وينتج عن الركود تدني وهبوط فيالإنتاج، وخلال فترة الركود الاقتصادي تنخفضالسيولة النقدية، وتعلن العديد من المؤسسات والشركات المختلفة إفلاسها، وبالتالي تقوم الشركات بصرف الموظفين والعمال، فيفقد كثير منالعمال والموظفين وظائفهم.
يمكن توضيح معنى الركود بأنه زيادة المعروض منالمنتجات مع ضعف القدرة الشرائية مما يؤدي إلى ارتفاع العرض مع انخفاض الطلب ومن ثم انخفاض ايرادات الصناعة والتجارة وبالتالي يؤدي إلى انخفاض قيمة الاستثمار وتزايد معدلات البطالة بالإضافة إلى آثار اجتماعية وسياسية سلبية.
في مقال نشرته صحيفةنيويورك تايمز في العام 1974، اقترح وكيل مكتب إحصاءات العمل جوليوس شيسكين عدة قواعد أساسية لتعريف الركود؛ حدد أحدُها ربعين متتاليين من النمو السلبي للناتج المحلي الإجمالي. مع مرور الوقت، لم تعُد القواعد العامة الأخرى تُؤخذ بالحسبان. يفضل بعض علماء الاقتصاد تعريف الركود بوصفه ارتفاعًا في معدل البطالة بمقدار 2-1.5 نقطة مئوية في فترة 12 شهرًا.[4]
في الولايات المتحدة، يُنظر عمومًا إلى لجنة تأريخ الدورات التجارية التابعة للمكتب القومي للأبحاث الاقتصادية على أنها السلطة المخوّلة بتحديد فترات الركود في الولايات المتحدة. يُعرّف المكتب القومي للأبحاث الاقتصادية، وهو منظمة أبحاث اقتصادية خاصة، الركودَ الاقتصادي على أنه: «انخفاض حادّ في النشاط الاقتصادي يسود كافة مناحي الاقتصاد، ويستمر لعدة أشهر، وعادةً ما يظهر أثرُه في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، والدخل الحقيقي، والتوظيف، والإنتاج الصناعي، ومبيعات الجملة والتجزئة». في جميع أنحاء العالم تقريبًا، يستند الأكاديميون، وخبراء الاقتصاد، وصانعو السياسات، والشركات إلى تعريف المكتب القومي للأبحاث الاقتصادية للتأريخ الدقيق لبداية الركود ونهايته.[5]
أما في المملكة المتحدة، يُعرَّف الركود عمومًا على أنه ربعين متتاليين من النمو الاقتصادي السلبي، بالنظر إلى الأرقام الموسمية المعدّلة مع كلّ رُبع للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي. لا يعتمد الاتحاد الأوروبي هذا التعريف، وبدلًا من ذلك يتبنّى عدة معايير أخرى، مثل معدل التوظيف، وحدّة التراجع في النشاط الاقتصادي.[6][7]
للركود العديد من السمات التي يمكن أن تحدث في نفس الوقت، ومنها انخفاضات في التدابير المتعلّقة بالنشاط الاقتصادي (الناتج المحلي الإجمالي) مثل الاستهلاك، والاستثمار، والإنفاق الحكومي، والصادرات الصافية. تعكس هذه المقاييس المستعجلة العوامل الأساسية الكامنة، كمستويات ومهارات العمالة، ومعدلات الادخار المعيشي لدى الأُسر، وقرارات استثمار الشركات، ومعدلات الفائدة، والخصائص السكانية، والسياسات الحكومية.
يذكر خبير الاقتصاد ريتشارد كو أنه في الظروف المثالية، يجب أن يشهد اقتصادُ الدولة الادخار الصافي في قطاع الأسر المعيشية، والاقتراض الصافي في قطاع الشركات، يصحب ذلك التوازن التقريبي لموازنة الحكومة، واقتراب صافي الصادرات من الصفر. عندما تصبح هذه العلاقات غير متوازنة، يمكن أن يحصل الركود داخل البلد أو يسبب ضغطًا يؤدي للركود في بلد آخر. غالبًا ما تُوضع خطط سياسات الاستجابة لدفع الاقتصاد إلى حالة التوازن المثالية هذه.[8]
خلال مراحلة الركود تنخفض القوة الشرائية لدي المستهلكين ويكون ذلك ملحوظاً من خلال تدني المبيعات لدى عدد كبير من المحال التجارية أو ما يسمى بتجار التجزئة، وبالتالي تنخفض طلبات المحلات التجارية من المصانع، وينعكس ذلك علي استثمارات المصانع مما يؤدي بدوره إلى تخفيض الإنتاج.وفي الوقت نفسه فإن أرباح المنشآتالصناعية تنخفض فتفقد قدرتها على دفع مرتبات عمالها وموظفيها بسبب تراجع الطلب على منتجاتها وهذا يجعلها تضطر إلى التخلي عن عدد كبير منهم، وهذه الخطوة من المصنعين تؤدي إلى نتيجة حتمية أخرى وهي زيادة معدلاتالبطالة مما يجعل تدني القدرة الشرائية لدى المستهلكين تتفاقم أكثر وهكذا تستمر النتائج السلبية لتبعات الركود في التوالي وبصورة أكبر سوءاً من سابقتها حتى يحدث ما من شأنه أن يقلب المعادلة ويعيد للأنشطةالاقتصادية حيويتها الإيجابية.
يرى بعضعلماء الاقتصاد أن هنالك عوامل نفسية كالتفاؤل والتشاؤم والتي لها دور حاسم في دفع الأفراد إلى اتخاذ قرارات بزيادة الإنفاق أوالادخار، كما أن هناكنظريات اقتصادية أخرى ترجع الركود إلى التغير الطارئ على التركيبةالسكانية نتيجة لزيادة المواليد أو الهجرات البشرية، فحينما تزيد نسبة المهاجرين إلى بلد ما أو تزيد نسبة المواليد في ذلك البلد فإن معدلات الإنفاق تزداد بسبب هذا النمو السكاني والعكس صحيح. بينما ترى نظريات اقتصادية أخرى أن حالة الاكتفاء لدى المستهلكين من منتج معينكالتلفاز أوالسيارة والثلاجة قد تكون سبباً في الركود الذي يصير إليه بسبب ذلك. وترىنظريات أخرى بأن هناك علاقة بين الركودوالدورة الاقتصادية، فخلال فترة الانتعاش الاقتصادي تحدث هناك طفرة كبيرة في مجال التصنيع وحينما تصل هذه الطفرة إلى ذروتها وتبدأ في التراجع يقل الإقبال على الاستثمار في الأصول الصناعية فيتراجع نشاطها عن معدلاته السابقة وتدخل في مرحلة الانكماش. وهذه الحالة شوهدت بوضوح في الازمة المالية العالمية2008 حيث أن الشركات الكبرى مثلشركة فورد وغيرها سرحت اعداد كبيرة من موظفيها مما يعني زيادةالبطالة.
حينما يضرب الركود بلداً من البلدان فإنه يسبب أضراراً بليغة لنسبة كبيرة من السكان فالموظفونوالعمال يفقدون أعمالهم مما يؤدي إلى انتشارالبطالة مع ما تقتضيه من الفقر والإحباط واليأس، وقد يضطر هؤلاء إلى اللجوء إلى المؤسسات الخيرية لتلقى الإعانات بسبب عدم قدرتهم على إعالة أنفسهم مما يسبب لهم الإذلال، ويفقد الكثير من العمال قدرتهم على دفع إيجارات منازلهم أو قروضها فيعرضهم ذلك لفقدانها. ويسبب الركود أيضاً تراجعاً في حالاتالزواج ونسبة المواليد فالشباب لا يستطيعون على الإقدام علىالزواج بسبب عدم قدرتهم على تحمل تكاليفه وتبعاته اللاحقة. وربما يؤدي تفاقم الركود وزيادة أمده إلى تغيير الكثير من القيم التي تسودالمجتمع بسبب شيوع قيم معينة سببها الركود. وحينما تعجزالحكومات عن مكافحة الركود فإن ذلك قد يؤدي إلى نشوء الاضطرابات والقلاقلالسياسية, وذلك لترسخ اعتقاد المواطنين بعجزالحكومة عن توفير حياة أفضل لأفراد المجتمع، والقيام بواجباتها المنتظرة. ورغم أن آثار الركود سلبية عند الغالبية العظمى من المجتمع، فإنها ليست كذلك عند الأغنياء، وأصحاب الوظائف الحكومية، فالركود بسبب ما يؤدي إليه من انخفاض الأسعار يمكنهم من تملكالأصول المالية كالمصانع والعقارات بأسعار أقل من قيمتها، وهي نفس الميزة التي يحصل عليها أصحاب المرتبات الثابتة من المهن المرتبطة بالحكومات، وهو ما يجعل قدرنهم الشرائية تكون أفضل من قبل.
يعتقد معظمالاقتصاديين أن الحكومات قادرة على منع حدوث الركود باتخاذ قرارات معينة تضمن استمرار قدرة أفراد المجتمع على الإنفاق ومنها مخصصات الضمان الاجتماعي وإعاناتالبطالة, كما يرى هؤلاءالاقتصاديين أن مقدرتهم على توقع الاتجاهات الاقتصادية التي ستسير إليها الدول يجعل حكومات هذه الدول قادرة على اتخاذ القرارات الكفيلة بمنع حدوث الركود.