يكون الحديد في الحالة النقية وبمعزلٍ عن الهواء فيالظروف القياسية على شكل فلزّ ذي لون رمادي فضّي، وتكون سطوحه ناعمة وملساء. بالمقابل يؤدّي التماس مع أكسجين الهواء وبوجودالرطوبة إلى تفاعل الحديد وتشكيله طبقةً بنّيّةً محمرّةً منأكاسيد الحديدالمُمَيّهة، والتي تدعى بالاسم الشائع «الصَدَأ». على العكس من أكاسيد الفلزّات الأخرى القادرة على تشكيل طبقات أكسيدمُخَمِّلة، فإنّ صدأ الحديد يشغل حجمًا أكبر من الفلزّ ذاته، ما يؤدّي إلى تقشّر سطح الحديد عندما يصدأ، ويفتح المجال إلى صدأ طبقات جديدة، وهكذا دواليك. من الناحية الكيميائية للحديدحالتا أكسدة شائعتان، وهما الحديد الثنائي والحديد الثلاثي. يشترك الحديد في خواصّه العامّة مع خواصالفلزّات الانتقالية الأخرى، بما في ذلك عُنصرَي المجموعة الثامنة المتبقِّيَين:الروثينيوموالأوزميوم. يشكّل الحديد عددًا كبيرًا من المركّبات الكيميائية في مختلف حالات الأكسدة من −2 إلى +7؛ بالإضافة إلى تشكيل عددٍ منالمعقّدات التناسقية مثلالفِرّوسينوفِرّي أكسالات البوتاسيوموأزرق بروسيا، والتي لها عددٌ من التطبيقات المعروفة.
لا يوجد شكٌّ في أنّ الحديد كان واحدًا من العناصر المعروفة للإنسان القديم؛[1] إذ توجد أدلّة وشواهد تاريخية متنوّعة على استخدامه في مختلف الحضارات من عملياتالتنقيب الأثرية في مختلف أرجاء العالم؛ إلّا أنّ تلك الشواهد التاريخية تعدّ قليلةً نسبيًا بالمقارنة مع القطع الأثرية المصنوعة منالبرونز، أو تلك المصنوعة منالفلزّات النبيلة مثلالذهبوالفضّة. قد يعود ذلك إلى أنّ استخدام الحديد كان محدودًا في الفترات التاريخية القديمة، ومن جهةٍ أخرى لأنه عرضةٌللتآكل في الأجواء الرطبة،[1] لذلك فإنّ الكثير من تلك المُقتَنَيات المصنوعة من الحديد قد فَنِيَت مع مرور الزمن، ولم يبقَ إلا الضخم منها والمحفوظ ضمن ظروفِ خاصّةٍ.[de 1]
استُخدم هذا الرمز منذ القدم في بعض الثقافات للإشارة إلى الحديد، وهو مستخدمٌ أيضًا للإشارة إلى كوكبالمرّيخ.
قبل أن يتعلّم الإنسان في مختلف الحضارات القديمة استخراج الحديد منخاماته، كان الإنسان حتّى قبل بدايةالعصر الحديدي على تماسٍ مع الحديد من خلالالأحجار النَيزَكية المنتشرة على سطح الأرض فيعصر ما قبل التاريخ؛ إذ يعود تاريخ أقدم المنتجات الحديدية إلى الألفية الخامسة قبل الميلاد، وكانت مصنوعةً منالنيازك.[2] خُصِّصَ هذا النوع من الحديد لاحقًا باسم «الحديد النَيزَكِي»[ملاحظة 3]، وهو يتميّز بارتفاع محتوى عنصرالنيكل فيه (5-18%). ونظرًا لنُدرَته فقد كان الحديد النيزكي قيّمًا، وكان اسمه فياللغة الهيروغليفية المصرية يشير إلى هبوطه من السماء؛[de 2] وكان يستخدم في صناعةالأسلحة والأدوات اللازمةلطقوس فتح الفم، بالإضافة إلى استخدامه في صناعةالتمائم والحُلِي من جهةٍ أخرى.[de 3] وعُثِرَ فيمصر القديمة علىخَرَزٍِ للزينة مصنوعٍ من الحديد النيزكي، والتي تعود إلىحضارة جَرْزَة قرابة 3500 سنة قبل الميلاد.[1][3] كما عُثِرَ أيضًا علىخنجرٍ من الحديد النيزكي في قبرتوت عنخ آمون، وما أكّد مصدره النيزكي أنّ نسبة العناصر الكيميائية من الحديدوالكوبالتوالنيكل مماثلة لنسبتها في حجرٍ نيزكيٍّ مكتشفٍ بالقرب من تلك المنطقة، والذي ربما يكون هبط منزخّة شهبٍ قديمًا.[4][5][6]
عُثِرَ أيضًا في منطقةبلاد الرافدين على مكتشفاتٍ أثريّةٍ مصنوعةٍ من الحديد النيزكي؛ فبالقرب من مدينةأور عُثِرَ على خنجرٍ ذي نصلٍ مصنوعٍ من حديد نيزكي يعود إلىالحضارة السومرية قبل قرابة 3100 سنة قبل الميلاد.[de 2] بالمقارنة مع الأنواع الأخرى فإنّ الحديد النيزكي طريٌّ ومطواعٌ نسبيًا،وقابلٌ للسحب والطرق، ومن السهلتطريقه على البارد، لكنْ من السهل أنيتقصّف عند تسخيته، بسبب الارتفاع النسبي لمحتوىالنيكل فيه.[de 4]
بدأتعدين الحديد منذالعصر البرونزي الأوسط، ثمّ تطلّب الأمر مرورَ عدّة قرونٍ إلى أنْ حلّ الحديد مكان البرونز في صناعة العِدَد والأسلحة. لم تكن الحرارة الناتجة كافيةً لصهر الحديد، لذا فإنّ الجزء السفلي من المعدن الناتج يكون على شكل كتلةٍ إسفنجية، تعجُّ بالمسام الممتلئة بالرمادوالخبث. يعاد تسخين الحديد الناتج لتليينه وصهر الخَبَث، ثُمّ يُطرق مرارًا وتكرارًا لإزالة الخَبَث المنصهر، وناتج هذه العملية الطويلة والشاقّة هو «الحديد المطاوع»[ملاحظة 5]، وهو سبيكة مرنة ولكن ضعيفة نوعًا ما. تشيرالقطع الأثرية المُكتَشفة منآسيا الوسطىوبلاد الرافدينوبلاد الشام إلى أنّها مصنوعةٌ من الحديد المستخرج في فترة زمنية تقع بين 3000 إلى 2700 سنة قبل الميلاد.[1] إذ عُثرَ فيإشنونة -الواقعة حاليًا في العراق- على خنجرٍ ذي نصلٍ مصنوعٍ من حديدٍ خالٍ من النيكل، ما يشير إلى استخراجه من مصادرَ أرضيةٍ وليس من الأحجار النيزكية.[de 2][7][8]
عمود دلهي الحديدي مثالٌ على استخراج الحديد ومعالجته في الهند القديمة.
عَرَفالحيثيّون هذا الفلزّ أيضًا؛ إذ تشير الكتابات الأثرية في أرشيفبوغاز كوي إلى أنّ الحديد كان معروفًا أثناء حقبة الملك الحيثيأنيتا[ملاحظة 6] (قرابة 1800 سنة قبل الميلاد)؛[de 2] وتشير الاكتشافات إلى قيامالحيثيينبصهر الحديد في الفترة ما بين 1500 إلى 1200 سنة قبل الميلاد؛ وذلك في أفرانٍ يستخدم فيها منفاخٌ لضخّ الهواء خلال كومة من الحديد الخام المدفون فيالفحم.[9][10] في البداية صنع الحيثيون الحليّ من الحديد،[11] كماقايضوه مقابلالفضّة معالآشوريين في القرن الرابع عشر قبل الميلاد؛[2] وبذلك شاع استخدام الحديد في باقي مناطقالشرق الأدنى إلى حين سقوط إمبراطورية الحيثيين قرابة سنة 1180 قبل الميلاد في الفترة التاريخية التي تمثّل بدايةالعصر الحديدي.[1][de 1] تميّزت بداية العصر الحديدي بانهيارٍ متسارعٍ للحضارات والثقافات التي كانت سائدة في العصر البرونزي؛ وتزامنت المئوية الأولى من العصر الحديدي مع حلولالعصور المظلمة اليونانية، والتي هُدّمت فيها العديد من المدن وتضرّرت التجارة وتقطّعتطرقها، كما تراجع إنتاج الأدوات المعدنية تراجعًا كبيرًا. اختلف انتقال مناطق العالم القديم إلىالعصر الحديدي،فبلاد ما بين النهرين انتقلت كلّيًا للعصر الحديدي قرابة سنة 900 قبل الميلاد. ومع أنّمصر القديمة بدأت تنتج الحديد منذ وقتٍ مبكّرٍ، إلّا أنّالعصر البرونزي ظلّ مسيطرًا عليها حتّى الغزوالآشوري لها في سنة 663 قبل الميلاد، وقرابة سنة 500 قبل الميلاد أصبحتالنوبة منتِجَاً ومصدِّراً رئيساً للحديد.[12]
كما شهدت شبه القارة الهندية تطوّرًا في المعارف المتعلّقة بتعدين الحديد، إذ تشير بعض الدلائل إلى إنتاجالحديد المطاوع عن طريق صهر خاماته في الفترة الواقعة بين 1800 إلى 1200 سنة قبل الميلاد فيالهند؛[14] كذلك توجد إشارات إلى الحديد في النصوص الهندوسية مثلأتهارفافيدا[ملاحظة 10].[15] كما ظهرت بعد ذلك نماذج محسّنة ومطوّرة مثلالفولاذ الهندواني[ملاحظة 11] قرابة 300 سنة قبل الميلاد.[de 2] ففيجنوب الهندوسيريلانكا تمكّن الإنسان من إنتاج فولاذ مرتفع الجودة بصهر الحديد الخام والفحم والزجاج في بواتق حتّى ينصهر الحديد ويذيب الكربون.[16] انتقلت تلك الفكرة من الهند إلىالصين بحلول القرن الخامس الميلادي، ثم انتشر استخدام الحديد فيالصين في الفترة ما بين 700 إلى 500 سنة قبل الميلاد؛[17] وكانت طرائق وعمليات صهر الحديد قد وصلت إليها عبرآسيا الوسطى.[18] تمكن الصينيون من إنتاجحديد الصبّ أوّل مرّة في القرن الخامس قبل الميلاد.[19] عُثِرَ على أقدم الآثار المصنوعة من الحديد الصبّ في الصين في مقاطعةجيانغسو، واستخدمهالصينيون القدماء في مجال صناعة الأسلحة وفي البناء والزراعة.[20] استخدمتأفران الدَسْت[ملاحظة 12] في فتراتٍ عاصرتحقبة الممالك المتحاربة (403–221 سنة قبل الميلاد).[de 5] بقي استعمال الأفران اللافحة وأفران الدَسْت مُستمرًّا خلال حِقْبَتَيسُلالَتي سونغوتانغ الحَاكِمَتَين.[21][22]
تعود أقدم الآثار لاستخراج الحديد في المناطق اليونانية إلى قرابة 2000 سنة قبل الميلاد على شكلخَبَثِ في موقعهاغيا تريادا الأثري على جزيرةكريت.[de 2] انتشر استخدام الحديد فياليونان القديمة في نهاية القرن الحادي عشر قبل الميلاد، ومنها وصل إلىأوروبا.[de 6] تعدّ بعض المُقْتَنَيات منالحضارة الإتروسكانية والمُكتَشَفة بالقرب من قبورٍ في مدينةبولونيا الإيطالية واحدةً من أقدم المكتشفات الأثرية الأوروبية للحديد، وهي تعود إلى قرابة القرن التاسع قبل الميلاد.[de 7] يُقَسّم العصر الحديدي في وسط أوروبا إلى فترَتين زمنيَّتَين، وهماحضارة هالستات (من 800-450 سنة قبل الميلاد)وحضارة لاتين (بداية من 450 سنة قبل الميلاد).[de 1] ترافق انتشار صناعة الحديد في وسط وغربي أوروبا مع توسّعالقلط، ووفقًا للكاتبابلينيوس الأكبر كان استخدام الحديد شائعًا في حقبةروما القديمة.[1]
رسومات صينية تعود إلى القرن السابع عشر تظهر عمّالًا بالقرب من فرنٍ لافحٍ في أثناء إنتاج الحديد المطاوع.
أثناء فترةالعصور الوسطى طُوّرت طرائق إنتاج الحديد المطاوع؛ إذ انتشرتورشات الحدادة التي قامت بتحويلالحديد الغُفْل إلىالحديد الممتاز[ملاحظة 13]، وكان وقودالفحم النباتي أساسيًّا في تلك العمليّات.[23] تقدّمت صناعة الحديد أكثر وأكثرباختراعات المسلمين خلالالعصر الذهبي للإسلام، وشمل ذلك إنشاء مواقعَ لإنتاج المعادن. وبحلول القرن الحادي عشر انتشرت تلك المنشآت في الولايات الإسلامية كلّها منالأندلسوشمال أفريقيا غربًا إلىآسيا الوسطى شرقًا.[24] كما توجد دلائلٌ تشير إلى استخدام ما يشبهالفرن اللافح في عصريالدولة الأيوبيةوالمماليك.[25] حضّريعقوب بن إسحاق الكندي (ت 260هـ، 873م) أنواعًا من الحديد الفولاذ بأسلوب المزج والصهر، فقد مَزَج كمّيّة من الحديد المطاوع، وكمّيّة أخرى من الحديد الصلب وصهرهما معًا ثم سخّنهما إلى درجة حرارة معلومة بحيث نتج عن ذلك حديد يحتوي على نسبةٍ من الكربون تتراوح بين (0.5 و 1.5%)، ومع الوقت اكتشف الحدّادون أنّ الحديد المطاوع يمكن أن يتحوّل إلى منتجٍ أقوى بكثيرِ عن طريق تسخينه في وعاءِ يحتوي علىالفحم النباتي لبعض الوقت، ومن ثمّ غمره في الماء أو الزيت حتى يبرد، وبذلك اخترع المسلمون أحد أشهر أنواع الفولاذ في العصور الوسطى وهوالفولاذ الدمشقي، واستخدموه في صناعة السيوف، في الفترة من سنة 900 إلى سنة 1750.[26] أُنتِجَ هذا الفولاذ باستخدام بواتقَ بطريقةٍ تشبه الطريقة الهندية، ولكنه يحتوي على الكربيدات ما يجعل السيوف أكثر كفاءةً في القطع.[27][28]
ونتيجةً لنشاط الطُرُق التجارية ببن الشرق الأدنى والشرق الأقصى وصلت تقانات إنتاج الفولاذ إلى الصين؛ ففي القرن الحادي عشر صنع الصينيون الفولاذ عن طريق إزالةالكربون جزئيًا بطَرْق الحديد طَرْقًا متكرّرًا مع نفخ الهواء البارد.[29] واستمرّت الصين بتطوير تقانات إنتاج الحديد وبقيت مركزًا مهمًّا للصناعات المعدنية.[de 1] وصلت تقانات الأفران اللافحة وإنتاج الفولاذ والحديد الصب إلى أوروبا في وقتٍ متأخّر، إذ تعود أقدم قطع الحديد الصبّ هناك والتي عثر عليها في السويد إلى الفترة الزمنية ما بين سنتي 1150 و1300 للميلاد،[de 8] وفي القرن الخامس عشر ظهرت الحاجة إلى تطوير صناعة الحديد في أوروبا مع ازدياد الطلب على إنتاج المصبوبات الحديدية منالطلقات الكروية للمدافع.[de 9]
كانتأفران الحديد الخالص هي الوسيلة الشائعة المنتشرة لتعدين الحديد إلى حين ظهور الأفران اللافحة. بَلَغَ طولالأفران اللافحة في القرون الوسطى قرابة ثلاثة أمتار (عشرةأقدام)، وكانت مصنوعةً منطابوقمقاوم للنيران، أمّا الهواء اللازم لإيقاد النار فكان يُنفَخ يدويًابالكير. ومع أنه تطوّرَ تصميم الأفران اللافحة في العصور الحديثة، إلّا أنّها لا تزال تعمل على المبدأ نفسه الذي كان مستخدمًا في القرون الوسطى.[23]
مخطّط منشور في أواخر القرن التاسع عشر يبيّن كيفية استخراج الحديد.
يعدّأبراهام داربي الأول[ملاحظة 14] رائدًا في التأسيس لفكرة استخدام الأفران اللافحة العاملةبفحم الكوك لإنتاجحديد الصبّ وذلك بدلًا من الفحم النباتي، ففي سنة 1709 تمكّن داربي من تطوير أوّل فرنٍ من هذا النوع في مدينةبرمنغهام البريطانية.[30] أتاح تطوّر صناعة الحديد ووفرته وانخفاض ثمنه في انطلاقالثورة الصناعية، فقد أصبح -مع تطوّر عمليات استخراجه- متاحًا ورخيص الثمن، ما وفّر مادّة بناءٍ أوّليةٍ أساسيةٍ، فقد استخدم في بناء أوّلجسرٍ حديديٍّ في سنة 1778، وهو لا يزال قائمًا حتى الآن. بالإضافة إلى بناء الجسور استخدم الحديد أيضاً في بناءخطوط السكك الحديدية، والتي ساهم تمديدها في سرعة انتشار التطوّر والحداثة. استُخدِمَ كذلك في بناءالقواربوالسفن والأبنية والعمارات؛ بالإضافة إلى اسطواناتالمحرّك البخاري.[23]
يأتي الحديد في المرتبة الأولى من حيثوفرة العناصر الكيميائية فيالأرض (32.1%)،[33] مع وجود بعض المصادر التي تضعه في المرتبة الثانية بنسبة كتلية مقدارها 28.8%.[de 11] وهو يأتي في المرتبة الرابعة من حيث الوفرة فيوشاح الأرض بنسبة 4.70%،[de 12] وفي المرتبة الرابعة أيضًا من حيث الوفرة فيالقشرة الأرضية بنسبة 5.63%؛[34] أمّا فيمياه البحار والمحيطات فتبلغ نسبة الحديد المنحلّ 0.002 ميليغرام/الليتر فقط.[35]
الوفرة الكونية
قطعة معالجة سطحيًا من حجر نيزكي حديدي، وتبدو عليه بلّورات سبيكة الحديد والنيكل علىأشكال فيدمان شتيتن البلّورية.[ملاحظة 19].
يمثّلحديد السبخات[ملاحظة 24] إحدى الأشكال الطبيعية التي يمكن أن يعثر فيها على الحديد بشكلهالطبيعي، كما يمكن أن يُعثَر عليه أيضًا بشكلٍّ نادرِ في صخورالبازلت المتشكّلة منالصهارة الأرضية، والتي تلامست معالصخور الرسوبية الغنيّة بالكربون، ما أدّى إلى التقليل منانفلاتية الأكسجين الغازي عن طريق الارتباط على شكل مركّبات مع العناصر المكوّنة لتلك الصخور، ما أتاح المجال للحديد أن يتبلور. يُعرَف الحديد المتشكّل حينها باسم «الحديد الأرضي»،[ملاحظة 25] وهو نادر الوفرة، إذ توجد فقط بضع مواقع جغرافية حاوية عليه مثلجزيرة ديسكو[ملاحظة 26] غربي غرينلاند، وكيانساخا شمال شرقي روسيا.[43] لذلك ومن الناحية التصنيفية الجيولوجية وفقالجمعية الدولية للمعادن فإنّ الحديد الأرضي يصنّف ضمن المعادن.
على الرغم من وفرة الحديد في باطن الأرض، إلّا أنّ نسبته في تكوينالقشرة الأرضية تبلغ فقط قرابة 5% من الكتلة الكلّية لها، وهو مع ذلك يأتي في المرتبة الرابعة، بعد الأكسجين والسيليكون والألومنيوم في ترتيب العناصر في تلك الطبقة.[47] يتّحد معظم الحديد في القشرة الأرضية مع عددٍ من العناصر الأخرى على هيئةمعادن، والتي تشكّلخامات الحديد المختلفة. يعدّ الصنفالأكسيدي الحاوي على أشكال مختلفة منأكسيد الحديد من الأصناف المهمّة لتلك المعادن، ومن الأمثلة عليها كلّ منالهيماتيت[ملاحظة 34] (Fe2O3)والمغنيتيت[ملاحظة 35] (Fe3O4)والسيدريت[ملاحظة 36] (FeCO3)، بالإضافة أيضًا إلىالليمونيت[ملاحظة 37] (Fe2O3·n H2O)والغوتيت[ملاحظة 38] (FeO·OH)؛ وهي تمثّل أهمّخامات الحديد.[de 15] اقتصاديًا يُستخرَج الحديد بشكلٍ رئيسٍ من معادن الهيماتيت والمغنيتيت والسيدريت.[de 16]
يُستخرَجخام الحديد بشكلٍ رئيسيٍّ وفق أساليبالتعدين السطحي، كما هو الحال في منجمإل موتون[ملاحظة 45] فيبوليفيا؛ بالمقابل، فمن النادر تعدين الحديد من باطن الأرض، مثلما هو الحال فيمنجم كيرونا[ملاحظة 46] فيالسويد. لأسبابٍ تقنيةٍ واقتصاديةٍ، فإنّه من المفضّل لخامات الحديد التي ستوضع في الفرن اللافح أن تكون ذا مواصفاتٍ فيزيائية وكيميائية متجانسة. قبل الإدخال إلى الفرن اللافح تخضع الخامات إلى عمليات تحضير من معالجات صناعيّة متعاقبة، تتضمّن التكسير ثم الطحن إلى كُرَيّات صغيرة ثمّ الغربلة. يشكّل مسحوق خام الحديد الدقيق الناتج من المعالجات على هيئة قطع صغيرة، وإلّا فإنّه سيتسبّب بمشاكل تقنية نتيجة إعاقته تشكيل تيارات هوائية لافحة في الفرن.[de 18] تتضمّن الطرائق المستخدمة في تشكيل القطع الصغيرة من المسحوق عمليّتاالتلبيد[ملاحظة 47]والتحبيب[ملاحظة 48]، ويعتمد اختيار الطريقة على حجم الحُبَيبات؛ إذ تتطلّب عملية التلبيد أن يكون قطر الحُبَيبات أكبر من 2 ميليمتر، أمّا الحُبَيبات الأصغر فإنّها تخضع في العادة إلى عملية تحبيب.[de 19] يستخدم في عملية التحبيب مواد رابطة ضمن إضافات أخرى، والتي تُخلَط على هيئة مزيج ثم تقولَب على هيئة حُبَيبات تتراوح أقطارها بين 8 إلى 18 ميليمتر.[de 20] تُدخَل القطع الصغيرة من خامات الحديد علىدفعات بكمّيّات صغيرة إلى الفرن.[de 19]
في العصر الراهن يتطلّب إنتاج الحديد أو الفولاذ (الصلب) صناعياً عمليةً من مرحلتين؛ في المرحلة الأولىيُختزَلخام الحديد باستخدامفحم الكوك فيفرن لافح؛ ثم يُفصَل الحديد المصهور عن الشوائب الكبرى الموجودة في المزيج مثلمعادن السيليكات. تعطي هذه المرحلة سبيكةً من الحديد غنيّةً نسبياًبالكربون، وهي تسمّى «حديد غُفْل»[ملاحظة 51]. في المرحلة الثانية يُخفّض محتوى الكربون في الحديد الغُفْل ليعطي منتجاتٍ أخرى مثل «الحديد المطاوع» أو «الحديدالزهر» (أو حديد الصبّ) أو «الفولاذ» (أو الصُلْب).[58] يمكن إضافة فلزات أخرى في هذه المرحلة من أجل الحصول علىسبائك فولاذ مختلفة.[de 21]
الفرن اللافح[ملاحظة 52] هو نوعٌ من الأفران الصناعيةلصهر الفلزّات عموماً والحديد خصوصاً. تُمزَج خامات الحديد الأكسيدية منالهيماتيت (Fe2O3) أوالمغنيتيت (Fe3O4) معفحم الكوك؛ ثم تُدخَل الشحنة إلى الفرن اللافح من الأعلى.[de 21] هناك عدد من الشروط ينبغي توافرها في فحم الكوك المستخدم في لفرن اللافح، منها أن يكون صلباً بشكل كافٍ يمنع التفتت، وأن يكون نقيّاً خالياً من الشوائب مثلالكبريت.[ar 1]
تتعرّض الشحنة أثناء هبوطها إلى تيّارات ساخنة منغاز صناعي مكوّن من مزيج منأحادي أكسيد الكربونوالنتروجين، ممّا يؤدّي إلى تسخينها إلى درجات حرارة تتراوح بين 1600 إلى 2200 °س. يُخصَّص ذلك الغاز الصناعي في مجال التعدين باسم «غاز الفرن اللافح»[ملاحظة 53]؛ وهو ينشأ من نفث تيّارات من الهواء المُسخّن مسبقاً أسفل الفرن إلى درجة حرارة مقدارها 900 °س إلى المزيج، وذلك بكمّيّات كافية لتلفح الكربون وتحوّله إلىأحادي أكسيد الكربون:[58]
في مجال من درجات الحرارة بين 500-900 °س يحدث ما يدعى باسم «الاختزال غير المباشر»؛ وهو تفاعلاختزال بين أكاسيد الحديد المختلفة وأحادي أكسيد الكربون، وهو يسير وفق ثلاث مراحل إلى الوصول إلى عنصر الحديد الفلزّي:[de 21]
أمّا في مجال من درجات الحرارة يقع بين 900-1600 °س فيحدث ما يدعى باسم «الاختزال المباشر»، إذ يختزل فحم الكوك أكاسيد الحديد مياشرةً إلى الحديد:[de 21]
كما يستطيع فحم الكوك أن يختزل خام الحديد الموجود على تماسٍ معه في المناطق السفلية من الفرن اللافح مباشرةً إلى الحديد الفلزّي:[58]
صورة مقرّبة للحديد الخام، المعروف أيضاً باسمالحديد الغُفْل.
تضافصهارة منالحجر الجيري (كربونات الكالسيوم) أوالدولوميت (كربونات المغنيسيوم والكالسيوم) إلى الوسط، وهو عامل يساعد على التنقية والتنظيف ويساهم في التسهيل منالجريان)، ويساهم في إزالة المعادن السيليكاتية من الخامة، وإلّا فإنّها قد تتسبّب في انسداد فتحات الفرن. يساعد ارتفاع درجة حرارة الفرن علىالتفكّك الحراري للكربونات إلىأكسيد الكالسيوم، والذي يتفاعل بدوره معالسيليكا الفائضة ليشكّل ما يعرف باسم «الخَبَث»[ملاحظة 54]، والذي يتألّف بشكلٍ كبيرٍ منسيليكات الكالسيوم، بالإضافة إلى مكوّنات أخرى.[de 22] تكون درجات الحرارة السائدة في الفرن مرتفعة، بحيث يكون كلٌ من الحديد والخبث في حالة منصهرة، واللذان يُجمعان أسفل الفرن، ولكنّهما يكونان غير ممتزجَين، إذ أنّ كثافة مصهور الخَبَث أقلّ من كثافة مصهور الحديد، لذا تبقى طبقة الخبث على السطح، ممّا يسهّل من فصلها فيما بعد.[58]تُروى طبقة الخبث بالماء، ممّا يؤدّي إلىتَزَجُّجِهَا على شكل حُبَيبات دقيقة مثل الرمل. يمكن أن يُستخدَم الخَبَث المُستَحصل في إنشاء الطرقات، كما يضاف إلىالخرسانة؛ بالإضافة إلى استخدامه في مجال الزراعة من أجل تحسين خواص التربة الفقيرة بالمعادن.
يدعى الحديد الخام الناتج عن هذه المرحلة باسم «الحديد الغُفْل»؛ وهو يحوي وسطياً على 95% حديد، مع وجود كمَيَة مرتفعة نسبياً منالكربون تتراوح بين 4–5% وزناً، بالإضافة إلى وجودشوائب من عناصر مختلفة مثلالكبريت (0.01-0.05%)والمنغنيز (0.5-6%)والسيليكون (0.5-3%)والفوسفور (إلى 2%).[de 21]
غالباً ما يُستخدَم الحديد الخام (الحديد الغُفْل) الناتج من الفرن اللافح فيإنتاج الفولاذ فيمصانع الحديد. عند إزالة الشوائب من الحديد الغُفْل والإبقاء على محتوى كربوني يتراوح بين 2–4% يُستحصَل على ما يسمّى «الحديد الزهر» (أو «الحديد الصبّ»)[ملاحظة 55]؛ كما يمكن أن يُستحصَل علىالحديد الزهر المرن؛[de 23] وتُصَبّ تلك الأنواع فيالمسابك[ملاحظة 56] إلى منتجاتٍ حديديةٍ مختلفةٍ.[58]
يؤدّي ارتفاع محتوى الكربون إلى خواص غير محمودة للحديد مثل الهشاشة والتقصّف، لذلك يُعمَد إلى تخفيض محتوى الكربون في الحديد إلى حدٍّ أعظميٍّ مقداره 2%، وبالتالي يُستحصَل على سبيكةالفولاذ (والتي تدعى سبيكة «الصُلْب» في بعض الدول العربية مثل جمهورية مصر العربية). في حين أنّ تخفيض محتوى الكربون دون 0.5% يؤدّي إلى الحصول على ما يعرف باسم «الحديد المطاوع».[de 24] يمكن أن يُستخدَم الفولاذ الناتج عن العملية في صناعة المشغولات الحديدية المعدنية المختلفة عبر خضوعه إلى طيفٍ واسعٍ من المعالجات الهندسية، مثلالتشكيل على البارد[ملاحظة 57] أوالدَرْفَلة والتصفيح على الساخن[ملاحظة 58] أوالتطريق[ملاحظة 59] أوالتشغيل الآلي والمَكْنَنَة[ملاحظة 60] وغيرها. تخضع منتجات الفولاذ إلىمعالجات حرارية مختلفة بعد تطريقها إلى الأشكال المرغوبة. يساهمالتلدين (أو التخمير)[ملاحظة 61]، وهو عملية تسخين الفولاذ إلى درجات حرارة بين 700–800 °س ثم بالتبريد البطيء التدريجي، في جعل الفولاذ أكثر ليونة وأكثر قابلية للتشغيل.[59]
يمكن إجراء عملية الاختزال المباشر لخامات الحديد من أجل الحصول على الحديد، والذي يدعى حينها باسم «الحديد الإسفنجي»[ملاحظة 62]. يسود وفق هذه العملية تفاعلان كيميائيان، يتضمّن الأوّلالأكسدة الجزئيةالغاز الطبيعي عند درجات حرارة مرتفعة وبوجود حفّاز:
ثم يعالجخام الحديد بالغازات الناتجة عن التفاعل الأول داخل الفرن، ممّا يؤدّي إلى الحصول على كتلة إسفنجية من الحديد الصلب.
ووفق هذا الأسلوب تزالالسيليكا من الوسط باستخدام صهارة من الحجر الجيري.
يمكن اختزال خام الحديد وفق تفاعلالثرميت بمزج مسحوق أكسيد الحديد مع مسحوق من فلزالألومنيوم، كما هو موضّح بالتفاعل الكيميائي التالي:
لا يمكن تطبيق هذه الطريقة من أجل استحصال الحديد من خاماته الأكسيدية، إذ لا يعدّ هذا الأسلوب اقتصادياً، لأنّ كمّيّة الألومنيوم اللازمة لإجراء هذا التفاعل ستكون كبيرة. ولكن يستخدم هذا التفاعل على نطاق صغير نسبياً من أجل لحامخطوط السكك الحديدية.
يمكن الحصول على الحديد النقي مخبرياً بكمّيّات صغيرة من اختزال الأكسيد أو الهيدروكسيد النقيّ باستخدامالهيدروجين؛ أو بتشكيلخماسي كربونيل الحديد ثم تسخينه إلى درجة حرارة مقدارها 250 °س ليتفكّك إلى مسحوق حديد نقيّ.[50] يمكن بأسلوب آخر الحصول على مسحوق الحديد النقي من إجراءتحليل كهربائي لمحلولكلوريد الحديد الثنائي.[61]
للحديد أربعنظائرمستقرّة: حديد-5454Fe (بوفرةٍ طبيعية 5.845%)؛ وحديد-5656Fe (بوفرة طبيعية 91.754%)؛ وحديد-5757Fe (بوفرةٍ طبيعية 2.119%)؛ وحديد-5858Fe (بوفرةٍ طبيعية 0.282%). بالإضافة إلى وجود أربع وعشروننظيراً مشعّاً للحديد مع وجود ستّةمُصَاوغات نووية، وجميعها لها أعمار نصف تقع بين 150 نانوثانية و8.275 ساعة.[62] يعدّ النظير حديد-54 من النظائر المستقرّة للحديد، وعلى الرغم من ذلك، فقد لوحظ لهاضمحلال إشعاعي على هيئةاضمحلال بيتّا المضاعف، ولكن بعمر نصف طويل، وهو 3.1×1022 سنة، حيث يضمحلّ إلىنظير الكروم54Cr.[63] يوجد هنالك نظيرٌ شبه مستقرٍّ للحديد وهو النظير حديد-6060Fe، والذي يبلغعمر النصف له قرابة 2.6×106 سنة.[64] لكنّهنادر الوجود في الكون، وهونظير منقرض فيالأرض؛ ولكنناتج اضمحلاله الإشعاعي متوفّر في الأرض على هيئةنظير النيكل60Ni.[63]
تبدينواة ذرّة نظير الحديد56Fe مقداراً كبيراً نسبياً مننقص الكتلة، وبالتالي تكون قيمةطاقة الارتباط لكلنُوَيّة مرتفعة، ممّا يعكس الاستقرار النسبي له؛ ولذلك يمثّل هذا النظير نهاية سلسلة توليد الطاقة في النجوم أثناءالتخليق النووي. يعدّ مقدار نقص الكتلة بالنسبة للنظير حديد-5656Fe الثالث من حيث الترتيب بالنسبة لنظائر العناصر الكيميائية، وذلك بعدنظير النيكل62Ni ونظير الحديد الآخر58Fe.[63][68]
مخطّط أطوار الحديد عند الضغوط العادية إلى المتوسّطة.
يظهر الحديد خاصّةالتآصل، وهي ظاهرة تتمثّل بتشابه التركيب الكيميائي مع اختلاف الشكل البلّوري، نتيجةً لاختلاف توزيع الذرّات فيالبنية البلّورية. يوجد الحديد عند الضغوط العادية إلى المتوسّطة في ثلاثة أطوار تآصلية، وهي مُرَمّزة بالأحرف الإغريقيةألفا (α-Fe)، وغامّا (γ-Fe)، ودلتا (δ-Fe). عندما يتبرّد مصهور الحديد دون نقطة تجمّده (1538 °س) فإنّه يتبلور إلى المتآصلدلتا (δ-Fe)، والذي يمتلك بنية بلّورية ذات نمطمكعّب مركزي الجسم[ملاحظة 70]؛ وعندما يترك ليبرد لدرجات حرارة دون 1394 °س فإنه يغيّر من شكله البلّوري إلى المتآصلغامّا (γ-Fe)، والذي يمتلك بنية بلّورية ذات نمط مكعّب مركزي الوجه[ملاحظة 71] (تبلغ قيمةثابت الشبكة البلّورية مقدار 364.7 بيكومتر)؛ ويعرف ذلك الطور أيضاً بالاسم «أوستنيت».[ملاحظة 72] عند درجات حرارة دون 910 °س تعود البنية البلّورية للحديد لتأخذ الشكل البلّوري المكعّب مركزي الجسم (تبلغ قيمة ثابت الشبكة البلّورية مقدار 286.6 بيكومتر)، ويُرمز للحديد حينها بالمتآصلألفا (α-Fe)، ويُعرف ذلك الطور أيضاً بالاسم «فيريت».[ملاحظة 73].[58][74][75] يكون الحديد من النمط ألفا (α) طريّاً نسبياً، وهو قادر على إذابة كمّيّة صغيرة من الكربون فيه، بنسبة عظمى تصل إلى 0.021% وزناً عند درجة حرارة مقدارها 910 °س.[76] أمّاالأوستنيت (النمط غامّا (γ)) فهو طري أيضاً بشكلٍ مشابه، ولكنّه قادر على إذابة كمّيّة أكبر من الكربون تصل إلى 2.04% وزناً عند درجة حرارة مقدارها 1146 °س. يُستخدَم هذا النمط من الحديد في إنتاجالفولاذ المقاوم للصدأ المستخدم في صناعة الأواني وتجهيزات المطاعم والمشافي.[77]
تتغيّر الخواص الفيزيائية للحديد عند قيم مرتفعة جدّاً من الضغط ودرجة الحرارة،[78][79] وذلك بشكلٍ مُحَاكٍ للظروف في جوف الأرض.[80] عندها تتغيّر البنية البلّورية من المتآصلألفا (α-Fe) إلى بنية ذاتتعبئة متراصّة، يُرمَز لها بالحرفإبسلون (ε-Fe).[81] توجد بعض النظريات التي تشير إلى وجود طور مستقرّ يُرمَز لهبيتّا (β)، والذي يسود عند ضغوط مرتفعة تفوق 50 غيغاباسكال وعند درجات حرارة تتجاوز 1500 كلفن، وتأخذ فيها البنية شكلنظام بلوري معيني قائم؛[82] إلا أن تلك النظريات خلافية، ولا يوجد إجماع علمي عليها، خاصّةً أنّ الرمزβ يُستخدَم في بعض الأحيان للإشارة إلى تغيّر الخواص المغناطيسية للحديد فوقدرجة حرارة كوري.[74]
في مجالٍ من درجات الحرارة دوندرجة حرارة كوري[ملاحظة 74]، والتي تبلغ 770 °س، تتغيّر خواص الحديدألفا (α-Fe) المغناطيسية منمغناطيسية مسايرة[ملاحظة 75] إلىمغناطيسية حديدية[ملاحظة 76]، وذلك يعود إلى تغيّراللفّ المغزلي[ملاحظة 77]للإلكترونَين غير المتزَاوِجَين في كلّ ذرّة واصطفافه بشكلٍ مماثلٍ للفِّ المغزلي للجوار، ممّا يؤدّي إلى تشكّلحقل مغناطيسي سطحي.[84][ar 2] وفي غياب حقل مغناطيسي خارجي يكون التوجّه فيحيّزٍ مغناطيسي[ملاحظة 78] ذي سماكة مقدارها 10ميكرومتر.[77] ما يدعم حدوث هذه الظاهرة أنّ هَذَين الإلكترونَين (dz2 و dx2 −y2) لا يتّجهان نحو باقي الذرّات المجاورة في الشبكة البلّورية، وبذلك فإنّهما غير مُنْخَرطان في تشكيلالرابطة الفلزّية.[74] إلّا أنّ تأثير ذلك الحقل المغناطيسي الداخلي يكون مقصوراً على الطبقة السطحية، إذ أنّ تنوّع التوجّهات يجعل المحصّلة الإجمالية للحقل المغناطيسي لقطعة الحديد بالكامل معدومةً. يؤدّي تطبيق حقلٍ مغناطيسيٍّ خارجيٍّ إلى التأثير على الحيّز المغناطيسي السطحي، ويوجّهه في نفس اتجاه الحقل المغناطيسي الخارجي، ممّا يؤدّي إلى تعزيزه على حساب الذرّات ذات التوجّه المختلف. تُستَغل هذه الظاهرة في الأجهزة التي تتطلّب نقل الحقل المغناطيسي من مؤثّرٍ خارجيٍّ، مثلالمحوّلات الكهربائية وأجهزةالتخزين المغناطيسيوالمحرّكات الكهربائية. يؤدّي وجودشوائب أوعيوب بلّورية أوحدود حُبَيبيّة داخل البنية إلى التأثير على توجّه الذرّات داخل الحيّز المغناطيسي، ويجعله ثابتاً، ممّا يؤدّي إلى استمرار التوجّه المنتظم حتّى بعد زوال الحقل المغناطيسي الخارجي، وذلك بالتالي يمكّن من الحصول علىمغناطيس دائم.[84]
تُفيّّم الخواص الهندسية للحديد وسبائكه باستخدام مجموعةٍ متنوّعةٍ من الاختبارات، مثلاختبار برينلواختبار روكويل وكلاهما لقياسصلادة الحديد،واختبار قوة الشد وغيرها؛ نتائج هذه الاختبارات على الحديد دقيقةٌ للغاية، بما يسمح باستخدام الحديد لمعايرة أو الربط بين نتائج الاختبارات المختلفة.[86] تعتمد نتائج تلك الاختبارات على درجة نقاء الحديد: فبلّورات الحديد في صورته النقية أكثر ليونةً منالألومنيوم، ومع إضافةبعض أجزاء من المليون من وزن سبيكة الحديد من عنصرالكربون، فإنّها تضاعف من قوّة الحديد.[87] تزداد الصلادةومقاومة الشد[ملاحظة 79] عند زيادة محتوى الكربون في سبيكة الحديد حتّى تصل نسبته إلى 0.2% من وزن السبيكة، وبعد ذلك يتزايد بمعدّلات أقلّ، ويصل إلى الذروة عندما يصل محتوى الكربون إلى 0.6% تقريبا من وزن السبيكة.[88] الحديد النقي المنتَج صناعياً (قرابة 99.99%) لديه صلادة تقدّر بـ 20-30 وفق اختبار برينل للصلادة.[89]
الحديد الغُفْل؛ وهو يحوي على نسبةٍ من الكربون تتراوح بين 4-5%، مع وجود شوائبٍ من عناصر مثلالكبريتوالفوسفوروالسيليكون. وهو ناتج وسطي أثناء إنتاج الحديد الزهر (حديد الصبّ) والفولاذ.[de 21] لسبيكة حديد الغُفْل نقطة انصهار تقع في المجال بين 1420–1470 كلفن، وهي بذلك أخفض من المكوّنَين الرئيسيَّين لها، ممّا يجعلها المنتَج الأوّل القابل للصهر عند تسخين الحديد والكربون (الفحم) مع بعضهما.[74]
حديد الزّهْر (أو حديد الصبّ)؛ ويحوي على نسبةٍ من الكربون تتجاوز 2.06%، مع وجود عناصر أخرى في السبيكة، مثل السيليكونوالمنغنيز، والتي يؤدّي وجودها إلى تحسينقابلية السبك[ملاحظة 80]. إنّ حديد الزهر صلدٌ جدّاًوقابل للتقصّف؛ وهو ليس سهلالتطريق، ولكنه سهلالسبك والصبّ.[de 27] يحوي «الحديد الزهر الأبيض»[ملاحظة 81] على الكربون في هيئة «السمنتيت»[ملاحظة 82]، وهو كربيد الحديد Fe3C.[90] وهو مركّبٌ صلدٌ وهشٌّ في ذات الوقت، وهو يهيمن على الخواص الهندسية لهذه السبيكة. بالمقابل، يؤدّي التبريد البطيء لمزيجٍ من الحديد مع 0.8% كربون من درجات حرارة دون 723 °س إلىدرجة حرارة الغرفة إلى الحصول على طبقاتٍ منفصلةٍ ومتناوبةٍ من السيمنتيت والحديد ألفا، وهو نمطٌ طريٌّ ومطواع، ويدعى «البرليت»[ملاحظة 83]. من جهةٍ أخرى، لا يتيح التبريد السريع المجال لحدوث ذلك النمط من الانفصال في الطبقات، بل يشكّل نمطاً يدعى باسم «مارتنسيت»[ملاحظة 84]، وهو نمطٌ صلبٌ وهشٌّ. يمكن معالجة الأنماط المذكورة بإعادة صهرها، وتغيير النسب بين البرليت والمارتنسيت من أجل الحصول على مزائج وفق الطلب.[90] أمّا «الحديد الزهر الرمادي»[ملاحظة 85] فيوجد فيه الكربون على هيئة ألواح دقيقة ومنفصلة منالغرافيت، ممّا يجعل هذه المادة هشّةً أيضاً، وذلك لأن الأطراف الصلبة والحادّة للغرافيت المسبّبة لوجود مواقع مرتفعةتركيز الإجهاد[ملاحظة 86] داخل بنية المادّة.[91] يمكن تحوير الحديد الزهر الرمادي إلى نمطٍ مستحدَثٍ يدعى «الحديد الزهر المرن»[ملاحظة 87]، والذي يعالَج بكمّيّات نزرة منالمغنيسيوم من أجل تغيير شكل الغرافيت إلى عُقَيدات، ممّا يقلّل بذلك من تركيز الإجهاد، ويزيد بشكلٍ كبيرٍ من شدّة ومتانة السبيكة.[91]
الحديد المطاوع؛ ويحوي على نسبةٍ ضئيلةٍ من الكربون أقلّ من 0.25%، ولكنّه بالمقابل يحوي على كمّيّةٍ كبيرةٍ منالخَبَث، الأمر الذي يمنحه بنيةً ليفيةً مميّزةً.[92] سبيكة الحديد المطاوع متينةوقابلة للسحب والطرق؛ وهو أكثر مقاومة للتآكل من الفولاذ العادي؛ ولكن بالرغم من ذلك فقد حلّالفولاذ الكربوني[ملاحظة 88] مكان الحديد المطاوع في استخداماته النمطية؛ وهو يحوي على نسبةٍ من الكربون أقلّ من 2.0%؛ مع وجود نسبةٍ صغيرةٍ من الشوائب مثل المنغنيز والكبريت والفوسفور والسيليكون.[93]
الحديد ذو تفاعلية كيميائية جيّدة، وهو الأنشط في مجموعته؛ وهوتلقائي الاشتعال عندما يكون على هيئة مسحوقٍ دقيقٍ جدّاً؛ كما يذوب بسهولة فيالأحماض الممدّدة ليعطي أيونات الحديدوز2+Fe وانطلاق غازالهيدروجين:[de 21]
ولكنه لا يتفاعل معحمض النتريك المركّز، وباقي الأحماض المؤكسدة، نتيجة لتشكل طبقة أكسيد حامية، ولكنّها بدورها تتفاعل معحمض الهيدروكلوريك.[74] يتأكسد الحديد في الهواء الرطب وفي الماء بسهولة، ويشكّل طبقةً منأكسيد هيدروكسيد الحديد الثلاثي المُمَيَّهَة، والتي تعرف بالاسم الشائع «صدأ». إنّ طبقة الصَدَأ مسامية وطريّة، لذلك فإنّها قابلة للانتشار لتغطّي كافّة جسم الحديد المتأكسد؛ وخاصّةً فيماء البحر أو المياه الحاوية علىثنائي أكسيد الكبريت. عند تسخين الحديد في الهواء الجافّ تتشكّل طبقةٌ منأكسيد الحديد الثنائي والثلاثي Fe3O4. على العكس من باقي أغلب الفلزّات لا يستطيع الحديد أن يشكّلملغمة معالزئبق؛ ولذلك فإنّه من الشائع استخدام حاويات من الحديد لتخزين الزئبق.[96]
يختلفجهد اختزال أيونات الحديد في المحاليل حسبحالة الأكسدة. فيما يلي قيم جهد الاختزال لأيونات الحديد الشائعة في الوسط الحمضي:[74]
Fe2+ + 2 e−
Fe
E0 = −0.447 V
Fe3+ + 3 e−
Fe
E0 = −0.037 V
FeO42- + 8 H+ + 3 e−
Fe3+ + 4 H2O
E0 = +2.20 V
يعدّ أنيونالحديدات (أو الفِرّات) مثالاً على وجود الحديد بحالة الأكسدة +6، ويوجد هذا الأنيون في المحلول بلون أحمر قرمزي، وهو ذو بنيةرباعية السطوح، وينتمي إلىالمؤكسدات القويّة، إذ يستطيع أن يؤكسدالنتروجينوالأمونيا عند درجة حرارة الغرفة، وحتى كذلك الماء في الأوساط المعتدلة أو الحمضية.[97]
عادةً ما يكون أيون الحديد الثلاثي3+Fe في المحاليل على هيئة سداسيهيدرات3+[Fe(H2O)6]، ويتغيّر موقعالرُبَيطات فيكرة التناسق مع تغيّرpH الوسط مع تحرّر أيوناتالهيدرونيوم، وذلك من الأيون3+[Fe(H2O)6] إلى الأيون2+[Fe(H2O)5(OH)]؛ ثم إلى الأيون+[Fe(H2O)4(OH)2]؛ كما يتشكّل الأيون2+4[Fe(H2O)4(OH)] أيضاً في تفاعلاتالتوازن الكيميائي تلك.[98]
بالمقابل، لا يدخل أيون الحديد الثنائي سداسي الهيدرات2+[Fe(H2O)6] ذو اللون الأخضر الشاحب في تفاعلاتٍ مماثلة، بالتالي لا يكون الوسط في أيونات الحديد الثنائي حمضياً، إذ عند إضافة أنيونالكربونات لا يتحرّرثنائي أكسيد الكربون، ولكن تحدث عمليةترسيب لمركّبكربونات الحديد الثنائي FeCO3. بوجود زيادةٍ من ثنائي أكسيد الكربون يمكن لمركّبالبيكربونات أن يتشكل، وتحدث هذه الظاهرة بشكلٍ شائعٍ فيالمياه الجوفية، ولكن سرعان ما يتأكسد الحديد الثنائي إلى الثلاثي ويترسّب أكسيد الحديد Fe2O3 من الوسط.[99]
أكسيد الحديد الثنائي والثلاثي Fe3O4 (أكسيد الحديد المغناطيسي)
تحوي ذرّة الحديد على 24 إلكتروناً، والتي تترتّب وفقالتوزيع الإلكتروني Ar;3d64s2، وتكون طاقة الإلكترونات 3d و 4s متقاربة، ممّا يمكّن من حدوثتأيّن عددٍ مختلفٍ من الإلكترونات.[90] بالرغم من ذلك، فللحديدحالتا أكسدة مفضّلتان عن غيرهما، وهما +2 و+3؛ وهما السائدتان في مركّباته اللاعضوية، ففي حالة الأكسدة +2 يشكّل الحديد مركّباتالحديدوز، وفي حالة الأكسدة +3 يشكل مركّباتالحديديك. يعدّ الحديد الرباعي شائعاً فيالمركّبات الوسطية في عددٍ من تفاعلات الأكسدة الكيميائية الحيوية.[de 21][100] من جهةٍ أخرى، يستطيع الحديد أيضاً أن يشكّل مركّبات كيميائية بحالات أكسدة عليا، مثل حالة الأكسدة +6 في مركّبحديدات البوتاسيوم[ملاحظة 94] القرمزي K2FeO4؛ أمّا حالات الأكسدة الأعلى من ذلك فهناك خلافٌ على حقيقة وجودها.[101] هناك عددٌ منمركّبات الحديد العضوية، والتي تتراوح فيها حالة أكسدة الحديد بين +1 أو 0 أو −1 أو حتى −2. غالباً ما تُحدَّد حالة أكسدة الحديدوالعدد التناسقي وخواص ارتباطه الكيميائي وفق تقنيةمطيافية موسباور.[102] يوجد عددٌ منالمركّبات مختلطة التكافؤ[ملاحظة 95] والحاوية على مراكز من الحديد الثنائي والثلاثي، مثلما هو الحال فيالمغنيتيت أو خضابأزرق بروسيا Fe4[Fe(CN)6]3،[de 21] والذي كان شائع الاستخدام سابقاً فيالطبعات الزرقاء.[103]
يشكّل الحديد عدداً منأكاسيد الحديد المختلفة، أكثرها شيوعاًأكسيد الحديد الثنائي FeO (أكسيد الحديدوز)،وأكسيد الحديد الثلاثي Fe2O3 (أكسيد الحديديك)،وأكسيد الحديد الثنائي والثلاثي Fe3O4 (أكسيد الحديد المغناطيسي)؛ مع وجود عددٍ من صيغ الأكاسيدغير المتكافئة.[104] من الممكن تحضير أكسيد الحديدوز؛ إذ يُستحصَل منالتحلل الكيميائي لمركّبأكسالات الحديد الثنائي FeC2O4، وهو مركّب ذو لون أسود، لكنّه غير مستقرّ عند درجة حرارة الغرفة، إذ من السهل عليه أن يتأكسد. أمّا أكسيد الحديديك فهو مسحوقٌ بلّوريٌّ ذو لون أحمر إلى بنّي، ويتكوّن عند أكسدة الحديد بوجود كمّيّة كافية منالأكسجين، وهو يوجد طبيعياً على هيئة معدَنيالهيماتيتوالمغهيميت.[ملاحظة 96] يحوي أكسيد الحديد الثنائي والثلاثي على الحديد في حالتي الأكسدة +2 و +3، وهو يتكوّن طبيعياً من النشاط البركاني في الأرض، وذلك على هيئة معدنالمغنيتيت. كما يمكن أن يتشكّل عند حرق الحديد بشكلٍ مباشر. تعدّ الأكاسيد المذكورة الأكاسيد الرئيسية في إنتاج الحديد، مثلما يحدث فيأفران الحديد الخالص أوالأفران اللافحة؛ كما تُستخدَم في إنتاج موادالفرّيت ووسائطالتخزين المغناطيسي وفي مجالالخُضُب. يمكن الحصول أيضاًأكسيد الحديد الرباعي FeO2، وهو أكسيد غير شائع للحديد.[105] لا تعدّ طبقة الأكسيد في الحديدمُخَمّلةَ، وذلك على العكس منالألومنيوم أوالكروم، وذلك لكونهامسامية، وهي قادرةٌ على إبطاء عملية الأكسدة، ولكنها لا تمنع من تأكسد الحديد بالكامل؛ ولذلك فإنّ عمليةتزريق الفولاذ[ملاحظة 97]، والتي تتضمّن تخميلاً جزئياً للفولاذ بتغطيته بطبقة من الأكسيد، لا تصون الحديد منالتآكل.[de 28]
يعدّ مركّبيوديد الحديديك حالةً خاصّةً، فهو غير مستقرّثرموديناميكياً، وذلك بسبب القوّة المؤكسدة لأيون3+Fe، وللقوّة الاختزالية المرتفعة لأيون اليوديد−I.[106]
عُرفَ مركّبكبريتات الحديد الثنائي FeSO4 قديماً باسمالزاج الأخضر، وذلك نظراً للونه الأخضر المميّز، وهو عاملمختزل جيّد. من جهةٍ أخرى، تكون محاليل مركّبكبريتات الحديد الثلاثي Fe2(SO4)3 ذات لون أصفر، ولذلك كان يعرف قديماً باسمالزاج الأصفر. لكبريتات الحديد الثلاثي تطبيقاتٍ عديدة، منها استخدامهمرسّخاً لونياً في عملياتالصباغة.
نظراً للبنية الإلكترونية المميّزة للحديد فهو قادر على تشكيل عددٍ معتبرٍ منالمعقّدات التناسقية؛ من الأمثلة النمطية على ذلك الأنيونسداسي كلورو الحديدات[ملاحظة 101]3−[FeCl6]، حيث يكون الحديد الثلاثي فيه ذاعدد تناسقي مقداره 6؛ وهو متضمّن في بنية المعقّدكلوريد رباعي (ميثيل أمونيوم) سداسي كلورو الحديدات[ملاحظة 102].[109][110] تشبه معقّدات الحديد الثلاثي نظيراتها منالكروم الثلاثي، مع وجود استثناء بتفضيل الحديد الثلاثيللرُبَيطات المانحة لذرةأكسجين عوضاً عن تلك المانحة لذرةنتروجين. إذ لا تعدّ معقّدات الحديد الثلاثي مع الرُبَيطات النتروجينية ذات ثباتية مرتفعة بالمقارنة مع معقّدات الحديد الثنائي، وغالباً ما تتفكّك في المحاليل المائية. تبدي معقّدات الحديد الحاوية على الرابطة Fe–O ألواناً شديدة، وغالباً ما تستخدم في اختبارات الكشف عنالفينولات أوالإينولات، مثلما هو الحال فياختبار كلوريد الحديديك للكشف عن الفينول، إذ يتفاعل كلوريد الحديديك مع الفينول ليشكل معقّداً ذا لون بنفسجي غامق.[111]
من بين المعقّدات معالهاليداتوالهاليدات الزائفة تعدّ معقّدات الحديد الثلاثي الفلورية الأكثر استقراراً، وخاصة معقّد2− [FeF5(H2O)] عديم اللون في الأوساط المائية. لا تتمتّع المعقّدات الكلورية بثباتية كبيرة، وتميل إلى تفضيل التناسق رباعي السطوح، كما هو الحال في معقّد− [FeCl4]؛ بالمقابليُختزَل معقّدا− [FeBr4] و− [FeI4] بسهولة إلى الحديد الثنائي. كما هو الحال معالمنغنيز الثنائي تمتلك أغلب معقّدات الحديد الثلاثي قيملفٍّ مغزليٍّ مرتفع،[ملاحظة 103] والاستثناءات تكون لتلك الحاوية على رُبَيطات واقعة في أعلىالسلسلة الكيميائية الطيفية مثلالسيانيد. من الأمثلة على معقّدات الحديد الثلاثي منخفضة اللفّ المغزلي معقّد3− [Fe(CN)6]، والذي يمتاز بسهولة انفصام رُبَيطات السيانيد فيه، ولذلك فهو معقّد سام، وذلك على العكس من معقّد الحديد الثنائي4−[Fe(CN)6] الداخل في تركيب خضابأزرق بروسيا؛[111] والذي لا يحرّرسيانيد الهيدروجين إلّا عندما يُمزَج مع أحماضٍ ممدّدة.[112] يعدّ خضاب أزرق بروسيا (فِرّوسيانيد الحديديك) من الأمثلة على معقّدات الحديد التناسقية الحاوية على الحديد الثنائي والثلاثي في البنية؛ فهو معقّد له الصيغة Fe4 [Fe(CN)6]3، ويُحضّر من تفاعل ملح للحديد الثلاثي معفروسيانيد البوتاسيوم K4 [Fe(CN)6].[de 21] على العموم فإن معقّدات الحديد الثنائي التناسقية أقلّ استقراراً وثباتية من نظيراتها من الحديد الثلاثي، إذ تميل إلى التأكسد إلى الحديد الثلاثي، ويمكن التقليل من ذلك بتخفيض قيمة pH الوسط وحسب نوعية الرُبَيطات الموجودة في المعقّد.[112]
يتفاعلحمض الثيوغليكوليك بوجود أيونات الحديد الثنائي أو الثلاثي ليشكّل معقّداً ذا لون أحمر داكن:[de 31]
أنبوب اختبار يحوي أبونات الحديد الثلاثي (يسار) إلى جانب المعقد مع الثيوسيانات (يمين).
تفاعل الكشف باستخدام الثيوسيانات
يمكن الكشف عن أيونات الحديد الثلاثي باستخدام أيونالثيوسيانات (المعروف أيضاً باسمالرودانيد[ملاحظة 115])، حيث يتشكّل مركّبثيوسيانات الحديد الثلاثي، ذا اللون الأحمر القانئ:
إنّ أكبر السلبيات التي تواجه الحديد النقي وأغلب سبائكه هو تشكّل طبقةالصدأ، والتي إن بقيت من غير معالجة، فإنها تسرّع منتآكل المنشآت، وتلك عملية تكلّف كثيراً في الاقتصاد العالمي.[74] تكون التفاعلاتالكيميائية الكهربائية في أثناء صدأ الحديد على الشكل التالي:[122]
المِصعَد:
المِهبَط:
التفاعل الإجمالي:
فيتشكّل بالتالي من أيونات الحديد الثلاثي وأيونات الهيدروكسيل الموجودة في الوسط مركّبهيدروكسيد الحديد الثلاثي Fe(OH)3، والذي يتحوّل إلىأكسيد هيدروكسيد الحديد الثلاثي FeO(OH) المميّهة:
والتي يمكن أن تتحوّل إلى أكاسيد الحديد الثنائي والثلاثي الموافقة:
بالنهاية تتشكّل طبقة من الصدأ وهي طبقة مشتركة من أكاسيد الحديد الثنائي والثلاثي لها الصيغة العامة:
إنّ الحديد النقي عديم الرائحة؛ إلّا أن الرائحة المميّزة لفلزّ الحديد تنشأ عند ملامسة الأشياء المصنوعة من الحديد، وذلك من التفاعل الكيميائي بين مكوّناتالعَرَق والطبقة الدهنية علىبشرة الجلد مع أيونات الحديد الثنائي على سطح الحديد.[de 34] أحد المركّبات المسؤولة عن رائحة الحديد النمطية هو1-أوكتين-3-أون[ملاحظة 118]،[123] وهو مركّبكيتوني غير مشبعذو رائحة حتّى في تراكيز منخفضة جدّاً.[de 35] توجد هناك مركّبات أخرى منالألدهيدات والكيتونات، والتي تنشأ منفوق أكسدة الليبيدات[ملاحظة 119].[de 36] تنشأ رائحة مشابهة عند دعكالدم على الجلد، لأن الدمّ يحوي أيضاً على أيونات الحديد الثنائي.[de 36]
يحوي جسم إنسان بالغ وسطياً على 0.005% (خمسة بالألف) من وزنه حديداً، وذلك يعادل قرابة أربعةغرامات؛ ويكون قرابة ثلاث أرباع تلك الكمّيّة على هيئة هيموغلوبين، وهي سويّة تبقى ثابتة على الرغم أنّ قرابة ميليغرام واحد من الحديد يُمتصّ يومياً من الجسم؛[127] لأنّ الجسميعيد تدوير الهيموغلوبين من أجل الحفاظ على محتوى الحديد فيه.[135]
وحدة هيم فيكربوكسي هيموغلوبين، حيث تقع ربيطةالكربونيل (ذرة الأكسجين باللون الأحمر) في الطرف المقابل لوحدة الهيستيدين الطرفي. يلاحظ وجود ذرّة الحديد المركزية باللون البرتقالي في المركز.[138]
يساهم الهيموغلوبين (خضاب الدم) في نقل الأكسجين فيكريات الدم الحمراء ويمنحها اللون الأحمر، ويقوم بنقل الأكسجين في الشرايين من الرئتين إلى العضلات، حيث يُحوّل هناك إلىميوغلوبين، والذي يُخزّن إلى حين الحاجة إليه من أجل الأكسدة الاستقلابيةللغلوكوز المولّدة للطاقة.[126] يرتبط الهيموغلوبين معثنائي أكسيد الكربون الناتج عن أكسدة الغلوكوز وينقله عبر الأوردة على هيئة أنيونبيكربونات عائداً إلى الرئتين، حيث يُطرَح معالزفير.[127] يقع الحديد في الهيموغلوبين في واحد من أربع مراكز منالهيم، ويكون الحديد فيهسداسي التناسق، بحيث يكون الحديد قادراً على تشكيل ستّروابط تناسقية: أربع روابط مع ذرّات نتروجين في حلقةالبورفيرين، ورابطة خامسة مع ذرّة نتروجين في حلقةإيميدازول في الحمض الأمينيالهستيدين الطرفي والمتوفّر من سلسلة جانبية من البروتين المرتبط بالهيم، ورابطة سادسة محجوزة ومخصّصة من أجل الارتباط مع جزيء الأكسجين.[127] عندما لا يرتبط الهيموغلوبين مع الأكسجين، والذي يدعى حينهاهيموغلوبين منزوع الأكسجين (ديوكسي هيموغلوبين)[ملاحظة 135] تكون أيونات الحديدوز2+Fe في مركز الهيم في حالة تشكيل إلكتروني مرتفع اللفّ المغزلي[ملاحظة 136]، ممّا يزيد من حجمها، بالتالي تصبح الفجوة في منتصف حلقة البورفيرين صغيرةً عليها، ممّا يؤدّي إلى نتوء أيونات الحديدوز بمسافةٍ مقدارها 55بيكومتر، وبالتالي إلى تغيّر الشكل الهندسي للجزيء، ممّا يؤدّي إلى حجب الموقع السادس المخصّص للأكسجين عبر الارتباط مع نتروجين من هيستيدين طرفي آخر.[127]
عندما يلتقط الهيموغلوبين منزوع الأكسجين جزيء أكسجين، فإنّ الهيستيدين الطرفي يتنحّى جانباً ويعود إلى موضعه عند الارتباط الوثيق لجزيء الأكسجين، والذي يشكّلرابطة هيدروجينية معه. ممّا يجعل أيون الحديدوز2+Fe في حالة تشكيل إلكتروني منخفض اللفّ المغزلي[ملاحظة 137]، وذلك يخفّض من الحجم الذي تشغله فراغياً بمقدار 20%، ممّا يمكّن من عودتها إلى الفجوة في منتصف حلقة البورفيرين، بالتالي يعود الشكل الهندسي للجزيء مستوياً مرّة أخرى.[127] بالإضافة إلى ذلك، فإنّ الرابطة الهيدروجينية المذكورة تساهم في إمالة جزيء الأكسجين، بحيث تصبحزاوية الرابطة Fe–O–O قرابة 120°، وذلك يجنّب تشكيل روابطجسرية مثل Fe–O–Fe أو Fe–O2–Fe، والذي قد يؤدّي وجودها إلى حدوث انتقال إلكتروني، أو إلى أكسدة الحديدوز إلى حديديك، أو إلى تَهَدّم سلسلة بروتين الهيموغلوبين، الأمر الذي يؤدّي إلى تغيّر شكل وحدات أخرى في الهيموغلوبين لتتشكّل بذلكألفة كيميائية تجاه الأكسجين، بالتالي عندما يقوم الهيموغلوبين منزوع الأكسجين بالتقاط الأكسجين فإنّ ألفته تجاه الأكسجين ستزداد، والعكس صحيح.[127] من جهةٍ أخرى، فإنّ جزيء الميوغلوبين يحوي على مجموعة هيم واحدة، بالتالي لا تحدث ظاهرة تأثّر الألفة بمجموعات الهيم الأخرى. لذلك فإنّ الهيموغلوبين يكون شبه مشبعاً بالأكسجين في المناطق مرتفعةالضغط الجزئي من الأكسجين والموجودة في الرئتين، ولكن بالمقابل تكون ألفته تجاه الأكسجين أقلّ بكثير من تلك التي للميوغلوبين، والذييتأكسج حتّى في ضغوط جزئية منخفضة من الأكسجين والموجودة في أنسجة العضلات.[127] يؤدّي وجودثنائي أكسيد الكربون في المحيط إلى التقليل من ألفة الهيموغلوبين إلى الأكسجين، كما هو معروف فيتأثير بور.[127] هناك بعض الجزيئات ذاتالتأثير السمّي على الإنسان، مثلأحادي أكسيد الكربون COوثلاثي فلوريد الفوسفور PF3، والتي تعود سمّيتها إلى ارتباطها إلى الهيموغلوبين بشكل أوثق من ارتباط الأكسيجن، ممّا يؤدّي إلى تثبيط عمليات نقل الأكسجين إلى خلايا الجسم. يدعى جزيء الهيموغلوبين عند ارتباطه مع أحادي أكسيد الكربون باسمكربوكسي هيموغلوبين.[ملاحظة 138] تحوي بروتيناتالسيتوكروم على مجموعات هيم، وهي تدخل في عملياتالأكسدة الاستقلابية للغلوكوز بالأكسجين؛ ويرتبط حينها الموقع السادس إمّا بنتروجين إيميداوزل أو بذرّةكبريت منميثيونين، ممّا يجعل من تلك البروتينات خاملةً بشكل كبير تجاه الأكسجين. يبقى الحديد عند الانتقال الإلكتروني في حالة لفٍّ مغزليٍّ منخفض، إلّا أنّحالة الأكسدة للحديد تتغيّر بين +2 و+3.[127] تعدّالبروتينات الحديدية الكبريتية ذات أهمية كبيرة، فهي تساهم في عملياتالانتقال الإلكتروني البَينيّة. تحوي هذه البروتينات علىتجمّعات عنقودية من ذرّات الحديد والكبريت، وذلك في بنىً معقّدة؛ وقد يصل عدد ذرّات الحديد فيها إلى ثمان ذرّات. أمّا أبسط تلك البروتينات فهوالروبردوكسين، والحاوي على ذرّة حديد واحدة متناسقة إلى أربع ذرّات من الكبريت.[127]
قَدّرَتالأكاديمية الوطنية للطب[ملاحظة 143] في الولايات المتّحدة الأمريكية (سابقاً تحت اسم المعهد الأمريكي للطبّ)[ملاحظة 144]معدّل الحاجة التقريبي[ملاحظة 145] من الحديد في سنة 2001؛[126] وذلك للنسوة بمقدار 7.9 مغ/اليوم بالنسبة للاتي أعمارهن بين 14-18 سنة؛ وبمقدار 8.1 مغ/اليوم للاتي أعمارهن بين 19-50؛ وبمقدار 5.0 مغ/اليوم للأسن من ذلك؛ أمّا الكمية المُوصى بتناولها[ملاحظة 146] للحوامل فهي مقدار 27 مغ/اليوم، وللمرضعات بمقدار 9 مغ/اليوم؛ وهي بالنسبة للأطفال الذين أعمارهم بين 1-3 سنة بمقدار 7 مغ/اليوم، وبين 4-8 سنة بمقدار 10 مغ/اليوم، وبين 9-13 سنة بمقدار 8 مغ/اليوم؛ أمّا بالنسبة للرجال فحُدِّد معدّل الحاجة التقريبي بمقدار 6.0 مغ/اليوم لمن تتجاوز أعمارهم 19 سنة، والكمّية الموصى بتناولها بمقدار 8.0 مغ/اليوم؛ مع العلم أنّ المستوى الأقصى المقبول[ملاحظة 147] بالنسبة للحديد هو مقدار 45 مغ/اليوم.[147] وضعتالهيئة الأوروبية لسلامة الأغذية[ملاحظة 148] مقادير ضابطة مقاربة لما هو متّبع في الولايات المتّحدة.[148][149]
قد يحتاج الأطفال الرضّع إلىمكمّلات الحديد، إن كان الإرضاع مصدرهحليب البقر.[150] من جهةٍ أخرى، قد يحتاجالمتبرّعون بالدم دورياً إلى تناول مكمّلات الحديد أيضاً.[151] تبلغ نسبة القيمة اليومية[ملاحظة 149] الكافية للحصول على المدخول الكافي من الحديد، والموضوعة على ملصقات المكمّلات الغذائية في الولايات المتّحدة مقدار 18 مغ.[152][153]
يعدّعوز الحديد (أو نقص الحديد)[ملاحظة 150] أحد أكثر أشكالسوء التغذية شيوعاً في العالم.[154][155] يحدث هذا النقص عندما لا تُعوّض كمّيّة الحديد في الجسم عبرمصدر غذائي ملائم، ممّا يؤدّي مع مرور الوقت إلى حدوث عوز كامن[ملاحظة 151] في البداية، والذي قد يتطوّر في حال عدم المعالجة إلىفقر الدم الناجم عن عوز الحديد[ملاحظة 152]، والذي يُشخّص بعدم وجود عددٍ كافٍ من خلايا الدم الحمراء، وبكمّية غير كافية من الهيموغلوبين (خضاب الدم).[156] باتّباع حميةٍ مناسبةٍ يمكن الشفاء من هذا المرض؛ وتكون أعراض هذا العوز في العادة متوسّطة الشدة، وفي حال عدم المعالجة يمكن أن يتسبّب ذلك بظهور مشاكل مثلاضطراب النظم القلبي، وبمضاعفات أثناء الحمل، وبتأخر النموّ عند الأطفال.[157]
يُضبَط مستوى الحديد في الإنسان صحيح الجسم بشكلٍ دقيقٍ عنداستقلابه، بحيث أنّ القسم الأكبر يعاد تدويره، ولا يُطرَح منه خارج الجسم إلا كمّيّات صغيرةٍ يومياً بسبب انسلاخ الخلاياالطلائية الظهارية والمخاطية الداخلية؛ بالتالي فإنّ ضبط مستوى الحديد في الجسم يحدث بضبط المأخوذ اليومي منه.[158] يحدث لدى البعض خللٌ في ضبط مستوى الحديد نتيجةاضطراب جيني فيالصبغي السادس، والذي يؤدّي إلى انخفاضٍ غير طبيعيٍّ في مستوى بروتينالهيبسيدين[ملاحظة 153]، وهو عاملٌ أساسيٌّ مهمٌّ في ضبط دخول الحديد إلىجهاز الدوران عند الثدييات.[159] بالتالي فإّن تناول كمّيّات فائضة من الحديد يؤدّي إلى حدوث حالةفرط الحديد[ملاحظة 154]، والتي تدعى طبياًداء الاصطباغ الدموي الوراثي[ملاحظة 155]؛[126] وهو داءٌ غير واسع الانتشار، ويصيب أقلَّ من 1% من السكان؛ ولكن بالرغم من ذلك ينبغي استشارة الطبيب بخصوص تناول مكمّلات الحديد.[160]
تحدث حالة التسمّم بالحديد عندما تتجاوز كمّيّة الحديد 20 ميليغرام لكل كيلوغرام من وزن الجسم؛ وتعدّ كمّيةٌ مقدارُها 60 ميليغرام لكل كيلوغرام من وزن الجسمجرعةً مُميتةً.[162] تزداد احتمالية الإصابة بالتسمّم خاصّةً لدى الأطفال تحت سنِّ السادسة من العمر؛[162] لذلك ينبغي أن لا يتجاوز المستوى الأقصى المقبول من مأخوذ الحديد مقدار 40 ميليغرام/اليوم.[163] عند حدوث حالة التسمّم بالحديد يوصى بتناول عامل مُمَخْلب مثلديفيروكسامين[ملاحظة 162]، والذي يعمل على حجز الحديد الفائض في الجسم.[161][164]
بالنسبةللسرطان قد يكون دور الحديد سلاحاً ذو حدّين، وذلك بسبب حضوره البارز في العمليّات غير المرضية.[168] فمن جهة، وبالنسبة للأشخاص الذي يتلقَّونعلاجاً كيميائياً فإنّ ذلك قد يطوّر حالة عوز الحديد وفقر الدم، وذلك قد يستلزم في بعض الأحيان اتباع علاج وريدي بالحديد؛[169] ومن جهةٍ أخرى، فإنّ فرط تناول الحديد يمكن أن يتسبّب بحدوث الأورام، ممّا يزيد من احتمالية الإصابة بالسرطان،[169] وخاصةسرطان القولون.[126]
يمكن للحديد أن يدخل الغلاف المائي البحري من البرّ عن طريق مصبّات الأنهار، أو بشكلٍ مباشرٍ من الغلاف الجوّي. عند دخول الحديد إلى المحيطات فإنه يتوزّع عبرأعمدة الماء من خلال الخلط ومن خلال إعادة التدوير على المستوى الخلوي.[174] أمّا في البحار القريبة من المناطق المتجمّدة فإنّالجليد البحري يقوم بدورٍ رئيسيٍّ في تخزين وتوزيع الحديد في المحيطات.[175] فيدورة الحديد يتغيّر شكل هذا العنصر من الأشكال المائية المذابة إلى الجسيمات الصلبة المعلّقة، وذلك يغيّر من قابلية التوافر الحيوي للوصول إلى الحديد.[176] تساعد زيادة الضوء والحرارة على زيادة كمّيّة الحديد على هيئة أشكال قابلة للامتصاص من الكائنات البحرية.[177]
الجسر الحديدي[ملاحظة 168] أقدم جسر مصنوع من الحديد الصبّ، والذي يعود تاريخ بنائه إلى ما بين سنتي 1779-1780.
يعدّ فلزّ الحديد أكثر الفلزّات استخداماً في تطبيقات الحياة اليومية، وهو يمثّل 90% من إنتاج الفلزّات العالمي؛ ولكن من النادر استخدامه على شكله النقي في التطبيقات العمليّة التقنيّة، خاصّةً أنّ المواصفات الهندسية للحديد النقي ليست جيّدةً بالشكل الكافي.[178]
صناعة السبائك
إنّ الاستخدام الأكبر والأوسع للحديد هو على شكلسبيكة مع الكربون، وذلك على هيئة سبيكةالفولاذ (أو الصلب) أو على هيئةحديد زهر (حديد الصب). يعود السبب في كثرة استخدام الحديد في المجال التطبيقي إلى وفرته الكبيرة نسبياً، ممّا يجعل من ثمنه رخيصاً نسبيّاً بالمقارنة مع الفلزّات الأخرى، بالإضافة إلى تميّز سبائك الحديد بمواصفاتٍ هندسيةٍ جيّدةٍ جدّاً من ناحيةالصلادةوالصلابة البنيويةوالمتانة عند السبك مع فلزّات أخرى، مثلالكروموالموليبدنوموالنيكل على سبيل المثال، ممّا يجعلها الخيار الأوّل في العديد من التطبيقات العملية.[de 38]
وردت كلمة حديد في عدة مواضع فيالقرآن الكريم، وهناك سورة في القرآن هيسورة الحديد ورد فيها إنزال الحديد من السماء، قال تعالى:﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ٢٥﴾ [الحديد:25]
نظراً لكونه من المواد التي عاصرها الإنسان منذ القدم، فإنّ الحديد يدخل في كثيرٍ منأساطير الشعوبوفلكلورها. فالشاعر الإغريقيهسيودوس[ملاحظة 175] أورد في قصيدةالأعمال والأيام لائحةً منعصور الإنسان مسماةً نسبةً إلى فلزّات مثل الذهب والفضة والبروزنز والحديد، للإشارة إلى العصور المتعاقبة لتاريخ البشرية.[186]
^يوسف مصطفى الحاروني (2018).قصة الحديد. وكالة الصحافة العربية. مؤرشف منالأصل في 2023-04-02.
^د . عائض بن سعد مرزن الشهري, محمد على خليفة الصالح, د . حسين محمد عبد الفتاح علي (2005).كيمياء العناصر الانتقالية. مكتبة العبيكان - الرياض. ص. 374.ISBN:9789960407364.مؤرشف من الأصل في 2023-04-02.{{استشهاد بكتاب}}: صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
^ابجدهFlorian Neukirchen (2016).Von der Kupfersteinzeit zu den Seltenen Erden – Eine kurze Geschichte der Metalle (بالألمانية). Springer-Verlag. p. 65.ISBN:978-3-662-49347-2.
^ابجدهوOtto Johannsen (1953). "Geschichte des Eisens".Auflage (بالألمانية).3: 6–45.
^Otto Johannsen (1975). "Eisen". In Eberhard Otto (ed.).Lexikon der Ägyptologie (بالألمانية). Wiesbaden: Harrassowitz. Vol. 1. pp. 1209–1210.
^Pigott, Vincent C. (1999).The Archaeometallurgy of the Asian Old World (بالألمانية). Philadelphia: University of Pennsylvania Museum of Archaeology and Anthropology. p. 191.ISBN:0-924171-34-0.
^ابWolfgang Bleck, Elvira Moeller (2017).Handbuch Stahl Auswahl, Verarbeitung, Anwendung (بالألمانية). Carl Hanser Verlag GmbH Co KG. p. 78,386.ISBN:978-3-446-44962-6.
^ابجدهوزحطييايبيجيديهHolleman, Arnold F.; Wiberg, Egon; Wiberg, Nils (1985). "Iron".Lehrbuch der Anorganischen Chemie (بالألمانية). Walter de Gruyter (published 1901). pp. 1125–46.ISBN:3-11-007511-3.
^Simone Franke (2019).Giesserei-Lexikon 2019 (بالألمانية). Schiele & Schoen. p. 181.ISBN:978-3-7949-0916-2.
^Martin Bertau, Armin Müller, Peter Fröhlich, Michael Katzberg, Karl Heinz Büchel, Hans-Heinrich Moretto, Dietmar Werner (2013).Industrielle Anorganische Chemie (بالألمانية). John Wiley & Sons. p. 252.ISBN:978-3-527-64958-7.{{استشهاد بكتاب}}: صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
^Krege, Carsten (1995).Die chemische Zusammensetzung unentwickelter Sterne der Spektraltypen A und F (Ph.D. thesis) (بالألمانية). Kiel: Inst. für Theoretische Physik und Astrophysik der Christian-Albrechts-Univ. p. 32, 55.OCLC:249690615.
^ابWolfgang Mücke; Christa Lemmen (2010).Duft und Geruch Wirkungen und gesundheitliche Bedeutung von Geruchsstoffen (بالألمانية). Heidelberg: ecomed-Storck GmbH. p. 76.ISBN:978-3-609-16436-6.OCLC:699897500.
^Walsh, Declan (2 Jun 2016)."King Tut's Dagger Made of 'Iron From the Sky,' Researchers Say".The New York Times (بالإنجليزية). Archived fromthe original on 2020-11-12. Retrieved2016-06-04.the blade's composition of iron, nickel and cobalt was an approximate match for a meteorite that landed in northern Egypt. The result "strongly suggests an extraterrestrial origin"
^Photos, E. (1989). "The Question of Meteoritic versus Smelted Nickel-Rich Iron: Archaeological Evidence and Experimental Results".World Archaeology (بالإنجليزية). Taylor & Francis, Ltd.20 (3): 403–21.DOI:10.1080/00438243.1989.9980081.JSTOR:124562.
^Muhly, James D. (2003). "Metalworking/Mining in the Levant". In Lake, Richard Winona (ed.).Near Eastern Archaeology IN: Eisenbrauns (بالإنجليزية). Vol. 180. pp. 174–83.
^Charles Burney (2004).Historical Dictionary of the Hittites. Historical Dictionaries of Ancient Civilizations and Historical Eras (بالإنجليزية). Scarecrow Press. pp. 135–136.ISBN:0-8108-6564-5.
^Richard A. Gabriel (2002).The Great Armies of Antiquity (بالإنجليزية). Greenwood Publishing Group. p. 75.ISBN:0-275-97809-5.
^Collins, Rober O.; Burns, James M. (1999).The History of Sub-Saharan Africa (بالإنجليزية). New York: Cambridge University Press. p. 37.ISBN:978-0-521-68708-9.
^Pigott, Vincent C. (1999).The Archaeometallurgy of the Asian Old World (بالإنجليزية). Philadelphia: University of Pennsylvania Museum of Archaeology and Anthropology. p. 8.ISBN:0-924171-34-0.
^Wagner, Donald B. (2003)."Chinese blast furnaces from the 10th to the 14th century"(PDF).Historical Metallurgy (بالإنجليزية).37 (1): 25–37. Archived fromthe original(PDF) on 2018-01-07. Retrieved2018-01-07. originally published inWagner, Donald B. (2001). "Chinese blast furnaces from the 10th to the 14th century".West Asian Science, Technology, and Medicine (بالإنجليزية).18: 41–74.DOI:10.1163/26669323-01801008.
^Wagner, Donald B. (1993).Iron and Steel in Ancient China (بالإنجليزية). Brill. pp. 335–340.ISBN:978-90-04-09632-5.
^Theodore A. Wertime (1961).The Coming of the Ages of Steel (بالإنجليزية). Brill Archive. p. 54.
^Golas, Peter J. (1999).Science and Civilisation in China: Volume 5, Chemistry and Chemical Technology, Part 13, Mining (بالإنجليزية). Cambridge University Press. p. 152.ISBN:978-0-521-58000-7.earliest blast furnace discovered in China from about the first century AD
^R. L. Miller (Oct 1988). "Ahmad Y. Al-Hassan and Donald R. Hill,Islamic technology: an illustrated history".Medical History (بالإنجليزية).32 (4): 466–7.
^Reibold M., Kochmann W., Goldberg R., Hauffe W., Levin A. A., Meyer D. C., Stephan T., Müller H., Belger A., Paufler P. (2004). "Nanowires in ancient Damascus steel".Journal of Alloys and Compounds (بالإنجليزية).372: L15–L19.DOI:10.1016/j.jallcom.2003.10.005.ISSN:0925-8388.
^Klingelhöfer, G.; Morris, R. V.; Souza, P. A.; Rodionov, D.; Schröder, C. (2007). "Two earth years of Mössbauer studies of the surface of Mars with MIMOS II".Hyperfine Interactions (بالإنجليزية).170 (1–3): 169–77.Bibcode:2006HyInt.170..169K.DOI:10.1007/s10751-007-9508-5.S2CID:98227499.
^Kong, L. T.; Li, J. F.; Shi, Q. W.; Huang, H. J.; Zhao, K. (6 Mar 2012). "Dynamical stability of iron under high-temperature and high-pressure conditions".EPL (بالإنجليزية).97 (5): 56004p1–56004p5.Bibcode:2012EL.....9756004K.DOI:10.1209/0295-5075/97/56004.
^Cloud, P. (1973). "Paleoecological Significance of the Banded Iron-Formation".Economic Geology (بالإنجليزية).68 (7): 1135–43.DOI:10.2113/gsecongeo.68.7.1135.
^Lux, H. (1963). G. Brauer (ed.).Metallic Iron" in Handbook of Preparative Inorganic Chemistry (بالإنجليزية) (2 ed.). NY: Academic Press. Vol. 2. p. 1490–91.
^ابFewell, M. P. (1995). "The atomic nuclide with the highest mean binding energy".American Journal of Physics (بالإنجليزية).63 (7): 653.Bibcode:1995AmJPh..63..653F.DOI:10.1119/1.17828.
^McDonald, I.; Sloan, G. C.; Zijlstra, A. A.; Matsunaga, N.; Matsuura, M.; Kraemer, K. E.; Bernard-Salas, J.; Markwick, A. J. (2010). "Rusty Old Stars: A Source of the Missing Interstellar Iron?".The Astrophysical Journal Letters (بالإنجليزية).717 (2): L92–L97.arXiv:1005.3489.Bibcode:2010ApJ...717L..92M.DOI:10.1088/2041-8205/717/2/L92.S2CID:14437704.
^Boehler, Reinhard; Ross, M. (2007). "Properties of Rocks and Minerals_High-Pressure Melting".Mineral Physics. Treatise on Geophysics (بالإنجليزية). Elsevier. Vol. 2. pp. 527–41.DOI:10.1016/B978-044452748-6.00047-X.ISBN:9780444527486.
^ابSmith, William F.; Hashemi, Javad (2006),Foundations of Materials Science and Engineering (بالإنجليزية) (4th ed.), McGraw-Hill, p. 431,ISBN:0-07-295358-6.
^Huang, Wei; Xu, Wen-Hua; Schwarz, W.H.E.; Li, Jun (2 May 2016). "On the Highest Oxidation States of Metal Elements in MO4 Molecules (M = Fe, Ru, Os, Hs, Sm, and Pu)".Inorganic Chemistry (بالإنجليزية).55 (9): 4616–25.DOI:10.1021/acs.inorgchem.6b00442.PMID:27074099.
^Reiff, William Michael; Long, Gary J. (1984). "Mössbauer Spectroscopy and the Coordination Chemistry of Iron".Mössbauer spectroscopy applied to inorganic chemistry (بالإنجليزية). Springer. pp. 245–83.ISBN:978-0-306-41647-7.
^Wilkinson, G.; Rosenblum, M.; Whiting, M. C.; Woodward, R. B. (1952). "The Structure of Iron Bis-Cyclopentadienyl".Journal of the American Chemical Society (بالإنجليزية).74 (8): 2125–2126.DOI:10.1021/ja01128a527.
^Okuda, Jun (28 Dec 2016). "Ferrocene - 65 Years After".European Journal of Inorganic Chemistry (بالإنجليزية).2017 (2): 217–219.DOI:10.1002/ejic.201601323.ISSN:1434-1948.
^Yee, Gereon M.; Tolman, William B. (2015). Peter M.H. Kroneck; Martha E. Sosa Torres (eds.).Sustaining Life on Planet Earth: Metalloenzymes Mastering Dioxygen and Other Chewy Gases. Metal Ions in Life Sciences (بالإنجليزية). Springer. Vol. 15. pp. 131–204.DOI:10.1007/978-3-319-12415-5_5.PMID:25707468.
^ابجدهوزحطي"Iron" (بالإنجليزية). Micronutrient Information Center, Linus Pauling Institute, Oregon State University, Corvallis, Oregon. Apr 2016. Archived fromthe original on 2022-02-12. Retrieved2018-03-06.
^Kikuchi, G.; Yoshida, T.; Noguchi, M. (2005). "Heme oxygenase and heme degradation".Biochemical and Biophysical Research Communications (بالإنجليزية).338 (1): 558–67.DOI:10.1016/j.bbrc.2005.08.020.PMID:16115609.
^ابWildermuth, Egon; Stark, Hans; Friedrich, Gabriele; Ebenhöch, Franz Ludwig; Kühborth, Brigitte; Silver, Jack; Rituper, Rafael (2000). "Iron Compounds".Ullmann's Encyclopedia of Industrial Chemistry (بالإنجليزية).DOI:10.1002/14356007.a14_591.ISBN:3-527-30673-0.
^Hoppe, M.; Hulthén, L.; Hallberg, L. (2005). "The relative bioavailability in humans of elemental iron powders for use in food fortification".European Journal of Nutrition (بالإنجليزية).45 (1): 37–44.DOI:10.1007/s00394-005-0560-0.PMID:15864409.S2CID:42983904.
^Ashmead, H. DeWayne (1989).Conversations on Chelation and Mineral Nutrition (بالإنجليزية). Keats Publishing.ISBN:0-87983-501-X.
^Institute of Medicine (US) Panel on Micronutrients (2001)."Iron"(PDF).Dietary Reference Intakes for Vitamin A, Vitamin K, Arsenic, Boron, Chromium, Copper, Iodine, Iron, Manganese, Molybdenum, Nickel, Silicon, Vanadium, and Iron (بالإنجليزية). National Academy Press. pp. 290–393.ISBN:0-309-07279-4.PMID:25057538. Archived fromthe original(PDF) on 2017-09-09. Retrieved2022-01-30.
^Hider, Robert C.; Kong, Xiaole (2013). "Chapter 8. Iron: Effect of Overload and Deficiency". In Astrid Sigel, Helmut Sigel and Roland K.O. Sigel (ed.).Interrelations between Essential Metal Ions and Human Diseases. Metal Ions in Life Sciences (بالإنجليزية). Springer. Vol. 13. pp. 229–94.DOI:10.1007/978-94-007-7500-8_8.PMID:24470094.
^Dlouhy, Adrienne C.; Outten, Caryn E. (2013). "Chapter 8.4 Iron Uptake, Trafficking and Storage". In Banci, Lucia (ed.).Metallomics and the Cell. Metal Ions in Life Sciences (بالإنجليزية). Springer. Vol. 12. pp. 241–78.DOI:10.1007/978-94-007-5561-1_8.ISBN:978-94-007-5561-1.PMC:3924584.PMID:23595675.
^ابCheney, K.; Gumbiner, C.; Benson, B.; Tenenbein, M. (1995). "Survival after a severe iron poisoning treated with intermittent infusions of deferoxamine".J Toxicol Clin Toxicol (بالإنجليزية).33 (1): 61–66.DOI:10.3109/15563659509020217.PMID:7837315.
^Tenenbein, M. (1996). "Benefits of parenteral deferoxamine for acute iron poisoning".J Toxicol Clin Toxicol (بالإنجليزية).34 (5): 485–89.DOI:10.3109/15563659609028005.PMID:8800185.
^Soto-Insuga, V; et al. (2013). "[Role of iron in the treatment of attention deficit-hyperactivity disorder]".An Pediatr (Barc) (بالإنجليزية).79 (4): 230–235.DOI:10.1016/j.anpedi.2013.02.008.PMID:23582950.
^Thévenod, Frank (2018). "Chapter 15. Iron and Its Role in Cancer Defense: A Double-Edged Sword". In Sigel, Astrid; Sigel, Helmut; Freisinger, Eva; Sigel, Roland K. O. (eds.).Metallo-Drugs: Development and Action of Anticancer Agents (بالإنجليزية). Berlin: de Gruyter GmbH. Vol. 18. pp. 437–67.DOI:10.1515/9783110470734-021.PMID:29394034.{{استشهاد بكتاب}}:تجاهل المحلل الوسيط|صحيفة= (help)
^McKetta, John J. (1989)."Nitrobenzene and Nitrotoluene".Encyclopedia of Chemical Processing and Design: Volume 31 – Natural Gas Liquids and Natural Gasoline to Offshore Process Piping: High Performance Alloys (بالإنجليزية). CRC Press. pp. 166–67.ISBN:978-0-8247-2481-8.