تيمور (باللغة الجغتائية: تيمور يعني «حديد»؛[1] (13رجب 737 هـ / 9أبريل 1336) - (27شعبان 807 هـ / 17فبراير 1405)، سُمي لاحقًاتيمور غوركاني (باللغة الجغتائية: تيمور کورگن تيمور كوريغِن)،[2] كان الفاتح التركي المغولي الذي أسسالإمبراطورية التيمورية فيأفغانستان الحديثةوإيرانوآسيا الوسطى وما حولها، وأصبح أول حاكم من السلالة التيمورية.[3] كونه قائدًا لم يُهزم، يُعتبر على نطاق واسع أحد أعظم القادة العسكريين والتكتيكيين في التاريخ.[4] يعتبر تيمور أيضًا راعيًا عظيمًا للفن والعمارة، إذ كان على صلة مع مثقفين مثلابن خلدونوحافظ آبرو وبدأ في عهدهعصر النهضة التيموري.[5][6]
ولد في كونفدرالية بارلاس فيبلاد ما وراء النهر (فيأوزبكستان الحالية) في 9 أبريل 1336، سيطر تيمور على خانية جغتاي الغربية بحلول عام 1370. من تلك القاعدة، قاد حملات عسكرية عبر غرب وجنوب ووسط آسيا والقوقاز وجنوب روسيا، وبرز بصفته أقوى حاكم في العالم الإسلامي بعد أن هزمالقبيلة الذهبيةوالدولة المملوكية في مصر وسورياوالإمبراطورية العثمانية الناشئةوسلطنة دلهي المتداعية في الهند. أسس تيمور الإمبراطورية التيمورية عبر هذه الفتوحات، لكنها تقسمت بعد وفاته بوقت قصير.[7]
كان تيمور آخر الفاتحين البدو العظماء فيالسهوب الأوراسية، ومهدت إمبراطوريته الطريق لصعود إمبراطوريات البارود الإسلامي الأكثر تنظيمًا واستمرارية في القرنين السادس عشر والسابع عشر.[8][9][10] كان تيمور من أصل تركي ومنغولي، ومن غير المحتمل أن يكون سليلًا مباشرًا من كليهما، لكنه يمتلك سلفًا مشتركًا معجنكيز خان من جهة والده، في حين اقترح مؤلفون آخرون أن والدته قد تكون من نسل خان.[11][12] من الواضح أنه سعى إلى التذرع بإرث الفتوحات الأخيرة خلال حياته. تصور تيمور استعادة إمبراطوريةجنكيز خان المغولية (توفي عام 1227) ووفقًا لجيرارد شالياند، رأى نفسه وريثًا لجنكيز خان.[13]
وفقا لبياتريس فوربس مانز، «استمر تيمور طوال حياته في تصوير نفسه في مراسلاته الرسمية على أنه المستعيد للحقوق الجنكيزية. برر حملاته الإيرانية والمملوكية والعثمانية بأنها إعادة فرض سيطرة المغول المشروعة على الأراضي التي استولى عليها المغتصبون.[14] لجأ تيمور إلى الرموز واللغة الإسلامية ليضفي الشرعية على فتوحاته، وأشار إلى نفسه باسم «سيف الإسلام». كان راعيًا للمؤسسات التعليمية والدينية. أدخل جميع قادة بورجيجين تقريبًا إلى الإسلام خلال حياته. هزم تيمورفرسان الإسبتارية الصليبيين هزيمة ساحقة في حصار سميرنا، وأطلق على نفسه لقب الغازي. بحلول نهاية فترة حكمه، كان تيمور قد بسط سيطرته الكاملة على جميع بقاياخانية جغتايوالدولة الإلخانيةوالقبيلة الذهبية، ووصل به الأمر إلى محاولة إعادة حكمسلالة يوان في الصين.[15][16]
كانت جيوش تيمور متعددة الأعراق تمامًا وذات رهبة في جميع أنحاء آسيا وإفريقيا وأوروبا، وأدت حملاته إلى تدمير أجزاء كبيرة منها. يقدر العلماء أن حملاته العسكرية تسببت في مقتل 17 مليون شخص، أي ما يقارب نحو 5% من سكان العالم آنذاك. كانتخوارزم أكثر المناطق المحتلة معاناة بسبب حملاته، إذ ثارت ضده عدة مرات.[17][18]
كان تيمور جد السلطان التيموري وعالم الفلك والرياضياتأولوغ بيك، الذي حكم آسيا الوسطى بين عامي 1411 و1449، والجد الأكبرلبابر (1483-1530) الذي يعد مؤسسإمبراطورية مغول الهند التي حكمت بعد ذلك كامل شبه القارة الهندية تقريبًا.[19]
ادعى تيمور أنه يعود إلى نسلتوماني خان من جهة والده، وهو سلف ذكر يشترك به معجنكيز خان. كان قراشار نويان، حفيد حفيد توماناي، وزيرًا للإمبراطور الذي ساعد لاحقًا ابن الأخير المدعو جطغاي في حكمبلاد ما وراء النهر.[20] على الرغم من أن ذكر قراشار محدود في سجلات القرنين الثالث عشر والرابع عشر، أكدت المصادر التيمورية اللاحقة بشدة دوره في التاريخ المبكر للإمبراطورية المغولية. تشير هذه السجلات أيضًا إلى أن جنكيز خان أسس لاحقًا «رابطة الأبوة والبنوة» عبر تزويج ابنة جطغاي إلى قاراشار. عبر النسل المزعوم الناتج عن هذا الزواج، ادعى تيمور وجود قرابة له مع خانية الجاطاغاي.[21]
تعد أصول والدة تيمور المدعوة تكينا خاتون، أقل وضوحًا. يذكر كتابزافرناما اسمها فقط دون أي معلومات عن خلفيتها. في عام 1403، ادعى يوهانس دي غالونيفونتيبوس، رئيس أساقفة السلطانية، أنها من أصول متواضعة. يذكرمعز الأنساب الذي كتب بعد عقود لاحقة أنها كانت على قرابة مع قبيلة يسوري، التي تحد أراضيها أراضي برلاس. روى ابن خلدون أن تيمور نفسه ذكر أن والدته تنحدر من أصول البطل الفارسي الأسطوري منوشهر. اقترح ابن عربشاه أنها كانت من نسل جنكيز خان. وصفتهاكتب تيمور التي تعود إلى القرن الثامن عشر بأنها ابنة «صدر الشريعة»، وهو لقبٌ يُعتقد أنه يشير إلى العالم الحنفي عبيد الله المحبوبي منبخارى.[22][23]
وُلِد تيمور في بلاد ما وراء النهر بالقرب من مدينة كيش (شهرسبز الحالية، أوزبكستان)، على بعد حوالي 80 كيلومترًا (50 ميلًا) جنوبسمرقند، وهي جزء مما كان يُعرف آنذاك بخانات جغاطاي. يعني اسمه تيمور «الحديد» في اللغة الجغتائية، وهي لغته الأم (باللغة الأوزبكية: تمير، باللغة التركية: ديمير). يشبه اسم ميلاد جنكيز خانتيموجين. تدعي سجلات السلالات التيمورية اللاحقة أن تيمور ولد في 8 أبريل 1336، لكن معظم المصادر من فترة حياته تعطي أعمارًا تتوافق مع تاريخ ميلاد يقع في أواخر عشرينيات القرن الثالث عشر. تظن المؤرخة بياتريس فوربس مانز أن تاريخ 1336 كان مخططًا لربط تيمور بإرث أبو سعيد بهادر خان، آخر حكام الإلخانية المنحدرين من هولاكو خان، والذي توفي في ذلك العام.[24]
كان فردًا في بارلاس، وهي قبيلة منغولية تترّكت في عدة جوانب. وُصِف والده طرغاي بأنه كان أحد النبلاء الصغار في هذه القبيلة. مع ذلك، تعتقد مانز أن تيمور لربما قلل لاحقًا من المكانة الاجتماعية لوالده، وذلك ليجعل نجاحاته أكثر بروزًا. تقول إنه على الرغم من أنه لا يُعتقد أن طرغاي كان يتمتع بقوةً خاصة، فقد كان ثريًا ومؤثرًا بصورة معقولة. ظهر هذا الأمر حين عاد تيمور فيما بعد إلى مسقط رأسه بعد وفاة والده في عام 1360، ما يشير إلى أنه قلق بشأن ممتلكاته. أُشير إلى الأهمية الاجتماعية لطرغاي إشارة أكبر من قبل عربشاه، الذي وصفه بأنه مثل أحد أقطاب بلاط الأمير حسين قرعونة. بالإضافة إلى ذلك، يُعتبر والد الأمير الكبير حميد كرييد من مغولستان صديقًا لطرغاي.[25][26]
في يفعه، داهم تيمور ومجموعة صغيرة من أتباعه المسافرين بحثًا عن البضائع، وخاصة الحيوانات مثل الأغنام والخيول والماشية. في حوالي عام 1363، يُعتقد أن تيمور حاول سرقة شاة من راعٍ، لكنه أصيب بسهمين، استقر أحدهما في ساقه اليمنى والآخر في يده اليمنى، وفقد إصبعين على إثر الحادثة. أدت الإصابتان إلى إعاقته مدى الحياة. يعتقد البعض أن تيمور عانى من إصاباته أثناء خدمته مرتزقًا لخان سيستان في خراسان فيما يعرف اليوم باسم داشتي مارجو في جنوب غرب أفغانستان. وصمت الإصابات تيمور ولُقب بتيمور الأعرج وتيمورلنك من قبل الأوروبيين.[27][28]
يسمى من قبل بعض المؤرخين تيمور وتعني باللغة المغولية حديد وأضاف إليه من أرادوا النيل منه والحط من قدره كلمة لنك وتعنى بالفارسية أعرج وآخرون أضافوا إلى اسمه بدافع الاحترام كلمة بك وتعني الأمير أو السيد. أما المؤرخون العرب فقد اعتادوا أن يشيروا إلى تيمور بالأمير أو السلطان أو الملكز وأما الأوربيون فيطلقون عليه اسم تامرلان. اختلفت آراء المؤرخين حول نسبه وانفرد المورخون الفرس بذكر نسب مطول له يرجع إلى قراجارنويان الذي كان في عهد جنكيزخان رأس قبيلة برلاس المغولية المتتركة.
أما المؤرخون العرب فقد ذكروا أنه «تيمور بن أيتمش قتلغ بن زنكي بن سيبا بن طارم ابن طغريل بن قليج بن سنقور بن كنجك بن طغرسبوقا بن التاخان المغولي الأصل».
يوجد غموض في أصل تيمور. في النقش علىشاهدة قبره، فيسمرقند، جاء أن نسبه يلتقي مع نسب بطلهجنكيزخان عند جد واحد هوتومان خان. ويمضي تسلسل النسب على الشاهدة إلى أن يصل إلى امرأة حملت بولدها -الجد الثالث عشر لتيمور- من نور دخل عليها من أعلى الباب، وتمثل لها بشراً، وذكر أنه من أبناءعلي بن أبي طالب. وقد جاء نسبه كما ورد على شاهدة قبر بالعربية «هنا مرقد السلطان الأعظم - الخاقان الأكرم أمير تيمور كوركان ابن الأمير ترغاى" بركل بن ايلائكير بن إيجل بن قراجاد ابن برولابن ايرزمجي الملقب برلاس الذي تنتسب إليه قبيلة برلاس».
جاء في مذكرات تيمور، (بخط تيمور، أو إملائه)، عن والده طرقاي، أن نسبه يرتقي إلىيافث بن نوح، الذي كان يلقب بأبي الأتراك. وكان على عرشتركستان، عند ظهورالإسلام، أحد أحفـاد يافث، ويدعى تومان خان، وكان قد رزق بولدين توأمين هما قجولاي وقابول، وقد أُشير إليهما أيضا على النقش السابق الذكر. ولما بلغ قجولاي مبلغ الرجال، حلم ذات ليلة برؤية نجميـن يلمعان في صدر أخيه قابول. وعندما قص حلمه على أبيه، بادر هذا إلى الاجتماع بأركان دولته، ليقرروا بأن تكون الخانية، من بعد تومان خان، في أعقاب قابول، وأن تكون الوزارة والقيادة في أسرة قجولاي، الابن الثاني. وقد نقش هذا القرار على صفيحة معدنية، وحفظ في خزائن الملك.
ويتابع طرقاي حديثه، وفقاً لما جاء في مذكرات تيمور عن أبيه:
«أن قراجار، أحد أجدادهم، كان أول من اعتنق الإسلام من أسلاف تيمور، وهو الذي جاء بقبيلته برلاس إلى سهل كيش، في وادي نهر كشقداريا. وقال إن قراجار هذا هو الجد الرابع لتيمور. أما جد تيمور المباشر، أي والد طرقاي، فهو بركل، الذي كان أول من انسحب من منصبه العسكري في دولة أبناء جغطاي بن جنكيزخـان، ليتفرغ إلى إدارة أملاكه في منطقة كيش، موطن قبيلة برلاس. وكان قراجار الحاكم الحقيقي لخانية جغطاي، وكان صهرا لجغطاي بن جنكيزخان نفسه، ولذلك حمل لقب كوركان، أي صهر الملوك.»
ما من سند يؤيد هذا القول أو يدعمه، وربما يكون قد وضع لإضفاء السمو والعظمة على الأصول التي انحدر منها تيمور تبريراً لاستيلائه على السلطة في عيون الطورانيين. ومن المرجح أن القصد، من وراء ربط تيمور ببيت يعتبر من أعرق البيوت الإسلامية برباط النسب، كان تعزيزا لمكانة تيمور في نظر رعايـاه المسلمين، دون الخروج على شريعة الياسا المغولية، التي كانت قد نصت على وجوب معاملة أبناء علي بن أبي طالب بالرعاية والاحترام.[29]
كانت والدة تيمور تدعى تكينة خاتون، ونسبها ينتهي إلى جنكيـز، وفقا لرواية للمؤرخعربشاه نقلا عن كتاب فارسي. وقد ألمح تيمورلنـك، في إحدى رسائله إلى السلطان العثمانيبايزيد، قبل أن يغير على بلاد هذا الأخير، بأنه سليل أسرةالإيلخانيين، التي كانت تحكمإيران، والتي يرجع نسبها إلىهولاكو حفيـد الفاتح المغولي الرهيب، جنكيزخان.
يقول تيمور في مذكراته[30] إنه ولد فيالخامس والعشرين من شهر شعبان،736 هـ/1336 م، في ضواحي مدينةكيش، في قرية «خواجه إيلغار». وكلمة تيمور تعنيالحديد. ويروي تيمورلنك، عن لسان والده طرقاي، إنه بعد ولادته حمله أبواه إلى بيت أحد رجال الدين ليتلقى البركة منه. ولما دخلا عليه كان يتلو، بصوت عال، هذه الآية من القرآن الكريم:﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ١٦﴾ [الملك:16][ا] ولما توقف الملا[ب]، وقبل أن يسألاه شيئاً، قال:
«لقد سمينا ابنكما تيمور»
التحق تيمور بمدرسة الملا علي بك عندما بلغ سن السابعة. وقد تعلم كتابةالحروف العربية. ويقول في مذكراته إنه كان متفوقاً على أقرانه، وميالاً للسيادة والزعامة.
كانت مدينة كيش تعرف باسمشهرسبز، أي المدينة الخضراءبالفارسية، وتبعد 50 ميلاً جنوبيسمرقند فيأوزبكستان.[31]، وكانت من أحب الأماكن إلى نفس تيمور. وكان بيت أبويه مكونا من خشب ومنطين غير مشوي، تحيط به ساحة مسورة، وحديقة داخل الجدار. وكثيرا ما كان يخيم قرب البيت، لقضاء الليل، رجال ملتحون يلبسون أثواباً حريرية براقة، ويفترشون سجاد النوم، ويتحدثون عن القوافل والأحداث، ودائماً عن الحروب. وكثيراً ما كان الطفل تيمور يسمعهم يرددون:
«الطريق أمام المرء واحدة لا غير»
نشأ مع أمثاله من الأولاد، وترعرع بينالخيول، وتسابق مع الخيول المطهمة في مروجالبرسيم، عبر طريق سمرقند. كان يطيل التحديق بالأسلحة، ويتساءل مراهناً عن مدى مضاء الحد القاطعللحسام وهو في غمده، وعن معنى الكسر في قضيب الرمح .
وكان يصطاد، مع أمثاله، الثعالب وطيور السمن بالأقواس، ويلعبون لعبة الحرب هجوماً ودفاعاً، في حين تنام الكلاب وترعى الخيول. وكان تيمور دوماً هو القائد، ولم يكن معه، في هذه الألعاب الحربية، أكثر من ثلاثة رفاق أو أربعة. كان يلعب بجد ورصانة، وما كان ليضحك قط. وكان أحسن خيال بين رفاقه. وعندما كبر ورفاقه، وأُعطوا سيوفاً ونبالاً للصيد، فإنه سريعاً ما تفوق في استعمال هذه الأسلحة.[32]
ولربما كانت جديته ورصانته نتيجة لحياة الوحدة في البيت؛ فقد ماتت والدته وهو صغير، وكان أبوه، وهو رئيس سابق في قبيلة برلاسالمغولية، يمضي معظم ساعات يومه مع السادة أصحاب العمائم الخضراء، ممن زاروا مقدسات الإسلام، واكتسبوا البركة والقداسة من جراء ذلك. وكان للغلام صقوره، وكلابه ورفاقه، لكن لم يكن في البيت سوى خادمين، ولم تكن الخيل لتملأ نصف الإسطبل. فالأب لم يكن أميراً حاكماً، ولم يكن ليطمح إلى منصب أو زعامة.
كان الغلام ينطلق على ظهر جواده هائماً، كثير الجلوس على القمم، يتابع بأنظاره حركة القوافل على طريق سمرقند. وكانت تنطلق، على هذا الطريق، مواكب خيالة من أثرياء الفرس، ومعهم نساؤهم يحيط بهن حراس مدججون بالسلاح. كانت النساء، في هذه المواكب،محجبات، بخلاف النساء المغوليات اللواتي لم يعرفن الحجاب في ذلك الزمن. وكان تجار من العرب، طوال القامة، خفيفو اللحم، يواكبون قوافل من الخيول، مع حمولات من موشيات الحرير والمطرزات من الصين، ومن الحرير الخام والسجاد من أنوال الشمال. وكانت تمر أيضاً على الـطريق، خلال الغبـار الأصفر، قوافل العبيد، ومتسولون مع عصي وطاسات، ورجال مباركون يبحثون عن مريدين.
وأحياناً كان يأتييهودي مع بغاله، أو هندي نحيل يروي قصصاً عن لصوص أفغانيين. كانوا ينصبون خيامهم عند الغسق، بين الحيوانات ونيران المطابخ التي تنبعث منها رائحة الروث ونباتالشيح الطيب الرائحة. وكان تيمور يبرك على عقبيه خـارج حلقتهم، مصغياً إلى أحاديثهم عن الأسفار وعن عالم سمرقند. وعندما كان والده يؤنبه لجلوسه مع رجال القوافل، كان يجيب: إن طريق المرء واحد لا غير.
كان الوادي، وكل من فيه، إرثاً لقبيلة برلاس، لكن القبيلة لم تكن مالكة للوادي إلا بقدر ما كان باستطاعتها الاحتفاظ به، والدفاع عن كرومه ومروجه ومراعيه. كان أفراد القبيلة طوال القامة، ضخام الأجسام، ينحدرون من الشاقاص (السيئيين)، أو منالأتراك كما يقول بعضهم. وقد اكتسبوا التسمية المغولية بعد أن انضموا للعمل تحت راية جنكيزخان، وحاربوا مع ابنهجوشي في صفوف الجماعة (الهوردة) الذهبية، فيروسياوالقرم.
كان جنكيزخان قد جعل من قبائلمنغولياوتركستان أسياداً على آسيا وأوروبا الشرقية. وكان البرلاس رجال حرب كأجدادهم، وقليل منهم من كان يموت تحت سقف خيمته. وكانوا لا زالوا محتفظين غريزياً بالمهارة في المحاربة الصحراوية كما كان أسلافهم من قبل.
كانوا مغرمين بالصيد بواسطةالصقور، وكانوا مهرة في استعمال القوس والنشاب المزدوج الرأس، يصيدون الطيور وحيوانات الغاب. وكان لحم الصيد طعامهم المفضل، وكذلك عجز الجمل. كانوا يأكلون من حلة عامة، يتحلقون حولها جثوا على السجاد، وأصابعهم تحمل الطعام إلى الأفواه.
كانوا يعجبون بالفروسية العربية. وكانوا، كعرب البادية، دائمي الضجر والتبرم ما لم يكونوا على ظهر الجواد. كانوا أرستقراطية حرب ونزال، ويعتبرون مصاهرة التجار والمزارعين ضارة بعنصرهم ومحطة له. وكانوا لا يحسنون تجارة ولا صناعة، وكانوا لذلك فقراء وفي طريقهم إلى الإفلاس والخراب. كانوا كرماء إلى حد غير معقول، وعلى مقدار عظيم من العناد والقسوة البالغة. كانوا يبيعون ممتلكاتهم أو يرهنونها للإنفاق على ولائمهم. كانت الضيافة طبيعة، وكانت أفنية دورهم محشورة دائما بعابري السبيل، في حين كانت أغنامهم مواظبة على السير إلى داخل الحلة.
وكان يعيش في وادي المدينة الخضراء أناس من غير قبيلة البرلاس. كان فيها مزارعون إيرانيون، يعملون بصبر وأناة في الحقول والمزارع، ويروون الأرض بمياه الأقنية وأخاديد الري. وكان فيها السرتيون سكان المدينة، يجلسون في الأكشاك في ميدان السوق، ويصغون إلى القراء يرتلون من آياتالقرآن كتاب الله الكريم. كانوا يعتمرون العمائم، ويتبعون شريعة الإسلام، بينما كان الرجال ذوو الخوذ يعملون بشريعة الياسا، شريعة جنكيزخان.
ومما كان يزيد في سوء أحوال قبيلة البرلاس، ولا يعمل شيئا لإصلاح اوضاعهم انهم كانوا بلا زعيم. فطرقاي، الذي سبق وكان رئيسا للقبيلة، كان رجلاً وديعاً، ممتلثاً بكرامته وشرف مقامه ومحتده. كان قد استمع كثيراً لدروس الفقهاء، وأصغى مقتنعاً لشروحاتهم وتفاسيرهم، ثم راح يعيش منعزلاً كناسك، ضيفا على إحدى التكاياً. وقد قال لابنه تيمور:
«هذه الدنيا ليست بأفضل من إناء ذهبي مليء بالعقارب والثعابين. أنا متعب منها وكاره لها»
وكان من عادة طرقاي، كسواه من الآباء، أن يحاضر ابنه في ماضي أجداده وامجادهم، وهم الذين كانوا أسيادا على الجبال المطلة علىصحراء غوبي. كان يحدثه عن الأميرات الصينيات، اللواتي كن يرسلن كزوجاتلخانات الصحراء، مع عربات محملة بالحرير والعاج المصنع. وكان يروي له أيضاً قصصاً عن احتفال هؤلاء الخانات بالنصر، وعن شربهم لحليب الأفراس في جماجم أعدائهم وقد بطنت بصفائح من الذهب الخالص. وكثيراً ما كان يقول:
«هكذا كان الحال يا بني، إلى أن جاء جنكيزخان ليقود المغول إلى احتلال العالم. كان هذا مكتوبا في لوح القدر. ولما جاء ملاك الموت إلى جنكيزخان، زائراً غير مرغوب فيه، عمد الفاتح إلى تقسيم أمبراطوريته بين أولاده الأربعة، الذين كانوا من أم واحدة هي زوجته الأولى بورتاي. وكانت هذه الديار، التي نعيش فيها، من نصيب ابنه جغطاي. وقد انصرف أولاد جغطاي وأحفاده إلى الخمر والنساء والصيد، واضطروا مع مرور الزمن إلى الانسحاب إلى الجبال في الشمال. وهناك يعيش الخان منذ وقت طويل، منصرفا إلى الحفلات والصيد، تاركا الحكم في سمرقند إلى السيد الملقب بصانع الملوك. وأنت تعرف الباقي...»
وكان يعود ليستطرد ويقول:
«ولكني أود، يا بني، أن لا أراك تحيد عن صراط شريعة الله التي جاء بها رسوله، نبينا محمد عليه وعلى آله الصلاة والسلام. احترم السادة الفقهاء، وآسع إلى نيل بركة الدراويش. خذ العزم والقوة من أركان الشريعة الأربعة: الصلاة، الصيام الزكاة والحج. هذه وصيتي إليك»
وهكذا رحل طرقاي عن هذه الدنيا، تاركاً وحيده لمصيره. ولكن رجال التكية كانوا قد عرفوا بوجود الصبي. وذات يوم كان تيمور جالساً عند إحدى زوايا الردهة، يقرأ سورة من القرآن، ومر به متعمم أبيض الشعر، فسأل تيمور عن اسمه، فقال هذا وهو يهب واقفاً:
- أنا تيمور
تطلع سليل الرسول إلى الصبي، وأمعن النظر في وجهه، وقال:
- أيد دائما دين الإسلام، وتكون بخير وأمان.
فكر تيمور في هذا القول ملياً، وكانت النتيجة أن أعرض لبعض الوقت عن المشاركة فيالبولو ولعبالشطرنج، وكانا تسليته المفضلة. وكان من عادته، عندما يلتقي بدرويش جالسا في الظل، على طريقه، فإنه كان ينزل عن حصانه، ليسأله البركة. لم يكن يقرأ بسهولة، ولذا اقتصر جهده على سورة واحدة، إلى أن أتقن استظهارها عن ظهر قلب.
في تلك الأيام، وقد بلغ السابعة عشرة من عمره، كان كثير التردد على المساجد، مستمعاً إلى دروس الأئمة والفقهاء. وفي رواية أن أحدهم، ويدعى الملا زين الدين، ابصر بالفتى يوماً، فناداه إليه، ليعطيه قلنسوته الخاصة، وحزاماً من الشال، وخاتماً مرصعاً بحجر منالعقيق الأحمر. كان زين الدين هذا ثاقب الفراسة، خبيراً بطبائع البشر وأحوال الدنيا، ويتحلى بكثير من مؤهلات الزعامة. وكان تيمور يتذكر دائماً عينيه الحادتين، وصوته الرزين، وربما هديته أيضاً.
كان الحاج برلاس الزعيم الوحيد الباقي في قبيلة برلاس، وكان عماً لتيمور، أخا لأبيه، ولا يرى إلا نادراً في المدينة الخضراء. كان قد أدى فريضة الحج إلىمكة المكرمة، ولم يكن ليهتم بتيمور، ابن أخيه، أو يسأل عنه. وكان كثير الوساوس والظنون، متهوراً ودائم الكآبة. وقد سارت أمور القبيلة تحت زعامته إلى أسوأ ما يمكن أن يكون، وتحول معظم الوجهاء والبارزين في القبيلة للعمل في خدمة الأمراء والملوك. وإلى هناك ذهب أيضاً تيمور، بعد أن بلغ سن العشرين.
تيمور، ابن العشرين، أصبح شاباً وسيماً، حسن السمعة وغير مرتبط بعمل. وكان قد ورث عن والده عدداً من الماشية وبعض العبيد. كان قوي الجسم، بهي الطلعة، جميل القوام، عريض الأكتاف، طويل القامة. وكان رأسه كبيراً، مستقيم الوضع والتوازن على كتفيه، عريض الجبهة، بعينين سوداويين تتحركان ببطء وتتطلعان إلى الآخرين بصراحة وبطريقة مباشرة. وكان عريض عظام الوجه، كبير الفم حساسه. وكان في ذلك كل الدلائل على الحيوية والهمة العالية. كان فتى قليل الكلام، عميق الصوت ثاقبه. وكان لا يرتاح إلى الغباوة والكلام الفارغ، ولم يشعر طوال حياته بميل أو تقدير للهزل والمزاج.
كانت الضيافة، في العصر الأول للإسلام، فريضة تؤدى عن طيب خاطر، وترد عيناً. وكان الطورانيون كثيري التطواف والتجوال، وكان تيمور يُستقبل ضيفاً مكرماً في كل خيمة وكل فناء، بدء من سمرقند حتى بلدان الشمس في إيران وأفغانستان.
كان قد تجمع حوله بعض الرفاق، وكانوا يذهبون للصيد متحركين مئات الأميال، خلال دروب الجبال، أو سيراً على حدود الصحراء، وسلاحهم مقتصر على سيف وقوس صيد خفيف. كان يلتقي، في هذه المناسبات، بعرب في مخيمات القوافل، فيتحدث معهم، وينزل في ضيافتهم. وكان الجبليون، الذين يغسلون رمال الأنهار بحثاً عن جسيمات الذهب، يروون على مسامعه أساطيرهم، وأخبار خيولهم، وثرثرة نساء القبائل الأخرى. وكان يلعب الشطرنج مع رؤوساء القوافل، ومع شيوخ القبائل في حصونهم.
وجاءه ذات يوم من قال له: إن صانع الملوك يسأل عنك!.
أحصى تيمور ما كان يملكه. وزع الأغنام إلى قطعان، وعهد بكل قطيع إلى راع يتقاضى لقاء أتعابه ربع اللبن والزبدة والصوف. وتصرف بالطريقة ذاتها لما يتعلق بالماعز والجمال. ولم يكن هناك شيء آخر. أخذ تيمور لنفسه أحسن خيوله. واختص بخدمته غلاما كان قد ولد في بيت العائلة ويدعى عبد الله. ركب يتبعه خادمه، واتجه جنوبا، يسير عبر السفوح والوهاد، في طريقه إلىأمو داريا، النهر الكبير. كان تيمور مغامرا، وهو الآن في الطريق للالتحاق بمغامرين ولا من يملك عليهم. وكان ذلك عام1356 م.
عندما تُوفِّي «كازغان» آخر إيلخاناتتركستان سنة (758هـ/1357م) قام «تغلق تيمور» صاحب «قشغر» بغزو بلادما وراء النهر، وجعل ابنه «إلياس خواجه» قائدًا للحملة، وأرسل معه تيمور وزيرًا، ثم حدث أن ساءت العلاقة بين الرجلين؛ ففرَّ تيمور، وانضم إلى الأمير حسين حفيد كازغان آخرإيلخاناتتركستان، وتقرب إليه. ولا زال يترقى بعد ذلك من وظيفة إلى أخرى حتى عظم وصار من جملة الأمراء. وتزوج بأخت السلطان حسين.
ونجح الاثنان في جمع جيش لمحاربة إلياس خواجه، لكنهما لم ينجحا في تحقيق النصر، وفرَّا إلىخراسان، وانضما إلى خدمة الملك «معز الدين حسين كرت». ولمَّا علم الأميرتغلق تيمور بوجودهما بعث إلى معز الدين بتسليمهما له، غير أن تيمور وصاحبه هربا إلىقندهار ومنها إلىسيستان، فاحتال واليها وهاجمهما.
ثم عاود الاثنان جمع الأتباع والأنصار، ونجحا في مهاجمة إلياس خواجه، وتمكنا سنة (766 هـ/1364م) من السيطرة على بلاد ما وراء النهر، ثم لم يلبث أن وقع الخلاف بين تيمورلنك وصهره، فقتل تيمور زوجته (أخت السلطان) وانتصر على السلطان بالحيلة في معركةضاغلغا. ودخل سمرقند في (12 (توضيح) منرمضان771هـ/14 أبريل1370 م)، وأعلن نفسه حاكمًا عليها، وزعم أنه من نسلجغتاي بنجنكيز خان، وأنه يريد إعادة مجد دولة المغول، وكوَّن مجلس شورى من كبار الأمراء والعلماء.
قام تيمور بتنظيم جيش ضخم معظمه من المغول، وبدأ يتطلع إلى بسط نفوذه، فاتجه إلى خوارزم، وغزاها أربع مرات بين عامي (773-781 هـ/1372-1379 م)، نجح في المرة الأخيرة في الاستيلاء عليها وضمها إلى بلاده، بعد أن أصابها الخراب والتدمير من جراء الهجوم المتواصل عليها، وفي أثناء هذه المدة نجح في السيطرة على صحراءالقفجاق، والتي تمتد بينسيحونوبحيرة خوارزموبحر الخزر (بحر القزوين).
ولَمَّا اضطربت أوضاعخراسان سنة (782هـ/1380م) بعث ابنه ميران شاه، وكان في الرابعة عشرة من عمره، فنجح في السيطرة على إقليم خراسان كله، وبحستان وأفغانستان، ثم اتجه في سنة (787هـ/1385م) إلى مازندران، فاستسلمت دون قتال، ثم انطلقت جيوش تيمورلنك تفتحأذربيجان، وتستولي على إقليمفارس، وتُغِير علىأصفهان التي كانت قد ثارت على نوابه، وبلغ عدد القتلى فيها سبعين ألفًا، أقام تيمورلنك من جماجمهم عدة مآذن.
وفي سنة (790هـ/1388م) هاجمتوختاميش خانبلاد القفجاق (بلادما وراء النهر)، وحرض أهاليأذربيجان على الثورة ضد تيمورلنك، وأعلنوا ولاءهم لتوختاميش، ونتيجة لتفاقم هذه الأحداث توقف تيمورلنك عن التوسع واتجه نحوأذربيجان لقمع الثورة، وما كاد يصلها حتى فرَّتوختاميش، ودخل تيمورلنكخوارزم وأحلَّ بها الخراب والتدمير إلى الحد الذي لم يعد فيها حائطٌ يُستراح تحت ظله، وظلت خرابًا خالية من السكان حتى أمر تيمورلنك بإعادة تعميرها سنة (793هـ/1391م).
ولَمَّا كرَّرتوختاميش هجومه مرة أخرى على بلاد ما وراء النهر في سنة (791هـ/1389م) تعقَّبه تيمورلنك حتى أرض المغول وصحراء القفجاق وهزمه هزيمة منكرة ولم يكن تيمور لنك يتوقع الانتصار.
كان تيمورلنك قد بلغ الستين عاماً، لكن هذا لم يوهن من عزيمته في مواصلة الغزو. ولم يركن إلى الراحة والخلود إلى ما حققه من قوة ونفوذ، والتمتع بمباهج الجاه والسلطة. فلما سمع بموتفيروز شاه ملك الهند من غير ولد وحصول اضطرابات بعده، استغل فترة الضعف هذه، وعزم على غزوالهند متذرِّعًا بأنالتغلقيون يتساهلون معالهندوس في أمرالإسلام! وانقضَّ بجيشه الجرار على قواتمحمود تغلق في (7 ربيع الآخر801هـ /17 ديسمبر1397م)، وأنزل به هزيمة ساحقة، واحتل «دلهي» عاصمة دولة «آل تغلق»، وقام بتدميرها وتخريبها. وبلغ من بشاعة التدمير أنها لم تنهض مما حلَّ بها إلا بعد قرن ونصف القرن من الزمان. وعاد تيمورلنك إلىسمرقند محمَّلاً بغنائم وفيرة، ومعه سبعون فيلاً تحمل الأحجار والرخام التي أحضرها مندلهي، ليبني بها مسجدًا فيسمرقند. وبينما هم في ذلك بلغ تيمور موت الملكالظاهر برقوق صاحب مصر، وموتالقاضي برهان الدين أحمد صاحبسيواس من بلاد الروم، فرأى تيمور أنه بعد موتهما ظفر بمملكتيهما، وكاد أن يطير بموتهما فرحاً، وعاد إلى بلاده فوراً تاركاً فوضى عظيمة.
وبدأ تيمورلنك غزواته باكتساح قراباغ بين أرمينيا وأذربيجان فقتل وسبى. ثم توجه إلى تفليس عاصمةالكرج (بالقوقاز) ونهبها في جمادى الآخرة سنة (802هـ /1399م) ثم توجه إلىسيواس في5 محرم803هـ، وقبض على مقاتلتها وهم ثلاثة آلاف نفر، فحفر لهم سرداباً وألقاهم فيه وطمهم بالتراب، ثم وضع السيف في أهل البلد وأخربها حتى محا رسومها. ثم سار إلى «عينتاب» ففتحها، واتجه إلىحلب، فسقطت بسبب رفض مماليك مصر مساعدة أهل الشام نتيجة صراعهم على الحكم. وبلغ عدد القتلى فيها عشرين ألفاً والأسرى أكثر من ثلاثمئة ألف.
وبعد عمليات النهب والحرق والسبي والتخريب التي قام بها تيمورلنك وجيشه اتجه إلىحماةوالسلمية، ولم يكن حظهما بأحسن حال منحلب، وواصل زحفه إلىدمشق التي بذل أهلها جهودًا مستميتة في الدفاع عن مدينتهم، لكن ذلك لم يكن كافياً لمواجهة جيش جرار يقوده قائد محنك، فاضطروا إلى تسليمدمشق. ولمَّا دخل تيمورلنك المدينة أشعل فيها النار ثلاثة أيام حتى أتت على ما فيها، وأصبحت أطلالاً. وبعد أن أقام بها ثمانين يوماً، رحل عنها مصطحبًا أفضل علمائها وأمهر صُناعها، واتجه إلىطرابلسوبعلبك فدمرهما. وعند مروره علىحلب أحرقها مرة ثانية وهدم أبراجها وقلعتها. ثم دمرماردين، ولم تسلم منه الا مدينةحمص.
واتجه تيمورلنك بعد ذلك إلىبغداد، وكانت تحت حكمالجلائريين؛ فهاجمها هجومًا شديدًا، ودمر أسوارها، وأحرق بيوتها، وأوقع القتل بعشرات الآلاف من أهلها، ولم تستطع المدينة المنكوبة المقاومة فسقطت تحت وطأة الهجوم الكاسح في أيدي تيمورلنك. وألزم جميع من معه أن يأتيه كل واحد منهم برأسين من رؤوس أهل بغداد. فكانت عدة من قتل في هذا اليوم من أهل بغداد تقريباً مئة ألف إنسان. وهذا سوى من قتل في أيام الحصار، وسوى من قتل في يوم دخول تيمور إلى بغداد، وسوى من ألقى نفسه في الدجلة فغرق، وهو أكثر من ذلك.
واستعد السلطان بايزيد لملاقاة الغازي الجامح الذي تقدم بجيش جرار قوامه 300 ألف جندي، وبعد أن استولى على سيواس والتقى بالجيش العثماني بقيادة السلطان بايزيد في معركة هائلة عُرفت باسم «معركة أنقرة» في (19ذي الحجة804هـ /20 يوليو1402 م)، وانهزم السلطان بايزيد هزيمة ساحقة بعد سلسلة من الخيانات لصالح تيمورلنك، ووقع في الأسر هو وأحد أبنائه، ولم يتحمل السلطان العثماني الأسر فمات كمدًا في (15 شعبان805هـ /10 مارس1403م)، ثم نُقل جثمانه ليدفن فيمدينة بورصة عاصمة العثمانيين، بينما كان تيمورلنك عائدًا بأسراه إلى عاصمتهسمرقند.
ولم يكد يستقر في سمرقند حتى أعد العدة لغزوالصين في خريف (807هـ /1404م)، وكان الجو شديد البرودة حين خرج لغزوته الأخيرة لكنه عاند نصائح أطباءه واستمر بحملته، وعانى جيشه قسوة البرد والثلج، ولم تتحمل صحته هذا الجو القارس، فأصيب بالحمى التي أودت بحياته ويقال مات بفعل مستحضر معمول من تقطير الخمر صنعه له أطبائه بناءً على أوامره ليقاوم البرد حيث أذاب كبده في (17 منشعبان807 هـ /18 منفبراير1405م)، بعد أن دانت له البلاد من «دلهي» إلىدمشق، ومنبحيرة آرال إلىالعراق وكان هذا حده في طرف جزيرة العرب الشمالي، وبعد وفاته نقل جثمانه إلىسمرقند حيث دفن هناك في ضريحه المعروفبكور أمير، أي مقبرة الأمير.
^Donald M. Seekins, Richard F. Nyrop (1986).Afghanistan A Country Study · Volume 550, Issues 65-986 (بالإنجليزية). The Studies. p. 11.ISBN:9780160239298 – via University of California.Timur was of both Turkish and Mongol descent and claimed Genghis Khan as an ancestor
^International Association for Mongol Studies; Secretariat, Kokusai Kōryū Kikin;يونسكو (2002).Eighth International Congress of Mongolists being convened under the patronage of N. Bagabandi, president of Mongolia (بالإنجليزية). OUMSKh-ny Nariĭn bichgiĭn darga naryn gazar. p. 377 – via Indiana University.First of all, Timur's genealogy gives him a common ancestor with Chinggis Khan in Tumbinai – sechen or Tumanay Khan
^Gérard Chaliand,Nomadic Empires: From Mongolia to the Danube translated by A.M. Berrett, Transaction Publishers, 2004. translated by A.M. Berrett. Transaction Publishers, p. 75. (ردمك0-7658-0204-X).Limited preview فيكتب جوجل.p. 75., (ردمك0-7658-0204-X),p. 75., "Timur Leng (Tamerlane) Timur, known as the lame (1336–1405) was a Muslim Turk. He aspired to recreate the empire of his ancestors. He was a military genius who loved to play chess in his spare time to improve his military tactics and skill. And although he wielded absolute power, he never called himself more than an emir.", "Timur Leng (Tamerlane) Timur, known as the lame (1336–1405) was a Muslim Turk from the Umus of Chagatai who saw himself as Genghis Khan's heir."نسخة محفوظة 10 ديسمبر 2021 على موقعواي باك مشين.
^Woods، John E. (2002).Timur and Chinggis Khan. Eighth International Congress of Mongolists being convened under the patronage of N. Bagabandi, president of Mongolia. Ulaanbaatar: OUMSKh-ny Nariĭn bichgiĭn darga naryn gazar. ص. 377. مؤرشف منالأصل في 2021-11-03.
^"Central Asia, history ofTimur", inموسوعة بريتانيكا، Online Edition, 2007. (Quotation:"Under his leadership, Timur united the Mongol tribes located in the basins of the two rivers.")نسخة محفوظة 2022-05-31 على موقعواي باك مشين.
^"Islamic world", inموسوعة بريتانيكا، Online Edition, 2007. Quotation: "Timur (Tamerlane) was of Mongol descent and he aimed to restore Mongol power.""نسخة مؤرشفة". مؤرشف من الأصل في 2021-11-03. اطلع عليه بتاريخ2020-04-11.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link)
^دكتور مظهر شهاب.تيمورلنك. صفحة ١٠٧: نقلا عن المقريزي.{{استشهاد بكتاب}}: صيانة الاستشهاد: مكان (link)