وهو من قال بأنالماء أصل كل شيء، واكتشف عدداً من النظريات الهندسية.[17] رفض الأخذبالخرافات والأساطير، وقيل أنه تنبأبكسوف الشمس الكامل الذي حدث في 28 أيار من عام 585 قبل الميلاد.[18] كما حاول تحديد الأفلاك السماوية بالنسبة للأرض، فجعلالنجوم أقربها إلىالأرض، ثمالقمر وبعدهالشمس.[19]
يُعرف طاليس بابتعاده عن استخدامالأساطير لشرح العالم والكون، وشرح الأشياء والظواهر الطبيعية بدلًا من ذلك من خلالالنظرياتوالفرضياتالطبيعانية، في مقدمةللعلوم الحديثة. تبعه جميعفلاسفة ما قبل سقراط تقريبًا في شرح الطبيعة باعتبارها مشتقة من وحدة الكل شيء المستندة على وجود مادة نهائية واحدة، بدلًا من استخدام التفسيرات الأسطورية. اعتبرهأرسطو مؤسس المدرسة الأيونية وذكر فرضية طاليس التي تقول إن المبدأ المنشئللطبيعة وطبيعةالمادة هو مادةجوهرية واحدة:الماء.[20]
فيالرياضيات، استخدم طاليسالهندسة لحساب ارتفاعات الأهرامات وبُعد السفن عن الشاطئ. وهو أول شخص معروف يستخدم المنطقالاستنباطي ويُطبقه على الهندسة، وذلك باشتقاقه أربع بديهياتلمبرهنة طاليس. وهو أول شخص معروف يُنسب إليهاكتشاف رياضي.[21]
على الأرجح ولد طاليس في مدينةملطية قرابة منتصف العقد قبل الأخير منالقرن السابع قبل الميلاد،[22] وهو ما قدَّرهأبولودورس الأثيني في القرن الثاني قبل الميلاد،[23] وتعود أصوله البعيدة إلىفينيقيا كما نقلهيرودتس في القرن الخامس قبل الميلاد،[24] وأصوله الفينيقية هي ما دفعتتيم وايتمارش إلى الاعتقاد أن سبب تسميته «طاليس» هو إيمانه أنَّ الماء هو الشكل النقي للمادة، بينما «ثال» أو «طال» كما تُنقل إلى العربيَّة تعني ماءً فياللغة الفينيقية.[25] ترجمة طاليس المعروفة من المصادر التأريخية خالية من التواريخ العددية، وهذا لم يمنع المؤرخين من تقدير الأعوام استناداً على أحداث معروفة التاريخ وعلاقتها بالفيلسوف، ذكرهيرودتس مثلاً أنَّ طاليس استطاع التنبؤبالكسوف الشمسي في 28 مايو 585 ق.م،[26] ونقلديوجانس اللايرتي عن إرخأبولودورس الأثيني أنَّ طاليس توفِّي عن عمر 78 عاماً في الأولمبياد الثامن والخمسين، الذي يوافق من مصادر أخرى عامي 548 و545 ق.م، وعزى موته إلى ضربة شمسيَّة أثناء مشاهدة الألعاب.[27]
كتبديوجانس اللايرتي في «حياة الفلاسفة» نقلاً عنهيرودتس أنَّديوريسوديمقريطس اتفقا أنَّ طاليس هو ابن إكزامياس وكليوبولينا وينتمي كلاهما إلى عائلة نبيلة من أصول فينيقيَّة استقرَّت أولاً في مدينةطيبة.[28][29] يحمل أبوه اسماً من أصولكاريانيَّة، بينما تحمل أمَّه اسماً من أصول إغريقية.[24] لكنَّ أغلبيَّة الكتاب يقدِّمونه كمواطن ميليتي كما ذكر دياجونس.[28][29] في مصادر أخرى ذُكِرت كليوبولينا كمرافقته بدلاً من أمِّه.[30] تتضارب المصادر حول زواجه، فتنص إحداها أنَّه أنجب ابناً، وتقول أخرى أنَّ ابنه هو في الواقع ابن أخيه/اخته بعد أن تبنَّاه وأنَّه لم يتزوج طيلةَ حياته.[31]
احترف طاليس التجارة،[32] وزارمصر في إحدى فترات حياته، وتعلَّم هناكالهندسة الرياضيَّة.[33] مساهمات طاليس في الهندسة الرياضيَّة موثَّقة جيداً، وهو ما يجعله أوَّل رياضيّ إغريقي معروف، وهناك من المؤرخين الإغريق من عدَّه كذلك، في مقابل من يشير إلى شخصيات أخرى تسبقه في التاريخ ويُزعم مساهماتها في هذا العلم، لكن تظل هذه المزاعم مشكوكة في أمرها دون إشارة أكيدة إلى طبيعة الأعمال المنجزة.[34] من أعمال المؤرخين والعلماء الإغريق نعلم أنَّ طاليس قدم مساهمات في مجالات عديدة من ضمنهاالهندسة التطبيقية،[35] ولا نعلم عن أي أعمال كاملة ألفها طاليس، وكانت هناك شكوك أنَّه مؤلف «في الانقلاب الشمسي» و«في الاعتدال الشمسي» و«دليل الإبحار النجمي» لكن تم دحض هذه الشكوك منذ العصور القديمة.[36] اقتبس دياجونس في عمله المذكور سابقاً رسائل من تأليف طاليس، إحداها موجَّه إلى فيريسيدس من سيروس يعرض عليه مراجعة كتابه حول الدين، ورسالةً أخرى إلىسولون يعرض عليه مصاحبته في رحلةٍ إلىأثينا، وهذا جلّ ما وصل إلينا من تأليفه مباشرةً.
يُقال أن طاليس حصل على ثروته من حصاد الزيتون بفضل توقعاته المناخيّة الصائبة، وفي إحدى السنين اشترى كلَّ بذور الزيتون بعد توقُّعه مناخاً ملائماً لحصاد الزيتون في تلك السنة،[37] وذكرأرسطو أن غرضه من ذلك ليس الثروة وإنما ليثبت للمواطنين أنَّ الفلسفة لها فائدة عملية وليس كما يظنُّ العامَّة.[38] وفقاً لديوجانس أيضاً عمل طاليس مستشاراً للمدينة، ونصح بتجنَّب صراعاً عسكرياً معليديا، وهو ما فسَّره بعض المؤرخين حلفاً بين المدينتين.[بحاجة لمصدر] ونسب هيرودتس إليه روايةً شكَّك هو في صحتها عن تمكينه الجيش الذي أرسلهكرويسوس ملك ليديا من عبورنهر هاليس (نهر قيزيل إرماك) عن طريق حفر مسار بديل للنهر قرب منبعه.[39]
وفقًالهيرودوت، توقع طاليس كسوف الشمس الحاصل في 28 مايو 585 قبل الميلاد.[40] وصف طاليس أيضًا موقع كوكبةالدب الأصغر، واعتقد أن هذه كوكبة قد تكون مفيدة كدليل للملاحة في البحر. حسب مدة السنة وتوقيتاتالاعتدالوالانقلاب الشمسي. يُنسب إليه أيضًا الرصد الأولللقلائص وحساب موضعالثريا.[41] يشيرفلوطرخس إلى وجود عمل، علم الفلك، في عصره (نحو 100 م) مكتوب في أبيات شعرية ومنسوب إلى طاليس.[42]
كتب هيرودوت أنه في السنة السادسة من الحرب، خاض الليديون تحت قيادة الملكألياتسوالميديون تحت قيادةسياخريس معركة غير حاسمة تحول في أثنائها النهار فجأةً إلى ليل، ما أدى إلى وقف كلا الطرفين القتال والتفاوض على اتفاقية سلام. يذكر هيرودوت أيضًا أن طاليس تنبأ بزوال ضوء النهار. لكنه لم يذكر مكان المعركة.[43]
بعد ذلك، بسبب رفض ألياتس التخلي عن ملتمسي حمايته عندما طالب بهم سياخريس، اندلعت الحرب بين الليديين والميديين، واستمرت لخمس سنوات، بانتصارات متفاوتة. خلال ذلك، حقق الميديون انتصارات عديدة على الليديين، وحقق الليديون انتصارات عديدة على الميديين. وشملت كانت معاركهم الأخرى اشتباك ليلي واحد. ولكن، لم يميل الميزان لصالح أي من الأمتين، إذ وقعت معركة أخرى في السنة السادسة، وتحول في أثنائها، عند احتدام المعركة، النهار فجأةً إلى ليل. كان طاليس، الملطي، قد تنبأ بهذا الحدث، وحذر الأيونيين منه، وحدد لهم العام الذي حدث فيه بالفعل. عندما لاحظ الميديون والليديون التغيير، أوقفوا القتال، وحرصوا على الاتفاق على شروط السلام.[44]
ولكن، وفقًا لقائمةالملوك الميديين ومدة حكمهم التي ذكرها هيرودوت في مكان آخر، فقد توفي سياخريس قبل 10 سنوات من الكسوف.[45][46]
يخبرناديوجانس اللايرتي[47] أنالحكماء السبعة قد مُثلوا فيأرخونية داماسيوس فيأثينا نحو 582 قبل الميلاد وكان طاليس أول حكيم. لكن تؤكد القصة نفسها أن طاليس هاجر إلىميليتوس. وتذكر قصة أُخرى أيضًا أنه لم يصبح طالبًا فيالطبيعة إلا بعد مسيرته السياسية. ولكن رغم رغبتنا الشديدة في الحصول على تاريخ للحكماء السبعة، يجب أن نرفض هذه القصص والتاريخ المغري إذا أردنا أن نصدق أن طاليس كان من مواليد ميليتوس، وتنبأ بالكسوف، وكان معكرويسوس في الحملة ضدكورش.
تلقى طاليس دروسه من كاهنمصري. كان من المؤكد إلى حدٍ ما أنه من عائلة ثرية عريقة، من طبقة وفرت عادةً تعليمًا عاليًا لأطفالها. إذ لم يكن بإمكان المواطن العادي، ما لم يكن بحارًا أو تاجرًا، تحمل تكاليف جولة كبرى فيمصر، ولا التعاون مع المشرعين النبلاء مثلسولون.[بحاجة لمصدر]
يروي ديوجانس اللايرتي في كتابهحياة الفلاسفة البارزين، الفصل 1.39، عدة قصص عن شيء ثمين يُعطى للشخص الأكثرحكمة. في إحدى الرويات (التي ينسبها اللايرتي إلىكاليماخوس في كتابهإيامباكس)، يقول باتيكليس الأركادي في وصيته إن الإناء الثمين «يجب أن يُعطى لمن فعل الخير بحكمته». لذلك أُعطي لطاليس، ومُرر إلى جميع الحكماء، وعاد إلى طاليس مرة أخرى. لذا أرسله طاليس إلى معبد أبولو فيديديما، مع هذا الإهداء... «طاليس الملطي، ابن إكزامياس إلى دلفينيان أبولو بعد الفوز بالجائزة مرتين من جميع اليونانيين».[48]
استند الإغريق الأوائل، والحضارات الأخرى التي سبقتهم، غالبًا إلىالتفسيرات الفرادية للظواهر الطبيعية بالإشارة إلى إرادةالآلهةوالأبطالالمجسّمين. هدف طاليس بدلًا من ذلك إلى شرح الظواهر الطبيعية من خلال فرضيات عقلانية تشير إلى العمليات الطبيعية نفسها. افترض مثلًا أن الزلازل كانت نتيجة اندفاعات خارقة للطبيعة، أوضحها طاليس بافتراض أنالأرض تطفو على الماء وأن الزلازل تحدث عندما تهز الأمواج الأرض.[49][50]
كان طاليس من أتباع مذهب حيوية المواد[51] (اعتقد أن المادة حية، أي تحتوي على روح (أرواح)). كتب أرسطو (عن الروح 411 أ 7-8) عن طاليس: ...اعتقد طاليس أن كل الأشياء مليئة بالآلهة. افترض أرسطو أصل فكر طاليس حول امتلاك المادة أرواحًا عمومًا، فكر طاليس في البداية في حقيقة، بسبب تحريكالمغناطيس الحديد، أن حركة المادة تشير إلى أن هذه المادة حية.[52][53]
^"طاليس".الموسوعة العربية الميسرة. موسوعة شبكة المعرفة الريفية. 1965. مؤرشف منالأصل في 12 نوفمبر 2018. اطلع عليه بتاريخ كانون الأول 2014 م.{{استشهاد ويب}}:تحقق من التاريخ في:|تاريخ الوصول= (مساعدة)
^سوسان إلياس."طاليس".الموسوعة العربية. هئية الموسوعة العربية سورية- دمشق. مؤرشف منالأصل في 29 يناير 2018. اطلع عليه بتاريخ آذار 2015 م.{{استشهاد ويب}}:تحقق من التاريخ في:|تاريخ الوصول= (مساعدة)
^Plutarch (1952). "Solon". في Robert Maynard Hutchins (المحرر).Lives. Great Books of the Western World. Chicago: William Benton. ج. 14. ص. 66.
^de Bruin، Boudewijn؛ Herzog، Lisa؛ O'Neill، Martin؛ Sandberg، Joakim (2018)، Zalta، Edward N. (المحرر)،"Philosophy of Money and Finance"،The Stanford Encyclopedia of Philosophy (ط. Winter 2018)، Metaphysics Research Lab, Stanford University، مؤرشف منالأصل في 2019-03-18، اطلع عليه بتاريخ2019-04-05
^Fletcher، Colin R. (ديسمبر 1982)."Thales—our founder?".The Mathematical Gazette. ج. 66 ع. 438: 267.
^J J O'Connor and E F Robertson,Thales of Miletus, University of St Andrews [Retrieved 2016-06-16]"نسخة مؤرشفة". مؤرشف من الأصل في 2019-02-20. اطلع عليه بتاريخ2019-09-08.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link)
^Kirk, Raven, and Schofield (1962)."II".The Presocratic Philosophers. Cambridge University Press. ص. 76–99.
^Geoffrey Stephen Kirk, John Earle Raven, Malcolm Schofield – Les philosophes présocratiques : Une histoire critique avec un choix de textes, vol. 16, Fribourg, Saint-Paul, coll. « Vestigia », 1995 (ردمك978-2-204-05263-4)
^Herodotus translated by George Rawlinson."The Histories". مؤرشف منالأصل في 2020-11-12.
^Alden A. Mosshammer:Thales' Eclipse. Transactions of the American Philological Association, Vol. 111, 1981, pp. 145–155 (JSTOR)نسخة محفوظة 22 نوفمبر 2020 على موقعواي باك مشين.