الزُّهَرَة[17] (رمزه:) هو ثاني كواكبالمجموعة الشمسية من حيث المسافة بينه وبينالشمس. يبعد الزهرة عن الشمس نحو 108 مليون كيلومتر، ومَدَارُه حول الشمس ليس دائريًا تمامًا، وهو كوكب ترابي مثل كوكبيعطاردوالمريخ، وهو شبيه بكوكبالأرض من حيث الحجم والتركيب. سُمّيفينوس نسبة إلى إلهة الجمال عند الروم، أما سبب تسميته بالزهرة فبحسب ما ورد في لسان العرب: الزُّهْرَة هي الحسن والبياض، زَهرَ زَهْراً والأَزْهَر أي الأبيض المستنير. والزُّهْرَة: البياض النير، ومن هنا سُمّي بكوكب الزُّهَرَة. قال في لسان العرب: (والزُّهَرَة،بفتح الهاء: هذا الكوكب الأَبيض). أي أن اسمه يعود إلى سطوع هذا الكوكب ورؤيته من الكرة الأرضية، وذلك لانعكاس كمية كبيرة من ضوء الشمس بسبب كثافة الغلاف الجوي فيه الكبيرة.
كوكب الزُّهَرَة أقرب إلى الشمس من الأرض، حيث يدور في مداره حول الشمس ويبعد عنها نحو 108 مليون كيلومتر، بينما تدور الأرض في مدارها خارج مدار الزهرة على بعد 150 مليون كيلومتر من الشمس. لذلك فإنه يرى في نفس الناحية التي تكون بهاالشمس. ولذلك فإن رؤيته من على سطح الأرض ممكن فقط قبل الشروق أو بعد المغيب بوقت قصير. ولذلك يطلق عليه أحيانًا تسمية نجم الصبح أو نجم المساء. وعند ظهوره في تلك الفترة، يكون أسطع جسم مضيء في السماء. ولموقعه هذا ميزة تجعل منه أحد كوكبين ثانيهما عطارد، تنطبق عليهما ظاهرةالعبور، وذلك حين يمر كل منهما بين الشمس والأرض ويتوسطهما. وشوهدعبور الزهرة عام2012 والعبور الذي قبله كان عام2004.
على سطح الزُّهَرَة توجد جبال معدنية مغطاة بصقيع معدني منالرصاص تذوب وتتبخر في الارتفاعات الحرارية. كانت بنية سطح الزهرة موضع تخمينات علميّة أكثر منه موضع دراسات فعليّة، وقد استمر الأمر على هذا المنوال حتى أواخرالقرن العشرين عندما استطاع العلماء رسم خريطة لسطحه بعد أن أرسلوا مركبة «ماجلان» الفضائية التي التقطت صورًا لسطحه بين عاميّ1990و1991. أظهرت الصور أنعلى الكوكب براكين نشطة، كذلك تبيّن وجود نسبة مرتفعة منالكبريت في الجو، مما يفيد بأن تلك البراكين ما تزال تتفجر بين الحين والآخر،[18][19] إلا أنه من غير المعلوم إن كان هناك أي تدفقللحمم البركانية يُرافق تلك الثورات. تبيّن أيضًا أن عددالفوهات الصدمية قليل نسبيًا على السطح، مما يعني أن هذا الكوكب ما يزال حديث النشأة، ويُحتمل بأن عمره يتراوح بين 300 و600 مليون سنة.[20] ليس هناك أي دليل يدعم نظرية وجودصفائح تكتونيّة على سطح الزهرة، ولعلّ ذلك يرجع إلى كونالقشرة الأرضيّة شديدةاللزوجة لدرجة لا تسمح لها أن تنفصل عن بعضها أو تبقى متماسكة مع غيرها بحال حصل ذلك، وسبب هذا هو انعدامالماء السائل على السطح، الذي من شأنه تقليل نسبة اللزوجة.[20]
يُعتبر الزهرة كوكبًا عاصفًا ذو رياح شديدة ومرتفع الحرارة، وهو تقريبًا في مثل حجم الأرض، لهذا يطلق عليه أخت الأرض، حيث أن وزن الإنسان على سطحه سيكون تقريبًا مثل وزنه على الأرض. فلو كان وزن شخص ما 70 نيوتن فسيصل على سطح الزهرة إلى 63 نيوتن. تكسو الزهرة سحابة كثيفة من الغازات السامة تخفي سطحه عن الرؤية وتحتفظ بكميات هائلة من حرارةالشمس. ويعتبر كوكب الزهرة أسخن كواكب المجموعة الشمسية. وهذا الكوكب يشبهالأرض[ ؟] في البراكين والزلازل البركانية النشطة والجبال والوديان. والخلاف الأساسي بينهما أن جوه حار جدًا لا يسمح للحياة فوقه. كما أنه لا يوجد له قمر تابع كما للأرض. ونظراً لعدم وجودغلاف مغناطيسي فإن هذا الكوكب أصبح عرضة للرياح الشمسية.[21]
الزُّهَرَة هو أحدالكواكب الأرضية الأربعة وهذا يعني أنه يشبهالأرض في تركيبه الصخري كما يشبه في الحجم والكتلة. وغالبا ما يوصف بتوأم الأرض.[24] قطر الزهرة أقل من قطر الأرض بستمائة وخمسين كيلومتر فقط وكتلته تساوي 81.5% من كتلة الأرض. لكن الظروف على سطح الزهرة مختلفة بشكل كبير عما هي عنه من على سطح الأرض. بسبب الغلاف الجوي الكثيف المؤلف بشكل أساسي من أكاسيد الكربون، حيث يتكون 95% من كتلة الغلاف الجوي منأكسيد الكربون[ ؟]. بينما العنصر الثاني في تركيب الغلاف الجوي هوالنتروجين بنسبة 3.5% فقط.[25]
لا توجد معلومات مباشرة عن التركيب الداخلي للزهرة أوكيمياء الأرض بدون بيانات مشتقة منعلم الزلازل أو معلومات عنعزم العطالة.[26] على أي حال يفرض التشابه في الحجم والكثافة بين الأرض والزهرة فرضية التشابه في التركيب الداخلي:نواةودثاروقشرة مثل الأرض. نواة كوكب الزهرة على أقل تقدير سائلة جزئيًا لأن كلا الكوكبين تعرض لنفس نسبة التبريد.[27] كما يفرض الصغر بنسبة قليلة في حجم الزُّهَرَة عن الأرض بأن الضغوط الداخلية تحت القشر أقل بكثير مما هي عليه على الأرض. الفرق الرئيسي بين الكوكبين هو عدم وجودصفائح تكتونية على الزهرة، غالبًا بسبب جفاف القشرة والدثار. يؤدي هذا إلى التقليل من الضياع الحراري من الكوكب، ويمنعها من التبريد وهذا ما يفسر افتقارها إلى تولدحقل مغناطيسي داخلي.[28]
خريطة للزهرة تُظهر "القارتين" المرتفعتين باللون الأصفر: أرض عشتار في الأعلى وأرض أفرودايت تحت خط الاستواء إلى اليمين.
حوالي 80% من سطح الزهرة يشمل السهول البركانية الناعمة.[29] قارتان مرتفعتان تصنعان بقيّة منطقتها السطحيّة، إحداهما في نصف الكوكب الشمالي والأخرى جنوبخط الاستواء. تدعى القارة الشماليةمرتفع عشتار (نسبة إلىعشتار، وهي إلهة الحبالبابلية)، وتقارب مساحتها مساحةأستراليا. أعلى جبل على كوكب الزهرة هوجبل ماكسويل، ويقع في أرض عشتار. قمّته تعلو 11 كيلومتر فوق «متوسط ارتفاع الزهرة السطحي»؛ وبالمقارنة مع أعلى قمة علىالأرض (قمةإفريست) فتلك ترتفع دون 9 كيلومترات فوق مستوى البحر. إنّ القارة الجنوبية تدعىمرتفعات أفرودايت (نسبة لآلهة الحباليونانية)، وهي الأكبر من بين المنطقتين، حيث يساوي حجمها تقريباً حجمأمريكا الجنوبية. معظم هذه القارة مغطّاة بالكسور والحفر.[30]
يمكن العثور علىالجبالوالوديانوالفوهات الصدمية بشكل شائع علىالكواكب الصخرية، والزهرة لها عدد من المعالم السطحيّة الفريدة. من بين هذه المعالمالبركانية غير القابلة للتغيير «فارا»، التي يبدو شكلها كالفطائر ويتراوح حجمها بين 20 إلى 50 كيلومترًا، وارتفاعها من 100 إلى 1000 متر فوق مستوى السطح.[31]
كلّ المعالم الزهرية السطحيّة تقريباً سمّيت نسبة لنساء تاريخيات أو أسطوريات.[32] الاستثناءات الوحيدة هي جبل ماكسويل (المسمّى نسبة إلىجيمس ماكسويل) ومنطقتا ألفا وبيتا.[33]
صورة للزهرة بألوان كاذبة. حيث يَظهر مسح رادار عالمي لسطح الكوكب (من تصوير مركبة ماجلان الراداري).
يُعتقد أن معظم سطح الزهرة قد أعيد تشكيله نتيجة نشاط بركاني حدث قبل بضعة مئات من ملايين السنين. فتوجدعلى الزهرة أضعاف البراكين التي توجد على الأرض، وأيضاً يوجد عليه 167 بركاناً عملاقاً يبلغ قطر كلّ منها أكثر من 100 كم. والتّجمع البركاني الوحيد من هذا الحجم على الأرض هو فيجزيرة هاواي وما حولها.[31] لكن ليس سبب هذا هو أن الزهرة أنشط بركانياً من الأرض، بل لأن قشرته أقدم. فالقشرة المُحيطية للأرض يتم تبديلها وتجديدها باستمرار بواسطة الحركة الهدّامة والبنّاءةللصفائح التكتونية، ويبلغ متوسط عمرها حوالي 100 مليون عام،[34] في حين أن عُمر سطح الزهرة يُقدّر بخمسمائة مليون عام.[31]
توجد دلائل مختلفة لنشاط بركانيّ متنامٍ على الزهرة. خلال برنامج فينيرا الذي أطلقهالاتحاد السوفيتي، قام المسباران فينيرا 11 و12 بالعثور على تيّار ثابت من البرق في جو الزهرة، وقد كشفت فينيرا 12 عن صعقة كهربائية قويّة بعد هبوطها بفترة قصيرة. وقامت مركبة «مصور الزهرة» (التي أطلقتهاإيسا) أيضاً بالكشف عن الكثير من الضوء في أعالي الغلاف الجوي للكوكب.[35] وفي حين أنالمطر هو الذي يسببالعواصف الرعدية علىالأرض، فإنه لا توجد أمطار على الزهرة (بالرغم من أن هناك مطراً منحمض الكبريت في أعالي غلافه الجوي تتبخّر على ارتفاع حول 25 كم فوق السطح). وأحد الاحتمالات الواردة أن رماداً من انبعاثات بركانيّة كان يولّد الضوء. وتوجد دلائل أخرى متحملة على أن هذا هو مسبب الضوء الذي رصدته المراكب.[36]
فوهات صدمية على سطح الزهرة (تمت إعادة بناء الصورة من معلومات الرادار).
هناك ما يُقارب 1,000فوهة صدمية على سطح الزهرة موزعة بالتساوي عليه. لكن على أجسام أخرى تملك فوهات كهذه - مثلالأرضوالقمر - تُظهر الفوهات تفاوتاً في مدى الكثافة. على القمر، يُسبب هذا التفاوت حدوث اصدامات ضخمة تمحي آثار القديمة، أما على الأرض فتسببه تعريةالرياحوالأمطار. بالرغم من هذا، فإن حوالي 85% من الفوهات على الزهرة محتفظة بحالتها الأصلية. مقدار كثافة الفوهات وحالتها المحفوظة جيداً يُشيران معاً إلى أن الكوكب بكامله خضع لعملية تجديد سطح عالمية قبل حوالي 300 أو 600 مليون سنة،[37][38] تبعها اضمحلال للنشاط البركاني.[39] قشرة الأرض في حركة مستمرة، لكن يُعتقد أن الزهرة لا يُمكنه أن يَتحمل عمليّة كهذه. فبدونصفائح تكتونية لتبدِدَ الحرارة مندثاره، سيَخضع الزهرة بدلاً من ذلك لعملية دورية ترتفع فيها حرارة الدثار حتى تصل إلى مستوى حرج يُضعف القشرة. ثم، وخلال مدة تبلغ حوالي 100 عام، يَحدث انزلاق للقشرة على مستوى ضخم، يُذيبها ثم يُعيد تكوينها بالكامل.[31]
يَتراوح قطر الفوهات الزهرية من 3 إلى 280 كم. لا توجد فوهات بقطر أصغر من ثلاثة كيلومترات، وذلك بسبب تأثيرات الغلاف الجوي الكثيف والسميك على الأجسام التي تدخله. فالأجسام التي تملك أقل منطاقة حركية محددة يُبطئها الغلاف الجوي كثيراً بحيث أنها لا تستطيع تكوين فوهة عندما تصل إلى السطح بقوة اصطدامها الضئيلة.[40] القذائف المُصطدمة التي يَبلغ قطرها أقل من 50 متراً ستتشظى وتحترق في الغلاف الجوي قبل أن تصل إلى الأرض.[41]
يَملك الزهرة غلافاً جوياً كثيفاً للغاية، والذي يتألف بشكل رئيسي منثنائي أكسيد الكربون ومقدار صغير منالنيتروجين. تبلغ كتلة هذا الغلاف الجوي 93 ضعف كتلةغلاف الأرض الجوي، في حين أن ضغطه على سطح الكوكب يُعادل 92 ضعف ضغط جو الأرض على سطحها، فالضغط على سطح الزهرة يُكافئ الضغط على عمق ما يُقارب كيلومتراً واحداً تحتمحيط[ ؟] الأرض. وكثافة جو الزهرة عند السطح تبلغ 65 كغم/م³ (6.5% من كثافة الماء). يُولد الجو الغني بثاني أكسيد الكربون إضافة إلى السحب السميكة منثنائي أكسيد الكبريت أقوىاحتباس حراري على الإطلاق في النظام الشمسي، والذي يَتسبب بدوره بارتفاع حرارة السطح إلى أكثر من 460ْم.[42] هذا يجعل السطح الزهري أسخن من سطحعطارد والذي تبلغ حرارته الدنيا -220ْ م والقصوى 420ْ م،[43] وهذا على الرغم من أن الزهرة يَبعد عن الشمس ضعف بعد عطارد عنها وهكذا فهو يتلقى 25% فقط منتشعيع عطارد الشمسي. يُقال كثيراً عن سطح الزهرة أنه يُشبهالجحيم.[44]
تشير الدراسات إلى أن غلاف الزهرة الجوي قبل بضعة مليارات من السنين كان يُشبه كثيراً ما هو عليه جو الأرض اليوم، وربما كانت هناك كميات كبيرة من الماء السائل على السطح، لكن تأثير الاحتباس الحراري - الذي نتج عن تبخر الماء الأصلي - غير هذا كثيراً، حيث وَلدَ حداً خطيراً من الاحتباس الحراري في الجو أدى إلى وضع الكوكب الحالي.[45]
نقل الرياح للحرارة في الجوي السفلي للكوكب يَعني أن حرارة السطح الزهري لا تختلف بمقدار ذي أهمية بين جانبي الليل والنهار منه، وذلك على الرغم من دوران الكوكب شديد البطء. الرياح بطيئة عند السطح، حيث تتحرك بسرعة بضعة كيلومترات في الساعة، لكن بسبب الكثافة العالية للغلاف الجوي عند السطح الزهري فإنها تبذل مقداراً ملحوظاً من قوة حركتها لمقاومة العوائق، وتنقل الغبار والأحجار الصغير عبر السطح. وهذا وحده يَجعل المشي على سطح الزهرة صعباً للبشر، حتى ولو لم تكن الحرارة والافتقار إلى الأكسجين مشكلة.[46]
كان اكتشاف بأن الحقل المغناطيسي للزهرة أقل بكثير مما هو للأرض نتيجة مفاجئة وخصوصًا بأن هذين الكوكبين متساويين تقريبًا بالحجم، وتوقع أيضاً بأن يملكان نفس قيمة الحقل المغناطيسي. يتطلب تأثير الدينامو توافر ثلاث عوامل: السائل الناقل والدورانوالحمل. يعتقد أن النواة ناقلة للتيار الكهربائي، وبما أنها تدور غالباً بسرعة قليلة، أثبتت محاكاة بواسطة الحاسب أنها كافية لتوليد فعل الدينامو.[49][50] وبالتالي فإن النقص في الحقل المغناطيسي سيعود إلى النقص في الحمل. تحدث عملية الحمل في الأرض في الطبقة السائلة الخارجية من النواة كون الطبقة الداخلية أكثر حرارة من الخارجية. أدى حدث عالمي في كوكب الزهرة إلى إغلاقالصفائح التكتونية مؤديًا إلى تقليل جريان الحرارة خلال القشرة. وقد سبب هذا إلى ازدياد حرارة الانصهار، وبالتالي التقليل من الجريان الحراري خارج النواة. ونتيجة لهذا لا يوجد تأثير جيودينامو يقود لنشوء الحقل المغناطيسي وبدل من ذلك فإن الحرارة الداخلية الصادرة من النواة تعيد تسخين القشرة.[51]
لا يوجد للزهرة نواة صلبة،[52] أو لم تبرد نواته حالياً. ولذلك فإن الحرارة للجزء الداخلي السائل من النواة تقريبًا متساوي. احتمال آخر لتفسير هذه الظاهرة هو فرضية أن كامل النواة الداخلية للزهرة هي صلبة تمامًا. تعتمد حالة النواة على تركيزالكبريت وهو حالياً غير معروف.
الزهرة يدور حول نفسه بعكس اتجاه دوران معظم الكواكب الأخرى في النظام الشمسي حول نفسها.
يدور الزهرة حول الشمس على بُعد متوسّطه هو 108 مليونكم (حوالي 0.7و.ف)، ويُتم دورة حولها مرة كل 224.65 يوماً. وبالرغم من أن كلالمدارات الكوكبيةإهليجيّة، فإن مدار الزهرة هو أقربها إلى أن يكوندائرياً، حيث يبلغشذوذه المداري أقل من 0.01. عندما يقع الزهرة بين الأرض والشمس (ويُسمى موقعه حينها «الاقتران الأدنى») فإنه يكون أقرب الكواكب إلى الأرض (وحتى عندما تقترب الأرض إلى أقصى حد من الكواكب الأخرى تكون أبعد مما هي عليه عند الاقتران الأدنى بالزهرة)، حيث يقع على بُعد من الأرض متوسطه 41 مليون كم عند هذاالاقتران[ ؟]. ويصل الكوكب إلى «الاقتران الأدنى» مرة كل 584 يومًا بالمتوسط.[1][53] لكن بسبب الشذوذ المداري المتناقص لكلا الأرض والزهرة فإن أدنى مسافة بينهما سوف تُصبح أكبر مستقبلاً. فمن الأعوام 1 إلى 5383 سوف يكون هناك 526 اقتراباً أدنى من 40 مليون كم، لكن بعد ذلك فلن يكون هناك أي منها لحوالي 6,200 سنة.[54] وخلال الفترات التي سيكون فيها الشذوذ أكبر يُمكن أن يصل الزهرة إلى قرب 38.2 مليون كم من الأرض.[1]
يُلاحظ عند نظر المرء من فوق القطب الشمالي للشمس (حيث أنه لو نظر من تحته فسوف تنعكس اتجاهات الدوران) فإن اتجاه دوران كل الكواكب حول الشمس سوف يكون بعكس اتجاه عقارب الساعة، وستدور أيضًا كل الكواكب حول نفسها بعكس اتجاه عقارب الساعة - ما عدا استثناء واحد، حيث أن الزهرة يدور حول نفسه باتجاه عقارب الساعة فيحركة تراجعيّة. مدة الدوران المحوري للزهرة (أي الدوران حول نفسه) حاليًا تمثل حالة متوازنة بين قوى المد والجزر الجذبويّة من الشمس التي تكبح دورانه، والمد والجزر الجويّ عليه الذي يسبّبه تسخين الشمس للغلاف الجوي السميك للزهرة. ربما كان الزهرة يملك انحرافاً ومدة دوران مختلفين عندما وُلد منالسديم الشمسي، ثم تحوّل إلى وضعه الحالي بسبب تغيّرات نتجت عن الاضطراب الكوكبي وتأثيرات المد والجزر على غلافه الجوي السميك والكثيف. ومن المرجح أن هذا التغير في مدة الدوران المحوري حدث تدريجياً على مدى مليارات السنين.[55][56]
يُتم الزهرة دورة حول نفسه مرة كل 243 يومًا أرضيًا، وبهذا فهو يملك أبطأ مدة دوران من بين جميع كواكب النظام الشمسي على الإطلاق. يدور سطح الزهرة بسرعة 6.5 كم/س عنداستوائه، في حين أن سرعة دوران الأرض حول نفسها عند خط استوائها هي 1,670 كم/س.[57] وبذلك فيأخذاليوم الفلكي الزهريّ مدة أطول من السنة الزهريّة (243 يومًا أرضيًا للدوران المحوري و224.7 للدوران حول الشمس). لكن وبسبب الحركة التراجعية للزهرة فإناليوم الشمسي عليه أطول بشكل ملحوظ من اليوم الفلكي. فلراصد على سطح الزهرة الوقت بين كل شروقين للشمس سوف يكون 116.75 يومًا أرضيًا (وهذا يجعل اليوم الشمسي للزهرة أقصر منه علىعطارد، حيث يبلغ ذاك 176 يومًا أرضيًا). وإضافة إلى هذا، فستشرق الشمس من الغرب وستغرب في الشرق (وذلك بسبب دورانه العكسيّ حول نفسه). ويبلغ طول سنة الزهرة 1.92 يومًا زهرويًا كنتيجة ليومه الشمسي الطويل نسبيًا.[58]
وهناك ظاهرة غريبة في مدة الدوران المحوريّ وحول الشمس للزهرة، حيث أن متوسط الفاصل بين كل اقترابين له من الأرض هو 584 يومًا أرضيًا، وهذا ما يُساوي بالضبط تقريبًا 5 أيام شمسية زهريّة. ومن غير المعروف ما إذا كانت هذه العلاقة ناشئة بمحض الصدفة أم كنتيجة لكبحقوى المد والجزر بينه وبين الأرض.[59]
هي ظاهرة فلكية يسببها مرور الزهرة بينالشمسوالأرض، فتبدو كنقطة سوداء صغيرة عابرة قرص الشمس. يقاس هذا العبور وأمثاله عادة بالساعات. العبوران الماضيان اللذان جريا عامي2004م وفي سنة2012م لهما من الطول نحو 6 ساعات. يشبه العبور الكسوف الذي يسببه مرور القمر بين الأرض والشمس، ومع أن الزهرة أكبر من القمر بأربع مرات تقريباً إلا أن المسافة التي تفصلها عن الأرض تجعلها تبدو صغيرة للعيان. لقد ساهمت عمليات الرصد التي تابعت عبور الزهرة في حساب المسافة بين الشمس والأرض باستخدام قانوناختلاف المنظر. ويحدث عبور مشابه هو عبورعطارد لكنه صعب الرصد لأنّ عطارد أصغر حجماً من الزهرة وأقرب منها إلى الشمس وبالتالي أبعد عن الأرض.[60][61]
يعتبر عبور الزهرة أحد أكثر الظواهر الفلكية الدورية ندرة، إذ تتكرر في دورة مدتها 243 سنة، بعبورين يفصل بينهما 8 سنوات ثم آخر بعد 121.5 سنة، يليه آخر بعد 105.5 سنة. قبل عبور عام2004 وقع آخر عبور عام1874و1882، لاحقاً للعبور القادم بعد عام2012، ستعبر الزهرة عامالقرن 22 ثمالقرن 22. (عبوران يفصل بينهما 8 سنوات) ثم تمر 121.5 سنة ليحصل عبور وبعد 8 سنوات يقع عبور آخر، وهكذا.[62]
يمكن مراقبة عبور كوكب الزهرة بأمان من خلال اتخاذ الاحتياطات نفسها التي تستخدم عند مراقبةكسوف الشمس. فقد يسبب التحديق في قرص الشمس بدون حماية للعين ضرر سريع ودائم بالعين.[63]
لا يوجد للزهرةأقمار طبيعية. ويعتبر هووعطارد الكوكبين الوحيدين الذين لا يملكان نظام أقمار. وللإجابة على سبب الشذوذ في هذين الكوكبين اقترحت فرضية في منتصفالستينات من القرن العشرين، بأن عطارد كان قمر للزهرة واستطاع الإفلات من مداره حول الزهرة. وتجري الآن تجارب عديدة بالمحاكاة بواسطة الحاسوب للتحقق من هذه الفرضية وأسباب الهروب المحتمل. كأن يكون بسببفعل قوة المد والجزر بين الكوكبين قد تنتج هذا الإفلات. أو بسبب تباعد مداري الكوكبين عن بعضهما البعض.[64]لا يملك الزهرةقمرًا طبيعيًا في الوقت الحاضر،[65] بالرغم من أنه يملكتابعًا ظاهريًا (أي أنه يبدو ظاهرياً كأنه تابع دون ارتباط جذبوي حقيقي) هوالكويكب "2002 VE68"، لكن بالرغم من هذا،[66] فقد أعدّت دراسة لنماذج النظام الشمسي المبكر عام2006 أظهرت أنه من المرجح أن الزهرة كان يملك قبل مليارات السنين قمرًا واحدًا على الأقل، نشأ عن طريقاصطدام[ ؟] ضخم بالكوكب.[67][68] وبعد ذلك بعشرة ملايين سنة وحسب الدراسة نفسها، فقد تسبّب اصطدام آخر بعكس اتجاه دوران الكوكب. وهذا الاصطدام الآخر تسبب باضطراب مدار القمر[69] واصطدامه في النهاية بالزهرة، وقد أدى اصطدام القمر إلى اندماجه مع الزهرة. وإذا كانت الاصطدامات اللاحقة قد ولّدت المزيد من الأقمار فإنها اندمجت بالزهرة بنفس الطريقة. وهنا تفسير بديل لفقدان الأقمار يقترح وجود تأثير قويّ من قوى المد والجزر الشمسية، وهذا يُمكنه أن يُفقد الأقمار التي تدور حول الكواكب الداخلية لاستقرارها.[65]
دائمًا ما يكون الزهرة ألمع من أكثرالأجرام لمعانًا في السماء، ويتراوحقدره الظاهري ما بين -3.8 إلى -4.6.[70] يمكن بسهولة رؤية هذا الكوكب عندما تكونالشمس تحت خط الأفق، مثل جميعالكواكب السفلية فإنه يتوضع على 47 درجة عن الشمس.[70]
يتجاوز الزهرة الأرض كل 584 يوم في دورانهم حول الشمس.[71] يتغير الزهرة من وضع نجمة المساء الذي يظهر بعد غروب الشمس إلى نجمة الصباح قبل شروق الشمس بقليل. بينما يبلغ عطارد أقصىاستطالة عند الزاوية 28 درجة، وغالبًا ما يكون تمييزه فيالشفق[ ؟] صعب. عندما يكون الزهرة في أقصى استطالة فإنه يبقى واضحًا لفترة طويلة بعد غروب الشمس.
تتغير أطوار الزهرة عندما يدور في مداره فتبدو أطواره خلالبالتلسكوب مشابه لأطوارالقمر. فيظهر الزهرة على شكل قرص كامل عندما يكون في الجانب المعاكس لاتجاه الشمس، ويظهر بأكبر ربع قرص عندما يكون في أقصى استطالة مع الشمس. ويظهر الزهرة عند رؤيته بالتلسكوب وكأنه محاط بهالة وسبب ذلك وجود غلاف جوي سميك به يقوم بعكس الضوء.[70]
لف الغموض منذ فترة طويلة وجود ضوء شاحب على الجانب المظلم من الكوكب، عندما يرصد هذا الكوكب في مرحلة الهلال. وأول تسجيل لهذا الرصد كان سنة1643، ولكن لم يكن وجود إنارة كافية لتأكيد موثوق به. وتكهن مراقبون أنها قد تنجم عن النشاط الكهربائي في الجو متعلق بكوكب الزهرة، لكنها قد تكون ولناتجة عن تأثير النفسي للمراقب بسبب الشكل الساطع جدًا للهلال.[72]
أثبت اكتشاف جاليللو حول أطوار الزهرة أن الأرض تدور حول الشمس.
عرف الزهرة لدى الحضارات القديمة بنجمة الصباح ونجمة المساء، واعتبرت العديد من الحضارات القديمة أن المشاهدتين الصباحية والمسائية للزهرة تعودان لجرمين مختلفين. ينسب تمييز نجمتي الصباح والمساء على أنهما جرم واحد إلى الفيلسوف الإغريقيفيثاغورس وذلك في القرن السادس قبل الميلاد، الذي اعتقد أن الزهرة يدور حولالأرض.[73]
كانغاليليو غاليلي أول من رصد الزهرةبالتلسكوب في أوائلالقرن السابع عشر ووجد أن الزهرة يبديأطوار مثل القمر، ليتغير من شكل هلالي إلى محدب إلى مكتمل ثم بالعكس. فعندما يكون الزهرة في أبعد نقطة عن الشمس في السماء يكون في نصف الطور، بينما عندما يكون في أقرب نقطة من الشمس يكون في الطور الكامل. وهذا يمكن حدوثه فقط إذا دار الزهرة حول الشمس، وبالتالي كانت هذه أول التناقضات معنموذج بطليموس الجغرافي الذي فرض بأن النظام الشمسي متمركز حول الأرض.[76]
اكتشف الغلاف الجوي للزهرة سنة1761 من قبل العالم الروسيميخائيل لومونوسوف.[77][78] ليرصد الغلاف الجوي من قبل العالم الألمانييوهان شروتر سنة1790، ليلاحظ أنه عندما يكون في الطور الهلالي فإن أحد نهايات الهلال يمتد لأكثر من 180 درجة وحدد ذلك بشكل صحيح أنه نتيجةتبعثر ضوء الشمس من خلال غلاف جوي سميك. رصد العالم الأمركيشيستر ليمان فيما بعد حلقة كاملة حول الجزء المعتم من الزهرة موجدا أدلة إضافية على وجود غلاف جوي للزهرة.[79] أدى وجود الغلاف الجوي إلى تعقيد المهمة في حساب فترة الدوران الذاتي للزهرة، مما أدى إلى حسابات خاطئة لكل منجيوفاني كاسيني وشروتر اللذان قدّرا أن فترة الدوران هي 24 ساعة من علامات متحركة على سطح الزهرة.[80]
كانت الاكتشافات قليلة حول الزهرة حتىالقرن العشرين، فهو قرص دائري بدون أي ملامح تذكر ولا توجد أي تلميحات حول شكل سطحه. وبتطور أجهزةجهاز التحليل الطيفي الفلكي[ ؟]والراداروالأشعة فوق البنفسجية تم الكشف عن جزء من أسرار هذا الكوكب. وظهر أول كشف للكوكب بالأشعة فوق البنفسجية في سنة1920 من قبلفرانك إلموري روز عندما وجد أن الصور الملتقطة بالأشعة فوق البنفسجية كشفت عن تفاصيل أكثر بكثير مما تم إحرازه بالضوء العاديوالأشعة تحت الحمراء، وأقترح أن هذا بسبب الطبقة الصفراء ذات الكثافة العالية جدًا في الجزء المنخفض من الغلاف الجوي وتعلوها طبقة رقيقة منسحاب القزع.[81]
أعطت الصور الملتقطة بأجهزة التحليل الطيفي قرائن أكثر عن دوران الزهرة. حاولفيستو سيلفر قياسانزياح دوبلر للضوء القادم من الزهرة لكنه لاحظ أنه لا يوجد أي دوران، وأرجع ذلك إلى أن الكوكب له فترة دوران أكبر بكثير مما خمن له سابقًا.[82] أظهرت الدراسات في سنة1950 أن دورانه رجعي. أول دراسة بالرادار للزهرة تمت في سنة1960 وأظهرت أول قيمة مقاسة لفترة دوران الزهرة قريبة من القيمة الحقيقية.[83]
كشف الرصد الراداري سنة1970 ولأول مرة تفاصيل عن سطح الزهرة. استخدم لإرسال نبضات رادارية إلى الزهرة باستخدام تلسكوب ال300 م 980 قدم الراداري بواسطةمقراب أرسيبو الراداري. وكشف الصدى على منطقتين ذات انعكاسية عالية، عرفتا بالمنطقة ألفا والمنطقة بيتا. كما كشف الرصد على منطقة مشعة حددت كجبل سمي بجبل ماكسويل.[84] وهذه المناطق الثلاثة الوحيدة على سطح الزهرة التي لم تسمى بأسماء أنثوية.[85]
بدأ أول برنامج لاكتشاف الزهرة وفي نفس الوقت كانت أول مهمة كوكبية في21 فبراير1961 بإطلاقالمسبارفينيرا 1 ضمن برنامج فينيرا السوفيتي. وقد أطلق فينيرا 1 باتجاه مساري مباشر، لكن فقد الاتصال بالمسبار بعد 7 أيام من إطلاق المسبار، حين كان المسبار على بعد مليوني كم من كوكب الأرض. وقدر أنه مر على بعد 100000 كيلومتر من كوكب الزهرة في منتصف مايو.[86]
كذلك بدأ البرنامج الأمريكي لاكتشاف الزهرة بشكل سيئ، عندما تحطم المسبارمارينر 1 بعد إطلاقه. لكن المهمة التاليةمارينر 2 حققت نجاحًا كبيرًا، لتدخل في14 ديسمبر من سنة1962 في مدار الزهرة بعد 109 يوما من انطلاقها، لتكون أول مهمة استكشاف كوكبي ناجح في تاريخ البشرية، وحلقت على ارتفاع 34833 كم من على سطح الزهرة. كشفت أجهزةالأشعة الميكرويةوالأشعة تحت الحمراء الملحقة بالمسبار على اكتشافات هامة في الوقت الذي كانت فيه السحب العليا للزهرة باردة، ليجد حرارة سطحه عالية جدًا لا تقل عن 425 درجة مئوية. لينهي أي أمل في وجود الحياة على سطح هذا الكوكب. كما نجح المسبار مارينر 2 في الحصول على تقديرات حول كتلتهووحدته الفلكية، إلا أنه لم يكن قادر على تقديرالحقل المغناطيسي أوالحزام الإشعاعي.[87]
نجح المسبار السوفيتيفينيرا 3 في الهبوط على سطح الزهرة في1 مارس1966، ليكون أول مركبة فضائية تنجح في الهبوط على سطح كوكب، إلا أنه فشل في الاتصال بالأرض بعد هبوطه وبالتالي لم يرسل أي بيانات عن سطح الزهرة.[88] ليتم اللقاء التالي بين الزهرة والمركبات الفضائية إلا في18 أكتوبر1967 عندما نجحفينيرا 4 في دخول الغلاف الجوي للزهرة، والقيام بالعديد من التجارب العلمية. أظهر فينيرا 4 أن حرارة الزهرة أكثر مما قاسه المسبار مارينر 2. حيث بلغت حوالي 500 درجة، كما أن الغلاف الجوي يتكون منأكسيد الكربون[ ؟] بنسبة تتراوح بين 90 و95%. لقد كان الغلاف الجوي للزهرة ذو كثافة أعلى مما كان يتوقعه مصممي فينيرا 4، ليبطئ من سرعة المظلة المعدة لهبوط فينيرا 4 على سطحه وتنفذ بطاريته. وأظهرت البيانات المرسلة أثناء الهبوط أنالضغط وصل إلى 15بار على ارتفاع 24.96 كم.[89]
نجح المسبارمارينر 5 في19 أكتوبر1967 في التحليق فوق الزهرة على ارتفاع 4000 كم فوق السحب العليا للغلاف الجوي. كان مارينر 5 مصمم أساسا كدعملمارينر 4 في مهمة إلىالمريخ، لكن بعد نجاح المهمة أعيد تصميمه ليتلاءم مع مهمة الزهرة. كانت الأجهزة المزودة على متن مارينر 5 أكثر حساسية من تلك التي كانت على متن مارينر 2 وخصوصًاجهاز الاستشعار اللاسلكي استطاع الحصول على بيانات حول تركيب وضغط وكثافة الغلاف الجوي للزهرة.[90] تم تحليل البيانات المرصودة من قبل فينيرا 4 ومارينر 5 من قبل فريق علمي سوفيتي - أمريكي مشترك خلال سلسلة من الندوات في السنة التالية.[91] ليكون مثال مبكر على التعاون الفضائي المشترك.[92]
أدت الدروس المستفادة من تجربة فينيرا 4 إلى إطلاق مهمتين فضائيتين همافينيرا 5وفينيرا 6 بفاصل زمني بينهما 5 أيام في ديسيمبر1969. وكان التقائهما مع الزهرة في 16 و17 مايو من نفس العام. وقد جهزا للعمل تحت ضغط 25 بار كما زودا بمظلة صغيرة للتوازن من أجل تسريع عملية الهبوط. ومنذ ذلك الحين تفترض النماذج حول الغلاف الجوي للزهرة بأن ضغطه يتراوح بين 75 و100 بار. وقد تحطم كلاهما على ارتفاع 20 كم قبل أن يصلا إلى الجانب المظلم من كوكب الزهرة.[89]
جهزفينيرا 7 من أجل الحصول على البيانات من على سطح الكوكب وتم تصميم وتشييد هذا المسبار ليستطيع تحمل ضغط جوي يصل إلى 180 بار. يتم تبريد أولي للمسبار قبل دخوله في الغلاف الجوي كما أنه مجهز بمظلة شراعية من أجل تسريع الهبوط بخمسة وثلاثون دقيقة. دخل المسبار الغلاف الجوي في 15 ديسمبر من سنة1970، ويعتقد أن المظلة مزقت بشكل جزئي أثناء الهبوط، ليصطدم المسبار مع سطح الزهرة بشكل قوي ولكن هذا الاصطدام لم يكن محطم للمسبار، وغالبًا ما إصطدم المسبار مع سطح الزهرة بشكل جانبي. أرسل المسبار إشارة ضعيفة زودت بمعلومات عن درجة الحرارة لمدة 23 دقيقة، ليكون أولقياس عن بعد تم استقباله من على سطح كوكب آخر.[89]
تابع برنامج فينيرا أرسال بعثاته فأرسلفينيرا 8 الذي أرسل بيانات من سطح الزهرة لمدة 50 دقيقة. ثم تلاهمفينيرا 9وفينيرا 10 واللذان أرسلا أول الصور من أرض الزهرة. وقد أمن موقعي الهبوط صور لتضاريس مختلفة من على سطح الزهرة. حيث هبط فينيرا 9 على منحدر بزاوية 20 درجة منتشرة حوله صخور بمقاطع ما بين 30-40 سم، بينما هبط فينيرا 10 في أرضيةبازلتية تشبه الألواح تتخللها تجاويف ناتجة عن عملياتالتجوية.[93]
في هذه الأثناء أرسلت الولايات المتحدة المسبارمارينر 10 إلى مدار الزهرة لينطلق إلىعطاردباندفاع الجاذبية. ليمر في فبراير 1974 على ارتفاع 5790 كم فوق الزهرة مرسلا أكثر من 4000 صورة فوتوغرافية، وكانت هذه الصور من أفضل الصور التي تم الحصول عليها في ذلك الوقت. لتظهر أن ملامح الكوكب لا تظهر في الضوء العادي، لكن كشفت الأشعة فوق البنفسجية معلومات عن سحب الكوكب لم يكن من الممكن الحصول عليها من خلال الرصد الأرضي.[94]
تم إرسال 4 بعثات أخرى تابعة لمشروع فينيرا الهادف إلى الدراسة الأرضية في السنوات الأربعة التالية. وتم الكشف من خلالفينيرا 11وفينيرا 12 عنعاصفة كهربائية. بينما هبطتفينيرا 13وفينيرا 14 وتحركت لمدة أربع أيام على سطح الزهرة من1 مارس إلى 5 منه من سنة1982 مرسلة أول صورة فوتوغرافية ملونة لسطح الزهرة. تم الاعتماد على فتح مظلة في جميع المهمات الأربعة، وقد تم فتح المظلة على ارتفاع 50 كم فوق سطح الزهرة. أمن الغلاف الجوي الكثيف الاحتكاك اللازم للحصول على الهبوط الآمنللعربات الفضائية الأربعة. وتم تحليل التربة بواسطة جهازالمطياف وجهازالتحليل باستخدام الأشعة السينية الملحقين بفينيرا 13 وفينيرا 14.[97] لسوء الحظ تحطمت آلة تصوير فينيرا 14 وكسرت عدسته وفشل في القيام بتحاليل التربة.[98]أرسل المسبارين فينيرا 15 وفينيرا 16 في شهر أكتوبر من عام1983 وتوضعا في مدار حول الزهرة وبدئا بترسيم راداري لسطح الزهرة باستخدامالمجمع الراداري الكوي.[99]
أخذالإتحاد السوفيتي الأفضلية في سنة1985 بالقيام بمهمة لدراسة مشتركة لكل من الزهرةومذنب هالي الذي مر بالقرب من الكواكب الداخلية للمجموعة الشمسية في تلك السنة. للتواجه مركبتان فضائيتان تابعتانبرنامج فيجا في مواجهة هالي في الفترة ما بين 11 إلى 15 يونيو من ذلك العام. وعلى غرار برنامج فينيرا تم تحرير مسبارين ليتوازن في الغلاف الجوي بواسطة بالون محققًا التوازن على ارتفاع 53 كم حيث كان الضغط ودرجة الحرارة مماثلة لما هي على الأرض، واستمرت المهمة لمدة 46 ساعة لتكتشف أن الغلاف الجوي للزهرة أكثر إضطرابا مما كان متوقعا ويخضع لرياح عاتيةونقل حراري خليوي.[100][101]
أطلق المسبار الفضائيماجلان في4 مايو1989 في مهمة تابعة لوكالةناسا بغرض الرسم الراداري لسطح الزهرة.[33] الصور الرادارية ذات الدقة العالية التي تم الحصول عليها خلال الأربع سنين ونصف من عمر المهمة كانت ذات جودة تجاوزت جميع الصور في المهمات السابقة، وكانت مماثلة للصور الضوئية للكواكب الأخرى، وقد صور 98% من سطح الزهرة،[102] كما رسم 95% من الحقل المغناطيسي للكوكب. وعند نهاية المهمة في سنة1994 تم توجيه المسبار إلى الغلاف الجوي للزهرة بغرض قياس كثافته أثناء تحطمه.[103] رصد الزهرة بواسطة المسبارينغاليلووكاسيني أثناء مهمتهما إلى الكواكب الخارجية فيما بعد. لكن يعتبر ماجلان آخر مسبار أرسل خصيصا إلى الزهرة.[104][105]
قاممسبار ميسنجر بالقيام بتحليقين فوق الزهرة في أكتوبر سنة2006 ويونيو2007 ليبطئ من مساره ويدخل في مدارعطارد سنة2011. وقد جمع بيانات علمية في كلا التحليقين.[108] كما سترسل وكالة الفضاء الأوربية مسبار يدعىبيبي كولومبو إلى عطارد وسيقوم المسبار بتحليقين فوق الزهرة في أغسطس سنة2013 قبل أن يصل عطارد سنة 2019.[109]
عرف البشر الزهرة منذ عصور ما قبل التاريخ، بما أنه واحد من أكثر النجوم لمعاناً في السماء واكتسب رسوخًا في الثقافة الإنسانية. وقد وصف في نصوصالكتابة المسماريةالبابلية فيجدول الزهر لأنو وأنليل وتصل تاريخ تلك الملاحظات إلى ما قبل سنة 1600 قبل الميلاد.[112] وقد سمى البابليون هذا الكوكب باسمعشتار وهي تمثل الأنوثة وإلهة الحب عندهم.[113]
اعتقد المصريون القدماء بأن الزهرة هو جرمين منفصلين وقد دعو نجمة الصباح باسم «تيوموتيري» ونجمة المساء باسم «كويتي».[114] وكذلك اعتقدالإغريق بحيث دعوا نجمة الصباح باسم «فوسفوروس» (باليونانية القديمة: Φωσφόρος) ونجمة المساء باسم «هيسبوروس» (باليونانية القديمة: Ἐωσφόρος). أدرك الإغريق فيالعصر الهلنستي أن كلا الجرمين هما جرم واحد،[115][116] وقد دعوه فيما بعد باسم إلهة الحب «أفروديت».[117]ومن ثم دعى الرومان هذا الكوكب باسم «فينوس» وهو اسم إلهة الحب عند الرومان.[118]
كان الزهرة هاماً لدىحضارة المايا الذين أنشأوا رزنامة دينية واعتمد جزء منها على حركة الزهرة، لتحديد والتنبأ بظواهر مثل الحرب.[119] كما كان الزهرة هاماً لسكانأستراليا الأصليين حيث كان يجتمع حشد منهم بعد غروب الشمس بانتظار ظهور الزهرة، للتعبير عن اتصالهم بمن ماتوا من أحبتهم.[120] كما يعرف الزهرة عند الهنود القدماء باسم «شوكرا» (بالسنسكريتية دولية الأبجدية: शुक्र ،சுக்ரன் ،ಶುಕ್ರ) وهو واحد من تسعةنافرجها، كما هو الحال بالنسبة إلى إله الثروة والمتعة والتكاثر.[121]
^B. A. Archinal; M. F. A’Hearn; E. Bowell; G. J. Consolmagno; D. Hestroffer; J. Oberst; D. J. Tholen (4 Dec 2010). "Report of the IAU Working Group on Cartographic Coordinates and Rotational Elements: 2009".Celestial Mechanics and Dynamical Astronomy (بالإنجليزية).109 (2): 101–135.DOI:10.1007/S10569-010-9320-4.ISSN:0923-2958.Zbl:1270.70012.QID:Q27638684.
^Hashimoto, G. L.; Roos-Serote, M.; Sugita, S.; Gilmore, M. S.; Kamp, L. W.; Carlson, R. W.; Baines, K. H. (2008). "Felsic highland crust on Venus suggested by Galileo Near-Infrared Mapping Spectrometer data".Journal of Geophysical Research, Planets. ج. 113: E00B24.DOI:10.1029/2008JE003134.{{استشهاد بدورية محكمة}}: صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
^Bullock, Mark A.; Grinspoon, David H. (مارس 2001). "The Recent Evolution of Climate on Venus".Icarus. ج. 150 ع. 1: 19–37.DOI:10.1006/icar.2000.6570.{{استشهاد بدورية محكمة}}: صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
^Lopes, Rosaly M. C.; Gregg, Tracy K. P. (2004).Volcanic worlds: exploring the solar system's volcanoes. Springer. ص. 61.ISBN:3540004319.{{استشهاد بكتاب}}: صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
^"Atmosphere of Venus".The Encyclopedia of Astrobiology, Astronomy, and Spaceflght. مؤرشف منالأصل في 2019-04-02. اطلع عليه بتاريخ2007-04-29.
^Batson, R.M.; Russell J. F. (18–22 مارس 1991)."Naming the Newly Found Landforms on Venus"(PDF).Procedings of the Lunar and Planetary Science Conference XXII. Houston, Texas. ص. 65. مؤرشف منالأصل(PDF) في 2016-04-01. اطلع عليه بتاريخ2009-07-12.{{استشهاد بمنشورات مؤتمر}}: صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
^Romeo, I.; Turcotte, D. L. (2009). "The frequency-area distribution of volcanic units on Venus: Implications for planetary resurfacing".Icarus. ج. 203: 13.DOI:10.1016/j.icarus.2009.03.036.{{استشهاد بدورية محكمة}}: صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
^Kasting، J. F. (1988). "Runaway and moist greenhouse atmospheres and the evolution of earth and Venus".Icarus. ج. 74 ع. 3: 472–494.DOI:10.1016/0019-1035(88)90116-9.
^Moshkin, B. E.; Ekonomov, A. P.; Golovin Iu. M. (1979). "Dust on the surface of Venus".Kosmicheskie Issledovaniia (Cosmic Research). ج. 17: 280–285.Bibcode:1979CoRe...17..232M.{{استشهاد بدورية محكمة}}:الوسيط|تاريخ الوصول بحاجة لـ|مسار= (مساعدة)صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
^Upadhyay, H. O.; Singh, R. N. (أبريل 1995). "Cosmic ray Ionization of Lower Venus Atmosphere".Advances in Space Research. ج. 15 ع. 4: 99–108.DOI:10.1016/0273-1177(94)00070-H.{{استشهاد بدورية محكمة}}: صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
^ابSheppard, Scott S.; Trujillo, Chadwick A. (يوليو 2009). "A survey for satellites of Venus".Icarus. ج. 202 ع. 1: 12–16.DOI:10.1016/j.icarus.2009.02.008.{{استشهاد بدورية محكمة}}: صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
^Mikkola, S.; Brasser, R.; Wiegert, P.; Innanen, K. (يوليو 2004). "Asteroid 2002 VE68, a quasi-satellite of Venus".Monthly Notices of the Royal Astronomical Society. ج. 351: L63.DOI:10.1111/j.1365-2966.2004.07994.x.{{استشهاد بدورية محكمة}}: صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
^Baum، R. M. (2000). "The enigmatic ashen light of Venus: an overview".Journal of the British Astronomical Association. ج. 110: 325.Bibcode:2000JBAA..110..325B.{{استشهاد بدورية محكمة}}:الوسيط|تاريخ الوصول بحاجة لـ|مسار= (مساعدة)
^Pliny the Elder (1991).Natural History II:36–37. translated by John F. Healy. Harmondsworth, Middlesex, UK: Penguin. ص. 15–16.
^S. M. Razaullah Ansari (2002).History of oriental astronomy: proceedings of the joint discussion-17 at the 23rd General Assembly of the International Astronomical Union, organised by the Commission 41 (History of Astronomy), held in Kyoto, August 25–26, 1997.Springer. ص. 137.ISBN:1402006578.
^"Mikhail Vasilyevich Lomonosov".Britannica online encyclopedia. Encyclopædia Britannica, Inc. مؤرشف منالأصل في 2008-07-25. اطلع عليه بتاريخ2009-07-12.
^"Report on the Activities of the COSPAR Working Group VII".Preliminary Report, COSPAR Twelfth Plenary Meeting and Tenth International Space Science Symposium. Prague, Czechoslovakia: National Academy of Sciences. 11–24 مايو 1969. ص. 94.
^Dunne, J.; Burgess, E. (1978)."The Voyage of Mariner 10"(PDF). SP-424. NASA. مؤرشف منالأصل(PDF) في 2013-12-03. اطلع عليه بتاريخ2009-07-12.{{استشهاد بدورية محكمة}}:الاستشهاد بدورية محكمة يطلب|دورية محكمة= (مساعدة)صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
^اكتب عنوان المرجع بين علامتي الفتح<ref> والإغلاق</ref> للمرجعmitchell_4
^Greeley، Ronald (2007).Planetary Mapping. Cambridge University Press. ص. 47.ISBN:9780521033732. مؤرشف منالأصل في 2020-02-25. اطلع عليه بتاريخ2009-07-19.{{استشهاد بكتاب}}:|archive-date= /|archive-url= timestamp mismatch (مساعدة) والوسيط author-name-list parameters تكرر أكثر من مرة (مساعدة)
^Lyons, Daniel T.; Saunders, R. Stephen; Griffith, Douglas G. (مايو–يونيو 1995). "The Magellan Venus mapping mission: Aerobraking operations".Acta Astronautica. ج. 35 ع. 9–11: 669–676.DOI:10.1016/0094-5765(95)00032-U.{{استشهاد بدورية محكمة}}: صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
^Davis, Andrew M.; Holland, Heinrich D.; Turekian, Karl K. (2005).Meteorites, comets, and planets. Elsevier. ص. 489.ISBN:0080447201.{{استشهاد بكتاب}}: صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
^G. A. Landis, "Robotic Exploration of the Surface and Atmosphere of Venus," paper IAC-04-Q.2.A.08,Acta Astronautica, Vol. 59, 7, 517-580 (October 2006). Seeanimationنسخة محفوظة 04 مارس 2016 على موقعواي باك مشين.
^ابج"Venus Express".ESA Portal. European Space Agency. مؤرشف منالأصل في 2012-12-07. اطلع عليه بتاريخ2008-02-09.
^"Timeline".MESSENGER. مؤرشف منالأصل في 2016-04-13. اطلع عليه بتاريخ2008-02-09.
^"BepiColombo".ESA Spacecraft Operations. مؤرشف منالأصل في 2012-10-18. اطلع عليه بتاريخ2008-02-09.
^Sachs، A. (1974). "Babylonian Observational Astronomy".Philosophical Transactions of the Royal Society of London. ج. 276 ع. 1257: 43–50.DOI:10.1098/rsta.1974.0008.