القَاهِرَة هي عاصمةجمهورية مصر العربية وأكبر وأهممدنها، وتعد أكبر مدينةعربية من حيث تعداد السكان والمساحة،[9] وتحتل المركز الثاني أفريقيًا والسابع عشر عالميًا من حيث التعداد السكاني،[10][11] كما أنها جزء منأكبر تجمع حضري في أفريقياوالوطن العربيوالشرق الأوسط. تعد منطقةالقاهرة الكبرى الثانية عشرة من حيث عدد السكان في العالم حيث يبلغ عدد سكانها 21,322,750 مليون نسمة حسب إحصائيات عام2021.[12] يمثلون 20% من إجمالي تعداد سكان مصر أكثر من (107 مليون نسمة).
تعد مدينة القاهرة من أكثر المدن تنوعاً ثقافياً وحضارياً، حيث شهدت العديد من الحقب التاريخية المختلفة على مر العصور، وتوجد فيها العديد من المعالم القديمة والحديثة، فأصبحت متحفاً مفتوحاً يضم آثاراً فرعونية ويونانية ورومانية وقبطية وإسلامية. يعود تاريخ المدينة إلى نشأةمدينة أون الفرعونية أوهليوبوليس «عين شمس حالياً» والتي تعد واحدة من أقدم مدن العالم القديم. أما القاهرة بطرازها الحالي فيعود تاريخ إنشائها إلىالفتح الإسلامي لمصر على يدعمرو بن العاص عام641 م وإنشائهمدينة الفسطاط، ثم إنشاءالعباسيينلمدينة العسكر، فبناءأحمد بن طولونلمدينة القطائع، ومع دخولالفاطميين مصر قادمين منإفريقية (تونس حالياً) بدأ القائدجوهر الصقلي في بناء العاصمة الجديدةللدولة الفاطمية بأمر من الخليفة الفاطميالمعز لدين الله وذلك في عام969م، وأطلق عليها الخليفة اسم «القاهرة». وأطلق على القاهرة- على مر العصور- العديد من الأسماء، فهي مدينة الألفمئذنة ومصر المحروسة وقاهرة المعز. شهدت القاهرة خلالالعصر الإسلامي أرقى فنون العمارة التي تمثلت في بناء القلاع والحصون والأسوار والمدارس والمساجد، مما منحها لمحةً جماليةً لا زالت موجودة بأحيائها القديمة حتى الآن.
وتعد القاهرة محافظة ومدينة، أي أنها محافظة تشغل كامل مساحتها مدينة واحدة، وفي نفس الوقت مدينة كبيرة تشكل محافظة بذاتها، وتنقسم إلى 37 حياً، وتحتفل القاهرة بعيدها القومي في6 يوليو من كل عام، وهو اليوم الذي يوافق وضع القائدجوهر الصقلي حجر أساس المدينة عام969م، ليبلغ عمر القاهرة الآن ما يربو على 1055 عام.[2][13]
اختلفت الأقاويل حول سبب تسمية القاهرة بهذا الاسم، فقيل أنجوهر الصقلي سمى المدينة في أول الأمر المنصورية تيمناً باسممدينة المنصورية التي أنشأها خارج القيروانالمنصور بالله والدالمعز لدين الله، أو تيمناً باسم والد المعز نفسه إحياءً لذكراه، واستمر هذا الاسم حتى قدم المعز إلى مصر فأطلق عليها اسم «القاهرة»، وذلك بعد مرور أربع سنوات على تأسيسها، تفاؤلاً بأنها ستقهرالدولة العباسية المنافسة للفاطميين، وقيل أنه سماها بالقاهرة لتقهر الدنيا، أو أنها سميت نسبة إلى الكوكب القاهر وهوكوكب المريخ.[معلومة 1][16][17]:10:11[18]:ج1ص110:114 ولمدينة القاهرة عدة أسماء شهيرة منها مصر المحروسة، قاهرة المعز، مدينة الألف مئذنة، جوهرة الشرق.[19]
اكتسبت القاهرة مكانتها وتأثيرها على مختلف الحضارات بفضل موقعها الاستراتيجي الذي اختاره لها أهل مصر منذ فجر الحضارة، وتميزت عن بقية العواصم التاريخية بصفة الاستمرار، فشكل تطورها سلسلة من الحلقات بدأت مع مدينةأون في عهد ما قبل الأسرات والتي كانت بمثابة العاصمة الدينية بعد توحيد البلاد وبداية عهد الأسرات على يد الملكمينا بينما كانتمنف هي أول عاصمة إدارية وسياسيه لمصر بعد استقرار الوحدة. وعرفت أون فيما بعد بالاسم الإغريقيهليوبوليس أوعين شمس حالياً.[20]:5 عقبالفتح الإسلامي لمصر سنة 18 هـ/639 م، شيدعمرو بن العاصمدينة الفسطاط سنة 21 هـ/641 م، وبنىجامع عرف باسمه، ثم اختطت أماكن إقامة القبائل العربية. وعقب قيامالدولة العباسية والقضاء علىالدولة الأموية أنشأالعباسيونمدينة العسكر في مكان عرف باسم الحمراء القصوى يقع شمال شرقالفسطاط وأقاموا فيه دورهم ومساكنهم، وشيد فيهاصالح بن علي دار الإمارة وثكن الجند، ثم شيد الفضل بن صالح مسجد العسكر، وبمرور الأيام اتصلتالعسكربالفسطاط وأصبحتا مدينة كبيرة خطت فيها الطرق وشيدت بها المساجد والأسواق. وذلك إلى أن تولىأحمد بن طولون حكممصر ورأى أنمدينة العسكر لا تتسع لحاشيته وجنده، فصعد إلىجبل المقطم ورأى بينالعسكروالمقطم أرض فضاء فاختط في موضعها مدينته الجديدة التي سميتالقطائع. وبعد قرابة مائة عام على إنشاءالقطائع دخلالفاطميون مصر بقيادةجوهر الصقلي موفداً من الخليفةالمعز لدين الله، فأخذ في وضع أساس «القاهرة» شمال شرقيالقطائع، كما وضع أساس القصر الفاطمي الكبير، وشرع بجانبه في بناءالجامع الأزهر.[21]:14:11
كانت مدينةأون القديمة وموقعها حالياً منطقةالمطريةوعين شمس من أبرز مراكز الثقافة المصرية القديمة وذكرت في المتون المصرية القديمة بأسماء «أونو أفق السماء» و«أنو سماء مصر» واعتبرتها مقر الآلهة المختارة وموطن ميلاد كل معبود، وسميت المدينة في القبطية «أونو»، وفي اليونانية «هليوبوليس» بمعنى مدينة الشمس. كان للمدينة ماضيها السياسي حيث تعد واحدة من أقدم عواصم مصر المتحدة في فجر التاريخ وذلك نتيجة لجهود زعمائها الذين أقاموا بها أول وحده للوجهين سبقت الوحدة التي تمت على يدالملك مينا. وكفل للمدينة شهرتها في الفلسفة والدين قدم مذهبها في تفسير نشأة الوجود. أما في الفلك ترجع شهرة المدينة إلى ابتكار التقويم الشمسي الذي تميزت به الحضارة المصرية. وعلى الرغم من أن مدينة أون لم تلعب دوراً سياسياً بارزاً في العصور التاريخية إلا أنها ظلت محتفظة بمكانتها الثقافية والحضارية والدينية وحرص الملوك على ترك آثارهم بها على مر العصور، وأسفرت الحفائر الحديثة عن الكثير من الآثار التي تدل على ذلك منها الجزء العلوي لمسلة صغيرة من الحجر الرملي تعود إلى عهدالملك تتي من الدولة القديمة. ومن آثار عصر الدولة الوسطى، مسلة منالجرانيت الأحمر أقامها الملكسنوسرت الأول، وبقايا مسلة للفرعونتحتمس الثالث، وعدد من اللوحات من الحجر الجيري وجزء من تمثال أثري. ومن آثار عصر الدولة الحديثة، عمود مرنبتاج الموجود في منطقة المعابد، وتمثال الملكسيتي الثاني من الحجر الجيري، وبقايا معبد للملكرمسيس الثالث، وعدد من تيجان الأعمدة وأجزاء من أعمدة وتماثيللأبو الهول.[22]
تقعمدينة بابليون في منطقة القاهرة القبطية حالياً، وقام بإنشائهارمسيس الثاني واتخذت اسمها من أسرىالبابليين الذين ثاروا عليه، فبنى بها القلعة التي اعتقلهم فيها، ثم أطلق الاسم على المدينة بأكملها. واشتهرت المدينة في العصر الروماني في عهدالإمبراطور أغسطس، وأمر بإعادة بنائهاالإمبراطور تراجان عام 130 ق.م وحول الحصن إلى مدينة عسكرية، ورمم الحصن ووسعه الإمبراطور الرومانيأركاديوس في القرن الرابع الميلادي. استعمل في بناء الحصن أحجار أخذت من معابد فرعونية وأكملت بالطوب الأحمر ولم يبق من مباني الحصن حالياً سوى الباب القبلي الذي يكتنفه برجان كبيران، وبنى فوق أحد البرجينالكنيسة المعلقة، كما بني فوق البرج الآخر كنيسة مار جرجس الرومانيللروم الأرثوذكس، وعلى باقي السور بنيتكنيسة القديس أبو سرجة وكنيسة العذراء وقصرية الريحان ودير مار جرجس للراهباتوكنيسة القديسة بربارة ومعبد لليهود. يعرف الحصن الروماني بقصر الشمع أو قلعة بابليون وتبلغ مساحته حوالي نصف كيلومتر مربع، ويقع بداخلهالمتحف القبطي. في عام641 م سقط الحصن في يدعمرو بن العاص بعد حصار دام نحو سبعة أشهر في18 ربيع الآخر 20 هـ/16 أبريل641 م، وكان سقوطه إيذاناً بدخولالإسلام في مصر. اختارعمرو بن العاص مكان إستراتيجي شمالحصن بابليون وأقام فيهمدينة الفسطاط وداخلها حصن بابليون لتكون مدينة للجند العرب.[20]:8[23][24][25]
اتخذتالفسطاط اسمها من خيمةعمرو بن العاص التي أقامها في وسط معسكره، وأنشأهاعمرو بن العاص شمالحصن بابليون، وأمر بتخطيطها لتكون أول عاصمة للإسلام فيمصر بدلاً منالإسكندرية، وفي وسط المدينة أقاممسجداً للصلاة سمي باسمه واشتهر بمناراته الأربعة، وخططت الأرض حوله إلى أحياء، وولىعمرو بن العاص أربعة من المسلمين لتنظيم المدينة وهممعاوية بن خديج التجيبي، شريك بن سمي الغطيفي، عمرو بن محزم الخولاني، جبريل بن ناشرة المعافري. اشتهرتالفسطاط بشوارعها المرصوفة ومنازلها الفسيحة التي تتوسطها نافورات المياه والحدائق الداخلية، وتعددت بالمدينة الأسواق التي كان يقع معظمها على شاطئنهر النيل وذلك بخلاف الأسواق حول الجامع. تميز اختيار موقع المدينة بسهولة الدفاع عنه لأسباب طبيعية فالنيل يحدها من الغربوجبل المقطم من الشرق واللذان شكلا حاجزا طبيعياً ضد أي اعتداء خارجي.[20]:8[21]:11:12[26]:5
العسكر هي ثاني العواصم الإسلامية فيمصر، وأنشأهاالعباسيون في مكان عرف باسم الحمراء القصوى يقع شمال شرقالفسطاط، وأقاموا فيه دورهم ومساكنهم، وشيد فيهصالح بن علي دار الإمارة وثكنات الجند أو دار العسكر، ومنه اتخذت المدينة اسمها، ثم شيد الفضل بن صالح مسجد العسكر. تعتبر المدينة امتداداً للاتجاهات التخطيطية والعمرانيةلمدينة الفسطاط، وعظمت بها العمارة وشيدت المساكن والقصور وتوسع عمرانها حتى التحمتبالفسطاط، وحكممصر منها 65 والياً على امتداد 120 عاماً، ويرجح أن موقعها كان بالقرب منحي السيدة زينب حالياً.[20]:9[21]:12[26]:5
القطائع هي المدينة التي أسسهاأحمد بن طولون، لتصبح بذلك ثالث عاصمة إسلامية فيمصر، ويرجع اسمها إلى نظام تخطيطها المنقول عنمدينة سامراء التي شب فيهابن طولون، وهو التخطيط المتقاطع المكون من قطع سكنية كل منها لجماعة من السكان تربطهم رابطة أو طبقة أو مستوى واحد، يطلق عليها اسم القطع. شيدت المدينة في الأرض الفضاء بينمدينة العسكروجبل المقطم، ووضعت أولى خططها عام 256 هـ/870 م، وبعد ست سنوات في عام876 م احتفلابن طولون بوضع أساسالجامع الذي سمي باسمه على جبل يشكر، والذي انتهى بناؤه في سنتين، ويقع في وسط المدينة، ويعد من أكبر مساجد العالم الإسلامي بمساحة تبلغ 26500 متر مربع، واشتهر باسم الجامع المعلق إذ يصعد إلى أبوابه بسلالم دائرية الشكل، كما أنشأابن طولون أول مستشفى في مصر بمنطقة البساتين. وانتقل إلى المدينة كل من له صلة بالحكم أو إدارة البلاد وأفراد الجيش، ولم يكن مسموحاً للعامة بالسكن فيها. ظلتالقطائع عاصمةمصر خلالالحكم الطولوني الذي استمر 27 عاماً حتى سنة 293 هـ/905 م، مع قدوم الجيش العباسي إلى مصر، والذي محىالقطائع وحولها إلى أطلال مع الإبقاء على الجامع، وعادتمدينة العسكر مقراً للحكم حتى دخولالفاطميين.[20]:9:11[21]:12:13[26]:6
بعد قرابة المائة عام على إنشاءالقطائع، قدم إلىمصر جيشالفاطميين منالمغرب بقيادةجوهر الصقلي موفداً من الخليفةالمعز لدين الله، ووصل إلىالفسطاط في11 شعبان 358 هـ/يوليو969 م، ودخلها في اليوم التالي، ونزل مع جنوده في الفراغ الواقع شمال شرقيالقطائع وأخذ في وضع أساس القاعدة الفاطمية الجديدة في17 شعبان 385 هـ/7 يوليو969 م، والتي سماها «القاهرة»، كما وضع أساس القصر الفاطمي الكبير في18 شعبان 358 هـ، وشرع بجانبه في بناءالجامع الأزهر فيجمادي الأول سنة 359 هـ/أبريل970 م. أنشئت المدينة على مساحة 340 فدان، وبني حولها سور من اللبن مربع الشكل طول كل من ضلعيه الشمالي والجنوبي 1500 ذراع، وضلعيه الشرقي والغربي 1700 ذراع، وبكل ضلع من أضلاع السور بوابتان، فالضلع الشمالي بهباب النصروباب الفتوح، والشرقي به باب البرقية (الغريب) والقراطين (المحروق)، والجنوبي يواجهالفسطاط عند باب الخلق وبهباب زويلة (المتولي) وباب الفرج، والغربي به باب القنطرة وباب سعادة. بدأت المدينة كمدينة عسكرية تشتمل على مساكن الأمراء ودواوين الحكومة وخزائن المال، وفي سنة 973 تحولت إلى عاصمةالدولة الفاطمية عندما انتقل إليهاالمعز لدين الله منالمغرب، وأطلق عليها قاهرة المعز. بعد انقضاء 120 سنة من تأسيس القاهرة رأى أمير الجيوشبدر الجمالي وكان وزيراً للخليفةالمستنصر بالله أن الناس شيدوا خارج سور القاهرة بسبب اتساع العمران، فأحاطها بسور وصله بسورجوهر عام 480 هـ/1087 م، وأقام السور الجديد من اللبن والأبواب من الحجارة.[20]:11[21]:13:22[26]:6
أرسلالسلطان نور الدين محمود حملة إلىمصر لطردالصليبيين بقيادةأسد الدين شيركوه، الذي اصطحب معهصلاح الدين ابن أخيهنجم الدين أيوب. وعقب وفاةشيركوه وليالخليفة العاضدصلاح الدين وزارةمصر، فأصبح بذلك الرجل الأول في الدولة. ثم استبد صلاح الدين بالأمور وضعف أمر العاضد وهدم دار المعرفة وبناها مدرسة شافعية وبنى دار الغزل للمالكية وعزل قضاة الشيعة وأقام قاضياً شافعياً في مصر واستناب في جميع البلاد.[27]:م4:ص103 وبدلاً من أن ينشئ صلاح الدين عاصمة جديدة، اتجه إلى ضم ضواحي المدينة الأربعة (الفسطاطوالعسكروالقطائع والقاهرة الفاطمية) لتكون معاً عاصمة الدولة، فخرجت القاهرة عن نطاق أسوارها القديمة وامتد تخطيطها ليصل إلىقلعة الجبل، التي ظلت مقراً لحكم مصر في مختلف العصور التي تلت حكم الأيوبيين، وحتى عصرالخديوي إسماعيل الذي نقل مقر الحكم إلىقصر عابدين. وفي عام 569 هـ انتدببهاء الدين قراقوش لمد سور حول القاهرة بحدودها الجديدة، فزاد في سور القاهرة الممتد من باب القتطرة إلىباب الشعرية، ومنباب الشعرية إلىباب البحر، ثم زاد في الجزء الذي يليباب النصر إلى برج الظفر ومن هذا البرج إلى برج البرقية ومنه إلى درب بطوط وإلى خارج باب الوزير ليتصل بسورقلعة الجبل. ومن معالم تلك الحقبة التي ما زالت باقية، سواقي عيون بئر يوسفوقناطر مجرى المياه التي تحمل المياه إلى القلعة.[20]:11:12[21]:23:37[26]:7
يعد عصرالمماليك هو العصر الذهبي للقاهرة، ولا سيما بعدما خفت وطأةالحروب الصليبية فيالشام، وانتصرالمماليك علىالمغول. ففي عهدالظاهر بيبرس امتدت القاهرة في اتجاه الشمال خارج أسوارها في حي الحسينية، وشيد مسجداً رائعاً يعرف اليوم باسمجامع الظاهر وكان اسمه قديماً جامع الصافية، كما شيد العديد من المباني فيقلعة صلاح الدين كدار الذهب، وأنشأ الأسواق والجسور والقناطر، وشاركه أمراؤه في بناء العديد من العمائر والرباع والخانات والدور والمساجد والحمامات التي أضافت لمسة من الجلال والجمال على المدينة.[21]:39
وفي عهدأسرة قلاوون التي حكمتمصر قرابة المائة عام، شيدالمنصور قلاوون طائفة من العمائر النادرة، منهامدرسة الجليلة وقبته أو ضريحه، وأنشأالمارستان وجعله وقفاً لجميع الطوائف من الملك حتى العبيد، وما زال جزء منه قائماً إلى اليوم. وفي أيام السلطانالناصر محمد بن قلاوون، امتدت القاهرة جهة الشمال عبر الصحراء والشمال الغربي والغرب أيضاً بما طرحه النيل من طمي أثمر تدريجياً عن أرض جديدة غرب القاهرة، فلم يترك أمراء المماليك قطعة أرض داخل القاهرة إلا وأقاموا فيها المساجد والمدارس والحمامات والسبل والوكالات والأضرحة، فعم الرخاء على المدينة وازدهرت التجارة وتسابق الأمراء والأعيان على تشييد أبهى فنون العمارة. وأحب السلطانالناصر العمارة فرصع القاهرة بأفخم المباني، وأنشأ تحتقلعة صلاح الدين ميداناً للألعاب والمسابقات بين الأمراء، وعمر كثيراً من القصور داخل القلعة، وشيدجامعه ذا المئذنتين الذي ما زال قائماً حتى الآن، وفي أيامه زار مصر الرحالة المسلمابن بطوطة في عام1326 فقال عنها «قهرت قاهرتها الأمم، وتملكت ملوكها نواصي العرب والعجم»، وفي أثناء حكمالمماليك البحرية ولد المؤرختقي الدين المقريزي، الذي ألف موسوعة هامة عن خطط مصر وعن القاهرة بوجه خاص وصفت جمال عمارة القاهرة وفنونها. وفي أيام السلطانحسن بن قلاوون شيدت عمارة جليلة تمثلت فيمدرسة ومسجد السلطان حسن، الذي يعد أجمل مساجد القاهرة.[21]:41:63 وفي عهدالمماليك الجراكسة ظهر حبهم للعمائر الجميلة والذوق السليم، فشيد سلاطينهم وأمراؤهم العمائر والمساجد ومنهامسجد الملك الظاهر برقوق بجوارمدرسة الناصر قلاوون،وخانقاه الملك الناصر بن برقوق، وهي بناء ضخم صمم ليخدم عدة أغراض، فهو ضريح لآل برقوق ومدرسة للعلوم ومسجد وخانقاه فخمة،ومسجد الملك المؤيد شيخ بجوارباب زويلة،ومسجد السلطان الأشرف برسباي،ومسجد السلطان الأشرف قايتباي،ومسجد السلطان قنصوه الغوري.[21]:64:83
بيت الكريتلية "متحف جاير أندرسون حالياً"مدينة القاهرة كما تظهر في "كتاب بحرية" المرسوم في مطلع القرن السادس عشر على يد الملاح العثماني بيري رييس.
استولىالسلطان سليم على مصر وشرع في تأييد سلطته، فجعل عليها حاكماً يلقببالباشا، وليضمن عدم خروجالباشا علىالآستانة ويستقل بمصر، جعل فيمصر ثلاث إدارات كل منها يراقب الآخر، حتى لا يخشى من اتحادها أو تمردها، فكانت القوة الأولى هي «الباشا» وأهم واجباته هي إبلاغ الأوامر السلطانية لرجال الحكومة والشعب ومراقبة تنفيذها، والقوة الثانية هي «الوجاقات الست» وواجبها هو حفظ النظام والدفاع عن القطر المصري، وتوزعت في القاهرة والمراكز الرئيسية، أما القوة الثالثة فهي «المماليك» وهم بقاياالمماليك البحريةوالجراكسة، وواجبهم حفظ التوازن بين الباشا والوجاقات لأنهم أعداء لكلا الفريقين. وظل أمراءالمماليك هم أصحاب القوة الفعلية بالبلاد، وزاد نفوذهم مع تقلص نفوذالباب العالي وتقلص نفوذ ولاته في مصر.[17]:193:194 ومن آثار تلك الحقبة التي ما زالت باقيةمسجد محمد بك أبو الذهب تجاهالجامع الأزهر،[17]:218 وعمائرعبد الرحمن كتخدا «محافظ مصر»، والذي كان مغرماً بالبناء فأنشأ وجدد الكثير من المساجد والسبل والأضرحة، وكان في مقدمة الساعين لتجميل القاهرة، ويتجلى ذلك فيسبيله الرائع الواقع في ملتقى شارعي النحاسيينوالجمالية والمعروف باسمه حتى اليوم، كما أنشأ بالقرب منباب الفتوح مسجداً وكتاباً، وزاد في مقصورةالجامع الأزهر وبنى به محراباً جديداً وأقام له منبراً وأنشأ له باباً عظيماً وبنى بأعلاه مكتباً لتعليم الأيتام من أطفال المسلمين، وبنى المدرسة الطيبرسية، وأنشأ عند باب البرقية «باب الغريب» جامعاً ومكتباً، وجامعاً ومكتباً وساقية ومنارة جهة الأزبكية، كما بنىالمشهد الحسيني، ومشاهدالسيدة زينبوالسيدة سكينةوالسيدة عائشةوالسيدة فاطمةوالسيدة رقية، وجددالمارستان المنصوري، وكانت دار سكناه بحارة عابدين من الدور العظيمة المحكمة الوضع والإتقان.[17]:219
أسسمحمد عليالأسرة العلوية فيمصر وأرسى خلال حكمه أسس النهضة الحديثة، وانتقل بمصر من الاضمحلال الذي سيطر عليها خلالحكم العثمانيين إلى مشارف العصر الحديث، وارتقى بها إلى رتب الدول المتقدمة. أدركمحمد علي بعبقريته الفطرية الفذة أن السبيل لبناء النهضة هو الارتقاء بالعلوم والإدارة والصناعة والزراعة، فأنشأ المدارس الحديثة وأرسل البعثات العلمية وأعاد تنظيم الجيش والإدارة الحكومية وشيد دور الصناعة بأنواعها والتي تركزت بمنطقة السبتية، كما أقام الجسور والقناطر وحفر الترع. واهتم محمد علي بالقاهرة فأمر بتنظيم وتوسيع وتنظيف وإنارة شوارعها، وأزال الأنقاض المحيطة بها وردم بها بركها، وكون في عام1834 مجلساً للإشراف على تجميل القاهرة، كما استقدم الفنانين والعمال المهرة منفرنساوإيطالياوتركيا لبناء القصور واشترط عليهم تعيين أربعة من المصريين مع كل منهم ليتعلموا حرفتهم، ومن أشهر القصور التي شيدهاقصر الجوهرةوقصر القبةوقصر الحرم وقصر الأزبكية وقصر النيل، وقام أيضاً ببناءجامعهبالقلعة، والذي تم تصميمه على غرارمسجد السلطان أحمدبالآستانة.[26]:9[28]:216 وفيأبريل1847 انتقلت ولاية مصر منمحمد علي إلىإبراهيم باشا، والذي اهتم بتقوية الجيش والأسطول ونظم جمعية الحقانية لتنظيم سير القضايا، وشيد قصر الروضة والقصر العالي، وفي عهده تم ردم بركة الأزبكية تماماً وحولت إلىمتنزه ضخم. وفي عهدعباس باشا الأول منح امتياز إنشاء خط سكك حديدية بين القاهرةوالإسكندرية للبريطانيين عام1851، وأنشئحي العباسية في صحراء شمال شرق القاهرة عام1849 بغرض إقامة ثكنات عسكرية، كما أقام فيها سراي الباشا أو «سراي الحصوة» ومدرسة حربية ومستشفى. عقب وفاةعباس الأول آل حكم مصر إلىسعيد باشا، فافتتح في عهده خط السكك الحديدية بين القاهرة والإسكندرية عام1854، وأنشئت المحطة الرئيسية للسكك الحديدية بباب الحديد عام1856، وبوفاته انتقل حكم مصر إلىإسماعيل باشا عام1863.[26]:9:10
يعود لقب القاهرة الخديوية إلى أول حاكم لمصر يحمل هذا اللقب وهوالخديوي إسماعيل، والذي تولى عرشمصر في18 يناير1863، فمنح القاهرة وجهاً جديداً متألقاً، وحدد معالمها الحضارية من خلال إنجازات بقيت محفورة على جدران مبانيها وشوارعها الحديثة.[26]:11 كانت القاهرة عند توليإسماعيل باشا عرش مصر يبلغ تعدادها 270 ألف نسمة وتمتد من منطقة القلعة بسفحالمقطم شرقاً إلى مدافن الأزبكيةوميدان العتبة والمناصرة غرباً، وساد على أحيائها الانحلال العمراني مما أثار حماسإسماعيل باشا لصنع ثورة عمرانية بعاصمة البلاد ترقى بها إلى مصاف العواصم الأوروبية، ولتكون «باريس الشرق»، فطلب إسماعيل باشا منالإمبراطور نابليون الثالث أن يقوم هاوسمان المهندس العالمي بتخطيط القاهرة على غرار التخطيط الجديدلباريس، واستغرق إعداد وتصميم وتنفيذ المشروع خمس سنوات، وفي عام1872 افتتح الخديوي إسماعيلشارع محمد علي «القلعة»، كما شق شارع «كلوت بك» عام1875، وأنشأ دار الأوبرا،والكتب خانة، وكان من أهم القصور التي شيدت خلال تلك الحقبةقصر عابدين، الذي بدأ إنشاؤه في غام1863، وأصبح مقر الحكم بدلاً منالقلعة في عهدالخديوي إسماعيل، ويعود اسم القصر إلى أنه بني مكان قصر «عابدين بك»، وطلب إسماعيل باشا الاحتفاظ باسم عابدين للقصر وميدانه. وفي فترة لاحقة أنشئكوبري قصر النيلوكوبري أبو العلا ليصلا القاهرةبجزيرة الزمالكوالجيزة، وأدخل خط الترام إلى شوارع القاهرة عام1896 لربطالعتبة الخضراءبالعباسية.[26]:14:21
وخلالثورة 1919 كانت القاهرة هي مركز الاحتجاجات والتي كانت تتخذ من بيتسعد زغلول (بيت الأمة) مقراً لها، وعقب الثورة والانتهاء من تأسيسبنك مصر أصبحت القاهرة مركز ومقر للعديد من الشركات والمشروعات المصرية التي نشأت واحدة تلو الأخرى، وبلغت القاهرة في العشرينيات مستوى عال من الرقي والتحضر، ففي عام1921 تم اختيارها لتنظيممؤتمر القاهرة الذي جمع العديد من قادة أوروبا والشرق الأوسط لبحث تداعياتالحرب العالمية الأولى،[29] كذلك في عام1925 حصلت على وسام أجمل وأنظف مدينة في دولحوض البحر المتوسط باعتبارها مدينة الأناقة في تصميم مبانيها ونظافة شوارعها وانتظام حركة المرور بها.[30][31]
وعقبحرب 1967 ونتيجة للمعارك تم إجلاء سكان محافظات القناة (بورسعيد،الإسماعيلية،السويس)، وكانت القاهرة من أكثر المحافظات استقبالاً للنازحين والتي كانت بأعداد كبيرة، تسببت في اندلاع الأزمة العقارية وقتها وارتفاع أسعارها بشكل متزايد، وترتب عليها ظهور العديد من المناطق السكنية مثلمنشأة ناصر وغيرها.[36]
وعقب توليمحمد مرسي رئاسة الجمهورية اتخذ عدة إجراءات وأصدر قرارات أثارت ضده احتجاجات ومظاهرات، كان أبرزهاأحداث قصر الاتحادية مما أسفر عن وقوع ضحايا، وفي30 يونيو2013 خرجت مظاهرات حاشدة من المعارضين لحكممحمد مرسي في الميادين المصرية وعلى رأسهاميدان التحرير مطالبين بانتخابات رئاسية مبكرة ورحيل النظام.[39][40][41]
اعتمدت الحكومة المصرية خطة إستراتيجية قومية لغزو الصحراء وإقامة مجتمعات عمرانية جديدة خارج وادي النيل ودلتاه لتكون مراكز حضارية ومناطق جذب سكاني واقتصادي بهدف إعادة توزيع السكان والأنشطة المختلفة توزيعاً متوازناً على أنحاء جمهورية مصر العربية، وبدأت تلك المشاريع خلال العهد الملكي مع إنشاءضاحية مصر الجديدة «هليوبوليس» التي تعد أهم التجارب على مستوى العالم في مجال إنشاء المدن الجديدة خلال النصف الأول منالقرن العشرين، والتي تعود فكرة إنشائها إلى عام1905، واستوحي تخطيطها من المدن الحدائقية التي شيدت فيأوروبا نهايةالقرن التاسع عشر، فكان انتشار الفراغات الحضرية الكبيرة والشوارع المستقيمة المتسعة والتي خططت في هيئة حي عمراني راق يضاهي الأحياء الأوروبية.[42]:6:1 وفي أعقابثورة 23 يوليو 1952 أنشئت مدينة نصر بقرار من الرئيسجمال عبد الناصر بهدف التوسع العمراني في المنطقة الصحراوية شمال شرق القاهرة وخصوصاً شرقحي العباسية بعيداً عن الأراضي الزراعية، وأعطى إشارة البدء لإنشاء مدينة متكاملة بأسلوب حضاري راق وطريقة عمرانية متميزة أطلق عليها «مدينة نصر». نفذ التخطيط الأولي والتصاميم المعمارية لمشروع المدينة المهندس المعماريسيد كريم، على مساحة تصل لأكثر من 250 كم مربع وتمتد في الشرق من طريق مصر/السويس حتى الكيلو 51 وتقاطعه مع طريق القطامية، وفي الغرب منشارع صلاح سالم وفي الشمالحي مصر الجديدة وفي الجنوبالمقطم.[43] وفي عام1978 بدأ إنشاءمدينة 15 مايو التي تعد إحدى مدن الجيل الأول من المجتمعات العمرانية الجديدة التي قامت بإنشائهاوزارة الإسكان والتي تعود تسميتها نسبة إلىثورة التصحيح في15 مايو1971، ويربطمدينة 15 مايو بالقاهرة طريقان رئيسيان هماكورنيش النيلوطريق الأوتوستراد، وبدأت في استقبال سكانها بعد عامين فقط من البدء في تنفيذها.[44] وفي عام1979 صدر قرار إنشاء مدينةالقاهرة الجديدة والتي توسعت بأحيائها المعروفة الأملوالرحابومدينتي والتجمع الأولوالثالثوالخامس.[45]وفي عام1982 صدر قرار رئيس مجلس الوزراء بإنشاءمدينة بدر بطريق القاهرة/السويس على مساحة 18454.43 فدان، منها 7018 فدان مناطق سكنية، و2173 فدان مناطق خدمية.[46] وفي عام1995 صدر قرار جمهوري بإنشاءمدينة الشروق على مساحة 16.11 ألف فدان منها 9200 فدان كتلة عمرانية، أضيف إليها 5302 فدان عام2015.[47]
تقع القاهرة على جوانب جزرنهر النيل في شمالمصر، مباشرة جنوب شرق النقطة التي يترك فيهانهر النيل واديه محصوراً فيِ الصحراء منقسماً إلى فرعين داخل منطقةدلتا النيل المنخفضة. بني الجزء الغربي على نموذج مدينةباريس مِن قبل حاكم مصرالخديوي إسماعيل في منتصف القرن التاسع عشر، والذي تميز بالأحياء الواسعة والحدائق العامة والمناطق المفتوحة. أما القسم الشرقي الأقدم للمدينة فتوسع بشكل عشوائي على مدى القرون، وامتلأ بالطرقِ الصغيرة والمباني المزدحمة. بينما يمتلئغرب القاهرة بالبنايات الحكومية والهندسة المعمارية الحديثة، وأصبح الجزء الأهم في القاهرة، ويحوي النصف الشرقي الآثار التاريخية للمدينة على مر العصور لما يوجد به من مساجد وكنائس عتيقة ومباني أثرية ومعالم قديمة، كما توسعت المدينة شرقاً بإنشاء حيمدينة نصر الذي يعتبر من أكبر أحياء القاهرة.[48]
يتصف مناخ القاهرة بالاعتدال معظم أيام السنة ويتراوح المعدل اليومي لدرجة الحرارة خلالفصل الصيف بين 22 درجة مئوية و34 درجة مئوية في حين يتراوح المعدل اليومي خلالفصل الشتاء بين 18 درجة مئوية و9 درجة مئوية. ويمكن اعتبار أن هناك موسمين خلال العام صيف ساخن منمايو إلىأكتوبر، وشتاء معتدل مننوفمبر إلىأبريل، ويتميز مناخ القاهرة أيضاً بأنه جاف جداً، ويسقط المطر بكثافة منخفضة خلال فصل الشتاء، وترتفع مستويات الرطوبة خلال الصيف، وأحياناً تتعرض القاهرة لهبوب بعض الرياح الساخنة المحملة بالغبار خلال الفترة الممتدة بين شهريمارسويونيو وتعرف باسم رياح الخماسين.[50][51][52]
بلغ عدد سكان القاهرة بنهاية عام2018 9.7 مليون نسمة بنسبة 10.6% من إجمالي تعداد سكان مصر.[13] لتكون بذلك أكثرمدن مصر المأهولة بالسكان، وأكثرها ازدحاماً بما تحتويه من هيكل عرقي وبنية أساسية ووظائف محلية ودولية متعددة، كما ينزح إليها الآلاف يومياً من المحافظات بسبب عملهم داخل القاهرة أو إنجاز المصالح الشخصية أو العلاج نتيجة لتركز الاستثمارات والأجهزة الحكومية وكبرى المستشفيات بها.[58]
يتحدث سكان القاهرةاللغة العربية، إلا أن العربية المحكية في القاهرة تختلف عن تلك المحكية في مصر الوسطى والعليا، والعربية المصرية هي الأهم بين أشكال العربية الحديثة المحكية في المنطقة، ومرد ذلك أساسا أن صناعة السينما المصرية ومركزها القاهرة هي الأكبر في الوطن العربي ويتم عرض الأفلام المصرية في المنطقة العربية دون ترجمة أو دوبلاج. بخلاف الأخبار وما شابهها، كما أن الأفلام لا تسجل باستخدام الفصحى - لغة كتابة الوطن العربي بأسره - بل تستخدم اللغة المحكية للمنطقة، وبالتالي كانت اللهجة المستخدمة هي المصرية لمعظم هذه الأفلام، ولهذا السبب فإن العربية المصرية وخاصّة اللهجة القاهرية مفهومة في عموم المنطقة العربية.العربية الفصحى هي ومنذالسيطرة العربية على مصر في القرن السابع لغة الكتابة والأدب، ولا تستخدمالقبطية إلا كلغة طقسيةللكنيسة الأرثوذكسية القبطية، والقبطية هي استمرار للغة المصرية القديمة وتكتب بحروف مشتقة من اليونانية وهي غير محكية اليوم إلا كلغة مقدسة. كلغات أجنبية فإنالإنجليزيةوالفرنسية تستخدم كلغة نخبوية على نطاق ضيق.[59]
تتميز القاهرة كمدينة تاريخية بتراثها العريق واحتضانها لمجموعة فريدة من العمائر التي تعكس تطور العمارة الإسلامية بالمدينة على مدار ألف وثلاثمائة عام وأصبح الآن هذا التطور البنائي متحفاً مفتوحاُ للعمارة يعرض في ردهاته عمائر كل مرحلة من مراحل تقدم المدينة في حلقة متصلة من الأساليب المعمارية تتجلى في مبانيها كالمساجد والزوايا والمدارس والتكايا والقصور والدور والحمامات والأسبلة والقناطر والوكالات والخانات والأسواق فضلاً عن قلاعها وأسوارها وأبوابها.[21]:10:9
استلهمت العمارة القاهرية المعاصرة أفكارها ومفرداتها من التراث المعماري المصري. ففي بداياتالقرن العشرين اتجه بعض المعماريين إلى استعمال العناصر الشكلية للطراز الفرعوني مثل البوابات والأعمدة وقلدوها بالمواد والإنشاءات الحديثة، وفي فترةالتسعينيات استلهم الطراز الفرعوني في التصميم من خلال نقل مفردات المعبد الفرعوني إلى واجهات المبنى، والتركيز على استخدام الشكل الهرمي كما فينصب الجندي المجهول بمدينة نصر. فيما استلهم بعض المعماريين تصميماتهم من التراث المعماري الإسلامي، وظهرت لذلك عدة شواهد في النصف الأول من القرن العشرين مثلمعهد الموسيقى العربية بشارع رمسيس (1929) ومبنى جمعية المهندسين المصرية بنفس الشارع (1935)، وفي فترةالثمانينياتوالتسعينيات بدأت تظهر نماذج لإعادة هذا الفكر المعماري منها مبنى مركز الدراسات التخطيطية والمعماريةبمصر الجديدة، ومبنى قاعة النيل للفنون التشكيليةبالجزيرة، والمباني العالية في أبراج مركز التجارة العالمي بكورنيش النيل، والذي يعطي دلالة واضحة على إمكانية الاستفادة من التراث الإسلامي مع معطيات العمارة المعاصرة والتي تركز على استخدام المباني العالية خاصة في المدن الكبرى كأحد المحددات الاقتصادية نظرا لارتفاع أسعار الأراضي.[64][65]
تزخر القاهرة بالفنانين التشكيليين والنحاتين والمبدعين الفنيين المتواجدين بها بصفة دائمة، وتعد مركزاً للفنون بمختلف أنواعها والأمسيات والندوات الثقافية والعروض المسرحية والسينمائي، وهي واحدة من المدن المبدعة المسجلة فيقائمة اليونسكو للمدن المبدعة في مجال الفنون والحرف منذ 2017م[67]، وتتمثل أبرز مظاهر الفنون في القاهرة فيدار الأوبرا المصرية أو المركز الثقافي القوميبجزيرة الزمالك والذي تم تشييده كمنحة من الحكومة اليابانية لنظيرتها المصرية وبنيت الدار على الطراز الإسلامي وتم افتتاحها في10 أكتوبر1988 كدار بديلة لدار الأوبرا الخديوية التي بناهاالخديوي إسماعيل عام1869 واحترقت في28 أكتوبر1971 بعد أن ظلت منارة ثقافية لمدة 102 عام.[68]
القاهرة مدينة سياحية من الطراز الأول حيث تتعدد بها جميع المظاهر السياحية التي قد يحتاج إليها أي زائر، فبها العديد من المواقع الأثرية التي تعود لعصر الفراعنة، وأسوار المدينة القديمة التي ترجع إلى العصر الإسلامي، والمواقع الأثرية الإسلاميةوالمسيحيةواليهودية الموجودة منذ دخول الأديان المختلفةلمصر.
كما ينتشر بالمدينة مناطق التسوق الشهيرة، والعشرات من القصور والمساجد والكنائس والبوابات التاريخية والمباني العريقة من مختلف العصور بالإضافة للأماكن الثقافية والفنية والمسارح وغيرها، وينتشر بها أعداد كبيرة من الفنادق وأماكن الإقامة بمختلف أنواعها ودرجاتها.
وتزخر كذلك بالمحميات الطبيعية البعيدة عن زحام قلب المدينة، والتي تبرز كمزارات باعثة على الهدوء والراحة والتأمل في الطبيعية. بخلاف التمتع برحلات نهر النيل الذي بني على ضفتيه درة ما تملكه المدينة من منشآت معمارية حديثة.[79]
القاهرة موقع لعدة مزارات سياحية ترفيهية هامة تضم حدائق ترفيهية على مساحات شاسعة يقبل عليها الكبار والصغار على حد سواء ومنهاحديقة الأزبكية،الحديقة الدولية، حديقة الفسطاط،[80][81]والحديقة اليابانيةبحلوان والتي تحتوي على بعض التماثيل التي ترمز لحقب تاريخية مختلفة، مثل تمثال زهرة اللوتس، تماثيل أفيال الشرق التي تحرس المكان، تمثال وجه الحياة وهو لامرأة تغمض عينيها مع ابتسامة خجل تعكس فكرة تقديس الشرق للمرأة، و48 تمثالاً لتلاميذ «شيبة» يجلس ليعلمهم الديانة البوذية أمام البحيرة الكبيرة، تمثال الحكمة الثلاثية وهو لثلاثة قرود تحث الإنسان على عدم التدخل في شؤون الغير «لا أسمع لا أرى لا أتكلم»، بالإضافة إلى بحيرة اللوتس وكشك الموسيقى والأشجار.[82] ويأتي على رأس متنزهات القاهرةحديقة الأزهر التي تعد أحد أضخم حدائق القاهرة وواحدة من أكبر وأجمل حدائق العالم. تقع على مساحة 80 فدان كانت تستغل في الماضي كمقلب للقمامة والمخلفات لمدة تزيد على ألف عام. تم الإعلان عن المشروع في عام1984 وافتتحت للزائرين في عام2005 حيث استغرق إنشاؤها أكثر من 7 أعوام بتكلفة إجمالية تزيد على 100 مليون جنيه تحملتهامؤسسة أغاخان للعمارة الإسلامية.[83][84][85]
كما يبرزبرج القاهرة كأحد معالم المدينة الحديثة والذي صممه المهندسنعوم شبيب، وتم بناؤه على شكل زهرة اللوتس المصرية من الخرسانة المسلحة خلال الفترة من1956 وحتى1961. يقف البرج على قاعدة من أحجار الجرانيت الأسواني التي سبق أن استخدمها المصريون القدماء في بناء معابدهم ومقابرهم، ويصل ارتفاعه إلى 187 متر وهو أعلى من الهرم الأكبر بالجيزة بحوالي 43 متر، ويتكون من 16 طابقاً، وتستغرق رحلة الوصول إلى قمة البرج 45 ثانية داخل المصعد للوصول إلى نهايته. يقع البرج في قلب القاهرة علىجزيرة الزمالكبنهر النيل. ويوجد بقمته مطعم سياحي على منصة دوارة تسمح لرواد المطعم بمشاهدة معالم القاهرة من كل الجوانب. وتكتسب الرحلات النيلية شعبية متزايدة لدى السائحين بنوعيها ما بين رحلات بسيطة على ظهر مراكب خشبية عتيقة أو رحلات تتسم بالرفاهية على متن سفن عصرية.[86]
بعيداً عن صخب وزحام القاهرة تظهر المحميات الطبيعية بالمدينة كأحد المزارات البارزة التي تبعث على الراحة والهدوء، وتتمثل فيمحمية وادي دجلة التي تقع شرق ضاحية المعادي بالصحراء الشرقية، والتي تبلغ مساحتها حوالي 60 كم مربع، وهي محمية غنية بالحفريات، وتتميز باحتوائها على العديد من الكائنات الحية الحيوانية مثلالغزلان، الأرانب الجبلية،الثعلب الأحمر، الفأر ريشي الذيل، إضافة إلى أنواع عديدة من الحشرات، فضلاً عن تسجيل ما يقارب الـ 18 نوع من الزواحف، و12 نوع من الطيور الممثلة لبيئة الصحراء الشرقية المقيمة والمهاجرة.[87] وعلى بعد 18 كم من شرقضاحية المعادي تقعمحمية الغابة المتحجرة والتي تمثل كنزاً جيولوجياً وتراثاً إنسانياً، حيث تضم الغابة أشجاراً تحتفظ بسيقانها وفروعها بكامل التفاصيل متناثرة على مساحة 7 كم مربع تحولت إلى أشجار من حجارة. ووقع هذا التحول الطبيعي منذ العصر الاليجوسين أي منذ نحو 35 مليون سنة وتعد هذه الغابة الكثيفة من الأشجار المتحجرة نتاجاً طبيعياً للعصر الذي بدأت الأنهار تدخل فيه إلى مصر من الجنوب. كما توجد بالمحمية بعض تكوينات الأيوسين الأعلى وتحتوي على بعض الحفريات اللافقارية وعمرها يرجع إلى 60 مليون سنة.[88][89] وفيحلوان ينبع أحد أشهر العيون المائية في مصر وهي «عين حلوان»، والتي كانت مقصداً لأهالي وسكان القاهرة بسبب كمية مائها المعدني الكبريتي المعالج للكثير من الأمراض الجلدية والذي يعد من أغنى العناصر الشفائية الطبية، بالإضافة إلى مناخحلوان الجاف الذي يهيئ جواً مناسباً للاستشفاء من أمراض عديدة أهمها الأمراض الجلدية والروماتيزمية والمفصلية.[90]
تعد السياحة الثقافية في القاهرة أحد أهم عوامل الجذب السياحي إذ تمتلك المدينة مجموعة من الآثار المتنوعة صنعت من مناطق كاملة متاحف مفتوحة وساهمت في نشأة متاحف مصرية ذات مكانة عالمية، وكانت مصدر إلهام عشرات الكتب والروايات مثلثلاثية نجيب محفوظ التي تعدأفضل رواية عربية، كما تبرز مدينة أون الفرعونية بمنطقة عين شمس بمعالمها الأثرية التي من أهمها مسلة الملك سنوسرت الأول «مسلة المطرية». كما تنتشر المتاحف بأرجاء المدينة وعلى رأسهاالمتحف المصري بالتحرير،متحف الفن الإسلامي،المتحف القبطي،متحف الفن المصري الحديث،قصر المنيل،متحف الحضارةبالفسطاط،متحف الشمعبحلوان، متحف سكك حديد مصر، متحف القصر العيني، متحف بيت الأمة،متحف جاير أندرسون، متحف المركبات الملكية ببولاق، متاحف قلعة صلاح الدين (قصر الجوهرة،المتحف الحربي، متحف الشرطة)، متاحف قصر عابدين (متحف الأسلحة، متحف الأوسمة والنياشين، متحف الفضيات، متحف هدايا رئاسة الجمهورية، متحف الوثائق التاريخية).[91][92][93]
تمثل سياحة المهرجانات والمؤتمرات والمعارض نمطاً سياحياً هاماً لمدينة القاهرة، وتحظى فعاليتها بإقبال جماهيري من الداخل والخارج، وذلك بقصد تحقيق عدة أهداف منها الترويج السياحي وتنويع مفردات الجذب السياحي، وتشجيع أنشطة التسوق، ورعاية الأحداث الفنية.
تحظى المقابر باهتمام الآلاف من أحفاد ضحايا الحربين العالميةالأولىوالثانية بالعالم ممن يهتمون بزيارتها تخليداً لذكرى أجدادهم. يأتي نصيب القاهرة في مقبرتين تقع الأولى بالقرب من شارع صلاح سالم وصممها السير روبرت لوريمر،[101] والثانية في هليوبوليس وصممها هربرت ورثينجتون.[102]
تعد القاهرة القديمة إحدى أقدم مدن العالم الإسلاميّة بما تضمه من جوامع ومدارس وحمامات وينابيع. تأسست المدينة في القرن العاشر وأصبحت مركزاً للعالم الإسلامي ووصلت لعصرها الذهبي في القرن الرابع عشر. وقررت لجنةاليونسكو إدراجها ضمنقائمة التراث العالمي في عام1979.[103][104] تضم القاهرة التاريخية أنواعاً من العمائر رفيعة الطراز مثل المدارس والوكالات والخنقاوات والأسبلة والحمامات والبيوت والقصور الأثرية مثلبيت السحيميوقصر الأمير بشتاك، والأسواق مثلخان الخليلي والصاغة والنحاسين، والأحياء العتيقة مثل التربيعة والخيامية وتحت الربع، ويحيط بها أسوار وبوابات مثل باب النصر وباب الفتوح والتي كانت تغلق قديماً في المساء لحفظ الأمن والنظام.
كانت القاهرة منذ فترة طويلة محور التعليم والخدمات التعليمية ليس فقط لمصر ولكن أيضاًللعالم الإسلامي قاطباً. وبالقاهرة العدد الأكبر من المدارس والجامعات والمعاهد بين مدن مصر، ومرجع ذلك هو عدد سكانها الضخم. ولا يختلف التعليم في القاهرة عن التعليم في باقي أنحاء مصر، فهو تقريباً بنفس الجودة. يوجد بجانب المدارس الحكومية العديد من المدارس الخاصة التي تدرس مناهج مشابهة للمناهج في المدارس الحكومية ولكنها أقل في أعداد الطلاب وأكثر كفاءة من المدارس الحكومية الرسمية نظراً للدعم المالي المتوفر، وهناك مدارس اللغات التي تدرس نفس المناهج باللغاتالإنجليزية أوالفرنسية أوالألمانية وهي تسير على النظام التعليمي المتبع في هذه الدول، وهناك المدارس الدينية وعلى رأسهاالمدارس الأزهرية التي تتميز بذاتيتها في المناهج والزيادة في بعض المواد الدينية. وتعتبر القاهرة هي مهد تأسيسجامعة القاهرة كأول جامعة على النظم الحديثة، حيث تم إنشاؤها تحت اسم (الجامعة المصرية) في قصر جناكليس (بشارع القصر العيني) عام1907 قبل أن يتم نقل الجامعة إلى مقرها الحاليبالجيزة،[107][108] وتضم المدينة حالياً عدة جامعات متنوعة ما بين عريقة وحديثة النشأة منهاجامعة حلوان،جامعة عين شمس،جامعة الأزهر،الجامعة الأمريكية،الجامعة الألمانية،الجامعة الفرنسية،الجامعة البريطانية،الجامعة الروسية،أكاديمية الشرطة،فرع الأكاديمية العربية للعلوم.[109][110]
يصل محاور وأحياء ومناطق القاهرة ويربطها بباقي مدن ومحافظات مصر شبكة طرق ومواصلات ضخمة، يدار أغلبها باستخدام إشارات المرور الإلكترونية وتراقب بكاميرات المراقبة، وتخدم يومياً ملايين المواطنين. تضم تلك الشبكة عدة كباري وجسور بالإضافة إلى خطوط السكك الحديدية وقطارات الأنفاق جنباً إلى جنب الحافلات العامة وسيارات الأجرة. ويربط المدينة بباقي مدن العالمميناء القاهرة الجوي الذي يعد المطار الأهم والأكبر في مصر.[116]
ميناء القاهرة الجوي أومطار القاهرة الدولي هو مطار دولي يقع على مسافة 22 كم شمال شرق مدينة القاهرة، وتبلغ مساحته حوالي 40 مليون متر مربع. يعود تاريخ إنشاء المطار إلى عام1942 وافتتح بشكله الحديث في عام1963، ويعتبر البوابة الجوية الرئيسية لمصر، فيما يعد ثاني أكبر مطار فيقارة أفريقيا من حيث الحركة الجوية بعدمطار كيب تاونبجنوب أفريقيا. يمثل المطار حوالي 40% من الحركة الجوية بمصر ويرتبط بـ 91 مطار في مختلف أنحاء العالم من خلال خطوط الطيران المختلفة. تبلغ الطاقة الاستيعابية للمطار حالياً 22 مليون راكب سنوياً، ويستخدمه أكثر من 60شركة طيران من مختلف دول العالم، وعشرة شركات للشحن الجوي، بالإضافة لرحلات الطيران العارض ويقوم على إدارته وتشغيلهشركة ميناء القاهرة الجوي. اختير المطار كأفضل مطارات أفريقيا لعام2006 من قبل اتحاد شركات الطيران الأفريقية وذلك من خلال استقصاء أجراه الاتحاد عن تطوير المطارات الأفريقية من حيث الأداء والبنية التحتية والتحديث المستمر. ازدادت أهمية المطار خاصة بعد انضمام شركةمصر للطيران إلىتحالف ستار وتحول مطار القاهرة إلى مطار محوري يربط بينأفريقياوالشرق الأوسطوأوروبا، وذلك لتجميع ركاب الترانزيت والانطلاق بهم إلى جميع مطارات العالم. يضم المطار ثلاثة مباني للركاب مبنى رقم (1) سعته 6 ملايين راكب/سنوياً، ومبنى رقم (2) سعته 3.5 مليون راكب/سنوياً، ومبنى رقم (3) سعته 11 مليون راكب/سنوياً، بالإضافة إلى مبنى الرحلات الموسمية وسعته مليوني راكب/سنوياً، كما يضم أربعةمدارج لإقلاع وهبوط الطائرات.[117][118][119][120]
بدأ استخدام الأوتوبيس النهري عام1961 كوسيلة مواصلات ولأغراض الرحلات النيلية القصيرة، وفي1 مارس2016 تم افتتاح مشروع التاكسي النهري من القاهرة إلىالمعادي، على أن يبدأ خط سير التاكسي النهري من مرسى نادي اليخت بكورنيش المعادي مروراً بثلاث محطات هيمنيل الروضة،جاردن سيتي، وصولاً إلىالتحرير كمرحلة أولى، بحيث يتم مد المشروع ليغطي باقي مناطق القاهرة الكبرى. يعمل التاكسي النهري حالياً بشكل تجريبي لأغراض نقل الركاب والسياحة والرحلات وذلك للحين الانتهاء من إجراءات ترخيص المراسي من محافظتي القاهرة والجيزة. وترتبط القاهرة بباقي محافظات مصر بعدة خطوط ملاحية نهرية تتمثل في خط القاهرة/أسوان، خط القاهرة/الإسكندرية، خط القاهرة/دمياط. تتمثل أهمية النقل النهري من منطلق أنه أكثر وسائل الانتقال أماناً لقلة الحوادث مقارنة بوسائل النقل الأخرى نظراً لانسيابية الحركة، ولعدم وجود تقاطعات مرورية كما أنه صديق للبيئة وكذلك يتمتع بمعدل استهلاك وقود منخفض والقدرة على نقل الشحنات ذات الأحجام الكبيرة والتي لا يمثل عنصر الوقت والسرعة أهمية كبيرة في نقلها.[121][122]
تعتبرمحطة سكك حديد القاهرة «محطة مصر أو محطة رمسيس أو محطة باب الحديد» من أقدم محطات السكك الحديدية الموجودة في العالم حيث تعد سكك حديد مصر هي أول خطوط سكك حديد يتم إنشاؤها فيأفريقياوالشرق الأوسط والثانية على مستوى العالم بعدالمملكة المتحدة حيث بدأ إنشاؤها فيخمسينياتالقرن التاسع عشر، وبدأ تشغيلها في عهدالخديوي إسماعيل، ويقوم على تشغيل المحطةالهيئة القومية لسكك حديد مصر التي تعرف اختصاراً باسم (س.ح.م) وهي شركة تمتلكها الحكومة المصرية بالكامل. خضعت المحطة إلى عملية تطوير شاملة على مرحلتين تضمنت ترميم واجهة المحطة الرئيسية التاريخية، وتجديد صالة كبار الزوار ومكتب شرطة السياحة ومكتب ناظر المحطة، بالإضافة للأرصفة الرئيسية الأربعة والساحة الخارجية للمحطة، وتم فتح عدد من المحلات التجارية ومكاتب لبعض البنوك ومول تجاري يضم أنشطة تجارية وخدمية وترفيهية ومقاهي بهدف زيادة عائدات المحطة السنوية، بالإضافة إلى إعادة تصميم البهو الرئيسي وتطوير صالة التذاكر لتصبح صالة إلكترونية، وزيادة القدرة الكهربائية للمحطة، وتم تزويد المحطة بماكينات لصرف تذاكر القطارات من خلال بطاقات الدفع مقدماً، مع إمكانية الحجز عن طريق الكمبيوتر وبطاقات الصرف الآلي، مما أدي إلى تقليل الزحام على شباك التذاكر. وتم إضافة نصب تذكاري في البهو الرئيسي للمحطة على هيئة هرم نصفه الأعلى مفرغ لرؤية هرم داخلي وآخر بلوري يضم قائمة بأسماء شهداءثورة 25 يناير، وزودت المحطة ببوابات أمنية إلكترونية وشبكة مراقبة بالكاميرات. وصلت تكلفة تطوير المحطة إلى 160 مليون جنيه، وقام بإعداد المخطط العام والتصميمات والرسومات الهندسية للمشروع المركز الهندسي للخدمة العامة بكلية الهندسة بجامعة الإسكندرية.[123][124]
يعود تاريخ ترام القاهرة أو ترام مصر الجديدة إلى ثمانينات القرن الماضي، حينما قررالبارون إمبان المهندس البلجيكي إنشاءمصر الجديدة، وكانت فكرته حينها بتدشين ترام يجوب الشوارع الفارغة ليجذب إليها المواطنين، وتولت شركة مصر الجديدة للإنشاء والتعمير مسئولية تعمير المدينة الجديدة وتوفير البنية التحتية من كهرباء ومياه وكذلك إدارة الترام. كان الترام يمر بـ 16 محطة وشهد انكماشاً في عدد المحطات حتى وصلت حالياً إلى 8 محطات فقط متمثلة في 3 خطوط. يعد الترام وسيلة مواصلات سهلة واقتصادية، ما يجعله الخيار الأنسب لمحدودي الدخل. وبين الحين والآخر تنتشر أخبار عن إلغاؤه بهدف توسيع الطرق التي يمر بها لتقليل معدل التكدسات المرورية، فيما تنفي المصادر الحكومية تلك الأخبار وتصرح بنيتها لتطويره وتحديث العربات لتقديم خدمة أفضل للمواطنين.[125][126]
تحتل القاهرة المركز السابع عالمياً بين أكثر مدن العالم ازدحاماً مما دعا الحكومة المصرية لاتخاذ إجراءات موازية لتحسين شبكة المواصلات لكي تتماشى مع الزيادة السكانية بالمدينة وتستطيع أن تغطي متطلباتها، فبدأ التفكير في مشروع مترو الأنفاق كأحد حلول الأزمة المرورية بالعاصمة المصرية.[127] بدء تنفيذ المرحلة الأولى من الخط الأول عام1982، وانتهت في1 أكتوبر1987 والمرحلة الثانية في12 أبريل1989 ليربط المنطقة الصناعيةوجامعة حلوان بالمنطقة التجارية بوسط القاهرة ومنطقة شمال شرق القاهرة، حيث وصل حتىالمرج بطول 42.7 كم، ويرتبط الخط تبادلياً بخطوط السكك الحديدية الرئيسية للوجه القبلي والبحري عند محطة الشهداء (مبارك سابقاً) وبخط السويس / إسماعيلية عند محطة عين شمس وبخط المرج / شبين القناطر / قليوب عند محطة المرج، ويبلغ عدد محطات الخط 34 محطة منهم 5 محطات نفقية، وبقية المحطات سطحية.[127][128] وبسبب الزيادة للسكانية ومشاكل النقل العام بدأت الحكومة المصرية التفكير في دعم مترو الأنفاق بإنشاء خط ثاني يربط القاهرة بمحافظتي الجيزة والقليوبية ويربط محطة سكك حديد شبرا الخيمة مع محطة سكك حديد الجيزة. فأنشئ الخط الثاني منمحطة شبرا الخيمة إلى الجيزة مروراً بمحطة الشهداء «رمسيس» ومحطة السادات «التحرير» التبادلية أيضاً.[127] وتلبية لمطالب النقل الكثيفة تم تنفيذ المرحلة الأولى والثانية والثالثة من الخط الثالث لمترو الأنفاق ليربط شرق القاهرة بغربها، مع تبادل الخدمة معالقطار الكهربائي الخفيف LRT فيمحطة عدلي منصور المركزية، ومع الخط الأول في محطة جمال عبد الناصر ومع الخط الثاني في محطة العتبة، وذلك بهدف خفض المرور السطحي لوسائل النقل الأخرى بما يعادل مليوني رحلة/يومياً، ووفر زمن الرحلات خلال العام بقدر 564 مليون ساعة لجميع وسائل النقل.[127][129]
اشتهرت سيارات الأجرة بالقاهرة باللونين الأبيض والأسود. ثم أنشئ جهاز تاكسي العاصمة لإدخال سيارات حديثة إلى شوارع القاهرة تعمل إلى جانب التاكسي القديم وتستخدم تعريفة ركوب محددة، وتميزت تلك السيارات باللون الأصفر. وذلك حتى بدأت محافظة القاهرة مشروع إحلال وتبديل سيارات التاكسي القديم بأخري حديثة تتميز باللون «الأبيض» عن طريق جهاز تاكسي العاصمة، وبالتعاون بينمحافظة القاهرة ووزارتيالبيئةوالمالية وعدد من الجهات التنفيذية.[130][131] ويعتبر تاكسي لندن «الأسود» الذي ظهر في القاهرة عام2010 من أفضل سيارات الأجرة بالمدينة، رغم ارتفاع أسعاره نسبياً، إلا أنه موجه في الأساس لخدمة السائحين ورجال الأعمال.[132] وبسبب تطور الخدمات التقنية وانحدار خدمة التاكسي «الأبيض»، ظهرت في أواخر عام2015 شركات تستخدم السيارات الخاصة في الأغراض التجارية لنقل الأفراد بأجر، وذلك باستخدام تطبيقات الأجهزة الذكية.[133][134]
يقوم على تشغيل حافلات نقل الأفراد بالقاهرة هيئة النقل العام التابعة لمحافظة القاهرة والتي قامت منذ عام2010 بالبدء في تحديث أسطولها من الحافلات وقامت بطرح أوتوبيسات جديدة اختير لها اللون الأحمر، وسحب الأوتوبيسات القديمة ذات اللون الأخضر والأخرى ذات اللون الأبيض. كما قامت بإدخال أوتوبيسات أخرى جديدة للخدمة في عام2016، اختير لها اللون الأزرق.[135][136] وفي عام2015 تسلمت القاهرة 600 حافلة نقل عام مقدمة كمنحة مندولة الإمارات لتطوير أسطول هيئة النقل العام بالقاهرة بقيمة إجمالية 550 مليون جنيه، والتي روعي في تصنيعها التمتع بمواصفات الخدمة الشاقة وأن يتم تصنيعها بنسبة 50% فيمصر والنصف الآخر في مصنع للحافلاتبأبوظبيبالإمارات.[137]
يربط مناطق القاهرة عدة محاور مرورية أشهرهاالطريق الدائري وهوطريق محيطي أنشئ بهدف ربط محافظاتالقاهرة الكبرى، وتخفيف زحام السيارات داخل القاهرة وضواحيها حيث تصل الحركة المرورية عليه إلى أكثر من 100 ألف سيارة/يوم. بدأتوزارة الإسكان في إنشاء الطريق عام1986 وتم الانتهاء منه بالكامل عام2005 بطول إجمالي 100 كم.[138][139] وكوبري أكتوبر الذي يتراوح عرضه بين 14 إلى 34 متر ويشمل 23 مطلع ومنزل بعرض 7 إلى 8 متر، يبدأ الكوبري من الدقي ويعبر نهر النيل ويمر بمنطقة غمرة حتى يصل إلى طريق النصر.[140]وشارع صلاح سالم الذي يعد من أكبر وأطول شوارع القاهرة، حيث تصب فيه روافد من جميع أنحاء المدينة مما يجعله محوراً رئيسياً.[141] وطريق النصر وشارع جسر السويس.[142] ومن أشهر ميادين القاهرة الخديويةميدان التحرير،ميدان رمسيس،ميدان العتبة، ميدان التوفيقية،ميدان طلعت حرب، ميدان عابدين، ميدان الفلكي، ميدان لاظوغلي، ميدان باب اللوق، ميدان مصطفي كامل، ميدان محمد فريد،ميدان الأوبرا. ومن ميادين القاهرة القديمة ميدان السيدة زينب، ميدان السيدة عائشة، ميدان السيدة نفيسة. ومن ميادين منطقة مصر الجديدة والقبةميدان العباسية،ميدان حدائق القبة،ميدان روكسي، ميدان تريومف، ميدان المحكمة، ميدان الجامع، ميدان الكوربة، ميدان هليوبوليس. ومن ميادين مدينة نصر ميدان الساعة،ميدان رابعة العدوية.[143]
تعد مشكلة العشوائيات من مشكلات المدينة المعاصرة التي نمت أوضاعها مع الزيادة السكانية التي شهدتها المدينة منذ الستينات، وما صاحب ذلك من تغيرات اجتماعية واقتصادية أدت إلى استمرار تزايد معدلات الهجرة من الريف إلى القاهرة مما أسفر عن معدلات طلب متزايدة بسوق العقارات يقابلها نقص في عدد الوحدات السكنية المطروحة، فظهرت على السطح مشكلة المناطق العشوائية التي تنوعت ما بين مساكن الإيواء المؤقت، ومساكن وضع اليد المشيدة على أراضي مغتصبة، والمساكن المشيدة بتقاسيم غير معتمدة أو بدون تراخيص قانونية. ونتيجة لتفشي تلك الظاهرة بالقاهرة وعدة مدن مصرية أخرى، بدأت الحكومة المصرية في التعامل معها عن طريق عدة محاور منها التطوير من خلال موازنة الدولة، التطوير من خلال التعاون مع جهات دولية، التطوير من خلال التعاون مع الجمعيات الأهلية ورجال الأعمال والمجتمع المدني، التطوير من خلال التعاون مع الوزارات ذات الصلة بأماكن التطوير.[145][146]
تتعدى نسبة تلوث هواء القاهرة بالأتربة المؤشرات الدولية بـ 7 مرات، وصنفها المؤتمر السنوي الـ 11 للجمعية المصرية للشعب الهوائية والصدر والحساسية القاهرة كثالث أكثر مدن العالم في معدل تلوث الهواء بعد مدينتي «نيومكسيكو» المكسيكية، والعاصمة الصينية «بكين». ويعود ارتفاع نسبة التلوث بالقاهرة إلى عدة أسباب منها الدخان الناتج عن حرق قش الأرز في بعض محافظات الدلتا وشمال الصعيد القريبة من القاهرة، مما يشكل ما يعرف منذ سنوات بظاهرة «السحابة السوداء»، كما تضخ المصانع بالقاهرة والمحافظات القريبة منها (الجيزة والقليوبية) والتي تصل إلى حوالي 12600 منشأة صناعية كميات كبيرة من الملوثات والأدخنة، فيما تضخ حرائق القمامة في الأماكن المكشوفة داخل القاهرة وفي المحافظات القريبة منها بالإضافة إلى عوادم وسائل النقل والمواصلات أطنان من الأدخنة الملوثة. وتقدر الخسائر المادية المترتبة على تلوث الهواء والجو في القاهرة بحوالي 10 مليارات جنيه سنوياً.[147][148]
أصبحت مشكلة التكدس المروري والزحام بالقاهرة أحد أزمات المدينة اليومية، وخصوصاً خلال ساعات الذروة. وكشفت دراسة حديثة عن أزمة المرور بالقاهرة صادرة عنالبنك الدولي بالاشتراك مع المعهد القومي للنقل التابع لوزارة النقل أن الزحام المروري في القاهرة يتسبب في خسائر سنوية للدولة تقدر بحوالي 50 مليار جنيه، بما يعادل %4 من إجمالي الناتج المحلي السنوي للدولة، تشمل تكاليف الوقود والآثار الصحية الناتجة من سوء نوعية الهواء والحوادث، بجانب التأخير في الانتقال والوصول. وأضافت الدراسة أن متوسط السرعة على الطرق الرئيسية في القاهرة تتراوح بين 15 و40 كم في الساعة. وتعود تلك المشكلة إلى عدة عوامل أهمها الزيادة السكانية غير المخطط لها، وبالتالي لم تتمكن الشوارع العامة من استيعاب تلك الأعداد وتحقيق سيولة مرورية مقبولة، إهمال صيانة الطرق الرئيسية وتوسيعها ودعمها بأنظمة مرورية حديثة وتخطيط أماكن للانتظار، عدم وجود حارات خاصة لحافلات النقل العام ومقطورات النقل الثقيل، عدم تطبيق قواعد المرور بحزم، ضعف سلوكيات القيادة، انتشار الباعة الجائلين بالميادين والشوارع، ظاهرة المواقف العشوائية، قلة ساحات انتظار السيارات سواء السطحية أو متعددة الطوابق.[149]
^قيل أن جوهر الصقلي أحضر المنجمين وأمرهم باختيار طالع لوضع أساس مدينة يريد عمارتها بمصر، فعلقوا حبالاً فيها أجراس بينهم وبين البناة ليحركوها وقتما ظهر الطالع فيلقي البناة حينئذ ما بأيديهم من الطين والحجارة لوضع حجر الأساس، فاتفق أن غراباً وقف على الحبال فهز الأجراس فظن العمال أن المنجمين حركوها فألقوا ما بأيديهم من مواد البناء، فصاح المنجمون "القاهر" في الطالع، ويقال أن المريخ كان في الطالع عند ابتداء وضع حجر الأساس، وهو قاهر الفلك، فسموها القاهرة.
^عبد الرحمن بن خلدون، ضبط المتن / خليل شحادة، مراجعة / سهير زكار، "تاريخ بن خلدون" المسمى "العبر وديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر"، طبعة 2001، 8 مجلدات،دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.
^محمود أحمد، "دليل موجز لأشهر الآثار العربية بالقاهرة"، طبعة 1938، 229 صفحة،المطبعة الأميرية.
^د/ أيمن محمد نور عفيفي، د/ خالد صلاح الدين علي، "دراسة / الوسائل التكنولوجية في البناء كمحدد أساسي للارتقاء بالمناطق العشوائية في مصر"، 19 صفحة،جامعة حلوان.
جمال الشرقاوي، «حريق القاهرة»، طبعة 1976، 991 صفحة،دار الثقافة الجديدة.
محمد أنيس، «حريق القاهرة»، طبعة 1972، 176 صفحة،المؤسسة العربية للدراسات والنشر.
أبو الحمد محمود فرغلي، «الدليل الموجز لأهم الآثار الإسلامية والقبطية في القاهرة»، طبعة 1991، 302 صفحة،الدار المصرية اللبنانية.
محمود أحمد، «دليل موجز لأشهر الآثار العربية بالقاهرة»، طبعة 1938، 229 صفحة،المطبعة الأميرية.
ستانلي لين بول، ترجمة / حسن إبراهيم حسن - علي إبراهيم حسن - إدوار حليم، «سيرة القاهرة»، الطبعة الثانية، 285 صفحة،مكتبة النهضة المصرية.
جان لوك أرنو، ترجمة / حليم طوسون - فؤاد الدهان، «القاهرة إقامة مدينة حديثة 1867 - 1907 من تدابير الخديوي إلى الشركات الخاصة»، طبعة 2002، 404 صفحة،المجلس الأعلى للثقافة.
أندريه ريمون، ترجمة / ناصر أحمد إبراهيم - باتسي جمال الدين، «الحرفيون والتجار في القاهرة في القرن الثامن عشر»، طبعة 2005،المجلس الأعلى للثقافة.
محمد بن تاويت الطنجي، تحرير / نوري الجراح، «رحلة ابن خلدون (1352 - 1401)»، طبعة 2003، 555 صفحة،دار السويدي للنشر والتوزيع.
عبد الرحمن بن خلدون، ضبط المتن / خليل شحادة، مراجعة / سهير زكار، «تاريخ بن خلدون» المسمى «العبر وديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر»، طبعة 2001، 8 مجلدات،دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.