شَيْخُ الْإِسْلَام هو لقب تشريفي أطلق على بعض العلماء البارزين فيالعلوم الشرعية، ممن توافرت فيهم مكانة علمية واجتماعية كبيرة. وقد اشتهر اللقب فيالمشرق الإسلامي، كما استُخدم في مناطق أخرى من العالم الإسلامي بدرجات متفاوتة.
بدأ ظهور لقبشيخ الإسلام بداية كشكلٍ من أشكال التكريم، بوممن لقبوا بذلك بهذا الاعتبارالبخاريوالأوزاعيوأحمد بن حنبل، تطوّر لقب «شيخ الإسلام» ليطلق إلى عالم حقق مكانة علمية واجتماعية كبيرة. أقدم استخدام بهذا الاعتبار ظهر في النصف الأول من القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي بين علماء خراسان،[2] وأول من حمل لقب «شيخ الإسلام» هو الفقيه الشافعيأبو عثمان الصابوني (ت: 449 هـ)، تلاه الفقيه الحنبليأبو إسماعيل الأنصاري (ت: 481 هـ)، الذي منحه الحنابلة في هرات (في أفغانستان حاليا)، يستنكرتاج الدين السبكي ذلك، ويذكر أن المجسمة فيهراة قد ضاقت ذرعًا بتلقيب الصابوني بشيخ الإسلام، فبدأوا ينسبون لقبه زورًا إلىأبي إسماعيلالأنصاري.[3][4]
كانابن تيمية قد مُنح هذا اللقب من أنصاره، لكن خصومه اعترضوا على ذلك.[2] من بينهمعلاء الدين البخاري.[5][6] غير أنابن حجر العسقلاني والذي كان يعتقد بتوبة ابن تيمية مما كان عليه قبل مماته، دافع عن منح اللقب لابن تيمية، قائلاً: «مكانته كإمام وشيخ، تقي الدين ابن تيمية، أوضح من الشمس. ولقبه بشيخ الإسلام ما زلنا نسمعه من الأفواه الطاهرة إلى اليوم، وسيبقى متداولًا إلى الغد».[7][8] كما أنابن قيم الجوزية، وهو فقيهحنبلي وتلميذ ابن تيمية (وقد لُقّب هو الآخر بشيخ الإسلام من معاصريه)، دافع عن استعمال اللقب له. ويُعرف كلٌّ من ابن تيمية وابن القيم بمعارضتهما آراء غالبية علماء المذاهب الأربعة (الحنفي،الشافعي،المالكي،الحنبلي) فيدمشق في عصرهما، وكذلك في عصور لاحقة.[9][10]
بعض المؤلفين جمعوا الأعلام الذين لقبوا بهذا اللقب منها كتاب «البدر التمام فيمن سمي بشيخ الإسلام».
في عهدالإلخانيين،وسلطنة دلهي،والتيموريين، كان اللقب يُمنح — غالبًا من قبل الحاكم — لكبار العلماء الذين اضطلعوا بوظائف متعددة، لكنهم لم يكونوا عادةً مفتين.[2]
فيسلطنة كشمير، طُبّق اللقب في عهدإسكندر شاه مير. فقد أسس منصب شيخ الإسلام تحت تأثيرمحمد الثاني بن محمود، الذي جاء إلى كشمير عام 1393م.[12] في الشام ومصر، كان اللقب يُمنح للفقهاء ذوي النفوذ وله دلالة تشريفية أكثر منها رسمية. وبحلول سنة 700 هـ/1300م في بلاد الإسلام الوسطى والغربية، ارتبط المصطلح بإصدار الفتاوى.
فيالعصر الأيوبي لم يُمنح هذا اللقب رسميًا -من قِبَل السُلطان- لأي عالم كما لم يظهر في مؤسسات الدولة منصب رسمي بهذه الصفة، ومن أشهر من حمل هذا اللقب ،ابن الصلاح والعز بن عبد السلام من الشافعية، وابن قدامة ومجد الدين بن تيمية (حفيده هو تقي الدين بن تيمية المشهور) من الحنابلة.
فيالدولة الصفوية، كان اللقب يعبر عن السُلطة القضائية الشرعية. وهكذا عرفت كل مدينة أو قرية «شيخ إسلام»، هو القاضي الذي يرأس المحكمة الشرعية التي تقضي بين الناس. وكان «شيخ الإسلام» يعيّن بأمرٍ مباشر من صدر الصدور (الوزير الأعظم أو رئيس الحكومة).
أطلق لقب «شيخ الإسلام» على المفتي الأكبر فيالدولة العثمانية، الذي كان يشرف على تسلسل هرمي من العلماء المعيّنين من قبل الدولة. وقد اضطلع شيخ الإسلام العثماني بعدة وظائف، منها: تقديم المشورة للسلطان في المسائل الدينية، إضفاء الشرعية على السياسات الحكومية، وتعيين القضاة.[13][14] وكان مقرهبالأستانة (إسطنبول). وقد نشأ هذا المنصب حين خص السلطانمحمد الفاتح المفتي بهذا اللقب سنة 1451 م، ثم أخذت مكانة المنصب تعلو حتى غدا منصبًا ذا وزن في عهد السلطانسليم الأول. وفي عهد السلطانسليمان القانوني، غدت مشيخة الإسلام مؤسسة إدارية وقانونية مهمتها إرساء القواعد الشرعية للسياسة السلطانية عبر فتاويها واجتهاداتها.[15] وقد اجمع المؤرخون على ظهور هذا المركز في عهد السلطانمحمد الفاتح،[16] وآخر من تولى مشيخة الإسلام بالدولة العثمانيةمصطفى صبري التوقادي ونفي من دولة الخلافة قبيل إسقاطها هو ووكيلهمحمد زاهد الكوثري.
معسقوط الخلافة سنة 1924، أُلغيت الوظيفة الرسمية لشيخ الإسلام العثماني، بعد أن كانت قد ضعفت بالفعل.[17] وبعدها في الدول القومية حل محل شيخ الإسلام العثماني منصبالمفتي الأكبر.[18]
^ابجداكتب عنوان المرجع بين علامتي الفتح<ref> والإغلاق</ref> للمرجعbosworth4
^ص271، 272 - كتاب طبقات الشافعية الكبرى للسبكي - إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم ابن عامر بن عابد شيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني - المكتبة الشاملة
^اكتب عنوان المرجع بين علامتي الفتح<ref> والإغلاق</ref> للمرجعbosworth3
^James Broucek (2013). "Mufti/Grand mufti". فيGerhard Böwering؛Patricia Crone (المحررون).The Princeton Encyclopedia of Islamic Political Thought. Princeton University Press.
^حسان حلاق؛ عباس صباغ (1999).المعجم الجامع في المصطلحات الأيوبية والمملوكية والعثمانية ذات الأصول العربية والفارسية والتركية (ط. الأولى). بيروت:دار العلم للملايين. ص. 133.
^أكرم كيدو.مؤسسة شيخ الإسلام في الدولة العثمانية.ترجمة هاشم الايوبي.منشورات جروس برس.طرابلس.لبنان.ط 1 1992.ـ
^إبراهيم محمد العلي (1421 هـ- 2000م).شيخ الإسلام أحمد بن تيمية رجل الإصلاح والدعوة. دمشق: دار القلم. ص. 39-40.{{استشهاد بكتاب}}:تحقق من التاريخ في:|سنة= (مساعدة)
^ابن ناصر الدين الدمشقي، تحقيق: زهير الشاويش (1400 هـ -1980م).كتاب الرد الوافر على من زعم أن من سمى ابن تيمية شيخ الإسلام كافر (ط. الأولى). بيروت - دمشق: المكتب الإسلامي. ص. 50 إلى 55.{{استشهاد بكتاب}}:تحقق من التاريخ في:|سنة= (مساعدة)