابع قبل الميلاد أدرك الفلكيون الإغريق أن الاسمين يعودان لجرم واحد.[26] أطلق الرومان فيما بعد اسم «ميركوري» (باللاتينية:Mercurius) على الكوكب والذي يُقابل الإله هيرمز عند الإغريق، وذلك لأنه يتحرك في السماء أسرع من أي كوكب آخر، كما يفعل الإله سالف الذكر وفقاً لمعتقداتهم.[27][27][28] وقد كتب العالم الروماني - المصريكلاوديوس بطليموس حول عبور عطارد أمامالشمس، وقد اقترح أن العبور لا يُلاحظ بسبب صغر عطارد وأن هذا العبور غير متكرر.[29]
عُرف عطاردٌ عند الصينيين القدماء باسم «شين إكسينغ» (بالصينية:辰星)، وهو مرتبط باتجاه الشمال وهو في طور المياه حسب مبدأالعناصر الخمسة (بالصينية:五行) التي اعتقد الصينيون أنها تكوّن العالم.[30]
كانالعرب يُطلقون على هذا الكوكب اسم عطارد نسبة إلى «طارد» و«عَطرَدَ» أي المتتابع في سيره، ويَرمز هذا إلى السرعة الكبيرة التي يَدور بها الكوكب حول الشمس.[34] أماعن علماء الفلك المسلمون، فقد وصف في القرن الحادي عشر الميلادي الفلكيالأندلسيإبراهيم بن يحيى الزرقالي مدار عطارد بأنه إهليلجي وبأنه يشبه البيضة.[35][36] وفي القرن الثاني عشر رصد العالمابن باجة بقعتين مظلمتين على سطح الشمس، واقترح فيما بعدقطب الدين الشيرازي أن هاتين البقعتين ما هي إلاعبور عطاردوالزهرة. وذلك في القرن الثالث عشر.[37]
تمكنيوهان هيرونيموس شروتر سنة1800 من رصد بعض تضاريس سطح عطارد حيث سجل مشاهدته لعشرين كم منالجبال المرتفعة. بعد ذلك استخدمفريدريش بيسل الملاحظات للحصول على تقديرات خاطئة عن فترة المدار الفلكي والتي قدرها بأربعة وعشرين ساعة،والميل المحوري الذي حدده بسبعين درجة.[40] قامجيوفاني إسكيابارلي سنة1880 برسم خرائط لسطح عطارد بشكل أكثر دقة واقترح أن فترة دورانه تبلغ 88 يوم، أي نفس فترة الدوران الفلكي بسببتقييد قوى المد والجزر.[41] يمكن ملاحظة هذه الظاهرة أيضاً بالنسبةللقمر، وتُعرف باسمالحركة التزامنية. توبعت جهود رسم خرائط عطارد فيما بعد على يدإيغنيوس أنطونيادي الذي أصدر كتاباً سنة1934 يحوي كل خرائطه ومراقباته لعطارد، وقد أخذت العديد من خصائص سطوح الكواكب ولا سيماالبياض من هذا الكتاب.[42]
قام فريق من العلماءالسوفيت تابع لمعهد هندسة الرادار والإلكترونيات فيالأكاديمية السوفيتية للعلوم سنة1962 بإرسال وتلقي أمواجرادارية وملاحظة تضاريس سطح عطارد، ليَكون أول اكتشاف لعطارد بواسطة الرادار.[43][44][45] بعد ثلاث سنوات استخدم عالم أمريكي يُدعىغوردون بيتنجيلالمقراب الراديويلمقراب أرسيبو الكاشوفي لرصد فترة دوران الكوكب ليحسم هذا الأمر بفترة مقدارها 58 يوماً.[46][47] بذلك أصبحت نظرية الحركة المتزامنة لعطارد مقبولة على نطاق واسع. لكن المعضلة التي واجههاالعلماء أنه إذا كان عطاردُ معرضاً لتقييد قوى المد والجزر فإن حرارة السطح المظلم يَجب أن تكون أبرد بكثير من القيم التي حصلوا عليها من انبعاث الأمواج اللاسلكية، ومع ذلك رَفَضَ العلماء إسقاط نظرية الحركة التزأمنية للكوكب وفَسرُوا ذلك بنظريات بديلة مثل توزيع الطاقة الحرارية بواسطة الرياح.[48]
لاحظ عالم إيطالي يدعىجوزيف كولومبو أن فترة دوران عطارد هي ثلثا فترة دورانه الفلكي، واقترح لذلك أن فترتي الدوران المحوري والمدار حبيستا رنين يُعادل 3:2 بدلاً من 1:1.[49] وأكدت المعلومات التي توافرت فيما بعد بفضل المسبارمارينر 10 صحة هذه الفرضية،[50] مما يَعني أن خرائط إسكيابارلي وأنطونيونادي صحيحة. ولم تظهر المراقبة الأرضية الكثير من المعلومات الداخلية حول عطارد، ولم تتعمق المعرفة الصحيحة حول عطارد إلا عند التحليق فوقه.
يَفرض الوصول إلى عطارد تحديات تقنية كثيرة، حيث أن الكوكب قريب جداً من الشمس، كما أنالمركبة الفضائية المنطلقة من الأرض يجب أن تقطع مسافة 91 مليون كيلومتر باتجاه الشمس وجاذبيتها. كما أن عطارد له سرعة مدارية تعادل 48 كم في الثانية، بينما الأرض تملك سرعة مدارية مقدارها 30 كم في الثانية لذلك فيَجبُ على المركبة الفضائية أن تغير سرعتها بشكل كبير لتستطيع الدخول إلىمدار هوهمان الانتقالي القريب من عطارد.[51]
كانت مركبةمارينر 10 أول مركبة فضائية تزور عطارد، وقد أطلقت من قبلوكالة ناسا في سنة1975،[27] وقد استخدمت المركبةجاذبيةالزهرة لتعادل سرعتها المدارية وبذلك استطاعت الاقتراب من عطارد لتكون أول مركبة تستخدم تقنيةالتسريع بالجاذبية، وأول مركبة فضائية تابعةلناسا تقوم بزيارة أكثر من كوكب.[51] وقد قامت مارينر 10 بالتقاط أول الصور القريبة من سطح عطارد، والتي أظهرت فوراً صوراً للكثير منالفوهات الصدمية على سطحه، وكشفت العديد من التضاريس الجيولوجية لسطحه مثل الانحدار العظيم والذي عُزي سببه لاحقاً إلى الانزياحات القليلة في النواة الحديدية الباردة.[52] وعلى مدى رحلة مارينر 10 خلال الفترة المدارية فإنة كشف عن نفس الوجه للكوكب والذي كان قريب منه مما جعل ملاحظة كلا وجهي الكوكب مستحيلة،[53] وبالتالي أن خرائط الكوكب لم تكن كافية، فتم تحديد ملامح 45% من سطح عطارد فقط.[54]
أول تحليق لمارينر 10 فوق عطارد كان في 29 آذار من سنة 1974 وقبله بيومين بدأ بتسجيل كميات كبيرة منالأشعة فوق البنفسجية بالقرب من الكوكب، وأدّى ذلك إلى الاعتقاد بوجودقمر طبيعي له، لكن فيما بعدُ تم تحديد الزيادة في نشاط الأشعة فوق البنفسجية بأنها منبعثة من النجم رقم 31 فيكوكبةالباطية.
نجح مارينر 10 في إجراء ثلاث اقترابات من عطارد، وأكثر اقتراب كان على ارتفاع 327 كم عن سطحه.[55] في أول اقتراب له، رصد مارينر 10حقلاً مغناطيسياً، وكان الأمر مفاجأة جيولوجية للعلماء نظراً للسرعة الدورانية البطيئة المسؤولة عن توليد خاصيةالدينامو. اُستخدِم الاقتراب الثاني للتصوير، وفي الاقتراب الثالث تم الحصول على بيانات كثيرة عنالمغناطيسية والتي كشفت أن الحقل المغناطيسي لعطارد يُشبه الحقل المغناطيسي للأرض، وهو المسؤول عن انحرافالرياح الشمسية عليه. إلا أن شدة المجال المغناطيسي لعطارد تبلغ 1.1% من شدة المجال المغناطيسي للأرض. لا يَزال الحقل المغناطيسي لعطارد مطرح دراسة ونظريات عديدة.[56]
نفذ وقود مارينر 10 بعد 8 أيام من آخر اقتراب من عطارد في 24 آذار من سنة 1975. ولم يعد من الممكن التحكم بمداره بشكل جيد وأنهيت مهمة أجهزة التحكم بالمسبار،[57] ويُعتقد أنه ما زال يَدور حول الشمس ويَقترب من عطارد كل بضعة شهور.[58]
كانتمسّنجر هي المهمة الثانية لوكالة ناسا الهادفة لاستكشاف عطارد. شملت المهمة استكشاف سطح عطارد والبيئة الفضائية الجيوكيميائية له. أطلق المسبار في 3 آب من سنة2004 منقاعدة كيب كانافيرال للقوات الجوية على متنالصاروخبوينغ دلتا 2. وقام بأقرب اقتراب من الأرض في آب 2005 وللزهرة في تشرين الأول 2006 وفي حزيران 2007 دخل ضمن المسار الصحيح للدخول ضمن مدار عطارد.[59] وأول اقتراب له من عطارد حدث في 14 كانون الثاني2008، والثاني في 6 تشرين الثاني 2008،[60] والثالث في 29 أيلول 2009.[61] ومن المتوقع أن يدخل بعد ذلك في مدار إهليلجي حول الكوكب في آذار 2011.[60]
صُمّمت هذه الرحلة لتبيين وتوضيح ست نقاط هي: الكثافة العالية لعطارد، ومعالمه الجيولوجية، وطبيعة حقله المغناطيسي، وتركيب نواته، وإذا كان يوجد جليد في قطبيه، وما الذي حدث لغلافه الجوي الرقيق. ولتحقيق ذلك يحمل المسبار أجهزة تصوير أكثر تطوراً ودقة من تلك التي كانت مركبة على مارينر 10وأجهزة تحليل طيفي لمعرفة كميات العناصر في القشرة. كما زودبمقياس المغناطيسية وأجهزة لقياس سرعة الجسيمات المشحونة، وسوف تستخدم قياسات التغيرات الصغيرة في سرعة المسبار ضمن مداره لمعرفة التركيب الداخلي للكوكب.[62]
عطارد هو واحد من أربعة كواكب صخرية فيالمجموعة الشمسية، وهيئته الصخرية تماثلالأرض. إنه أصغر الكواكب في المجموعة الشمسية، فنصف قطره الاستوائي يصل إلى 2439.7 كم.[2] يُعتبر عطارد أصغر من أكبرقمرين في النظام الشمسي، وهماغانيميدوتيتان. يتألف عطارد بنسبة 70% من تركيبمعدني و30% من موادالسيليكات.[17] تعتبركثافة عطارد ثاني أعلى كثافة في المجموعة الشمسية، وتساوي 5.427 غرام/سنتيمتر مكعب، وهي أقل بقليل من كثافة الأرض والتي تساوي 5.515 غم/سم مكعب.[2] وإذا أُهمل تأثير ضغطالجاذبية فإن المواد التي يتألف منها عطارد تصبح هي الأكثر كثافة، وتساوي 5.3 غم/سم مكعب يُقابلها في الأرض 4.4 غم/سم مكعب.[65]
1. القشرة؛ سماكتها: 100–300 كم 2. الدثار؛ سماكته: 600 كم 3. النواة؛ نصف قطرها: 1,800 كم.
يمكن استخدام كثافة عطارد لاستنتاج تفاصيل البنية الداخلية. فالطبقات الخارجية من كوكب غير غازي (أرضي) مُكونة من مواد أخف كالصخور السيليكاتية. ومع ازدياد العُمق تزداد الكثافة بسبب الضغط الذي تحدثه الطبقات الصخرية الخارجيّة والتركيب المختلف للمواد الداخلية. ومن المحتمل أن تكون البواطن عالية الكثافة للكواكب غير الغازية مكونة في معظمها من الحديد. في حين أن الاعتماد على كثافة الأرض لا يَفي بالغرض لمعرفة التركيب الداخلي لها بسبب تأثير ضغط الجاذبية الكبير. عموماً نواة عطاردٍ غير مضغوطة بقوة. لذلك وبما أن لديها مثل هذه الكثافة العالية، فيَجبُ أن تكون النواة غنيةبالحديد.[18]
يُقدّر العلماء أننواة عطارد تشكل 42% منالحجم الكليللكوكب، بينما تشكل نواة الأرض 17% فقط من الحجم الكليّ للأرض. ويَعتقد العلماء المعاصرون أن نواة عطارد عبارة عن نواة مصهورة.[66][67] ويحيط بالنواةدثار من السيليكات بسماكة تتتراوح بين 500 و 700 كم.[68][69]بالاستناد إلى البيانات المُحصّلة بواسطةالمسبارمارينر 10 والملاحظات من خلال الرصد الأرضي، فيُعتقد أن القشرة الخارجية للكوكب تتراوح سماكتها بين 100 و 300 كم. إحدى أهم مُميزات سطح عطارد هي الكميات الهائلة للحواف الضيقة على سطحه، والتي تمتد لعدة كيلومترات وتكونت من صهارة النواة التي بردت بمرور الوقت عندما بدأت القشرة بالتشكل.[70]
يحتوي عطارد على كمية من الحديد أكبر من أي كوكب آخر في المجموعة الشمسية، وقد اقترحت عدة نظريات لتفسير ذلك. وإحدى أهم النظريات تعتبر أن تركيب عطارد الأساسي يحوي سيليكات معدنية بشكل مشابه لحجارةكوندريت النيزكية والتي يُعتقد أنها موجودة بشكل كبير في النظام الشمسي. توجد ثلاث نظريات لتشكل الحديد في عطارد: تفترض النظرية الأولى أن عطارد كان في مرحلة ما من تاريخه محل اصطدامات كثيرة مع نيازكوكواكب مصغرة، وإن هذا التصادم ترك نسبة من مكوناته في القشرة الخارجية، وهي عملية مشابه لما حدث في الأرضوالقمر.[71] أما النظرية الثانية فهي تبدأ من تشكل عطارد منالسديم الشمسي، وهذا السديم يحتوي على جميع العناصر قبل أن تستقر خارج الطاقة الشمسية. كانتكتلة الكوكب في البداية ضعف كتلته الحالية، وكانت تصل درجة الحرارة المنطلقة منالنجم الأولي بجانب عطارد إلى ما يَتراوح من 2500 إلى 3500كلفن، ومن الممكن أنها وصلت إلى حوالي 10,000كلفن،[72] وبالتالي فقد تبخرت معظم المكونات الصخرية في عطارد وشكلت غلافاً جوياً من الغلاف المتبخر والذي اندفع بعيداً عن الكوكب بسببالرياح الشمسية،[72] وكان ما تبخر من المواد هي المواد ذات الكثافة المنخفضة، بينما بقيت المواد ذات الكثافة المرتفعة (مثل الحديد).
أما النظرية الثالثة فتفترض أن تكوينالسديم الشمسي مختلف اختلافاً كبيراً جوار عطارد، وهذا الاختلاف أكثر مما تتنبأ به النماذج النظرية بحيث تتكثف العناصر في عباب القرص حاضن الكواكب وتتحول إلى الحالة الصلبة في مسافات مختلفة عن النجم حسب كثافتها النوعية. تتحول العناصر الثقيلة ذاتنقطة الذوبان العالية - مثل الحديدوالنيكلوالسليكون - إلى الحالة الصلبة كلما كانت أقرب إلى النجم.[73]
مقارنة لأحجام ومداراتالكواكب الصخرية، من اليمين إلى اليسار:المريخ -الأرض -الزهرة -عطارد.أول صورة عالية الدقة ملتقطة لعطارد بواسطة المسبار مسينجر (ألوان زائفة).صورة من مسينجر في التحليق الثاني وتظهر فيه الحوض كويبر وهو تحت المركز بقليل إضافة إلىنظام الأشعة على الكوكب.
سطح عطارد كروي ومشابه إلى حد كبير لسطحقمر الأرض وتظهر عليه بقع معتمة تسمىبحار القمر مشابهة لما هو على القمر، تشكلت نتيجة النشاطالبركاني، وحفر كبيرة مما يدل على نشاطه الجيولوجي منذ مليارات السنين. بما أن المعلومات حول تضاريس عطارد مستقاة من رحلة مارينر 10 والمراقبة الأرضية فإن المعرفة بطيبعته أقل من بقية الكواكب،[67] وحاليا فإن المعلومات المستقاة من خلال بيانات المسبار مسينجر تزيد في المعرفة الإنسانية لهذا الكوكب، وعلى سبيل المثال اكتشاف فوهة تصادمية غير عادية ذات نشاط إشعاعي أطلق العلماء عليها اسم «العنكبوت».[74]
تشير خصائصالبياض إلى وجود مناطق ذات انعكاسيات مختلفة، وبالتالي يمتلك عطارد تضاريس مختلفة من جبال وسهول وأودية وتلال ومنحدرات.[75][76]تعرض عطارد لقصفنيزكيوبالكويكبات بعد فترة قليلة من تكونه منذ 4.6 مليارات سنة وربما تعرض خلال فترة لاحقة إلى ما يسمىقصف شديد متأخر منذ 3.8 مليارات سنة،[77] وخلال هذه الفترة تشكلت فوهات تصادمية كثيرة وتلقى تصادمات على كامل سطحه،[76] ومع مضي بعض الوقت أصبح الكوكب نشط بركانيا وتشكلت بعض التضاريس المختلفة. ويستدل على قدم الفوهات التصادمية عن النشاط الداخلي للكوكب بسبب رصد التضاريس المختلفة من سلاسل جبلية وسهلية ووديان تقطع الفوهات التصادمية.[78]ومن أشهر معالم السطح منطقتين حاراتين تصل فيهما درجة الحرارة إلى أعلى قيمة، يقع في أحدهما أشهر فوهة وهي «حوض كالوريس» التي يقدر عمرها بأربعة آلاف مليون سنة ويعتقد أن سبب تكونها هو اصطدام ضخم حصل على سطح الكوكب في هذه المنطقة، ودعيت بهذا الاسم لتعني الحرارة،Calorie، حيث أن متوسط الحرارة يصل إلى أقصى درجاتها 430 درجة مئوية حين يكون هذا الحوض في الحضيض ومقابل الشمس مباشرة. أما في الجهة المقابلة للحوض مباشرة من الجهة الأخرى فهي منطقة ذات مرتفعات وتضاريس شاذة غير منتظمة تغطي 360 ألف كلم مربع من مساحة الكوكب وتتألف من أودية وتلال وجبال يصل ارتفاعها إلى كيلومترين وتدعى الأرض الغريبة (بالإنجليزية:Weird terrain) والتي يعتقد أن الموجات الناتجة عن الاصطدام المسبب لفوهة كالوريس هي السبب في تكوين هذه المنطقة على الجهة المقابلة.[78]
تظهرالفوهات الصدمية بشكل متنوع فمن فوهات ذات قطر صغير وبتجويف قليل يشبه الصحن، إلى فوهات متعددة الحلقات تعبر مئات الكيلومترات. كما تظهر في جميع الأحوال الجيولوجية من فوهات جديدة إلى فوهات منهارة. إن الفوهات على سطح عطارد تختلف من تلك الموجودة على سطح القمر من حيث أن المنطقة المغطاة بالمقذوفات أصغر نتيجة كون الجاذبية السطحية لعطارد كبيرة.[79]
تعرف أكبر فوهة تصادمية باسم «حوض كالوريس» والتي يبلغ قطرها نحو 1300 كيلومتر وهي تبدو وكأنهافرس بحر ضخم. وقد خلّفت الصدمة التي أحدثتها حوضا منبسطا سُجِّلت عليه آثار صدمات أصغر وأحدث. واستنادا إلى تقدير المعدل الذي تضرب به المقذوفات الكوكب، فإن توزع حجوم هذه الفوهات يشير إلى أن الصدم المؤدي إلى تشكل كالوريس حدث منذ قرابة 3.6 مليارات سنة، وكانت الصدمة عنيفة إلى درجة جعلت سطح الوجه المقابل لعطارد يتمزق. وفي الحقيقة، فإن المنطقة المقابلة لكالوريس تحوي العديد من الشقوق والصدوع.[73] كما حدث نتيجة هذه الصدمة خروجحمم شكلت حلقات متمركز حول الفوهة على طول كيلومترين علىمحيط الفوهة.[80]
كما تم تصوير حوالي 15 حوض تصادمي في الجزء الذي تم تصويره من عطارد، ويُلاحظ حوض عرضه 400 كم متعدد الحلقات هو «حوض تولستوي»، كما يوجد حوض بيتهوفن ويصل قطره إلى 625 كم.[79]
هناك منطقتين سهليتين متميزتين على سطح عطارد: السهول المتموجة بلطف والسهول كثيرة التلال المتواجدة بين الفوهات. ويبدو أن هذه السهول المتواجدة بين الفوهات قامت بطمس العديد من الفوهات ذات النشأة المبكرة.[79][81] وهذا واضح بسبب ندرة الفوهات ذات القطر الأقل من 30 كم،[81] ومن غير الواضح فيما إذا حدث هذا نتيجة نشاطبركاني أو تصادمات. وتتوزع السهول ما بين الحفر على كامل سطح الكوكب تقريبا.[81]
السهول المنبسطة، وهي مناطق مسطحة واسعة، تملأ المنخفضات بشكل واسع وتتشابه بشكل كبير مع بحار القمر. ومن الجدير ملاحظته بأنها تملأ حلقة واسعة تحيط بحوض كالوريس. الاختلاف الرئيسي بين هذه السهولوبحار القمر بأن هذه السهول ضمن الفوهات لها قيمةبياض واحدة.[79]على الرغم من عدم وجود نشاط بركاني فإن توضع والشكل الدائري ذو الفصوص لهذه السهول يدعم بقوة نظرية الأساس البركاني لهذه السهول. تشكلت جميع السهول المنبسطة بعد تشكل حوض كالوريس.[79]
ويتواجد على سطح عطارد شقوق عرضية أيضا مجهولة المنشأ تتخذ شكل خطوط منقوشة عليه تتجه في معظمها من الشمال إلى الجنوب، ومن الشمال الشرقي إلى الجنوب الغربي، ومن الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي. ويُطلق على هذه السمات المميزة للكوكب اسم شبكة عطارد.[82][83]ويتلخص أحد التفسيرات لهذه السمات الشبيهة برقعةالشطرنج في أن القشرة تصلّبت عندما كان الكوكب يدور حول محوره بسرعة أكبر بكثير، وربما كان طول يومه 20 ساعة فقط. وبسبب هذا الدوران السريع فمن المحتمل أن يكون قد تكوَّن انتفاخ استوائي للكوكب؛ وبعد أن تباطأ دورانه وبلغ دوره الحالي قامت الثقالة بسحب هذا الانتفاخ محوّلة شكلالكوكب إلىالكروي. وهذه المعالم الخطية المتصالبة قد تكون نشأت حين خضع السطح لهذا التغير. ولما كانت التجعدات لا تقطع فوهة كالوريس، فإن هذا يشير إلى أن التجعدات هذه وُجدت قبل حدوث الصدمة.[73]
يبلغ متوسط حرارة الوجه المعرض للشمس في عطارد 442.5كلفن على الرغم من التفاوت الكبير بين درجات الحرارة الدنيا والعليا والتي تتراوح بين 100 كلفن و 700 كلفن، بسبب انعدام الغلاف الجوي تقريبا والانحدار الحاد في درجات الحرارة بين خط الاستواء والقطبين.[84] تصل درجة الحرارة في المنطقة المعرضة للشمس إلى 700 كلفن خلالالحضيض وتنخفض إلى 550 كلفن خلالالأوج،[85] أما الوجه المظلم منه فإن متوسط حرارتة حوالي 110 كلفن.[86] تتراوح شدةالشعاع الشمسي على عطارد بين 4.59 و 19.61 ضعف منثابت الشعاع الشمسي والبالغ 1.370 واط\متر مربع.[87]
تم الاستنتاج من خلال الرصدبالرادار احتمال وجود طبقة رقيقة منجليد الماء في منطقة القطبين. بسبب الانحراف القليللمحور الدوران الذي يعتبر عمليا عموديا على مداره. وبالتالي تبقى العديد من فوهات القطب في الظل. واحتمال أن تصل درجات الحرارة في هذه المناطق ذات الليل الأبدي إلى - 160درجة مئوية هو احتمال كبير. وفي مثل هذه الظروف يمكن أن يتواجد الجليد. يقول الخبراء أن وجود جزيئات الماء على عطارد إنما هو نتيجة اصطدامالمذنبات الحاوية علىالماء أو الجليد.[88]كما توجد نظرية تفرض وجود كميات كبير من تدفقات الماء من الطبقات الداخلية لعطارد، والذي يتبخر في المناطق البعيدة عن القطبين ليضيع في الفضاء الخارجي.يعتقد أن مناطق الجليد تحوي على 1014–1015 كغ من الجليد،[89] وللتقريب فإنالقارة القطبية الجنوبية تحوي كمية جليد تساوي 4×1018 كغ بينماالقطب الجنوبي لعطارد يحوي 1016 كغ.[89]
عطارد كوكب صغير جداً، وبسبب هذافكتلته وبالتاليجاذبيته أقل بكثير من أن تُكوّن لهغلافا جوياً ذا شأن، إضافة إلى أن قربه منالشمس وحرارته الشديدة تجعل إفلات غلافه الجوي سريعاً وسهلاً. لكنه بالرغم من ذلك يملك «غلافاً خارجياً» رقيقاً،[90]يتكون من:الهيدروجينوالهيليوموالأكسجينوالصوديوموالكالسيوموالبوتاسيوم وبعض العناصر الأخرى.[91] «الغلاف الخارجي» أو «الإكسوسفير» هو الطبقة العليا من الغلاف الجوي، لكن ضآلتها على عُطارد وعدم وجود طبقات أخرى تجعل الفلكيين يعتبرون أنه لا يَملك غلافاً جوياً هاماً مقارنة بالكواكب الأخرى.[90]
لكنذرات غلافه الخارجي ليست مستقرة، فهي تُفلت باستمرار من جاذبيته (بشكل رئيسي بسببالرياح الشمسية)، ثم تُستبدل بأخرى من مصادر مختلفة مثل: الرياح الشمسية نفسهاوالرماد والحطام الذي يُقذف من السطح بسببالاصطدامات. وقد اكتُشف في عام2008بخار ماء في الغلاف الجوي لعطارد، ويُعتقد أنه تكوّن نتيجة للاتقاء ذراتالهيدروجينوالأكسجين في الغلاف الجوي. وربما تأتي ذرات الهيدروجين والهليوم إلى غلافه الجوي من الرياح الشمسية، حيث يأسرها عطارد مؤقتاً قبل أن تعاود الإفلات إلىالفضاء بسبب ضعف جاذبيته. ولا توجدسحب أورياح أو أي ظواهر جوية أخرى على عطارد.
كان لعطارد في أيامه الأولى بعد ولادته قبل 4.6 مليارات سنة غلاف جوي، لكن بعد ولادته بوقت قصير تآكل غلافه الجوي واختفى بفعل الرياح الشمسية القوية التي تهب عليه نظراً لقربه الشديد من الشمس.[91] وقد كشفت مركبةمارينر 10 عن كميات ضئيلة جداً من الهليوم على ارتفاع 1,000 كم فوق سطح عطارد أثناء تحليقها قربه في عامي1974و1975م،[92] وبيانات مارينر 10 هي أيضاً أول ما أثبت وجود غلاف خارجي رقيق لعطارد.[93]
يملك عطاردحقلا مغناطيسيا كبيرا على الرغم من صغر حجمهوسرعة دورانه حول نفسه البطيئة (دورة خلال 59 يوم). وتبلغ قيمة هذا الحقل وفق القياسات المأخوذة بواسطة المسبار مارينر 10 حوالي 1.1% من شدة الحقل المغناطيسيللأرض، وتساويشدته عند خط استواء عطارد 300تسلا.[94][95] وبشكل مشابه للأرض فإن الحقل المغناطيسي لعطاردثنائي القطب،[96] ويختلف عن الحقل المغناطيسي الأرضي بأن القطبين المغناطيسيين قريبين جدا من محور الدوران.[97] أظهرت القياسات المأخوذة بواسطة مارينر 10 ومسينجر أن الحقل المغناطيسي لعطارد هو ذو قيمة وشكل ثابت.[97]
من المرجح أن الحقل المغناطيسي لعطارد نشأ بسبب تأثيرالدينامو بشكل مشابه للأرض. وهذا التأثير ينتج بسبب دوران النواة المنصهرة الغنية بالحديد.[98][99] كما أن تأثيرقوة المد والجزر القوية بسببالشذوذ المداري العالي للكوكب سيحافظ على الحالة السائلة للنواة واللازمة لاستمرار تأثير الدينامو.[100]
إن الحقل المغناطيسي لعطارد قوي بما فيه الكفاية لحرفالرياح الشمسية من حول الكوكب، مشكلا ما يسمىبالغلاف المغناطيسي. إن الغلاف المغناطيسي لعطارد صغير مقارنة بذاك الخاص بالأرض،[96] لكنه قوي بما فيه الكفاية لحصر بلازما الرياح الشمسية. ويساهم هذا بما يعرفةبالتجوية الفضائية لسطح الكوكب.[96] وقد استطاع المسبار مارينر 10 تحديد طاقة منخفض لبلازما الشمس في الغلاف المغناطيسي في الجزء الليلي من الكوكب. كما تم الكشف عن اندفاعات من الجسيمات النشطة في الغلاف المغناطيسي للكوكب، وهو ما يشير إلى ديناميكية عالية في الغلاف المغناطيسي للكوكب.[96]
استطاع مسينجر خلال تحليقه الثاني في 6 تشرين الأول سنة 2008 اكتشاف إمكانية تسرب الحقل المغناطيسي لعطارد بشكل كثير. فقد واجه المسبار «زوبعة» حزمة منحرفة من الحقل المغناطيسي مرتبطة بالحقل المغناطيسي الكوكبي في الفضاء بين الكواكب، ويصل وسعها إلى 800 كم. تنشأ هذه الزوابع عندما ترتبط الحقول المغناطيسية المحمولة مع الرياح الشمسية بالحقل المغناطيسي لعطارد. وهذه الزوابع المحمولة مع الريح الشمسية تتحول إلى إعصار مغناطيسي مشكلا نوافذ ضمن الغلاف المغناطيسي لعطارد ومنه يمكن لبعض الرياح الشمسية أن تدخل وتأثر على سطح عطارد.[101]تدعى عملية ربط المجالات المغناطيسية بين الكواكببإعادة الاتصال المغناطيسي، وهي منتشرة في جميع أنحاء الكون. ويحدث ذلك في المجال المغناطيسي للأرض، حيث تتولد الأعاصير المغناطيسية أيضا. ومع ذلك، فإن ملاحظات ميسينجر المسجلة تقدر أن إعادة الاتصال لعطارد هي عشر أضعاف الأرض. يمثل قرب عطارد من الشمس نحو ثلث إعادة الاتصال التي لاحظها ميسينجر.[101]
مدار عطارد باللون الأصفر. يوضح الرسم الأثار المترتبة عن هذا الانحراف ويبن الفرق بين مدار عطارد ومدار دائري له نفسنصف المحور الرئيسي.الأوجوالحضيض للكواكب الداخلية وأصغرها لكوكب عطارد.
عطارد أكثر الكواكب فيالشذوذ المداري ويبلغ هذا الشذوذ 0.21 وبذلك تتراوح المسافة بينه وبين الشمس من 46 إلى 70 مليونكيلومتر. يستغرق عطارد 88 يوما لاكمال دورته حول الشمس، وهو يبلغ أعلى سرعة له عندما يكون قربالحضيض. يؤدي التغير في البعد المركزي لعطارد عن الشمس يرافقة رنين بين الدوران الذاتي والدوران المداري بنسبة 3:2 مما يؤدي إلى اختلافات شديدة في درجة حرارة سطح الكوكب.[17]
يستمر اليوم الشمسي على عطارد ما يعادل 176 يوما على الأرض، وهو ما يعادل تقريبا ضعفي الفترة المدارية له. وكنتيجة فإن سنة واحدة على عطارد تساوي نصف يوم على عطارد أو اليوم على عطارد يمر خلال سنتين كوكبيتين لعطارد.[102]
ينحرف مدار عطارد عن مدار الأرض بسبع درجات، مما يعني أنعبور عطارد عبر وجه الشمس يمكن أن يحدث عندما يقطع الكوكب مستوىمسير الشمس ويقع في نفس الوقت بين الأرض والشمس. ويتكرر هذا بشكل متوسط كل سبع سنين.[103]
يكونالميل المحوري لعطارد تقريبا صفر، وأفضل قيمة مقاسة له كانت 0.027 درجة،[104][105] وهذه القيمة هي الأعلى بين كواكب المجموعة الشمسية وتليه القيمة للمشتري البالغة 3.1 درجة. مما يعني أنه بالنسبة لمراقب يقف على قطب عطارد فإن الشمس لن ترتفع أكثر من 2.1 دقيقة قوسية من على الأفق.[106]
مخطط تغير البعد المركزي لعطارد عن الشمس. يدور عطارد 1.5 مرات خلال الدوران المداري الأول، لذلك بعد دورتين مداريتين يبقى نفس الوجه معرض للشمس.
أعتقد العلماء في السابق أن إحدى وجوه عطارد يواجه الشمس بشكل دائم (مقيد مدياً) بسببقوة المد والجزر بشكل مشابه لدوران القمر حول الأرض بحيث أن وجه واحد من وجوه القمر يقابل الأرض بشكل دائم. لكن أثبتت المراقبةالرادارية المأخوذة سنة1965 بأن هناك رنين بين الدوران الذاتي لعطارد والدوران المداري تبلغ قيمته 3:2. فهو يدور ثلاث مرات حول نفسه كل دورتين حول الشمس. يؤثرالشذوذ المداري لعطارد للمدار بجعله ثابت عند الحضيض (عندما تكون الشمس أقوى وأقرب لسماء عطارد).[107]
يتغير الشذوذ المداري لعطارد وفقنظرية الشواش من 0 إلى 0.42 خلال ملايين السنين بسببالاضطراب الأولي للكواكب الأخرى،[17][108] ويعتقد أن هذا قد يفسر سبب الرنين. وقد أظهرتمحاكاة رقمية بأن تفاعل الرنين المداري مع المشتري قد يزيد من الشذوذ المداري لعطارد إلى النقطة التي سيصطدم عندها مع الزهرة بعد خمسة مليارات سنة.[109]
وهي ظاهرة يمكن من خلالها رؤوية عطارد من الأرض كقرص أسود يعبر قرص الشمس. تتكرر هذه الظاهرة بين 13 إلى 14 مرة في القرن. يمكن أن يحدث هذا العبور في شهري أيار وتشرين الثاني.
يتكرر عبور تشرين الثاني كل 7 أو 13 أو 33 سنة بينما يحدث عبور أيار كل 13 أو 33 سنة فقط. وحدثت آخر ثلاث عبورات في سنين1999و2003و2006، وسيحدث العبور التالي في سنة 2016.[110]
يكون عطارد خلال عبور أيار قربالأوج ويبلغ قياسزاوية القطر عندها حوالي 12°. أما في عبور تشرين الثاني فيكون عطارد قربالحضيض وزاوية القطر 10°.[110]
لا يوجد لعطاردأقمار طبيعية، ويعتبر هووالزهرة الكوكبين الوحيدين الذين لا يملكان نظام أقمار. وللإجابة على سبب الشذوذ في هذين الكوكبين أقترحت فرضية في منتصفعقد الستينات من القرن العشرين، بأن عطارد كان قمر لكوكب الزهرة واستطاع الإفلات من مداره حول الزهرة. وتجري اللآن تجارب عديدة بالمحاكاة بواسطة الحاسوب للتحقق من هذه الفرضية وأسباب الهروب المحتمل. كأن يكونفعل قوة المد والجزر بين الكوكبين قد تسبب بهذا الإفلات، أو بسبب تباعد مداري الكوكبين عن بعضهما البعض.[111]
^B. A. Archinal; M. F. A’Hearn; E. Bowell; G. J. Consolmagno; D. Hestroffer; J. Oberst; D. J. Tholen (4 Dec 2010). "Report of the IAU Working Group on Cartographic Coordinates and Rotational Elements: 2009".Celestial Mechanics and Dynamical Astronomy (بالإنجليزية).109 (2): 101–135.DOI:10.1007/S10569-010-9320-4.ISSN:0923-2958.Zbl:1270.70012.QID:Q27638684.
^Jose Wudka (24 سبتمبر 1998)."Precession of the perihelion of Mercury". Department of Physics and Astronomy at the University of California, Riverside. مؤرشف منالأصل في 2018-10-08. اطلع عليه بتاريخ2009-03-04.
^ابLyttleton, R. A. (1969). "On the Internal Structures of Mercury and Venus".Astrophysics and Space Science. ج. 5 ع. 1: 18.DOI:10.1007/BF00653933.{{استشهاد بدورية محكمة}}:الوسيط|تاريخ الوصول بحاجة لـ|مسار= (مساعدة)
^Duncan، John Charles (1946).Astronomy: A Textbook. Harper & Brothers. ص. 125.The symbol for Mercury represents the Caduceus, a wand with two serpents twined around it, which was carried by the messenger of the gods.
^Hunger، Hermann (1989). "MUL.APIN: An Astronomical Compendium in Cuneiform".Archiv für Orientforschung. Austria: Verlag Ferdinand Berger & Sohne Gesellschaft MBH. ج. 24: 146.{{استشهاد بدورية محكمة}}:الوسيط author-name-list parameters تكرر أكثر من مرة (مساعدة)
^Antoniadi، Eugène Michel (1974).The Planet Mercury. Shaldon, Devon: Keith Reid Ltd. ص. 9–11.{{استشهاد بكتاب}}:الوسيط author-name-list parameters تكرر أكثر من مرة (مساعدة)
^Goldstein, Bernard R. (فبراير 1996)، "The Pre-telescopic Treatment of the Phases and Apparent Size of Venus"،Journal for the History of Astronomy، ص. 1،Bibcode:1996JHA....27....1G
^Ansari، S. M. Razaullah (2002).History of oriental astronomy: proceedings of the joint discussion-17 at the 23rd General Assembly of the International Astronomical Union, organised by the Commission 41 (History of Astronomy), held in Kyoto, August 25-26, 1997.سبرنجر. ص. 137.ISBN:1402006578.
^Spohn, Tilman; Sohl, Frank; Wieczerkowski, Karin; Conzelmann, Vera (2001). "The interior structure of Mercury: what we know, what we expect from BepiColombo".Planetary and Space Science. ج. 49 ع. 14–15: 1561–1570.Bibcode:2001P&SS...49.1561S.DOI:10.1016/S0032-0633(01)00093-9.{{استشهاد بدورية محكمة}}: صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
^Gallant, R. 1986.The National Geographic Picture Atlas of Our Universe. National Geographic Society, 2nd edition.
^Benz, W.; Slattery, W. L.; Cameron, A. G. W. (1988). "Collisional stripping of Mercury's mantle".Icarus. ج. 74 ع. 3: 516–528.DOI:10.1016/0019-1035(88)90118-2.{{استشهاد بدورية محكمة}}:الوسيط|تاريخ الوصول بحاجة لـ|مسار= (مساعدة)صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
^ابجدهSpudis، P. D. (2001)."The Geological History of Mercury".Workshop on Mercury: Space Environment, Surface, and Interior, Chicago: 100. مؤرشف منالأصل في 2018-10-05. اطلع عليه بتاريخ2008-06-03.
^ابجWagner, R. J.; Wolf, U.; Ivanov, B. A.; Neukum, G. (4–5 أكتوبر 2001). "Application of an Updated Impact Cratering Chronology Model to Mercury' s Time-Stratigraphic System".Workshop on Mercury: Space Environment, Surface, and Interior. Proceedings of a workshop held at The Field Museum. Chicago, IL: Lunar and Planetary Science Institute. ص. 106.Bibcode:2001mses.conf..106W.{{استشهاد بمنشورات مؤتمر}}: صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
^Van Hoolst، Tim (2003). "Mercury's tides and interior structure".Journal of Geophysical Research. ج. 108 ع. E11: 7.DOI:10.1029/2003JE002126.{{استشهاد بدورية محكمة}}:الوسيط|تاريخ الوصول بحاجة لـ|مسار= (مساعدة) والوسيط author-name-list parameters تكرر أكثر من مرة (مساعدة)
^Prockter, Louise (2005).Ice in the Solar System(PDF). Johns Hopkins APL Technical Digest. ج. Volume 26. مؤرشف منالأصل(PDF) في 2009-09-03. اطلع عليه بتاريخ2009-07-27.{{استشهاد بكتاب}}:|المجلد= يحوي نصًّا زائدًا (مساعدة)
^ابRawlins، K (1995). "Exogenic Sources of Water for Mercury's Polar Ice".Bulletin of the American Astronomical Society. ج. 27: 1117.Bibcode:1995DPS....27.2112R.{{استشهاد بدورية محكمة}}:الوسيط author-name-list parameters تكرر أكثر من مرة (مساعدة)
^ابغلاف عطارد الجوّي."universe today" (الكون اليوم). لـ"فريزر كييْن". تاريخ الولوج: 24 - 04 - 2010."نسخة مؤرشفة". مؤرشف من الأصل في 2009-02-27. اطلع عليه بتاريخ2010-06-16.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link)
^الغلاف الخارجي لعطارد وبداياته وعلاقته بمجاله المغناطيسي وسطحه. لـ"Leblanc, F.; Chassefière, E.; Johnson, R. E.; Hunten, D. M.; Kallio, E.; Delcourt, D. C.; Killen, R. M.; Luhmann, J. G.; Potter, A. E.; Jambon, A.; Cremonese, G.; Mendillo, M.; Yan, N.; Sprague, A. L.". تاريخ الولوج: 24 - 04 - 2010.نسخة محفوظة 27 يناير 2022 على موقعواي باك مشين.
^Williams، David R. (6 يناير 2005)."Planetary Fact Sheets". NASA National Space Science Data Center. مؤرشف منالأصل في 2019-04-03. اطلع عليه بتاريخ2006-08-10.
^ابجدBeatty، J. Kelly (1999).The New Solar System. Cambridge University Press.ISBN:0521645875.{{استشهاد بكتاب}}:الوسيط author-name-list parameters تكرر أكثر من مرة (مساعدة)
^Christensen، Ulrich R. (2006). "A deep dynamo generating Mercury's magnetic field".Nature. ج. 444 ع. 7122: 1056–1058.DOI:10.1038/nature05342.PMID:17183319.
^Spohn، T. (2001). "The interior structure of Mercury: what we know, what we expect from BepiColombo".Planetary and Space Science. ج. 49 ع. 14–15: 1561–1570.DOI:10.1016/S0032-0633(01)00093-9.{{استشهاد بدورية محكمة}}:الوسيط author-name-list parameters تكرر أكثر من مرة (مساعدة)