خليج فنلندا ((بالفنلندية:Suomenlahti)؛ (بالإستونية:Soome laht)؛ (الروسية:Фи́нский зали́в) ؛ (بالسويدية:Finska viken)) هوخليج يقع شرقبحر البلطيق، ويمتد بينفنلندا (شمالاً)وإستونيا (جنوباً) وصولاً إلى مدينةسانت بطرسبرغ فيروسيا (شرقا). يُعد الخليجمصبنهر نيفا، ومن أهم المُدن التي تُطل عليه هُناكهلسنكيوتالين عاصمتي كُل منفنلنداوإستونيا على التوالي. تنتمي الأجزاء الشرقية من خليج فنلندا إلى المياه الإقليمية الروسية، وتقع بعض من أهم الموانئ النفطية الروسية في هاته المنطقة بالقرب من سانت بطرسبرغ (بما في ذلكبريمورسك). كان خليج فنلندا ولا يزال ذا أهمية إستراتيجية كبيرة لروسيا، حيث يُعد طريقا بحريا إلى مدينة سانت بطرسبرغ. يُعاني خليج فنلندا من بعض المشاكل البيئية خُصوصا فيمنطقته الضحلة، كما أن هاته المشاكل لها تأثير علىبحر البلطيق أيضا.
اكتُشفت العديد من المواقع القديمة على شواطئ الخليج، والتي يعود تاريخها إلى حوالي 9 آلاف سنة. بدأ البشر في استيطان هذه الأماكن بعد فترة وجيزة من انحسار الأنهار الجليدية خلالالعصر الجليدي وانخفاض مُستوى المياه فيبحر ليتورينا[الإنجليزية]. عُثر على بقايا حوالي 11 مستوطنة من حقبةالعصر الحجري الحديث عند مصبنهر سيسترا[الإنجليزية] فيلينينغراد أوبلاست، وذلك منذ سنة 1905. تضُم هاته البقايا رؤوس سهام وكاشطات مصنوعة منالكوارتز والعديد من أواني الطعام وآثار أُخرى، مما يدُل على اعتماد هؤلاء المُستوطنين على نشاط الصيد بدلاً من الأنشطة الزراعية أوتربية الحيوانات.[1]
لوحة تحت عُنوان "Overseas Guests" للرسامنيكولاس رويريتش رسمها سنة 1899
استعادت روسيا الجُزء الشرقي من الخليج بعد انتصارها فيحرب الشمال الكبرى خلال الفترة من 1700إلى 1721. في 16 مايو 1703، تأسست مدينة سانت بطرسبرغ عند مصب نهر نيفا بالقرب من نيين، وفي عام 1712 أصبحت سانت بطرسبرغ عاصمة لروسيا. بُنيت قلعة كرونشلوت على جزيرة اصطناعية بالقرب من جزيرة كوتلين في مايو 1704، بغرض حماية المدينة من الأسطول السويدي. بحلول عام 1705، بُنيت خمسة قلاع أخرى بالقُرب من مدينةكرونشتات. صُممت هذه التحصينات، التي أطلق عليها المُعاصرون «الدردنيل الروسي»، للسيطرة على الممر المائي في الخليج.[9]
في عام 1710، أُنشئت مدينتابيترهوفوأورنينباوم على الشاطئ الجنوبي لخليج فنلندا. في 27 يوليو 1714، وبالقُرب من شبه جزيرة هانكو، انتصرت البحرية الروسية على البحرية الإمبراطورية السويدية فيمعركة غانغوت.[2] انتهت الحرب الروسية السويدية سنة 1721 بموجبمعاهدة نيستاد، والتي استلمت بموجبها روسيا جميع الأراضي على طول نهر نيفا وخليج فنلندا، بالإضافة إلىإستلاندوليفونيا السويدية والجُزء الغربي منالبرزخ الكاريلي، بما في ذلك فيبورغ. بعد ذلك بسنوات، عادت فنلندا إلى السيادة السويدية.[10] استُؤنفتالحرب في الفترة (1788-1790)، ووقعتمعركة هوغلاند[الإنجليزية] في 6 يوليو 1788 بالقُرب منجزيرة غوغلاند[الإنجليزية]. كانت المعركة والحرب طفيفة نسبيًا وغير حاسمة، وأسفرت نتيجتها عن احتفاظ روسيا بأراضيها.[2]
أعلنت إستونيا استقلالها في 24 فبراير 1918، وخاضت بعدهاحرب الاستقلال. كانت الجمهورية قائمة حتى عام 1940 حين ضمها الاتحاد السوفيتي من جديد.[3] استعادت إستونيا استقلالها بعدتفكك الاتحاد السوفياتي سنة 1991.
في سنة 1978، بدأت أعمال تشييدسد سانت بطرسبرغ[الإنجليزية] بهدف حماية سانت بطرسبرغ من الفيضانات المُتكررة. توقف أعمال التشييد في أواخر الثمانينيات عند نسبة 60٪، وذلك بسبب مشاكل مالية مُتعلقة أساسا بتبعات تفكك الاتحاد السوفيتي. استُؤنف العمل فيه لاحقا سنة 2001 وقد اكتملت أعمال البناء في شهر أغسطس لسنة 2011.[14][15]
خليج فنلنداصورة بالأقمار الصناعية تُظهر الخليج متجمداً بالكامل في يناير 2003.
تُعد مياه خليج فنلندامياها ضحلة نسبيًا، وتبلغ مساحة هذا الأخير الإجمالية 30,000 كيلومتر مربع (12,000 ميل2).[16] يبلُغ طول الخليج (منشبه جزيرة هانكو إلىسانت بطرسبرغ) 400 كيلومتر (250 ميل)، بينما عرضُه يتراوح بين 70 كيلومتر (43 ميل) بالقُرب من مدخل الخليج و130 كيلومتر (81 ميل) عندجزيرة موشني[الإنجليزية]، فيما ينخفض العرض إلى 12 كيلومتر (7.5 ميل) عندخليج نيفا[الإنجليزية]. ينخفض عُمق الخليج كُلما اتجهنا من المدخل في اتجاه القارة، ويبلُغ مُتوسط العُمق 38 متر (125 قدم)، بينما يصل في أقصاه إلى 115 متر (377 قدم). لا يتجاوز عُمقخليج نيفا[الإنجليزية] 6 متر (20 قدم). يُعد مُعدل مُلوحة مياه الخليج منخفضا للغاية، حيث يتراوح بين 0.2 و0.3نسبة ألفية على السطح وبين 0.3 و0.5 ‰ بالقُرب من القاع، وهذا راجع بالأساس إلى التدفق الكبير للمياه العذبة من الأنهار، وخاصة مننهر نيفا. أما مُتوسط درجة حرارة المياه فهُو قريب من 0 °م (32 °ف) في الشتاء؛ وما بين 15–17 °م (59–63 °ف) على السطح و2–3 °م (36–37 °ف) في القاع، وذلك خلال فصل الصيف. يُمكن أن تتجمد بعض الأجزاء من الخليج خلال الفترة من أواخر نوفمبر إلى أواخر شهر أبريل، حيث يبدأالتجمد من الشرق ويمتد تدريجياً في اتجاه الغرب. يحدث التجمد الكامل عادةً بحلول أواخر شهر يناير، وقد لا يحدث أبدا خلال فصول الشتاء المعتدلة.[17] تتسببالرياح الغربية القوية والمُتكررة في حدوثأمواج عاتيةوفيضانات.[14][18]
يتوفر الساحل الشمالي للخليج على العديد من الخلجان الصغيرة والمُنحدرات، وعدد قليل من الخلجان الكبيرة (فيبورغ)وأشباه الجُزر (هانكووبورككالانيمي)، وهُو أيضا ساحل مُرتفع ومُتعرج، كما تنتشر عبره العديد من الكُثبان الرملية الوفيرة مع تواجد بعض منأشجار الصنوبر في بعض الأحيان.[14] أما الشواطئ الجنوبية للخليج فهي سلسة وضحلة، ويمتد جرف منالحجر الجيري على طول الساحل بأكمله، بارتفاع يصل إلى 55 متر (180 قدم).[1][19] ينتهي الخليج في الشرق بخليج نيفا، بينما ينتهي في الغرب من خلال اندماجه مع بحر البلطيق.
يحتوي الخليج على العديد من الجزر، وتُعدجزيرة كوتلين أكبرها، وتضُم هاته الأخيرة مدينةكرونشتادت التي يبلُغ عدد سكانها 42,800 نسمة. من بين الجُزر أيضا هُناك جزيرة بيريوزوفي، وجزيرة ليزي، وجزيرة مالي فيسوتسكي القريبة من مدينةفيسوتسك (يبلُغ عدد سكانها 1,706)، وهوغلاند، وجزيرة موشتشني، وجزيرة بولشوي تيوترز، وسومرز، ونايسار، وكيميتوون، وكوكار، وسيسكار، وجزر باكري، ...إلخ.[20]
ابتداء من سنة 1710، أنشأت روسيا 19جزيرة اصطناعيةمُحصنة في الخليج. كان الغرض الأساسي وراء إنشاء هاته الجُزر هُو صد الهجمات البحرية على روسيا، خاصة في سياقحرب الشمال العظمى في الفترة من 1700 إلى 1721. تشمل هذه الحصون حصن ألكسندر وحصن كراسنايا غوركا وحصن إينو وتوتليبين.[21]
في سبتمبر 2005، تم التوقيع على الاتفاقية الخاصة ببناءخط أنابيب الغازنورد ستريم 2 على بحر البلطيق، بحيث سيربط بين مدينة فيبورغ في روسيا ومدينةغرايفسفالد الألمانية. كان من المُتوقع أن يبدأ تشغيل الخط الأول في عام 2011.[31] اكتملت أعمال تشييد الخط الأول من نورد ستريم بحلول مايو 2011، وافتتح بعدها الخط في 8 نوفمبر.[32][33] افتُتح الخط الثاني في 8 أكتوبر 2012.[34]
يمكن إرجاع الكساد الحديث إلىشق الأنهار الكبيرة[الإنجليزية] خلالالعصر الحجري الحديث قبلالتجلد الرباعي.[35] أدت هذه الأنهار إلى تآكل الطبقات الرسوبية فوقدرع فينوسكانديان.[35] وقد تكون هذا التآكل على وجه الخصوص من مواد منالعصر الإدياكاري ومن الحجر الرملي خلالالعصر الكامبري.[35] مع تقدم التآكل، واجهت الأنهار طبقات أقوى منالحجر الجيري خلالالعصر الأوردوفيشي، مما أدى إلى تشكل مُنحدرات من الحجر الجيري في شمالإستونياوإنغريا.[35] بعد ذلك، تشكل المُنخفض من جديد من خلال نشاط الأنهار الجليدية.أدى تراجع هاته الأخيرة إلى تشكلبحر ليتورينا[الإنجليزية]، الذي كان منسوب مياهه أعلى بحوالي 7-9 أمتار من المُستوى الحالي لبحر البلطيق. منذ حوالي 4,000 عام، انحسر البحر وأصبحت المياه الضحلة في الخليج جُزرا.[36][37] أدى ارتفاعدرع البلطيق لاحقا إلى انحراف سطح الخليج، ما أدى بدوره إلى كون الشواطئ الشمالية القديمة للخليج أعلى بكثير من الشواطئ الجنوبية.[14]
جزر مالوسي في إستونيا هي واحدة من الأماكن الرئيسية التي تعيش فيها الفقمة الرمادية في خليج فنلندا.
يسود المنطقةمُناخ قاري رطب، يتميز بصيف معتدل إلى حار وبارد، وشتاء قاس أحيانًا مع كمية مُنتظمة من التساقطات المطرية. يُهيمن على الغطاء النباتي مزيج من الغاباتالصنوبريةوالنفضية والمُروج والمُنحدرات الغير مُشجرة على الساحل. تنتشر في هاته الغاباتأشجارالصنوبروالتنوبوالبتولاوالصفصافوالروان والحور الرجراج والألدرالشائع والرمادي. في أقصى الجزء الشرقي من الخليج، يتكون الغطاء النباتي لمناطق المُستنقعات أساسا منالبرديوالقصب، إلى جانب إلى النباتات المائية بالكامل مثل الزنابقالبيضاءوالصفراء والنباتاتالحادة. تشمل النباتات المائية في المياه الضحلة للخليجالروبياوالنياض الشوكي.[38]
مُجمع أوست لوغا متعدد الوسائط في شبه جزيرة سويكينسكي في منطقة كينغيسيبسكي في شمال غرب روسيا
تُعد الحالة البيئية لخليج فنلندا وخليج نيفا ونهر نيفا غير مرضية، حيث أن المنطقة تعرف تلوثا كبيرا بأيوناتالزئبقوالنحاسومبيدات الآفات العضوية الكلوريةوالفينولاتوالمنتجات البتروليةوالهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات. بدأ تنظيف مياه الصرف الصحي في سانت بطرسبرغ في عام 1979، وبحلول عام 1997 تم تنقية حوالي 74٪ من هاته المياه. ارتفع هذا الرقم إلى 85٪ في عام 2005، وإلى 91.7٪ بحلول عام 2008 ، واعتبارًا من عام 2009 كان من المتوقع أن يصل إلى 100٪ بحلول عام 2011 مع استكمال توسعة محطة المياه العادمة الرئيسية.[40] مع ذلك، وفي عام 2008، أعلنت الخدمة الفيدرالية في سانت بطرسبرغ أنه لا يوجد شاطئ في سانت بطرسبرغ يصلح للسباحة.[41]
انخفض محاصيل صيد الأسماك بحوالي 10 مرات بين عامي 1989 و2005. بصرف النظر عن التلوث، هناك سبب آخر لذلك هو الأعمال الهيدروليكية والهندسية. على سبيل المثال، أثر إنشاء موانئ جديدة في أوست لوغا وفايسوتسك وجزيرة فاسيليفسكي بشكل سلبي علىتفريخ الأسماك، كما أن أعمال استخراج الرمل والحصى في خليج نيفا بغرض استصلاح الأراضي أثر سلبا على مواقعتفريخ سمكالهف الأوروبي.[30]
أدى إنشاء سد سانت بطرسبرغ إلى التقليل من حجم التبادلات المائية بين خليج نيفا والجزء الشرقي من خليج فنلندا بنسبة 10-20٪، مما أدى إلى زيادة مستوى التلوث في هذا الخليج. كما أن التشبع بالمياه وما يرتبط به من تعفن النباتات يُمكن أن يُؤدي في النهاية إلىزيادة المغذيات في المنطقة.[42] تحولت بعض المناطق الضحلة بين سانت بطرسبرغ والسد إلىمُستنقعات مائية. من بين الأشياء التي تُثير القلق أيضًا توسيع موانئ النفط في الخليج،[42] وإنشاء مركز لمعالجة الوقود المستهلك من محطة لينينغراد للطاقة النووية.[43]
يعمل ميناءكرونشتاد حاليًا كنُقطة عبور لاستيرادالنفايات المشعة إلى روسيا عبر بحر البلطيق. تتكون هاته النفايات في الغالب منسادس فلوريد اليورانيوم المنضب، فيما تُنقل بعض هاته النفايات من سانت بطرسبرغ إلىنوفويورالسكوأنغارسك وغيرها من مُدن شرق روسيا. سيتم نقل نقطة العبور هذه من سانت بطرسبرغ إلى ميناء أوست لوغا، الذي يبعد حوالي 110 كيلومتر (68 ميل) غرب سانت بطرسبرغ، وداخلالمنطقة الأمنية الحدودية لروسيا[الإنجليزية]، وفقًا لما قررتهالحكومة الروسية سنة 2003. من المُتوقع أنه بعد اكتمال هذا الورش، أن تقل المخاطر البيئية في مدينة سانت بطرسبرغ.[44] من المُتوقع كذلك أن تكون أوست لوغا أكبر مركز للنقل والخدمات اللوجستية في شمال غرب روسيا.[45][46][47] ومع ذلك، تم الإبلاغ في عام 2015 عن تجميد بعض خطط البناء في أوست لوغا، ولم يبدأ بناء مُجمع أوست لوغا متعدد الوسائط، الذي من المُفترض أن يكون نقطة عبورللنفايات النووية.[48]
^"East Viru Klint".North Estonian Klint as a symbol of Estonian nature. Ministry of the Environment. مؤرشف منالأصل في 2009-11-12. اطلع عليه بتاريخ2009-10-06.