الشيعة لغةً هم الأتباع والأعوان. اُخذت من الشياع والمشايعة بمعنى المتابعة والمطاوعة. قالابن منظور: الشيعة كلُّ قومٍ اجتمعوا على أمر فهم شيعة. وكلّ قوم أمرهم واحد يتبع بعضهم رأي بعض فهم شيعة، والجمع شِيَع.[39] وقد غلَب هذا الاسم على من يَتَوالى عَلِيًا وأَهلَ بيته.[40] ورد لفظ شيعة فيالقرآن الكريم في العديد من الآيات بمعانٍ مختلفة منها﴿وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ٨٣﴾ [الصافات:83][41]
على مدارالتاريخ الإسلامي، أُطلِقَتْ لفظةُ «شيعة» على العديدِ من الحركاتِ الإسلاميةِ مثل شيعة عثمان وشيعة معاوية وغيرهم. إلا أنّ لفظة الشيعة وحدها تعتبر عَلماً لشيعة علي ومُتّبعيه. يرى الشيعةُ أن أصل التسمية ورد في حديثلمحمد بن عبد الله نبيالإسلام في حياته. حيث سألهعلي بن أبي طالب عن خير البرية فأجابه: «أنت وشيعتك». لذلك يعتقدُ الشيعة أنَّ التشيعَ لم يظهرْ بعد وفاةِ مُحمّدٍ بل هو الإسلام الحقيقي الذي بعث به محمد.[42] وقد ورد هذا الحديث بروايات مختلفة في كتب الشيعة وبعض المذاهب الإسلامية الأخرى.[43]
يؤمن الشيعة أن التشيع هو الإسلام ذاته، ويتبناه الشيعة أنفسهم حيث يرون أن المذهب الشيعي أصلا لم يظهر بعدالإسلام. ويرون أن المسلم التقي يجب أن يتشيع ويوالي علي بن أبي طالب، وأنه ركن من أركان الإسلام. عند نزول الآية:﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ٧﴾ [البينة:7]،[44]ويؤمنون أن النبي أكد قبل موته في يومغدير خم حينما حجحجة الوداع، حيث جمع المسلمين وكانوا أكثر من مئة ألف، وأعلن الولاية لعلي من بعده حيث ورد فيالحديث بعبارات مختلفة أن النبي قال:[45][46][47][48][49]
من كنتُ مولاه فعليّ مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه
كما يرون أنالطوائف الإسلامية الأخرى هي المستحدثة ووضعت أسسها من قبل الحكام والسلاطين وغيرهم من أجل الابتعاد عن الإسلام الذي أراده النبي محمد في الأصل. يستدل الشيعة بالآية:﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ٦٧﴾ [المائدة:67]. ولذا، يخالف الشيعةُ بعضَ المؤرخين في أن التشيع بدأ بعد وفاة النبي محمد.
بعد وفاة النبي محمد، اجتمع الصحابة فيسقيفة بني ساعدةلاختيار الخليفة في غياب وجوهبني هاشم، أبرزهم علي بن أبي طالبوالعباس بن عبد المطلب اللذان كانا يجهزان النبي للدفن أثناء انعقاد السقيفة، وحسب المؤرخين فإن السقيفة انتهت باختيارأبو بكر بن أبي قحافة خليفة حسب إجماع من المجتمعين في السقيفة من المهاجرين والأنصار. بعد السقيفة بدأت مجموعة صغيرة من الصحابة منهمأبو ذر الغفاريوعمار بن ياسروالمقداد بن عمرووالزبير بن العوام تجتمع في بيت علي بن أبي طالب معترضة على اختيار أبو بكر،[50] يعتبر الشيعة الصحابة الذين يرون أحقية علي بن أبي طالب هم أفضل الصحابة وأعظمهم قدراً.[51]
ويرى البعض أنه بعد أن تطور الأمر في عهدعثمان بن عفان الخليفة الثالث حيث أدت بعض السياسات التي يقوم بها بعض عماله فيالشامومصر إلى سخط العامة وأعلن بعض الثائرين خروجهم على عثمان وبدؤوا ينادون بالثورة على عثمان، وبالرغم من أن علي بن أبي طالب نفسه حاول دفعهم عن الثورة وحاول أيضا من جهة أخرى تقديم النصح لعثمان بن عفان لإنقاذ هيبة دولة الإسلام إلا أن عثمان قتل في النهاية على يد الثائرين. وبعد ذلك اجمع المسلمون على الالتفاف حول علي بن أبي طالب يطلبون منه تولي الخلافة. وهنا يأخذ الفكر منعطفا جديدا حيث أن علي بن أبي طالب أصبح حاكما رسميا وشرعيا للأمة من قبل أغلب الناس.
ومع بداية الصراع بينه وبين الصحابة أمثالطلحةوالزبير بن العوامومعاوية، بدأ يظهر مصطلح شيعة علي يبرز وهم أصحاب علي بن أبي طالب المؤيدين له، والذين ينظر إليهم الشيعة كمؤمنين بمبدأ إمامة علي، ومتبعين له من منطلق اعتقادي. ولكن بدأت في ظهور مجموعة في المقابل أطلقت على نفسها شيعة عثمان أعلنوا أنهم يطالبون بدم عثمان وقتل قتلته وتطور الأمر بهم ان أعلنوا رفضهم لخلافة علي بن أبي طالب الذي تباطئ في رأيهم في الثأر لعثمان. وعلى رأس شيعة عثمان كانمعاوية بن ابي سفيان من جهةوعائشة زوجة النبي من جهة أخرى وبعد معارك مثلمعركة الجملومعركة صفين وظهور حزب جديد همالخوارجومعركة النهروان. قتل علي بن أبي طالب على يد أحد الخوارج هوعبد الرحمن بن ملجم بسيف مسموم أثناءصلاة الفجر فيمسجد الكوفة وقال جملته الشهيرة: «فزت ورب الكعبة».[52][53][54]
حدثت موقعة الجمل في عام36 هـ بين علي بن أبي طالب وكلٍ من عائشة وطلحة والزبير، يرى الشيعة بأن سبب خروجطلحةوالزبير بأنهما بايعا الإمام طمعا في منصب وهو مالم ينالاه لذلك خرجا عليه واتخذا من القصاص لمقتل عثمان حجة لعزله عنالخلافة أو قتله، أماعائشة فهي من حرض الناس على قتل عثمان فهي من قالت: «اقتلوا نعثلاً (عثمان) فقد كفر»،[55][56][57][58] وهي التي أثارت الحرب وحرضتطلحةوالزبير وأخبرتهم بأن الإمام علي هو من قتله أو سهل مقتله.[59] بينما يرىالسنة أن علي بن أبي طالب لم يكن قادراً على تنفيذالقصاص[ ؟] في قتلة عثمان مع علمه بأعيانهم، وذلك لأنهم سيطروا على مقاليد الأمور في المدينة النبوية، وشكلوا فئة قوية ومسلحة كان من الصعب القضاء عليها. لذلك فضل الانتظار ليتحين الفرصة المناسبة للقصاص[60]، ولكن بعضالصحابة وعلى رأسهمطلحة بن عبيد اللهوالزبير بن العوام رفضوا هذا التباطؤ في تنفيذالقصاص[ ؟] ولما مضت أربعة أشهر على بيعة علي دون أن ينفذالقصاص[ ؟] خرج طلحة والزبير إلىمكة، والتقوا عائشة التي كانت عائدة من أداء فريضةالحج[ ؟]، واتفق رأيهم على الخروج إلىالبصرة ليلتقوا بمن فيها منالخيل والرجال، ليس لهم غرض في القتال، وذلك تمهيداً للقبض على قتلة عثمان، وإنفاذالقصاص[ ؟] فيهم.[61] ونتج عن المعركة هزيمة أصحاب الجمل ومقتل الآلاف وقُتل فيها طلحة والزبير.
مُنمنمةٌ فارسيَّة مُذهَّبة من العصر الصفوي تُصوِّر معركةً ضاريةً منحرب صفين.
هي المعركة التي دارت بينعلي ومعاوية بن أبي سفيان - والي الشام في عهد عثمان - بعد أن عزلهُ وبعد اعلان معاوية رفضه تنفيذ قرار الخليفة بعزله[62]، كما امتنع عن تقديم البيعة لعلي، وطالب بالثأر لابن عمه عثمان[63]، ويشكك أيضا الكثيرون في أهداف معاوية المعلنة حيث يرون أن معارضته كانت لأطماع سياسية[64] وكان لشيعة علي دور في المعركة حيث ورد في المصادر الشيعية أن عليًا عندما سألهأبو بردة بن عوف الأزدي وهو أحد المتخلفين عنه حيث قال «يا أمير المؤمنين، أرأيت القتلى حول عائشة والزبير وطلحة، بم قتلوا» فرد عليه «قتلوا شيعتي وعمالي، وقتلوا أخا ربيعة العبدي، رحمة الله عليه، في عصابة من المسلمين قالوا : لا ننكث كما نكثتم، ولا نغدر كما غدرتم. فوثبوا عليهم فقتلوهم، فسألتهم أن يدفعوا إلى قتلة إخواني أقتلهم بهم، ثم كتاب الله حكم بيني وبينهم، فأبوا علي، فقاتلوني وفي أعناقهم بيعتي، ودماء قريب من ألف رجل من شيعتي، فقتلتهم بهم، أفي شك أنت من ذلك ؟»[65] وأدت المعركة إلى مقتل 70 ألف رجل، منهم من أتباع عليعمار بن ياسر الذي قال عنه النبي محمد «وَيْحَ عَمَّارٍ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ»[66]
حدثت في سنة38 هـ بين جيشعلي بن أبي طالب وجيشالخوارج، انتهت المعركة بانتصار علي ومقتل جميع جيش الخوارج البالغ عددهم 4000 ما عدا أقل من 10، حيث ورد عنه في المصادر الشيعية قوله لهم عندما وصلواحروراء «يا قوم. ليس اليوم أوان قتالكم. وستفترقون. حتى تصيروا أربعة آلاف. فتخرجون علي في مثل هذا اليوم وفي مثل هذا الشهر فأخرج اليكم بأصحابي فأقاتلكم حتى لا يبقى منكم الا دون عشرة»[67] وقد كان عددهم 12 ألف ثم تفرقوا.[68]
يعتبر الشيعةالأمويين مغتصبين للخلافة من ولدي عليالحسنوالحسين، وأجزاء من حكم علي بن أبي طالب. فعندما تولى عليٌ الحكم كان معاوية واليًا على الشام (في خلافةعمروعثمان) فعزله علي لكن معاوية رفض قرار العزل،[62] والذي قام بعد وفاة علي بأخذ الخلافة من ابنه الحسن بعد إن اضطر الحسن للصلح مع معاوية حقنًا للدماء وبعدما علم بوجود خونة في جيشه الذي كان سيقاتل جيش معاوية عام41 هـ. ومن شروط الصلح في مصادر الشيعة: ألا يسمي معاوية نفسه بأمير المؤمنين، وألا تجوز عنده الشهادة، وألا يتعقب شيعته، وألا يشتم عليًا، وأن يرجع الحكم بعد معاوية له ثم لأخيه الحسين؛[70] وقد نقض معاوية الصلح،[71] فقد كان يسب عليًا ويأمر الناس بذلك.[72][73] ثم قتلحجر بن عدي واصحابه وكانوا من الشيعة[74]، وقتلالحسن بن علي بالسم.[75]
إيراني يرفع راية مكتوب عليها يا "حسين" في مسجدبطهران .
وفي سنة61 هـ وبعد تولييزيد بن معاوية الخلافة وبذلك نقض أحد شروط الصلح وهو تولي الحسين للخلافة، فقام الحسين بالخروج مع أصحابه وأهل بيته ليصل لمكان يسمىكربلاء، وليلتقي بالجيش الأموي وليقتل هو وأصحابه. وأدى مقتل الحسين والطريقة التي قتل بها إلى حدوث ثورات ضد حكم بني أمية.[76][77] منهاثورة أهل المدينة التي خرج فيها الصحابة وأبناء الصحابة فاستباح يزيدالمدينة المنورة وقتل فيها الآلاف،[78][79] وانتهك الأعراض حتى قيل إنه أفتضت فيها ألف عذراء.[80][81]وثورة التوابين التي قادهاسليمان بن صرد الخزاعي وأتباعه الذين فاتتهم المشاركة في كربلاء لأنهم كانوا في سجون الكوفة التي كانت عاصمة الخلافة في عهدعلي والتي كانت من أكثر المدن التي يتواجد بها أنصاره (بالرغم من قلتهم، وتهجير العديد من القبائل الشيعية منهاهمدان في عهد معاوية).[82][83] فقاتل التوابين الجيش الأمويبعين الوردة سنة 65 للهجرة، ورفعوا شعاريالثارات الحسين، حتى قتلوا؛[84]وثورة المختار الثقفي في سنة 66 هـ وكان هدف ثورته الثأر لدم الحسين، والانتقام من قتلته ومن جميع المشاركين في المعركة فقتل ابن زيادوعمر بن سعدوشمر بن ذي الجوشن.[85] وثورةزيد بن علي حفيد الحسين في الكوفة سنة 121 هـ ضدهشام بن عبد الملك، وتبعه ولدهيحيى في سنة 125 هـ.[86]
الدولة العباسية
اتخذ العباسيون من مظلوميةاهل البيت شعار لهم للوصول إلى سدةالخلافة. إلا أن الشيعة لا يرون فرق بينهم وبين اسلافهم منالامويين حيث توارث كلاهما الحكم وانكروا احقية أهل البيت بالخلافة واستعملوا القتل وسيلة للرد على كل من خالفهم.
خريطةٌ تّصور حٌدُود الدولة الصفويَّة التي تُعدُّ واحدةً من أهمِّ الدول الشيعيَّة لما تركته من تأثير عميق الجُذُور في التَّاريخ لا ينفكُّ حاضرًا حتَّى اليوم.
الدولة البويهيَّة: أسَّسها بنو بُويه فيالعِراقوفارِس، وقد تعاظم أمر المُلُوك البُويهيِّين الشِّيعة حتَّى هيمنوا على الخِلافة قُرابة مائةٍ وعشرين سنة، شَهِد هذا العصر حركةً عُمرانيَّة فأنشأوا المراصد والمكتبات والمدارسوالبيمارستانات[90] وعلى يديهم جُدِّدالمشهد المُقدَّس لِلإمام علي بن أبي طالب. وقد امتدَّت حُدود الدولة حتَّى بلغت تُخُوم ديار الرُّوم غربًا وخُراسان شرقًا.[91] واستمرَّت الحركة العلميَّة والأدبيَّة مُزدهرةً وقائمةً على قدمٍ وساق فوُضعت الكثير من المُؤلَّفات المُفيدة في مُختلف المجالات بِاللُُّغاتالعربيَّةوالفارسيَّةوالسُّريانيَّة،[92] وكان الأُمراء البُويهيُّون يُؤمِّنون حاجات كِبار رِجال العِلم والأدب الماديَّة، إن عن طريق الأعطيات والهدايا، أو عن طريق تعهُّد أعمال هؤلاء.[93] كما جعل البُويهيون من المناسبات الدينيَّة الشيعيَّة أعيادًا واحتفالات؛ فقد عمد مُعزُّ الدولة إلى إحياء ذِكرىمأساة كربلاء في العاشر من مُحرَّم الحرام، يقول ابن الأثير: «وَلَمْ يَكُنْ لِلسُّنَّةِ قُدْرَةٌ عَلَى الْمَنْعِ مِنْهُ لِكَثْرَةِ الشِّيعَةِ؛ وَلِأَنَّ السُّلْطَانَ مَعَهُمْ».[94] ثُمَّ أتبع مُعزُّ الدولة ذلك بأن أحيا الثامن عشر من ذي الحجَّة وهي ذكرىغدير خُمّ، فأظهر الشيعة الفرح وأشعلوا النيران وزيَّنوا البلد، وفُتحت الأسواق بِاللَّيل ابتهاجًا.[94]
الدولة الفاطميَّة: خلافةٌ أقامهاالإسماعيليُّون ضمَّت مناطق وأقاليم واسعةً في شمال أفريقيا والشَّرق الأوسط، فامتدَّ نطاقها على طول السَّاحل المُتوسطيّ من بلاد المغرب إلى مصر، ثُمَّ توسَّعالخُلفاء الفاطميّون أكثر فضمّوا إلى مُمتلكاتهم صقلية الأوروپيَّة، والشَّام، والحجاز. وكانت الدَّولة الفاطميَّة قُطبًا من أقطاب العالم الإسلاميّ آنذاك التي تنافست على حُكم الأراضي المُقدَّسة وزعامة المُسلمين. أسَّسوا مدينةالقاهرة وجعلوها عاصمة لهم وأقاموا «جامع الزهراء» و«دار الحكمة» اللذان يُعدَّان مركزين كبيرين لِنشر العلم وتعليم أُصُول اللُغة والدِّين. فشكَّل العصر الفاطمي امتدادًالِلعصر الذَّهبيّ لِلإسلام نبغ فيه العُلمَاء والشُّعراء والكُتَّاب وازدهرت العمارة والفُنُون،[95] وتبلورت فيه ثقافة مُميزة لاتزال آثارها واضحةً في في الثَّقافة الإسلاميَّة.[96] وعُرف العصر الفاطمي بالتَّسامُح الدِّينيّ مع شتَّى المذاهب والأديان؛[97][98] التزامًا بِوصيَّة الدَّاعيأبو عبد الله الشيعي: «إنَّ دَوْلَتُنَا دَوْلَةُ حُجَّةٍ وَبَيَانٍ، وَلَيْسَتْ دَوْلَةَ قَهْرٍ واستِطَالَةٍ، فَاتْرُكُوا النَّاسَ عَلَى مَذَاْهِبِهِم، وَلَا تُلْزِمُوْهُم بِاتِّبَاعِ الدَّعْوَةِ الهَادِيَةِ المَهْدِيَّة»، فلم يفرضوا التشيُّع بالقوَّة، بل عمدوا إلى الدَّعوة ونشر الدُّعاة في طول البلاد وعرضها لحث الناس على اعتناق المذهب الشيعيّ الإسماعيليّ، حتى وصل الدُّعاة إلىالأراضي الصينيَّة الخاضعة لحُكمأسرة سونگ.[99][100]
الدولة الحمدانيَّة:[101] أقامها الأمراء الحمدانيُّون في مدينةالموصل بِالجزيرة الفُراتيَّة، وامتدَّت بِاتِّجاهحلب وسائرالشَّام الشماليَّة وجنوبالأناضول، وقد ذاعت شُهرتُهُم فيالتَّاريخين العربيوالإسلامي وطبق صيتُهُم الآفاق بِسبب نضالهم ضدَّالروم البيزنطيين الذين كانوا قد أرهقوا القادة المُسلمين بِغاراتهم علىديار الإسلام، علاوةً على تشجيعهم الأُدباء والعُلماء، والأشعار البُطوليَّة والملحميَّة التي نُظمت في العصر الحمداني ولا يزال الأمير «سيف الدولة الحمداني» من أشهر قادة العرب والمُسلمين حتى العصر الحالي.[102][103] شهدت الحياة الفكريَّة والثقافيَّة نهضةً كبيرةً ونشاطًا ملحوظًا في ظلِّ الحمدانيين؛ فظهر الكثير من العُلماء والأطبَّاء والفُقهاء والفلاسفة والأُدباء والشُّعراء. وتمكَّنسيف الدولة من جعلحلب بيئةً خصبةً لِلعُلوم والآداب والفُنون، فقد فتح قصره لِكُلِّ فنَّانٍ موهوبٍ وأديبٍ لامعٍ وشاعرٍ عظيم، توافدوا عليه من جميعالأقطار الإسلاميَّة، فأصبح البلاط الحمداني مرتع مشاهير العُلماء والأُدباء والشُعراء.[104] كما شُيِّدَت في أيامهم العديد من المشاهد المُقدَّسة مثل «مسجد النقطة» شُيِّد في موضع الصَّخرة الذي قيل بِأنَّ رأسالإمام الحُسين بن علي وُضع عليها عندما حمله موكب ابن زياد منكربلاء إلىالشَّام،[105][106] و«مشهد الدكة» وهو ضريح المحُسن بن الحُسين.[107]
السلطنة الجلائريَّة: دولة تأسَّست على يد السُّلطان «حسن الكبير» في بغداد ودام مُلكها ما يقرُب قرنًا من الزَّمن، قُدِّر لِلسِّلاطين الجلائريِّين الهيمنة علىالعراق وأذربيجان وأجزاءً منإيران.[119] وفي عُهدتهم ازدهرت الفُنُون والآداب والعُلوم وعاشتبغداد نهضةً علميَّة وثقافيَّة لم تشهد مثلها مُنذغزو المغول.[120] وعادالعراق معقلًا تجاريًا وثقافيًا هامًا. وقد نشأت مدارس جديدة لِلفن مثل «المدرسة الجلائريَّة» التي تُعدُّ من أهمِّ المدارس التي تطوَّر فيها الرَّسم في المشرق الإسلامي. أما عن الآداب والعُلُوم فقد كانتالبلاد الجلائريَّة مرتعًا لِلشُّعراء والأُدباء والعُلماء حتى أنسلاطينها أنفُسهُم نظموا الأشعار البديعة والأبيات الرَّفيعة، كما كانوا رُعاةً لِلعمران ومن أهمِّ آثارهم «المدرسة المرجانيَّة» في بغداد وعلى يديهم جُدِّدت المشاهد المُقدَّسة مثلالعتبة العلويَّة في النِّجف الأشرف[121] والعتبة الحُسينيَّة في كربلاء المُقدَّسةوالعتبة الكاظميَّة في بغداد.[122]
تعدمعركة كربلاء منعطفاً هاماً في تطور الفكر الشيعي حيث أن مأساة كربلاء واستشهاد الحسين بطريقة مأساوية مفزعة ألهبت مشاعر الشيعة وجعلت الأمر يتحول إلى اعتماد أسلوب الثورة على السلطة[وفقًا لِمَن؟] وإعلان الحسين شهيدهم رمز المظلوم.
فبعد معركة كربلاء نجد الفكر الشيعي يتحول في بعض نواحيه إلى فكر ثوري ويتحول الحسين إلى الشخصية التي يرى الشيعي فيها رمزا للمظلوم والغربة فتراهم يستخدمون دائما جملة (كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء)[مبهم].
المدارس الفقهية
مدرسة المدينة المُنورة
وعصرُها هو عصرالصَّحابة ومَن تبعهُم؛ فقد كان ظُهُور الفقه مُرافقًا لظُهُور المُجتمع الإسلامي فيالمدينة المُنوَّرة عقبالهجرة النبويَّة إلى تلك الديار، واستمرَّت الحركة العلميَّة والفقهيَّة إلى حياة الإمامجعفر بن مُحمَّد الصادق. كانت المدينة المُنوَّرة مُنطلق الرِّسالة الإسلاميَّة والمدرسة الأولى لِلفقه الإسلامي، وكانت الوطن الأوَّل لِفُقهاء الشيعة منالصَّحابة والتَّابعين لهُم بِإحسان، ومن فُقهاء هذه المدرسة الذين تتلمذوا وأخذوا عُلُومهم عن النِّبي وآل بيته هُمسلمان المُحمَّدي وأبو ذر الغفاري وإبراهيم أبو رافع، قالالنجاشي: «أَسلَمَ أَبُو رَافِعٍ قَدِيمًا بِمَكَّةَ، وَهَاجَرَ إلَى المَدِينَة، وَشَهِدَ مَعَ النَّبِيِّ مَشَاهِدَهُ، وَلَزَمَ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ مِنْ بَعدِهِ، وَكَانَ مِن خِيَارِ الشِّيعَةِ، وَشَهِدَ مَعَهُ حُرُوبَهُ، وَكَانَ صَاحِبَ بَيتِ مَالِه بِالكُوفَةِ».[150] ولأبي رافعٍ كتاب السُّنن والأحكام والقضاء.[151] وكان في التَّابعين جمعٌ كثيرٌ وحشدٌ غفيرٌ من شيعةالإمام علي بن أبي طالب كان لهُم عظيم الأثر في نقل السُنَّة النبويَّة فَحفظُوها وتداولُوها فيما بينهُم ونقلوها إلى الأجيال التي تليهم، قالالذهبي: «فَهَذَا - أي التشيُع - كَثِيرٌ فِي التَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِم مَعَ الدِّينِ، وَالوَرَعِ والصِّدقِ، فَلَو رُدَّ حَدِيثُ هَؤلَاء لَذَهَبَت جُملَةُ الآثَارِ النَّبَوِيَّةِ».[152] شهدت هذه المدرسة حقبة منع تدوين الحديث النبوي الذي أُقرَّ إبان حُكمعُمر بن الخطَّاب[153] واستمرَّ تدوين الحديث النَّبوي ممنوعًا ما يقرُب قرنًا من الزَّمن.[154] إلا أن فُقهاء الشَّيعة قُدِّر لهُم أن يكتُبوا مُدونَّات حديثيَّة هامَّة وكان الإمامعليٌّ بن أبي طالب يكتُبُ الحديث النَّبوي ولم يُوافق ابن الخطَّاب على رأيه. قالالسُّيوطيُّ: «كَانَ بَينَ السَّلَفِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ اختِلَافٌ كَثِيرٌ فِي كِتَابَةِ العِلمِ، فَكَرِهَهَا كَثِيرٌ مِنهُمُ وَأَبَاحَتهَا طَائِفَةٌ وَفَعَلُوهَا، مِنهُمُ: عَلِيٌّ وَابنُهُ الحَسَنُ».[155] فكان فُقهاء الشِّيعة وأئمَّة أهل البيت يقودون الحركة الفكريَّة فيديار الإسلام وقد انبثقت من المدينة المُنوَّرة خاصَّةً؛ حتَّى بلغ الازدهار غايته في أيَّامجعفر بن مُحمَّد الصادق فازدهرت المدينة في عصره، وزخُرت بِطُلَّاب العُلُوم الذين قدموا من عديد الأقطار الإسلاميَّة يرُومُون طلب المعرفة والعِلم، فانتظمت في المدينة حلقات الدَّرس، وكان بيت الإمامجعفر الصادق جامعةً إسلاميَّةً يزدحم فيه رجال العلم وحملة الحديث من مُختلف الطَّبقات ينتهلون من موارد علمه.[156]
كانت ملامح المدرسة الفقهيَّة فيالمدينة المُنوَّرة حديثيَّةً بحتةً، ولم تتبلور المسائل الخلافيَّة في الفقه بين مدرسة أهل البيت وغيرها من المدارس الفقهيَّة، كما تبلورت لاحقًا في مدرسة الكوفة على يد تلامذة الإمامجعفر بن مُحمَّد الصادق واستمرَّ صداها إلى أيَّام الإماممُوسى بن جعفر الكاظم انتهاء بعهد الإمامعلي بن مُوسى الرضا. فالاختلاف فيالقياس والاستحسان والرَّأي والاجتهاد، ومسائلالصَّلاة والوضوء والحج وما خلاها من أمر المسائل الخلافيَّة لم تكُن ظاهرةً واضحةً في هذه الحقبة بِالذَّات. قالالطباطبائي في رياض المسائل: ولم تكُن هُناك كُتبٌ فقهيَّة تُعنى بِالفتاوى خارج نطاق المُدوَّنات الحديثيَّة. كما لم تتبلور بعدُ لدى فُقهاء الشِّيعة صياغةُ المقاييس الخاصَّةلِلاجتهاد والفُتيا بِصُورةٍ كاملةٍ، والمقاييس الخاصّة لِمُعالجة الأخبار المُتعارضة، فَلم يكثُر الحديث بعد عن أهل البيت، ولم يُدرَس في حديثهم بعد الشَّيء الكثير من الحديث المدسوس؛ ولم يشقَّ على الفُقهاء الرُجُوع إلىالأئمَّة لِلسُّؤال فِيما يعرضهم من حاجةٍ، أو ما يعرض النَّاس، فَلم تظهر حاجةٌ مُلحَّةٌ إلى اتِّخاذ مقاييسٍ لِلرَّأي والاجتهاد، ومقاييسٍ لِمُعالجة الأحاديث المُتعارضة، ومعرفة السَّقيم منها من الصَّحيح، ولم يُراجعواالأئمَّة في شيءٍ من ذلك، ولِذلك كان البحث الفقهيُّ في هذا الدَّور يقطع مراحل حياته الأُولى.[157]
في أواخر حياة الإمامجعفر بن مُحمَّد الصَّادق، انتقلت مدرسة الفقه الشيعيِّ منالمدينة المُنوَّرة إلىالكوفة فيالعراق. لتبدأ حياةٌ فقهيَّةٌ جديدةٌ في الكوفة التي كانت رُبُوعها رُكنًا من أركان ديار الإسلام ومركزًا فكريًا كبيرًا ومعقلًا حضاريًا تقصدُهُ البعثات العلميَّة والتجاريَّة، وقد أثَّر وفُود العناصر المُختلفة إلى الكوفة طلباً للعلم، أو التِّجارة في التلاقُح العقلي والذِّهني في هذه المدرسة.[158] فَهاجر إليها وفُودٌ منالصَّحابة والتَّابعين والفُقهاء وأعيان المُسلمين من شتَّى الأمصار والأقطار، وكانت الكوفة حينما ارتحل إليها الإمام الصَّادق وانتقلت إليها مدرسة الفقه الشِّيعي من أكبر العواصم الإسلاميَّة. وقد عدَّ البراقي في تاريخ الكوفة مائةً وثمانيةً وأربعين صحابيًا من الذين هاجروا إلىالكوفة وارتحلوا إليها، ما عدا التَّابعين والفُقهاء الذين ساروا إلى هذه المدينة واتخذوها مُستقرًا لهُم وكان يبلغ عددُهُم الآلاف، علاوةً على الأُسر العلميَّة التي كانت تسكُن تلكُمُ الديار. وقد أوردابن سعدٍ فيالطبقات ترجمةً لِثمانمائةٍ وخمسين تابعيًا ممَّن سكن الكوفة.[159] وقد انتقل إليها الإمام الصَّادق في أيامأبي العبَّاس السفاح ودام بقاؤُهُ فيها سنتين. اشتغل الإمام الصَّادق هذه الفترة بالخُصُوص في نشر المذهب الشِّيعي، لِعدم وجُود مُعارضةٍ سياسيَّة قويَّة؛ لمَّا سقطتحُكُومة الأمويين وظهرتحُكُومة العبَّاسيين، واغتنم الإمام جعفر بن مُحمَّد فُرصة الصِّراع على الحُكم لِلدَّعوة إلى المذهب ونشر أُصُول مدرسةأهل البيت، فازدلفت إليه الشِّيعة من كلّ فجٍّ زرافاتٍ ووحداناً تستقي منه العلم، وتروي عنه الأحاديث في مُختلف العلوم والموارد.[160]
ازدهرت مدرسة الكُوفة على يد الإمام الصَّادق وتلاميذه، فَكانت الكوفة هي مُنطلق الحركة العقليَّة في العصر الثَّاني من عُصُور تأريخالفقه الشِّيعي، ومبعث هذه الحركة ومركز الإشعاع وظلّت تعدّ من أهمّ مراكز الفقه الشيعي تقصدُها البعثات الفقهيَّة الشيعيَّة. ويتعاقب فيها فُقهاء الشيعة، مركز الصَّدارة في التَّدريس، والفُتيا، والأبحاث الفقهيَّة. إلا أن تلكُمُ التَّجمُّعات واللِّقاءات بِالإمامجعفر الصَّادق في الكوفة، والاحتفاء به أثار مخافة الحُكُومة العباسيَّة فخاف صاحبُهاأبو جعفر الدَّوانيقي العبَّاسي أن يفتتن الناس بِجعفر بن مُحمَّد لما رأى من إقبال الفُقهاء والنَّاس عامَّةً عليه، ممَّا حداه على أن يطلُبه إلى قُربه فيبغداد ورغم العقبات والمصاعب الكُبرى التي اصطدم بهاأئمَّة الشِّيعة منأهل البيت وفُقهاء الشِّيعة ورُواة الحديث، من ضغط الحُكُومات والمُعارضات والجماعات، وما جرى عليهم من التُّهم والافتراءات، والتَّهريج الذي كانت تقوم به تلكُمُ الفرق بحقهم، تقدَّمت الدراسة الفقهيَّة الشيعيَّة وقطع تدوين الحديث شوطًا كبيرًا في هذه الفترة، وترك تراثًا تشريعيًا ضخمًا. ومن ملامح هذه المدرسة:[161]
ازدهر التَّدوين من أيَّامالإمام مُحمَّد بن علي الباقر وبلغ مقامًا هامًا في أيّام الإمامجعفر بن مُحمَّد الصادق، فأخذ الإمام جعفر الصادق لما رأى ضياع الأحاديث والسُّنن يحُثُّ الرُّواة والعُلماء على تدوينالسُّنة النبويَّة والأحاديث الشَّريفة وكتابتها بُغية نقلها إلى الأجيال الإسلاميَّة اللَّاحقة؛ ويُروى عنأبي بصير قوله: «دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ: مَا يَمْنَعُكُمْ مِنَ الْكِتَابِ؟! إِنَّكُمْ لَنْ تَحْفَظُوا حَتَّى تَكْتُبُوا، إِنَّهُ خَرَجَ مِنْ عِندِي رَهْطٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَشْيَاءَ فَكَتَبُوهَا».[162]
ازدادت حاجاتالمُسلمين في تلكُمُ العُصُور وتوسَّعت مطالبُهُم، وازدحم النَّاس على أبواب الفُقهاء يطلُبُون منهُم الرَّأي فيما استجدَّ عليهم من الأُمُور، ولم يكُن بيد فُقهاء بقيَّةالفرق الإسلاميَّة ومُحدِّثيها من الحديث ما يكفي لِسدِّ هذه الحاجة، كما ولم يجدوا في الكتاب الكريم جواباً عنها، ولم تكُن تسمح الحُكُومة لهُم بِمراجعة أئمَّةأهل البيت لِلاستزادة من علمهم، فاضطرَّ فقهاء تلكُمُ الفرق والمذاهب إلى اتِّخاذالقياس والاستحسان، والأخذ بِالظَّن والرَّأي.[163]
قيل أنَّ المدرسة انتقلت منالكُوفة إلىالمدينة أو إلىبغداد أو إلىطوس، وإن صحَّ هذا فقد كان لفترةٍ قصيرةٍ وبِصُورةٍ غير كاملةٍ أو غير مُكتملة، وبقيت مدينة الكُوفة ومدرستُها مُحتفظةً بِمكانتها حينًا طويلًا من هذا العصر.[164]
يُفتتح هذا العصر مع ابتداءعصر الغيبة الكُبرى، مُمتدًا من فجرالقرن الرَّابع الهجري إلى أواسطقرنه الخامس، حيث تحوَّلت أنفاس العلم ونبضات الفكر إلى مدينتين هُما:قُموالري. في هذه الأرضين نبتت دوحات الفقه وتفتَّحت أزاهير الاجتهاد، فَظهر أعلامٌ كبارٌ من أساتذة المذهب تركوا أثرًا كبيرًا في مسيرة الفقه الشِّيعي، وأوقدوا مشاعل النُّور في دُرُوب السَّائلين. وكانت قُم مُنذ عهدالأئمَّة واحدةً من أُمَّهات المُدُن الشيعيَّة ومعقلًا من معاقل التشيُع، حظيت بِعين الرَّعاية منآل بيت النُبوَّة. أمَّا الري جارة قُم وقرينتُها في الفضل، فقد كانت في ذلك الزَّمن الغابر حاضرةً تزخر بِالحياة العلميَّة، تنبض بِالمدارس والمكاتب، وتزهو بِعُلمائها وفُقهائها ورُواة الحديث الذين ملأوا جنباتها علماً.[165] ومن أهمِّ الدَّوافع التي أدَّت إلى انتقال مدرسة أهل البيت منالكُوفة إلىإيران، اشتدادالقبضة العباسيَّة على فُقهاء الشيعة وعُلمائهم فلم يسلم أحدٌ ممن ينتسب إلى هذا المذهب من المُلاحقة والتَّضييق، حتَّى غدا مُجرَّد الانتماء تُهمةً تُجرَّ خلفها صُنُوف الأَذى والافتراء.[166] أمام هذا الواقع القاسي، ارتحل عددٌ من العُلماء إلىقُم والرَّي، فكانت المدينتان آنذاك أكثر هدوءًا، وأفسحتا لهم مجالًا أرحب لِمُواصلة نشر الفقه والحديث. وكان ذلكُمُ الهُدُوء يُعزى إلى كون تلك البلاد تحت حُكمآل بويه الذين عُرفوا بالولاء للتشيُع.[165] ويظهر أنَّ قُم فيعصر الغيبة وعهد نيابةالنواب الأربعة، كانت حافلةً بِعُلماء الشِّيعة وفُقهائها، ومركزاً فقهيًا كبيرًا من مراكز البحث الفقهي، يعتمد على فقهائها حتَّى السَّفير الثَّالثالحُسين بن روح. ويدُل على ذلك روايةٌ تاريخيَّةٌ ذكرهاالشَّيخ الطُّوسي فيكتاب الغيبة، جاء فيها:[167]
ومن الأدلَّة على ضخامة مدرسة قُم في هذا العصر ما ذكرهالعلَّامة المجلسي الأول مُحمَّد تقي في شرحه لِكتابمن لا يحضره الفقيه بِالفارسيَّة ما تعريبُهُ: «إِنَّ فِي زَمَانِ عَلِيٍّ بْنِ الحُسَينِ بنِ مُوسَى بنِ بَابُويَه(...) كَانَ فِي قُمَّ مِن المُحَدِّثِينَ مَائتَا ألفِ رَجُلٍ».[168] وقد وصف الحسن بن مُحمَّد بن الحسن القُمي هذا العصر فَقال: «البَابُ السَّادِس عَشَر: فِي ذِكرِ بَعضِ عُلَمَاءِ قُم، وَعَددُ خَوَاصِّهُمُ مَائَتَانِ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ، وَذكر مُصَنَّفَاتِهِمُ وَرِوَايَاتِهِمُ وَبَعض أَخبَارِهِم»؛[169] ويدُلُّ هذا على كون مدرسة قُم من أوسع المدارس الشيعيَّة في الفقه والحديث إبان تلك الفترة وكانت تضُمُّ مئات المدارس والمساجد والمكاتب وندوات البحث والمُناقشة ومجالس الدَّرس والمُذاكرة.[165]
تؤمن الطائفة الاثنا عشرية بأربعة عشر معصوم منهم إثنا عشر إماماً معصوماً، ويعتقدون بأنمحمد المهدي ابنالحسن العسكري وهو عندهمالإمام الثاني عشر هو المنتظر الموعود الذي غاب عن الأنظار وأنه سيعود ليملأ الأرض عدلاً.
وتعتبر الطائفة الاثنا عشرية أكبر الطوائف الشيعية من حيث عدد السكان، حيث تُقدر نسبتها بحوالي 85% من الشيعة[170]، وتحتويإيرانوالعراقوأذربيجان على أكثر من ثلثي عدد الشيعة الاثنا عشرية، ويرى بعض السنة أن ذلك يعود لفترة الحكمالصفوي (1501 م – 1736 م)، حيث كانت إيران سنية المذهب طوال أكثر من ألف عام[171] ولم يكن فيها سوى أربع مدن شيعية وهي آوهوقاشان وسبزوانوقم، وعقب وصولإسماعيل الصفوي للسلطة فيإيران أعلن فرض المذهب الشيعي الاثنا عشري مذهباً رسمياً للدولة، «بالرغم من وصول الشيعة للسلطة عبر التاريخ الإسلامي (أي كالقرامطة والعبيديون والبوهيون)، حتى القرن السادس عشر ميلادية 1501 م ووصول الحكم الصفوي للسلطة وفرضه للمذهب الشيعي الاثنا عشري على مستوى الإمبراطورية، مما أدى إلى تحول الشعوب في بلادالفرس[ ؟] وأذربيجان وبعض الترك ليصبحوا من أتباع الطائفة الشيعية الاثنا عشرية[172]».
بعد وفاة الإمامجعفر الصادق التف الشيعة حول ولدهموسى الكاظم ولكن أعلن بعض الشيعة أن الإمام كانإسماعيل بن جعفر الصادق وان مات في حياة أبيه فإن الإمامة في نسله ورفضوا إمامة موسى الكاظم. وظهر ثاني انقسام وهو ما يعرف بالطائفة الإسماعيلية. التي هي الأخرى حدث بها انشقاق إلى فرعين (نزارية –مستعلية) وما زالتا موجودتين إلى يومنا.
واشتهر الإسماعيليون بنشاطهم بل استطاعوا ولأول مرة بعد مقتلعلي بن أبي طالب تأسيسدولة شيعية بخلافة شيعية يرأسها أئمة ظهروا بعد نجاح دعوتهم السرية قائلين إنهم من ذرية علي بن أبي طالب وهي الدولةالفاطمية.[173]
خرجزيد بن علي علىالأمويين والتف حوله جمع من الناس من الشيعة وغيرهم، ويقضي زيد أيضا أنفاسه الأخيرة بعد قصة مأساوية لا تختلف كثيرا عن قصة جدهالحسين، وبعد وفاته تنفصل طائفة عن الشيعة لاترى الإمامةلمحمد الباقر الذي كان الشيعة يعتبرونه إمامهم حتى في حياة زيد وعرفت هذه الطائفة بالزيدية نسبة إلىزيد بن علي واختلفت هذه الطائفة الموجودة إلى يومنا عن باقي الشيعة انها رأت أن الإمامة ليست بالنص على شخص محدد وإنما الإمامة هي لأي شخص من نسلعلي بن أبي طالب يخرج طالبا لها ويعتبر من ائمتهميحيى بن زيد بن علي وأيضا محمد النفس الزكية وغيره.
فرقة شيعية بائدة تعتقد بإمامةعبدالله بن جعفر الصادق الملقب بـالأفطح، وأغلب الذين اعتقدوا بإمامته انتقلوا إلى الاعتقاد بإمامة موسى الكاظم؛ لأنّ عبد الله الأفطح لم يستمر عمره بعد جعفر الصادق أكثر من 75 يوما. وكان عددهم قليلا.[186]
الواقفية
فرقة شيعية بائدة وهي من المتصوفةالمبطلة بأنه لا يمكن التعرف إلى الله بالمعرفة، والخلق كلهم عاجزون.[187] وقفوا على إمامةموسي الكاظم بنجعفر الصادق، وادعو أنه لم يمت وأنهالمهدي المنتظر الذي يخرج في آخر الزمان فيملأ الأرض عدلا وقسطا بعد أن ملئت ظلمًا وجورا. وهذه الفرقة ليس لها وجود في الوقت الحاضر، وحتى في ذلك الزمان اشتملت على مجموعة صغيرة فذهبت هذه الفرقة بذهابهم.[188]
البترية
فرقة شيعية بائدة كانوا يعتقدون بأنعلي السجاد هو أخر الأئمة.
يعتقد الشِّيعة أنَّالله واحدٌ أحدٌ ليس كَمثله شيءٌ،قديمٌ لم يزل ولا يزال، هو الأوَّل والآخر، عليمٌ حكيمٌ عادلٌ حيٌّ قادرٌ غنيٌّ سميعٌ بصيرٌ؛ ولا يُوصَف بِما تُوصَف بِه المخلوقات، فَليس هو بِجسمٍ ولا صورةٍ، وليس جوهرًا ولا عرضًا، وليس لهُ ثقلٌ أو خفَّةٌ، ولا حركة أو سُكُون، ولا مكان ولا زمان، ولا يُشار إليه. كما لا ندَّ لهُ، ولا شبه، ولا ضدَّ، ولا صاحبةً لهُ ولا ولد، ولا شريك، ولم يكُن له كُفوًا أحدٌ. لا تُدركُهُ الأبصار وهو يُدرِك الأبصار. ومن قال بِالتَّشبيه في خلقه بِأن صوَّر له وجهًا ويدًا وعينًا، أو أنه ينزل إلى السَّماء الدُّنيا، أو أنَّهُ يظهر إلى أهل الجنَّة كَالقمر (أو نحو ذلك) فَإنَّهُ بِمنزلة الكافر به جاهل بِحقيقة الخالق المُنزَّه عن النَّقص.[189] جاء في كتاب أوائل المقالات لِلشَّيخ المُفيد: «إِنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ فِي الْإِلٰهِيَّةِ وَالْأَزَلِيَّةِ، لَا يُشْبِهُهُ شَيْءٌ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُمَاثِلَهُ شَيْءٌ، وَأَنَّهُ فَرْدٌ فِي الْمَعْبُودِيَّةِ لَا ثَانِيَ لَهُ فِيهَا عَلَى الْوُجُوهِ كُلِّهَا وَالْأَسْبَابِ، وَعَلَى هٰذَا إِجْمَاعُ أَهْلِ التَّوْحِيدِ إِلَّا مَنْ شَذَّ مِنْ أَهْلِ التَّشْبِيهِ، فَإِنَّهُمْ أَطْلَقُوا أَلْفَاظَهُ وَخَالَفُوا فِي مَعْنَاهُ».[190] وجاء في كتاب الاعتقادات: إنَّه تعالى مُتعالٍ عن جميع صفات خلقه خارج من الحدَّين حدِّ الإبطال وحدِّ التَّشبيه. وأنه شيءٌ لا كَالأشياء أحدٌ صمدٌ لم يلد فَيُورَث ولم يُولد فَيُشارَك ولم يكُن له كُفء أحد ولا ندٌّ ولا ضدٌّ ولا شبه ولا صاحبة ولا مثل ولا نظير ولا شريك لا تُدركُه الأبصار والأوهام وهو يُدركُها لا تأخُذه سنة ولا نوم وهو اللَّطيف الخبير خالق كُل شيء لا إله إلا هو له الخلق والأمر تبارك الله ربُّ العالمين.[191] هذا وقد كتب الشِّيعة كُتُبًا عدة في إثبات وجُود الله وتوحيده نضدوا فيها أبلغ الأدلَّة والبراهين النَّقليَّة والعقليَّة.
ويُعدُّتوحيد الله أوَّلأصُول الشِّيعة في الاعتقاد، ويعني أنَّ الله واحدٌ لا شريك لهُ ولا ندَّ، وأنَّه واجب الوجُود لِذاته، لم يلِد ولم يُولد، منزَّه عن الآفات والنُّقصان، غير محدود بِمكان ولا زمان، وأنه ليس كَمثله شيءٌ فَهو مُنزَّه عن الجسميَّة والحُدُوث، لا تُدركُه الأبصار في الدُّنيا والآخرة، وأنَّ جميع صفاته الذاتيَّة من حياة وقُدرة وعلم وإرادة وغير ذلك هي عين ذاته، وأنَّ الخلائق كُلَّها تفتقر إلى الله عزَّ وجلَّ في وجودها وخلقها؛ قالالإمام الحُسين بن علي فيدعاء عرفة: «إلٰهِي كَيْفَ يُسْتَدَلُّ عَلَيْكَ بِما هُوَ في وُجُودِهِ مُفْتَقِرٌ اِلَيْكَ، مَتَى غِبْتَ حَتَّى تَحْتاجَ إِلَى دَليْلٍ يَدُلُّ عَليْكَ، وَمَتَى بَعُدْتَ حَتَّى تَكُونَ الاْثارُ هِي الَّتي تُوصِلُ اِلَيْكَ، عَمِيَتْ عَيْنٌ لا تَراكَ عَلَيْها رَقِيْبًا، وَخَسِرَتْ صَفْقَةُ عَبْد لَمْ تَجْعَلْ لَهُ مِنْ حُبِّكَ نَصِيْبًا».[192][193]
ليلة الجمعة الأولى من رمضان 1439هـ في كربلاء.
ومنأصُول الدِّين «العدل» وقد لخَّصالشيخ المُفيد ذلكُم الأصل بِقوله: إنَّ الله عدل كريم خلق الخلق لِعبادته، وأمرهم بِطاعته، ونهاهم عن معصيته، وعمَّهُم بهدايته، بدأه بِالنِّعم والتَّفضُّل عليهم بِالإحسان، لم يُكلِّف أحداً دون الطَّاقة، ولم يأمُره إلَّا بِما جعل له عليه الاستطاعة، لا عبث في صنعه ولا تفاوت في خلقه، ولا قبيح في فعله، جلَّ عن مُشاركة عباده في الأعمال، لا يُعذِّب أحداً إلَّا على ذنبٍ فعله، ولا يلُوم عبداً إلَّا على قبيحٍ صنعه﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا٤٠﴾ [النساء:40] هذا في الوقت الذي تقول فيه بعض الفرق الاسلاميَّة الأُخرى بِأنَّ الله قد يُعذِّب المُحسن دون ذنبٍ جناه، ويُنعم على المُسيء ويُدخله الجنَّة، وفي هذا ما فيه من نسبة الظُّلم إليه، وقد وافقالمُعتزلة الشِّيعة في هذا الشَّأن؛ لِذا أُطلق عليهما مُصطلح «العدليَّة».[194]
يريالشيعة الإثنا عشرية أن أغلبالصحابة كانوامنافقينوكفارًا ماعدا بضعة عشر منهم أو ثلاثة أو سبعة وكفر من أحبهم ومن لم يؤمن بإمامة أسباط النبيالإثنا عشر المعصومين.[195] فعن أبي علي الخراساني، عن مولى لعلي بن الحسين عليهما السلام، قال: «كنت معه عليه السلام في بعض خلواته، فقلت: إن لي عليك حقا، ألا تخبرني عن هذين الرجلين، عن أبي بكر وعمر؟. فقال: كافران، كافر من أحبهما.»[196]
وعنأبي حمزة الثمالي، قال: قلت لعلي بن الحسين عليهما السلام - وقد خلا -: «أخبرني عن هذين الرجلين؟. قال: هما أول من ظلمنا حقنا وأخذا ميراثنا، وجلسا مجلسا كنا أحق به منهما، لا غفر الله لهما ولا رحمهما، كافران، كافر من تولاهما.»[196]
وعن حكيم بن جبير، قال: قالعلي بن الحسين عليهما السلام: «أنتم تقتلون في عثمان منذ ستين سنة، فكيف لو تبرأتم من صنمي قريش؟!.»[196]
عن سورة بن كليب، قال: «سألت أبا جعفر عليه السلام عن أبي بكر وعمر؟. قال: هما أول من ظلمنا حقنا وحمل الناس على رقابنا، فأعدت عليه، فأعاد علي ثلاثا، فأعدت عليه الرابعة، فقال:»[196]
ذكرالكليني في فروعالكافي عن أبي جعفر عليه السلام: «كان الناس أهل ردة بعد النبي صلى الله عليه وآله إلا ثلاثة، فقلت: من الثلاثة؟ فقال: المقداد بن الأسود وأبوذر الغفاري وسلمان الفارسي»[196]
وذكرالعلامة المجلسي في بحار الأنوار - ج ٢٢ - الصفحة ٤٤٠:«قال أبوجعفر عليه السلام: ارتد الناس إلا ثلاثة نفر، سلمان وأبوذر والمقداد، قال: قلت: فعمار؟ قال: قد كان حاص حيصة ثم رجع، ثم قال: إن أردت الذي لم يشك ولم يدخله شيء فالمقداد، وأما سلمان فإنه عرض في قلبه عارض.. وأما أبوذر فأمره أمير المؤمنين بالسكوت ولم يكن تأخذه في الله لومة لائم فأبى أن يتكلم..»[197]
عن أبي عبد الله عليه السلام، في قول الله تبارك وتعالي: * «ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين»* قال: «هما، أي أبي بكر وعمر ثم قال: وكان فلان شيطانا».[198]
صفحةٌ مُزخرفةٌ ومُذهَّبةٌ منالقُرآن الكريم تعُود إلى العصر الصفوي وتظهر فيها آياتٌ مِن سُورة الإسراء.
يعتقد الشيعة أنالقرآن هو الوحي الإلهي المنزل من الله على لسان نبيه فيه تبيان كل شيء، وهو معجزته الخالدة التي أعجزت البشر عن مجاراتها في البلاغة والفصاحة وفيما احتوى من حقائق ومعارف عالية، لا يعتريه التبديل والتغيير والتحريف، وهذا الذي بين أيدينا (مصحف المسلمين كافة) هو نفس القرآن المنزل على النبي، ومن ادعى فيه غير ذلك فهو مخترق أو مغالط أو مشتبه، وكلهم على غير هدى، فإنه كلام الله الذي (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه).
ومن دلائل إعجازه أنه كلما تقدم الزمن وتقدمت العلوم والفنون، فهو باق على طراوته وحلاوته وعلى سمو مقاصده وأفكاره، ولا يظهر فيه خطأ في نظرية علمية ثابتة، ولا يتحمل نقض حقيقة فلسفية يقينية، على العكس من كتب العلماء وأعاظم الفلاسفة مهما بلغوا في منزلتهم العلمية ومراتبهم الفكرية، فإنه يبدو بعض منها على الأقل تافها أو نابيا أو مغلوطا، كلما تقدمت الأبحاث العلمية وتقدمت العلوم بالنظريات المستحدثة، حتى من مثل أعاظم فلاسفة اليونان كسقراط وإفلاطون وأرسطو الذين اعترف لهم جميع من جاء بعدهم بالأبوة العلمية والتفوق الفكري.
كما يعتقد الشيعة وجوب احترام القرآن الكريم وتعظيمه بالقول والعمل، فلا يجوز تنجيس كلماته حتى الكلمة الواحدة المعتبرة جزأ منه على وجه يقصد أنها جزء منه، كما لا يجوز لمن كان على غير طهارة أن يمس كلماته أو حروفه (لا يمسه إلا المطهرون) سواء كان محدثا بالحدث الأكبر كالجنابة والحيض والنفاس وشبهها، أو محدثا بالحدث الأصغر حتى النوم، إلا إذا اغتسل أو توضأ على التفاصيل التي تذكر في الكتب الفقهية.
كما أنه لا يجوز إحراقه، ولا يجوز توهينه بأي ضرب من ضروب التوهين الذي يعد في عرف الناس توهينا، مثل رميه أو تقذيره أو سحقه بالرجل أو وضعه في مكان مستحقر، فلو تعمد شخص توهينه وتحقيره بفعل واحد من هذه الأمور وشبهها فهو معدود من المنكرين للإسلام وقدسيته المحكوم عليهم بالمروق عن الدين والكفر بالله.[199]
بينما يريالشيعة الإصولييون وهم التيار السائد بينالشيعة الإثني عشرية وجزء منالإخباريين،[200] أن التحريف هو تحريف لتفسير وتأويل الآيات فقط وليس تحريف نصي،[200] وأنمصحف فاطمة هو مصحف به التأويل والتفاسير للقرآن. فيقولالمفيد: «وقد قال جماعة من أهل الإمامة إنه لم ينقص من كلمة ولا من آية ولا من سورة ولكن حذف ما كان مثبتا في مصحف أمير المؤمنين (ع) من تأويله وتفسير معانيه على حقيقة تنزيله وذلك كان ثابتا منزلا وإن لم يكن من جملة كلام الله تعالى الذي هو القرآن المعجز، وقد يسمى تأويل القرآن قرآنا قال الله تعالى: (ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما) فسمى تأويل القرآن قرآنا، وهذا ما ليس فيه بين أهل التفسير اختلاف. وعندي أن هذا القول أشبه من مقال من ادعى نقصان كلم من نفس القرآن على الحقيقة دون التأويل، وإليه أميل والله أسأل توفيقه للصواب، وأما الزيادة فيه فمقطوع على فسادها من وجه ويجوز صحتها من وجه، فالوجه الذي أقطع علىلم القرآن، غير أنه لا بد متى وقع ذلك من أن يدل الله عليه، ويوضح لعباده عن الحق فيه، ولست أقطع على كون ذلك بل أميل إلى عدمه و*سلامة القرآن عنه*»[207][208][209][210]
ويقول الشيخمرتضى العسكري، في كتابه “معالم المدرستين": «إن القرآن الذي بين أيدي المسلمين اليوم، هو الذي أكمل الله إنزاله على خاتم أنبيائه في أخريات حياته، وجمعه أيضا الصحابة بعد وفاته ودونوه واستنسخوه ووزعوه على المسلمين. أوله: {بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين }، وآخره: { من الجنة والناس }. لم يكن في يوم من الأيام منذ ذلك العصر إلى يومنا هذا قرآن في يد مسلم، يزيد على هذا المتداول كلمة، أو ينقص كلمة، لا خلاف في ذلك بينهم، وإنما الخلاف في تفسير القرآن وتأويل متشابهه، وذلك لأنهما مأخوذان من الحديث»[211][212][213][214]
مصحف فاطمة هو كتاب مذكور في بعض الروايات الشيعية، وينسب إلىفاطمة الزهراء ابنة النبيمحمد (ص). لكن ليس هوقرآنًا آخر كما قد يُفهم من الاسم، بل هو كتاب غير قرآني يقال إنفاطمة كتبته أو أُملي عليهاجبرائيل وكتب الإمامعلي محتواه بعد وفاة النبي (ص)،[216] بحسب الروايات مثل ما ورد في كتابالكافي «وكان علي (عليه السلام) يكتب ما يُلقى إليها.»،[217] واحتوى على علوم أو أخبار خاصة، وهو من العلم الخاص الذي ورثه الأئمة (ع) فعنجعفر الصادق:«وعندنا مصحف فاطمة، أما والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد.»[218] لكنه ليس قرآناً آخر، ولا بديلاً عن القرآن الموجود بين أيدينا.. فلا يحتوي على أحكام فقهية مفصلة أو تشريع جديد،[219] بل يحتوي على:أخبار الغيب. مثل أسماء وأخبار الملوك والحكام. وما سيجري على ذريتها وأهل البيت. وعزاءات منجبرائيل لها. عنجعفر الصادق (ع): «مصحف فاطمة ما هو قرآن، ولكنه كلام أُملي عليها، وكان فيه ما يكون من خبر ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة.»[220] وقالجعفر الصادق أيضًا «إن فاطمة مكثت بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) خمسة وسبعين يوماً، وكان قد دخلها حزن شديد على أبيها. وكان جبرئيل (عليه السلام) يأتيها، فيحسن عزاءها، ويحدثها عن أبيها ومكانه، ويخبرها بما يكون بعدها في ذريتها، وكان علي (عليه السلام) يكتب ذلك، فهذا مصحف فاطمة.»[221]
وهو بحسب رواياتأهل البيت: عندالمهدي، محفوظ ضمن مواريثالأئمة. ويُقال أنه من جملة الأمور التي يظهرهاالمهدي حين ظهوره. فيقولجعفر الصادق: «إنه عندنا لا يدّعيه أحد غيرنا إلا كذّاب».[222]
يعتقد الشيعة أن الرسولمحمد قد ولّى أمر المسلمين إلى الإمامعلي بعد مماته ليكون حافظاً لتراث الرسول من أي عبث وقد ولى الإمام علي ابنه الحسن ليكون ولي أمر المسلمين بعده ثم ولّى الإمامالحسن أخاهالحسين ولتستمر هذه السلسلة حتى الإماممحمد المهدي، وهم مخولون من الله بنشر تعاليمالإسلام وتوضيحها من تفسير للقران ونقل للأحاديث الدينية وغيرها؛ ولذلك فهم معصومون من الخطأ.[223]
و يرى الشيعة أن هؤلاء الأئمة الاثني عشر هم نفسهمالخلفاء القرشيون الاثنا عشر الذين ورد ذكرهم في أحاديث منسوبة للرسول محمد في الكتب السنية مثل حديثجابر بن سمرة عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم أنه قال:«يكون بعدي اثنا عشر خليفة كلهم من قريش»[224] -السلسلة الصحيحة للألباني-الصفحة 3/63
أسماء الإئمة الشيعة المنحدرين من نسلعلي مكتوبة بشكل اسم علي.
و كذلك حديث ابن مسعود إذ روى:كنا جلوساً عندعبد الله بن مسعود وهو يقرئنا القرآن فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن، هل سألتم رسول الله صلى الله عليه وسلم كم تملك هذه الأمة من خليفة؟ فقال عبد الله بن مسعود: ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق قبلك ثم قال: نعم، ولقد سألنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: «اثنا عشر كعدّة نقباء بني إسرائيل»[225]
يعتقد الشيعة أن الإنسان لديه إرادة حرة في تقرير ما يفعله، كما أن الإرادة الحرة هي أحد العوامل التي تحدد السلوك. ترتبط السلوكيات مثل الأكل والشرب والتنقل ارتباطًا مباشرًا بإرادة الإنسان وهي اختيارات فردية يمكن للمرء أن يختار القيام بها أو عدم القيام بها. ومع ذلك فإن إرادة الإنسان الحرة ليست مستقلة، بل تتضمن أيضًا إرادة الله، وبالتالي فإن سلوكها الفعلي هو في الواقع نتيجة للإرادة المشتركة بين البشر والله. وكما قال الإمام السادسجعفر الصادق، فإن موقف الشيعة «ليس قدرياً ولا إرادة حرة، بل في مكان ما بينهما».[226]
على الرغم من أن علماء اللاهوت الشيعة الأوائل مثلهشام بن الحكم اعتقدوا ذات مرة أن أفعال الإنسان يحكمها الله بأعجوبة، إلا أن هذا الرأي تراجع تدريجياً عن شعبيته لأنه إذا كان الله قد قدّر أفعال النبيمحمد إذا كان نسل الإمام يقود المسلمين، فينبغي أن يكون الإمام في السلطة.[227] يرفض الشيعة القدرية السنية ويقولون إنهم إذا آمنوا بالقدرية، فلا يمكنهم أيضًا الإيمان بحساب يوم القيامة ، لأنه إذا قدر الله ما يفعله البشر فإنه سيقدر على نفسه الذنوب والفساد والتجاوزات، والعديد من الأمور غير المعقولة وغير العادلة. لإيقاع العقوبة على عبادة الله وكفر الإيمان وظلمه.[228] ويجادلون بأن البشر يجب أن يتمتعوا بدرجة معينة من الإرادة الحرة وأن يكونوا مسؤولين عن أفعالهم.[229]
ومثل المعتزلة، رأى مفيد أن الأفعال نفسها لا تدل إلا على امتلاك مثل هذه القدرات، وأن الممارسة الفعلية لهذه القدرات تحركها إرادة الإنسان، لكنه لم يدل على أن أفعاله هي من خلق قومه.[230] ويرى عالم شيعي آخر، وهو ابن وزير، أن الأعمال التي يقوم بها الإنسان ليست مفروضة من الله، بل هي مقصودة من الله، ولكن بفضل إرادة الله وقدرته يستطيع الإنسان تحقيق هذه الأعمال.[231] وأوضح ناصر خسرو ، أحد علماء الشيعة المشهورين في العصور الوسطى ، أن البشر بين البهائم والملائكة، فالحيوانات لها طبيعة حيوانية فقط وليس لها القدرة على التفكير العقلاني، في حين أن الملائكة ليس لها سوى العقلانية ولكن ليس لها القدرة على فعل الشر، لذلك لن يكافأوا. أو يعاقبون على أفعالهم، لكن يمكن للإنسان أن ينجذب إلى الأفكار الشريرة ويكون لديه سبب لقمع هذه الأفكار.[232]
حكم يوم القيامة
يُظهر الرسم التوضيحي النبيعيسي المسيح (يسوع) وهو يقاتل ضد المخلص الكاذبالمسيح الدجال. الملثم في الصورة هوالمهدي، ويعتقد الشيعة أنه غائب وسيعود قبل يوم القيامة.
بحسب الرواية الشيعية، بعد وفاة الإمام الحادي عشرالحسن العسكري، غاب ابنهمحمد بن الحسن المهدي عن الأنظار.[233] يعتقد المسلمون الشيعة أنه لا يزال على قيد الحياة وأنه في عزلة منذ عام 941. ويجب على المؤمنين انتظاره ليهزم قوى الشر ويعود إلى الأرض ليقيم مملكة صالحة عندما يكون يوم القيامة وشيكًا. هذا المهدي المنعزل هو الإمام الإثنا عشر، ويعتقدون أن الله أعطاهقوى خارقة للطبيعة، مما سمح له بالعيش لفترة أطول من الناس العاديين والاختباء في مكان سري. ويعتقدون أيضًا أنالمهدي هو أيضًا من نسلمحمدوعلي، وأن ظهوره سيقضي على كل المظالم والصراعات ويبني مجتمعًا مثاليًا حتى يتمكن الناس من تحقيق الحياة الروحية بالكامل. تتصور وثيقة شيعية من القرن العاشر ظهور المهدي بهذه الطريقة:[234][235]
«كانت هناك صرخة من السماء سمعها الجميع بلغتهم الخاصة، وظهر وجه وجسد في وسط الشمس، قام الموتى من قبورهم، وعادوا إلى العالم، وتعرفوا على بعضهم البعض قم بالزيارة، سيكون هناك 24 مطراً غزيراً متتالياً، وستولد الأرض من جديد بعد أن تغسلها وتباركها الأمطار الغزيرة، وسيذهب المهدي الشيعي التقي أمراض جميع مؤمني الشيعة عليه السلام، ثم سيعلمون. وأن المهدي موجود في مكة فسيذهبون وينصرونه... وفي زمن المهدي سينكشف الظلم وتصبح الطرق آمنة. سيتم حكم العالم، وسيتم توزيع ما هو مستحق على الأشخاص الذين يستحقونه. سيؤمن أتباع جميع الأديان بالإسلام ويستسلمون له... وحينها لن يحتاج الناس إلى الكرم لأن كل المؤمنين سيجلسون على الثروات.»
ويوم القيامة، باستثناء محمد وعلي، تعتقد الشيعة أن الأئمة سيشفعون للبشر، ويعتقدون أنهم سيرجعون إلى الدنيا. وبدون شفاعتهم، لا يمكن للبشر الهروب من العدالة على جرائمهم. هناك حديث في الشيعة قال النبي محمد ذات مرة لعلي: «أقسم أن ثلاثة أشياء صحيحة. الأول هو أنك أنت وذريتك هم محكمين للبشرية ... والثاني هو أن تعرض الناس على الله إلى الله ملكوت السماوات... ... ثالثًا، أنت الحكم الذي لا جدال فيه، لا يسقط في النار إلا من لم يعرفك ومن لم يعرفك.» وفقا للباحث الشيعيمحمد باقر المجلسي، يمكن للمسلمين الشيعة أن يغفر لهم جرائمهم من خلال شفاعة الإمام، وبغض النظر عن الخطأ فإن إيمانهم بالإمام وحده يضمن حصانتهم لدخول الجنة.[236]
تتميَّز أشعار الشِّيعة الأوائل بِالحُزن والبُكاء والنَّحيب على أئمَّتهِم الذين سفكالأمويون دِمائهُم مِثل قول الشَّاعر سُلَيمان بن قتَّة العدوي حين مرَّ بِكربلاء بعد مقتلالحُسين بن علي بِثلاث فنظر إلى مصارعهم فاتَّكأ على فرس له عربيَّة فَقال:[237]
مَرَرتُ على أبْيَاتِ آلِ مُحَمَّدٍ
فَلَم أرَهَا كَعَهدها يوم حُلَّتِ
وَكَانُوا رَجَاءً ثُمَّ صَارُوا رَزِيَّةً
وَقَد عَظُمَت تِّلكَ الرَّزَايَا وَجَلَّتِ
ألَمْ تَرَ أنَّ الشَّمْسَ أَضحَت مَرِيْضَةً
لِفَقْدِ حُسَيْنٍ وَالبِلَادُ اقشَعَرَّتِ
وَقَد أعوَلَت تَّبْكِيْ السَّمَاءُ لِفَقدِهِ
وَأنجُمُهَا نَاحَت عَلَيهِ وَصَلَّتِ
ولَم يَقتصِر ذَلِكُمُ الأمر على الرِّثاء والبُكاء، إذ أضاف كثيرٌ مِنهُم إلى رِثائه وبُكائِه استِنهاضًا لِلأخذ بِثأره وثأر مَن دافَعُوا عنه مِن صحبِه وأنصاره، ومِن ذلِك شِعر عوف بن عبد الله بن الأحمر الأزدي[238] ولهُ فيالحُسَين قصيدةٌ طويلةٌ رثاه بها وحضَّ الشَّيعة على الطَّلب بِدمه، وفيها يقول:[239]
لِيَبْكِ حُسَيْنًا كُلَّمَا ذَرَّ شَارِقٌ
وَعِنْدَ غُسُوقِ اللَّيْلِ مَنْ كَانَ بَاكِيا
وَيَا لَيْتَنِي إذ ذَّاكَ كُنْتُ شَهِدتُهُ
فَضَارَبْتُ عَنْهُ الشَّانِئِيْنَ الأَعَادِيا
وَدَافَعتُ عَنْهُ مَا اسْتَطَعت مُجَاهِدًا
وَأعْمَلْتُ سَيْفِي فِيْهِم وَسِنَانِيا
لوحة للرسام یُوسف عبدي نژاد تُصوّرأبا الفضل العباس على نهر الفُرات، وقد كانت تضحياته وثباته إلى جانب أخيه حتَّى استشهاده مثالًا يُحتَذى به فكتب في ذلك الشُعراء.[240]
وَإذا كانت قُلُوب الشِّيعة على هذا النَّحو تمتلئ حِقدًا وغيظًا علىبني أميَّة فقد كانت تمتلئ بِالحُبّلآل البيت حُبًّا يملك على نُفُوسهم أهواءها وعواطفها وإحساساتها ومشاعرها، على شاكلة قولأبي الأسود الدُّولي وقد عابه قومٌ بِتشيُّعه:[243]
رسمٌ يُظهرالصَّاحب بن عبَّاد المعروف بِلقب «كافي الكُفاة» وهو من أعيان العصر البويهي وكان وزيرًا من نوادر الوزراء الذين غلب عليهم العِلم والأدب.[246]
وكذلِك نظم الشِّيعة أشعارهم في مدح أهل البيت وأكثروا من هذا وضمَّنوا في أبياتهم مناقبأهل البيت ومقاماتهم وفضائلهم، وسار الشُعراء على هذا الأمر شاعرًا بعد شاعر فلم يزل الأمر سائرًا فيهم، حيث رأى أولئك الشُعراء أن ما يُكتَب في أهل البيت خالدٌ باقٍ لا يطويه الزَّمان ولا يغلبه الكِتمان، وعبَّر عن ذلكالشَّريف الرَّضي في قصيدة له يذكُر فيها أيضًا أن تشيُّعه وانتسابه لأهل البيت مبعث لِلفخر، هذا وقد عُرِف الشريف الرضي بِعزَّة نفسه، فقال:[247][248]
وَمَا الْمَدْحُ إِلَّا فِي النَّبِيِّ وَآلِهِ
يُرَامُ وَبَعْضُ الْقَوْلِ مَا يُتَجَنَّبُ
أَرَى الشِّعْرَ فِيهِمْ بَاقِيًا وَكَأَنَّمَا
تُحَلِّقُ بِالْأَشْعَارِ عَنْقَاءُ مُغْرِبُ
أُعِدُّ لِفَخْرِي فِي الْمَقَامِ مُحَمَّدًا
وَأَدْعُو عَلِيًّا لِلْعُلَا حِينَ أَرْكَبُ
وكذا فقد احتوى شِعرهُم على توثيقٍ لأحداثٍ مُهمَّة في التَّاريخ الإسلامي وتذكيرٍ بها وقد اشتركت في هذه الأشعار والقصائد أجيال الشُعراء قاطبةً من مُختلفالعُصُور الأدبيَّة، وتضمَّن ذلك المواقف والأحداث المحوريَّة مثل واقعة الطَّف والمقاتل ومواليد الأئمَّة ومواقفهم ويوم الغدير، ومن الأبيات التي أشادت بيوم الغدير ما كتبه الوزير العالِمالصَّاحب بن عبَّاد وهو من أعيانالدَّولة البويهيَّة:[249]
وَقَالُوا عَلِيٌّ عَلَا قُلْتُ لَا
فَإِنَّ العُلَى بِعَلِيٍّ عَلَا
وَلكِنْ أَقُولُ كَقَولِ النَبِيِّ
وَقَد جَمَعَ الخَلْقَ كُلَّ المَلَا
أَلَا إِنَّ مَن كُنْتُ مَولًا لَهُ
يُوَالِي عَلِيَّا وَإِلَّا فَلَا
وقد ترك التشيُّع أثره على الأشعار بِشتَّى فُنُونه وأغراضه إذ لم يقتصر على شعرالمديحوالرِّثاء فقط، بل تعدَّاه إلى فضاء أوسع تضمَّن الاستشهاد بِالمواقف التاريخيَّة وإعمالها في موضعالحِكمة أو التَّذكير أو الاستنهاض. ومن الأخبار التي بلغتنا من الأديب المُتقدِّم الصَّاحب بن عبَّاد قوله: «بُدِئَ الشِّعرُ بِمَلِك، وَخُتِمَ بِمَلِك، وَيَعْنِي امْرأ القَيْس وَأبَا فِرَاس».[250] ولمَّا كان أبو فراس الحمداني من الشيعة[251][252] إذن يكون خاتمة شُعراء العرب شيعيًا.
صورة تخيُليَّة للأميرأبي فراس الحمداني من أغزر الشُعراء وأشجع الأمراء في زمانه، وكان شيعيًا.
وقد اجتمعت الصفات والأغراض الحكميَّة المذكورة أعلاه فيما نظمه الشَّاعر الأمير أبو فراس الحمداني في قصيدته الشَّهيرة «أَرَاكَ عَصِيَّ الدَّمْعِ» وتعد هذه القصيدة من أشهر ما أنشده أبو فراس. وقد نقل فيها كشفعمرو بن العاص لِعورته كي يَّسلم من سيف عليٍّيوم صِفِّين، ويريد الشَّاعر بِذلك القول أن لا خير في دفع الموت إن كان ثمنه الذِّلة، فيما يلي محل الشَّاهد وأجزاء من القصيدة:[253][254]
وَقَالَ أُصَيْحَابِي الفِرَارُ أَوِ الرَّدَى
فَقُلْتُ هُمَا أَمْرَانِ أَحْلَاهُمَا مُرُّ
وَلَكِنَّنِي أَمْضِي لِمَا لايُعِيْبُنِي
وَحَسْبُكَ مِنْ أَمْرَيْنِ خَيْرَهُمَا الأَسْرُ
يَقُولُونَ لِي بِعْتَ السَّلَامَةَ بِالرَّدَى
فَقُلْتُ أَمَّا وَاللهِ مَانَالَنِي خُسْرُُ
وَهَلْ يَتَجَافَى عَنِّيَ المَوْتُ سَاعَةً
إِذَا مَاتَجَافَى عَنِّيَ الأَسْرُ وَالضَرُّ
هُوَ المَوْتُ فَاِخْتَر مَاعَلَا لَكَ ذِكْرُهُ
فَلَمْ يَمُتِ الإِنْسَانُ مَاحَيِيَ الذِكْرُ
وَلَا خَيْرَ فِي دَفْعِ الرَّدَى بِمَذَلَّةٍ
كَمَا رَدَّهَا يَوْمًا بِسَوْءَتِهِ عَمْرُو
الشعر الفارسي
أثَّر التشيُع في إحياءالحضارة الإيرانيَّة الجديدةوثقافتها فأضحى ركنًا من أركانها إذ كان للموروث الشيعي أثرٌ بليغ على الشُعراء والأدباء من الذين قاموا بِإحياء وتجديداللُغة الفارسيَّة، ومنهم «أبو قاسم الفردوسي» صاحب ملحمة «الشاهنامه» الشَّهيرة وهي أطول قصيدة في العالم ومن أعظم الآثار الأدبية الفارسيَّة والعالمية إذ أنقذت اللُغة الفارسيَّة من الاندثار ومجَّدت العقيدة الشيعيَّة.[255][256]
منمنمة فارسيَّة من كتابخاوران نامه تُصوِّر عليًا بن أبي طالب وهو يقتُل التِّنين بِاستعمال سيفه «ذو الفقار».
كتبالشُعراء الفُرس في حُب النَّبي وأهل بيته قصائد كثيرة فما انفكَّ شُعراؤهُم يذكُرون فضائل أهل البيت ومناقبهم وما جرى عليهم من مصائب الدَّهر، والتَّغنِّي بِالمقامات النورانيَّةلآل بيت النُبوَّة وأنَّهم ورثة العلم وموضع الأسرار، ومن الشُعراء الذين عبَّروا عن هذه الحقيقة هوناصر خسرو الذي يُعدُّ من الشخصيَّات المُهمَّة في الأدبيَّات الفارسيَّة، الذي قال في ديوانه:[257]
بدین پرده اندر نیابد کسی ره
جز آن کس که ره را بجوید از رهبر
ره سر یزدان که داند؟ پیمبر
پیمبر سپرده است این سر به حیدر
وتعريبه: «خَلفَ هَذَا السِّتَار، لا يَجدُ الطَّريقَ إلا مَنِ اسْتَرشَدَ بِالقَائِد، الطَّرِيقُ إلى الخَالق مَن يعرِفُه؟ النَّبيُ، النَّبيُ أَودَعَ ذَلكَ السِّرَّ لَدَى حَيدَر». الأبيات السابقة لا تُظهر مكانة التشيُع من النَّاحية الموضوعيَّة وحسب بل تتجلَّى فيها الملامح الأسلوبيَّة لأقوالالأئمة الاثني عشر فقد تأثر العديد من الشُعراء والأدباء سواء من العرب أو العجم بفصاحة الأئمة وكاننهج البلاغة الذي احتوى على خطبالإمام علي بن أبي طالب من أعمق الكُتُب تأثيرًا.[258][259][260] وقد بُعثَت المفاهيم الأخلاقيَّة والحكمية التي استقوها من أهل البيت في صورة أبيات شعرية، قالالفيض الكاشاني:[261]
عیب جلی خویش نبینی به دو دیده
عیب خفی غیر بیابی به فراست
گویی همه جا عیب کسان را به علالا
در خویش نبینی شره و بخل شراست
وترجمته:[262] «لا تَرَى عَيبَكَ الوَاضِحَ بِعَينَيكَ، وَتَرَى العَيبَ الخَفيَّ في غَيركَ، تَتَحَدَّثُ عَن عُيُوبِ النَّاسِ في كُلِّ مَكَانٍ بَينَمَا لا تَرَى عَيبَ الشَّرَه والبُخلِ في نَفسِكَ». وفي تلك الأبيات يظهر جليًا التأثُر بأحاديثالإمام علي الذي قال: «طُوبَى لِمَنْ شَغَلَهُ عَيْبُهُ عَنْ عُيُوْبِ النَّاسِ.»[263] وكذلك أكثر شعراؤهم الكتابة في المسالك الربانيَّة والتَّوحيد وتمجيد الله الواحد الأحد، وفي هذا المعنى يقول نفس الشاعر:[264]
سكينة دل و جان لا إله إلاّ الله
نتيجة دو جهان لا إله إلاّ الله
زبان حال و مقام همه جهان گويد
به آشكار و نهان لا إله إلاّ الله
وتعريبه: «كَلِمَةُ لا إلَهَ إلَّا الله تَسكُنُ القَلَبَ والرُّوحَ، كَلِمَةُ لَا إلَهَ إلَّا الله نَتيجَةُ مَآلِ العَالَمَينِ (الدنيا والآخرة)، إنَّ لِسَانَ حَال وَمَقَام كُلِّ العَالَم يَقُول لا إلَهَ إلَّا الله سِرًّا وَعَلَانِيةً.»[264] ومن أغراضهم كانت غرض الرثاء بحقأهل البيت وقد احتل هذا الغرض مكانة بارزة في السَّاحة الأدبيَّة الفارسيَّة.
ويُذكر أن الشاعر والخطاطوصال الشيرازي لمَّا أصيب بالعمى التَّام رأى في منامه النبيمحمدًا والسيدةفاطمة الزهراء، فقالت له: «إذا كتبت قصيدة عزاء فابدأ بولدي الحسن فإنه مظلوم - غريب جدًا.»، فنظم قصيدة قال في مطلعها:[265][266][267]
از تاب رفت و طشت طلب کرد و ناله کرد
آن طشت راز خون جگر باغ لاله کرد
خونی که خورد در همه عمر، از گلو بریخت
دل را تهی زخون دل چند ساله کرد
وتعريبه: «طَلَبَ طَستًا ثُمَّ غَابَ عَنِ الوَعِي، لِيُحَوِّل الطَّستَ إلى حَدِيقَة الزَّنبَق مِن دِمَاءِ كَبِدِه، لَقَد أَفرَغ نَفسَهُ مِن الآلَامِ التي تَجَرَّعَهَا خِلَالَ سَنَواتٍ مِن عُمره الشَّرِيف».[268] وما إن بلغ الشَّاعر الجُزء الثَّاني من قصيدته فإذا بِعينيه تتفتَّح من جديد.[265][266] وكذا فقد احتلَّ رثاءالأئمة مقامًا رفيعًا في الأدبيَّات الفارسيَّة الشيعيَّة.
الشعر التركي
يُعدُّ الشُّعراء والأُدباء الشيعة العلويون والبكتاشيون الآباء المُؤسسينللأدب التُركي؛[269] فَكان الأدب الشيعيالعلوي والبكتاشي تيارًا ثقافيًا ورُوحيًا مُتجذرًا في بنيةالثقافة التُركيَّة، تجلَّى فيه بُعدٌ روحي عميقٌ وانتماءٌ وجداني لأهل البيت ونزعةٌ احتجاجيَّةٌ على المركزيَّة السياسيَّة والدينيَّة في الحُكُومات الأناضوليَّة. ومن هذا المزج الثقافي انبثق تيارٌ شعري فريد صاغ الثقافة التُركيَّة المعروفة في عالم اليوم. كان للأدبيَّاتالعلويَّةالبكتاشيَّة وظيفة مُزدوجة: فَهي ظاهرة إنشادٍ رُوحي يستحضر مقامات الأولياء ومآثرأهل بيت النُبوة وفي جوهره خطاب رمزي يُعبر عن هويَّة مُغايرة تُقاوم التَّهميش، وتُؤسس لِذاكرة مُجتمعيَّة تستمدُّ قيمها من تعاليمالنبيوأهل بيته.
Ali ile Hasan, Hüseyin anda Suyadı gönüllerde, muhabbet canda
Yarınmahşer gününde, ulu divanda Ya Muhammed canım arzular seni
وتعريبُهُ: «مَعَ عَلِيٍّ والحَسَن والحُسَين هُنَاك، حُبُّهُ فِي القُلُوب وَودُّهُ فِي الأَفلَاك، فِي غَد المَحشَر فِي المَجلِس الشَّامِخ البَاقِي يَا مُحَمَّدُ رُوحِي تَهفُو لِرُؤيَاك» وتُعبَّر الأبيات سالفة الذكر عن الأثر الرُوحي البالغ الذي رسَّخه التشيُع في نُفُوسالأتراك؛ فقد ظهرت على يديهم مُؤلَّفات عدَّة في إحياء أمر أهل البيت، ومن أهم تلكُمُ المُؤلَّفات هو كتاب «حديقة السعداء» (بالتُركيَّة: Hadikatü's-Süada) الذي يُعدُّ من أعمق ما كُتب في تخليدمأساة كربلاء كما أنَّه من أعظم الكُتُب الأدبيَّة المكتوبة بالتُركيَّة.
رسمة للشاعر مُحمَّد بن سُليمان الشهير بلقب «فضولي البغدادي» صاحب كتاب «حديقة السعداء».
وقد لمع من شُعراء الشيعةالتُركمان الشَّاعر مُحمَّد بن سُليمان المُلقَّب «فضولي البغدادي» وهو رائد المدرسة الكلاسيكيَّة للأدب التُركي[270] ومن أعلام المديح النبوي والرثاء الحُسيني.[271] اشتهر بكونه شاعر المشرق لأنَّه كتب أشعارهبالتُركيَّة والعربيَّة والفارسيَّة والأذريَّة وقد لُقب بِـ«الشاعر الأعظم» و«رئيس الشعراء» و«سلطان الشعراء»[270] وُلد فيكربلاء وكان يُضيء القناديل فيالروضة الحُسينيَّة مُبتعدًا عن ملاذ الدُنيا، ممَّا جعله مُتشبعًا بِروح التشيُع[271] وظهر ذلكُمُ الأمر جليًا في أشعاره ومنها «قصيدة الماء» (بالتُركيَّة: Su Kasidesi) التي يمدح فيهاالنبي قائلًا:
Medhinde söylenir sözün her biri dürdür dürü
Söz anlamaz mülevvesin ağzında inciler ne gerek
Cümle elmastır cevâhir mest-i lem'y-i dîdedir
Lâl-i zîbâyın sözünde her biri dürdür dürü
وترجمتُه: «كُلُّ كَلِمَةٍ تُقالُ في مَدحِكَ هي لُؤلُؤَةٌ ثَمِينَةٌ، فَلا حاجَةَ لِلُؤلُؤٍ إِن خَرَجَ مِن فَمٍ مُلَوَّثٍ لا يَعرِفُ قَدْرَ الكَلامِ، كُلُّ الجَواهِرِ تُبهِرُ العُيُونَ بِبَريقِها، لَكِنَّ في كَلامِكَ - أَيُّهَا الجَمِيلُ - كُلُّ لَفْظٍ هو جَوهَرَةٌ فَرِيدَةٌ.»
اشتملت تاريخ العلاقات بين السنة والشيعة في كثير من الأحيان على العنف خاصة بسبب الصراع علي الحكم والسلطة، والتي يعود تاريخها منذ نشوء الطائفتين. وكان كثير من الحكام السنة ينظرون إلى الشيعة على أنهم تهديد سواءً لسلطتهم السياسية أو الدينية بسبب سعيهم لأن يكون الحاكم من نسل أهل البيت أو شيعي.[272]
مناظر لمقام السيدة زينب الشيعي في نيسان 2019 في شنكال، أثناء إعادة بنائه بعد تدميره على يدتنظيم داعش.زيارة الأربعين.
سعى الحكام السنة تحت الحكم الأموي لتهميش الأقلية الشيعية بسبب تهديدهم السياسي علي حكمهم، وتلاهم العباسيين الذين سجنوا الشيعة واضطهدوهم وقتلوهم. وكثيرًا ما اُضطُهد الشيعة على مر التاريخ من المسلمين السنة والذي كان غالبًا ما اتسم بالأعمال الوحشية والإبادة الجماعية. تبلغ نسبة الشيعة حوالي 27-30% من المسلمين اليوم، ولا يزال الشيعة مهمشون في المجتمع حتى يومنا هذا في العديد من الدول العربية السنية يمنعون دون الحق في ممارسة شعائرهم الدينية وتنظيمها.[273]
تعتبر الاثنا عشرية هي الطائفة الأكبر، وتليها الإسماعيلية، ثم الزيدية بنسب صغيرة. ويتراوح عدد الشيعة في العالم ما بين 154 و200 مليون نسمة، بنسبة 10% إلى 13% من إجمالي عدد المسلمين في العالم. يعيش منهم ما بين 116 و147 في قارةآسيا بما يعادل ثلاثة أرباع عدد المسلمين الشيعة الكلي. ويعيش الربع الباقي في شمالأفريقيا، ويتراوح عددهم ما بين 36 و44 مليون نسمة. يتركز معظم الشيعة -حوالي 68%:80%- في أربعة دول هيإيران (66:70 مليون)،وباكستانوالهندوالعراق وبهم قرابة 90 مليون نسمة مجتمعين.[283]
تخطيط لاسم الإمام السَّادسجعفر بن مُحمَّد الصادق وهو مؤسِّس المدرسة الفقهيَّة الجعفريَّة وقد سُمِّيت بهذه التسمية تيمُنًا به.
أصل تسميه الفقه الجعفري يرجع إلى جعفر بن محمد الصادق (ع) سادس الائمة وذلك أن هذا الإمام تهيأت له الظروف المناسبة لنشر فكر الإسلام الحق بسبب معاصرته لضعف الدولة الأموية وبداية الدولة العباسية لذلك أسس مدرسة لنشر علوم أهل البيت عليهم السلام وهي علوم الإسلام من خلال تأسيس مدرسة علمية عرفت باسمه (مدرسة الإمام الصادق) تخرج منها أكثر من 4000 عالم مجتهد. ونحن نقول ان كل المذاهب الإسلامية الاربعة اخذت من هذه المدرسة، لانه وكما مشهور كان اولها مدرسه أبو حنيفة وهو كان طالبا في مدرسة الصادق عليه السلام والدليل قوله (أي أبي حنيفة): (لولا السنتان لهلك النعمان) والمعروف أن باقي المدارس الإسلامية أخذت من مدرسة أبو حنيفة.
عيد الغدير وهو يوم بيعةغدير خم في الثامن عشر من ذي الحجة وهو اليوم الذي أوصى فيه الرسول محمد إلى الإمام علي بخلافته بعد موته حسب الاعتقاد الشيعي.
عاشوراء وهي مناسبة تذكر استشهاد الإمامالحسين بن علي وصحبه في معركة الطف حيث أنه أهم المناسبات الحزينة عند الشيعة ويقع في اليوم العاشر منمحرم[ ؟].
الأربعين يقع في 20صفر[ ؟]، 40 يوم بعدعاشوراء وهو اليوم الذي عاد فيه من الناجين من معركة الطف من أطفال ونساء يصحبهم وعلى رأسهم الإمام السجاد وزينب بنت علي إلى كربلاء حيث وقعت معركة الطف.
لدى الشيعة مدن ومزارات مقدسة تضم أضرحة أئمتهم وإن اتفقوا مع المذهب السني في مدن مثلمكةوالمدينة المنورةوالقدس وما فيهم من أماكن مقدسةكالكعبةوالمسجد النبويوالمسجد الأقصى، لكنهم ينفردون بأماكن يقدسونها كأضرحة ومراقد أئمتهم ومعصوميهم وبعض المساجد المهمَّة مثل:
النجف: المسمَّى بالنجف الأشرف وبه مقام الإمام علي بن أبي طالب أول الائمة وبجواره وادي السلام ويعتقد ان بجانبه آدم ونوح حسب بعض الزيارات المعتبرة عندهم.[306]
دمشق: كما يعتقد الشيعة عمومًا بمقام السيدة زينب أختالإمام الحسين بنتعلي بن أبي طالب وهي ابنته من فاطمة بنت النبي محمد ومقامها موجود في دمشق منطقة السيدة.
القاهرة: كما يعتقد بعض الشيعة[307] أن رأس الإمام الحسين الذي قتل في كربلاء مدفون هناك حيث نقله الأمويون مع السبايا من النساء والأطفال من أرض كربلاء حيث وقعت المعركة المعروفة باسمواقعة الطف إلى قصريزيد بن معاوية بن أبي سفيان.
واستدل الإمام مالك بقوله تعالى:﴿يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار﴾ على القول بكفر من سب الصحابة عندما سألههارون الرشيد عن حكمهم وأردف قائلا: فمن عابهم فهو كافر ولا نصيب لكافر في الفيء. كما نقل عنه أنه قال في الشيعة:
«إنما هؤلاء قوم أرادوا القدح في النبي صلى الله عليه وسلم فلم يمكنهم ذلك فقدحوا في أصحابه حتى يقال: رجل سوء ولو كان رجلا صالحا لكان أصحابه صالحين.»
«وأما من جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نفرا قليلا لا يبلغون بضعة عشر نفسا أو أنهم فسقوا عامتهم فهذا لا ريب أيضا في كفره فإنه مكذب لما نصه القرآن في غير موضع: من الرضى عنهم والثناء عليهم بل من يشك في كفر مثل هذا فإن كفره متعين فإن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب والسنة كفار أو فساق وأن هذه الأمة التي هي: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} وخيرها هو القرن الأول كان عامتهم كفارا أو فساقا ومضمونها أن هذه الأمة شر الأمم وأن سابقي هذه الأمة هم شرارها وكفر هذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام ولهذا تجد عامة من ظهر عنه شيء من هذه الأقوال فإنه يتبين أنه زنديق وعامة الزنادقة إنما يستترون بمذهبهم»
«إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق، وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق، والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى، وهم زنادقة»
«لا يحل ذبح الرافضي ولا أكل ذبيحته، فإن الرافضة غالباً مشركون حيث يدعون علي بن أبي طالب دائماً في الشدة والرخاء حتى في عرفات والطواف والسعي، ويدعون أبناءه وأئمتهم كما سمعنا مراراً، وهذا شرك أكبر وردة عن الإسلام يستحقون القتل عليها.»
«الشيعة فرق كثيرة وكل فرقة لديها أنواع من البدع وأخطرها فرقة الرافضة الخمينية الاثني عشرية لكثرة الدعاة إليها، ولما فيها من الشرك الأكبر كالاستغاثة بأهل البيت واعتقاد أنهم يعلمون الغيب ولا سيما الأئمة الاثني عشر ـ حسب زعمهم ـ ولكونهم يُكَفّرون ويسُبُّون غالب الصحابة كأبي بكر وعمر - رضي الله عنهما.»
محمود شلتوت: يرى الشيخ شلتوت فيما عرفبفتوى شلتوت جواز التعبّد بالمذهب الشيعي الجعفري باعتباره مذهباً إسلامياً كالمذاهب السنية الأربعة (الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية).
«لا يوجد خلاف بين السني والشيعي يخرجه من الإسلام إنّما هي عملية استغلال السياسة لهذه الخلافات كما حدث بين المذاهب الفقهية (الأربعة)، كل الفروق بيننا وبينهم هي مسألة الإمامة.»
«إنّ كل من يتّبع أحد المذاهب الأربعة من أهل السنّة والجماعة (الحنفي، والمالكي، والشافعي، والحنبلي) والمذهب الجعفري، والمذهب الزيدي، والمذهب الإباضي، والمذهب الظاهري، فهو مسلم، ولا يجوز تكفيره. ويحرم دمه وعرضه وماله.»
^The New Encyclopædia Britannica, Jacob E. Safra, Chairman of the Board, 15th Edition, Encyclopædia Britannica, Inc., 1998,ISBN 0-85229-663-0, Vol 10, p. 738
حدثنا أبو أسامة قال حدثنا إسماعيل عن قيس قال: لما بلغت عائشة بعض مياه بني عامر ليلا نبحت الكلاب عليها، فقالت: أي ماء هذا؟ قالوا: ماء الحوأب (والحوأب: هو ماء قريب منالبصرة على طرقمكة). فوقفت فقالت: ما أظنني إلا راجعة، فقال لها طلحة والزبير: مهلا رحمك الله، بل تقدمين فيراك المسلمون فيصلح الله ذات بينهم، قالت: ما أظنني إلا راجعة، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا ذات يوم: كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب
^Wintle, Justin (2003).History of Islam. London: Rough Guides. pp. 136–37
^المقريزي، أبو العبَّاس تقيُّ الدين أحمد بن عليّ (1270هـ - 1853م). الخطط المقريزيَّة المُسماة بالمواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار، الجزء الثاني. القاهرة - مصر: دار الطباعة المصريَّة. ص. 212.
^أيُّوب، إبراهيم رزق الله (2001).التاريخ العبَّاسي السياسي والحضاري (ط. الأولى).بيروت -لُبنان: الشركة العالميَّة لِلكتاب. ص. 175.ISBN:1552065308.{{استشهاد بكتاب}}:تحقق من التاريخ في:|سنة= (مساعدة)
^Bayne Fisher, William. The Cambridge History of Iran, p. 3: "From then until Timur's invasion of the country, Iran was under the rule of various rival petty princes of whom henceforth only the Jalayirids could claim Mongol lineage"
^Wing, Patrick (2016).The Jalayirids: Dynastic State Formation in the Mongol Middle East. Edinburgh University Press
^Sümer, Faruk (1984). Kara Koyunlular (in Turkish). Ankara: Türk Tarih Kurumu
^V. Minorsky. Jihān-Shāh Qara-Qoyunlu and His Poetry (Turkmenica, 9). Bulletin of the School of Oriental and African Studies, University of London. — Published by: Cambridge University Press on behalf of School of Oriental and African Studies, 1954. — V.16, p . 272, 283: «It is somewhat astonishing that a sturdy Turkman like Jihan-shah should have been so restricted in his ways of expression. Altogether the language of the poems belongs to the group of the southern Turkman dialects which go by the name of Azarbayjan Turkish.»; «As yet nothing seems to have been published on the Br. Mus. manuscript Or. 9493, which contains the bilingual collection of poems of Haqiqi, i.e. of the Qara-qoyunlu sultan Jihan-shah (A.D. 1438—1467).»
^Ruda Jurdi Abisaab (2009)."Iran and Pre-Independence Lebanon" in Houchang Esfandiar Chehabi: Distant Relations: Iran and Lebanon in the Last 500 Years. I.B. Tauris. ص. 76.
^"حيث إنّ التشيّع هو المذهب الساحق في إيران من أوائل القرن العاشر (905) إلى يومنا هذا انّ الدولة الصفوية أشاعت التشيّع في إيران". كتاب الملل والنحل / ج 6 / ص 620 / للشيخ الشيعي السّبحاني
^Despite occasional Shīite rulers, the Shīites remained almost everywhere an Islāmic minority until the start of the 16th century, when the Iranian safavid dynasty made it the sole legal faith of their empire, which then embraced the Persians of Iran, the Turks of Azerbaijan, and many of the Arabs of Iraq proper. These peoples have since been overwhelmingly Ithnā Asharīyah and have given that sect a vigorous life. مقالة الشيعة في الموسوعة البريطانية
^"The Alawites and Israel".web.archive.org. 28 مايو 2018. مؤرشف من الأصل في 2018-05-28. اطلع عليه بتاريخ2022-09-12.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link)
^Cam McGrath (26 أبريل 2013)."Spring Brings Worse for Shias". Cairo. Inter Press Service News Agency. مؤرشف منالأصل في 2019-08-24. اطلع عليه بتاريخ2013-07-29.
^Donzel، E. J. van (1 يناير 1994).Islamic Desk Reference. BRILL. ص. 142.ISBN:978-90-04-09738-4.Ibn Abbad*, Abu l-Qasim* (al-Sahib): vizier and man of letters of the Buyid period; 938995. Of Persian origin, he was an arabophile and wrote on dogmatic theology, history, grammar, lexicography, literary criticism and composed poetry and belles-lettres.
§طوائف تعدّها حتى أقرب المذاهب الإسلامية إليها "خارجة عن الإسلام". ¶المذهب الذي يمثّل غالبيّة الفرقة ملاحظة 1:النوربخشية تقابلالكبروية،والغليبية تقابلالقادريةوالرفاعية، لكن النوربخشية والغليبية شيعيتان، أما الكبروية والقادرية والرفاعية فسنّية.