شمعون بيرس (بالعبرية: שמעון פרסإستماعⓘ، تلفظ:شمعون بيرس)؛ ولد في 2 أغسطس 1923 وتوفي في 28 سبتمبر 2016، سياسي إسرائيلي[10]، شغل منصبرئيس الدولة (وهو منصب فخري في إسرائيل) من 15 يوليو 2007 وحتى 24 يوليو 2014، كما تولّى رئاسة وزراءإسرائيل مرتين، الفترة الأولى من عام 1984 إلى 1986، والثانية لسبعة أشهر بين 1995 إلى 1996 بعد اغتيالإسحاق رابين.
انخرط مبكرا في الشأن العسكري، فكان مسؤولا في منظمةالهاجاناه الصهيونية المسلحة عن الموارد البشرية وشراء العتاد - وهو الدور الذي استمر بلعبه في مناصب لاحقة-، وعمل معدافيد بن غوريونوليفي أشكول من أهم الزعامات الصهيونية في فلسطين الانتدابية، وبعد تأسيس دولة إسرائيل عُيّن مدير عام وزارة الدفاع الإسرائيلية وعمره 29 عاما، فاهتم بتقوية العلاقات العسكرية مع فرنسا، فنسّق بيريس التعاون العسكري مع فرنسا للسيطرة علىقناة السويس التي كان الرئيس المصريجمال عبد الناصر قد أممها آنذاك فيما عُرفبالعدوان الثلاثي على مصر في أكتوبر 1956، كما سيّر العلاقة مع الحكومة الفرنسية مؤسسا للبرنامج النووي الإسرائيلي فيديمونة[10]وصناعات الفضاء الإسرائيلية والعمل من أجل تجنيد الاموال اللازمة لتحقيق هذه المشاريع.
لعب بيريس دورا محوريا في الحياة السياسية الإسرائيلية، فشارك بتأسيس مجموعة من الأحزاب وكان رئيسالحزب العمل لأطول مدة؛ 15 عاما من 1977 حتى 1992. وكان عضوا في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) لمدة 5 عقود، متقلدا عدّة وزارات ومناصب عليا في الدولة، كما أنه أحد مهندسي المفاوضات مع الفلسطينيين ومع الأردن.
ولد في فيشنيفا فيبولندا (أوروسيا البيضاء حسب الحدود الدولية الحالية) باسمشمعون بيرسكي (بالبولندية:Szymon Perski) (بالعبرية:שמעון פרסקי). كان أبوه تاجر أخشاب مقتدر أما أمه فكانت أمينة مكتبة ومعلمة للغة الروسية. هاجرت عائلته إلىفلسطين الإنتدابية في عام 1934 واستقرت في مدينةتل أبيب التي أصبحت في تلك الأيام مركزا لمجتمع المهاجرين الحركة الصهيونية اليهود. تعلم بيرس في مدرسة «غيئولا» في تل أبيب ثم واصل دراساته في المدرسة الزراعيةبن شيمن قرب مدينةاللد حيث انضم إلىحركة الشبيبة العاملة. ثم ساهم في إقامة القرية الاستيطانية (كيبوتس) «ألوموت» الواقع بين مرجبيسانوبحيرة طبريا عام 1940. وسرعان ما تقدم في حركة الشبيبة العاملة وأصبح أحد أمنائها. ومنذ العام 1943 أصبح مندوبحزب مباي في هذه الحركة، وقاد صراعا داخليا بين حركات أفرز غلبة مباي.[10]
في 1947 انضم إلى قيادةالهجاناه وكان مسؤولا عن شراء العتاد والموارد البشرية. في ذلك الحين عمل مع دافيد بن غوريونوليفي أشكول من أهم السياسيين الإسرائيليين واللذان أصبحا من كبار زعماء دولة إسرائيل بعد تأسيسها في مايو 1948، فانضم بيرس إلى مجموعة أنصار بن غوريون حيث يعتبره بيرس حتى اليوم راعيه السياسي.
في عام 1945 تزوج شمعون بيرتس من صديقته سونيا لفيت جلامن، التي تعرف عليها خلال دراسته في بن شيمن. أسسوا عائلتهم فيكيبوتس الوموت. ولد للزوجين ثلاثة أولاد: تسفيا فالدن، يونتان بيريز، ونحاميا بيرس مهندس، كما أنه جد لثمانية أحفاد وأبو جد لثلاثة.[11]
شرع بيريس بتعميق نشاطه العام عشيةحرب 1948 فبعد أن كلف بعدد من المهام في الهاغاناه وبعد إعلان قيام إسرائيل عين لفترة وجيزة رئيساً لخدمات سلاح البحرية، ومن ثم عين رئيساً لبعثة إسرائيل الديبلوماسية في الولايات المتحدة الأميركية عام 1949. وعينه ديفيد بن غوريون قائماً بأعمال مدير عام وزارة الدفاع الإسرائيلية العام 1952، ثم مديراً عاماً للوزارة في 1953 حتى العام 1959.[10]
كان بيريس من المقربين إلىبن غوريونوموشي ديان الذي شغل منصب رئيسأركان حرب الجيش الإسرائيلي، فتولًى بيريس منصب مدير قسم المشتريات في الجيش، واهتم بتقوية العلاقات العسكرية مع فرنسا، رغم عدم رضى وزيرة الخارجيةغولدا مائير عن هذا العمل. أظهر بيريس اهتماماً بتعميق العلاقات مع فرنسا في مجالات تطوير الصناعات العسكرية والأبحاث المتعلقة بالجيش والعمل من أجل تجنيد الأموال اللازمة لتحقيق هذه المشاريع.[10] ونجح بيرس نجاحًا باهرًا في الحصول على الطائرات المقاتلةميراج 3، وبناء المفاعل النووي الإسرائيلي (مفاعل ديمونة) من الحكومة الفرنسية. كذلك نظم بيرس التعاون العسكري مع فرنسا الذي أدّى إلى الهجوم علىمصر في أكتوبر1956 ضمنالعدوان الثلاثي.
خلال توليه منصب وزير الدفاع اهتم بيريس بتقوية الحركة الاستيطانية فيالأراضي الفلسطينية المحتلة العام 1967. ورشح نفسه من جديد لمنصب رئيس الحكومة في الانتخابات الداخلية العام 1977 لحزب العمل، إلا أنه خسر للمرة الثانية أمام منافسهرابين. ولكنه أصبح زعيماً لحزب العمل خلال العام نفسه عندما أعلن رابين عن انسحابه من ترشيح نفسه لرئاسة الحكومة، ودخل الكنيست التاسعة في المكان الأول لقائمة حزبه، وبدأ بإعادة تصحيح مؤسسات حزبه إثر الهزيمة الساحقة التي تعرض لها حزب العمل في انتخابات الكنيست لصالححزب الليكود بقيادةمناحيم بيغن. ونجح بيريس من التغلب على رابين في الانتخابات التمهيدية لحزب العمل استعداداً لإنتخابات الكنيست العاشرة والحادية عشرة والثانية عشرة. وتولى حكومة الوحدة الوطنية بين 1984 و 1986[10] وشاغلا منصب نائب رئيس الوزراء ووزير خارجيتها بين 1986 و 1988، وذلك على أساس التناوب بين حزبي العملوالليكود بزعامةإسحق شامير.
منذ العام 1954، وبصفته قائدًا عامًا في وزارة الدفاع، شارك بيريز في التخطيط لحرب السويس لعام 1956، متعاونًا مع فرنسا وبريطانيا. أرسل بيريز من قبلديفيد بن غوريون إلى باريس حيث عقد اجتماعات سرية مع الحكومة الفرنسية. وكان بيريز أحد المشاركين الرئيسيين في مفاوضات الاتفاق الإسرائيلي الفرنسي لشن هجوم عسكري. وفي نوفمبر من عام 1954، قام بيريز بزيارة لباريس حيث استقبله وزير الدفاع الفرنسيماري بيير كونيغ الذي أخبره أن فرنسا ستبيع لإسرائيل أي أسلحة ترغب إسرائيل بشرائها. وفي أوائل العام 1955، كانت فرنسا تشحن كميات ضخمة من الأسلحة إلى إسرائيل. وفي أبريل 1956، في أعقاب زيارة أخرى قام بها بيريز إلى فرنسا، وافقت فرنسا على عدم الأخذ بالإعلان الثلاثي لعام 1950 وتزويد إسرائيل بالمزيد من الأسلحة. خلال الزيارة نفسها، أعلم بيريز الفرنسيين أن إسرائيل قد اتخذت قرار الحرب ضد مصر في عام 1956. وطوال الخمسينيات من القرن العشرين، نمت علاقة متقاربة بشكل استثنائي بين فرنسا وإسرائيل اتسمت بتعاون غير مسبوق في مجالي الدفاع والدبلوماسية. وكمكافئة على عمله كمهندس لتلك العلاقة، مُنح بيريز بصفته قائدًا وسام جوقة الشرف الذي يعتبر أرفع وسام فرنسي.[12]
في بلدية سيفر، شارك بيريز في التخطيط إلى جانب موريس بورغ ماونوري وكريستيان بينياو وقائد أركان القوات الفرنسية المسلحة الجنرال موريس شال، ووزير الخارجية البريطاني سيلوين لويد ومساعده السير باتريك ديان. حشدت بريطانيا وفرنسا الدعم لإسرائيل لتشكيل تحالف ضد مصر. اتفقت الأطراف على شن إسرائيل لغزو ضد سيناء. ومن ثم ستتدخل فرنسا وبريطانيا زاعمتين بأنهما ستفصلان بين القوات المصرية والإسرائيلية المتحاربة وأنهما ستطلبان من الطرفين الانسحاب إلى مسافة 16 كيلومترًا عن جانبي القناة. ومن ثم ستحاجج فرنسا وبريطانيا، وفقًا للخطة، بأن سيطرة مصر على طريق بهذه الأهمية كانت شديدة الضعف وأنه يتعين وضعها تحت إدارة أنغلو فرنسية. في البداية وصف رئيس الوزراء البريطاني أنتوني إيدن الاتفاق في سيفر بأنه «أرفع أشكال الحنكة السياسية». ونجح الحلفاء الثلاثة، ولا سيما إسرائيل، بشكل رئيسي في تحقيق أهدافهم العسكرية المباشرة. إلا أن رد الفعل شديد العدائية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي إزاء أزمة السويس أرغم تلك القوى على الانسحاب، الأمر الذي أفضى إلى إخفاق الأهداف السياسية والاستراتيجية لكل من فرنسا وبريطانيا في السيطرة على قناة السويس.
كان بيريز عضوا في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) لخمسة عقود، فكان قد انتخب عضواً في دورات البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) الرابعة والخامسة من قبلحزب مباي، وأشغل منذ 1959 منصب نائب لوزير الدفاع بن غوريون ثمليفي أشكول. ولقد قام عملياً بإدارة هذه الوزارة بنفسه ما أدى إلى اصطدامه مع رئيس الاركانحاييم ليسكوف ورئيسالموسادايسار هرئيل.
ألزمهليفي أشكول بالاستقالة من منصبه فانضم إلى صفوف بن غوريون العام 1965م ليؤسسحزب رافي الذي تزعمه بن غوريون واشتغل بيريس بتنظيم الحزب، فدخل البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) السادس ممثلا هذا الحزب. قام عشيةحرب 1967 بالسعي من أجل تعيينموشي ديان وزيراً للدفاع في حكومة الوحدة الوطنية التي شكلها اشكول. ثم عاد للعمل على توحيد الحزبين عام1968 تحت اسمحزب العمل الإسرائيلي، وتولى منصب السكرتير الثاني لهذا الحزب بين 1968 و1969 وأصبح لاحقا زعيما له عام1977.[10]
بعد انتخابات البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) السابعة انضم إلى الحكومة كوزير بدون وزارة، انما مسؤولاً عن شؤون المهاجرين الجدد. ثم عين وزيراً للمواصلات بين 1970 و1974. ثم وزيراً للإعلام في دورة البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) الثامنة.[10]
ولما قررتغولدا مئير الاستقالة من رئاسة الحكومة رشح نفسه لرئاسة الحكومة منافساًاسحق رابين ونجح في الحصول على 46% من أصوات الناخبين في حزب العمل. عينه رابين وزيراً للدفاع في حكومته بناءا على اتفاق مسبق بينهما.
بين عامي 1984 و1988، شكل حكومة وحدة وطنية على أساس التناوب بين حزبي العملوالليكود[10] بزعامةإسحق شامير، متوليا منصبرئيس الوزراء في الفترة بين1984و1986 ثم متبادلا دور رئاسة الحكومة معإسحق شامير ليشغل منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية في الفترة بين 1986 و1988. وفي أثناء فترة رئاسته قام سلاح الجو الإسرائيلي بتنفيذ غارة على ضاحية حمام الشط في العاصمة التونسية، مستهدفة مقر القيادة العامة لمنظمة التحرير الفلسطينية فيما عُرف باسمعملية الساق الخشبية.
شغل بين عامي 1988 و1990 منصب وزير المالية. قاد المعارضة داخل البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) على رأس حزب العمل في الفترة بين عامي 1990 و1992، وبعد عودةحزب العمل للحكم عقب انتخابات 1992 عيّن بيريز مجدداً وزيراً للخارجية. فشرع في مفاوضات تمخضت عن توقيعاتفاقية أوسلو معمنظمة التحرير الفلسطينية في سبتمبر 1993، تقاسم بعدها جائزة نوبل للسلام مع رابينوياسر عرفات. وفي أكتوبر 1994 وقعمعاهدة السلام مع الأردن.
تفوقإسحق رابين على بيريس في زعامةحزب العمل الذي شكّل الحكومة عام 1992 قام رابين بتشكيل الحكومة الجديدة فعين بيريس وزيراً للخارجية، فنظم اتصالات معمنظمة التحرير الفلسطينية ومفاوضات أفضت إلىاتفاقيات اوسلو مُنح على إثرها هو ورابين وعرفات جائزة نوبل للسلام لعام 1994، وفي4 نوفمبر1995 تم اغتيال رئيس الوزراءإسحق رابين على خلفية إتفاقية السلام على يديغال عامير، وهويهودي متطرف، فتولى بيريس رئاسة الوزراء بالنيابة وأمسك بوزارة الدفاع، وفي في11 أبريل1996 أمر بعدوان عسكري شامل ضد لبنان سميعملية عناقيد الغضب في محاولة للقضاء على المقاومة، قصف فيه مدن لبنان بما فيها العاصمةبيروت، الأمر الذي وصل ذروته يوم الـ 18 من الشهر نفسه حين لجأ مئات اللبنانيين لمركز تابعلللأمم المتحدة في بلدةقانا هربا من القصف الإسرائيلي الذي ما لبث أن إستهدف المركز، وكانت حصيلته حوالي 250 قتيلا وجريحا مدنيا أكثرهم من الأطفال والنساء وكبار السن فيما عُرفبمجزرة قانا.
شغل بيريز منصب وزير التعاون الإقليمي بين يوليو 1999م حتى مارس 2001م، ثم عين وزيرا للخارجية ونائبا لرئيس الوزراءأرئيل شارون إلى أن استقال في أكتوبر 2002. عاد إلى منصب النائب الأول لرئيس الوزراء في يناير 2005، إلا أنه غادرحزب العمل في نفس العام بعد خسارته الانتخابات الداخلية أمامعمير بيرتز، والتحق بحزبكاديما. في أكتوبر 2007م انتُخبرئيساً لإسرائيل حتى يونيو2014 حيث خلفهرؤوفين ريفلين من حزبالليكود.[12]
تعرض بيريز في يناير 2016 لوعكتين في القلب في غضون عشرة أيام ونقل إلى المستشفى في المرتين. في13 سبتمبر2016، نقل إلىمستشفى تل هاشومير، قربتل أبيب، إثر تعرضهلجلطة في الدماغ. وصفت حالته الصحية لاحقاً بالمستقرة وبأنه لم يفقد الوعي.[13] وفي27 سبتمبر2016 طرأ تدهور جديد على حالته، كما تم استدعاء أفراد عائلته إلى المستشفى من أجل توديعه وإلقاء النظرة الأخيرة.[14] وتوفي في صبيحة يوم الأربعاء الموافق 28 سبتمبر 2016 في تمام الساعة 3:40 صباحا بتوقيت مدينة القدس في مركز شيبا الطبي في تل ابيب.[15]
بيريس كان يبلغ من العمر 13 عامًا في عام 1936
تمت مراسم دفنه في يوم الجُمعة30 سبتمبر2016م، حيثُ شارك في الجنازة 90 وفداً من 70 دولة في العالم بينهم 20 رئيساً، وعلى رأسهم الرئيس الأمريكيباراك أوباما والرئيس الفرنسيفرانسوا هولاند، وشاركَ أيضاً 11 رئيس وزراء و 20 وزير خارجية، ووصل رؤساء سابقون على رأسهم الرئيس الأمريكي الأسبقبيل كلينتون وكذلك رؤساء وزراء سابقين بينهمتوني بلير. كانت المُشاركة العربية في الجنازة محدودة نوعاً ما، حيثُ اقتصرت على ممثلين عن 6 دول عربيّة، فقد شارك في مراسم الدفن الرئيس الفلسطينيمحمود عباس ووفد قيادي فلسطين رفيع، ووزير الخارجية المصريسامح شكري، ومن سلطنة عمان السفيرخميس الفارس، ومن البحرين مبعوث وزارة الخارجية، ومنالمغرب مستشار الملك المغربي، ومن الأردن نائب رئيس الوزراءجواد العناني، ورفض النوّاب العرب فيالكنيست الإسرائيلي وعلى رأسهم النائبأيمن عودة المشاركة في الجنازة.[16]