خريطة تبين امتداد الدول التي استعمرت أراضي دول أخرى من1492 حتى1974.
الاستعمار مصطلح أطلق على السياسة التوسعية التي اتبعتها الدول الأوربية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وقد تنتج عن السياسة التوسعية الدينية والثقافية التي سعى له الأوروبين إلى التحكم بمصير الأمم واستغلال خيراتها لصالحهم.
النوع الأول: الاستعمار القديم أو الحركة الاستيطانية التي قامت بهاأوروبا منذ بداية العصور الحديثة حين اندفعت بعض الدول الأوربية في القرن السادس عشر للغزو والاستعمار في قاراتآسياوأفريقياوالعالم الجديد (الأمريكيتينوأستراليا) وقد ظهر هذا النوع من الاستعمار نتيجة لانفتاحأوروبا على العالم الخارجي وحب المغامرة والاستكشاف والبحث عن الثروة والذهب ومحاولة تخلص البعض من الاضطهاد الطائفي والسياسي في أوروبا.
النوع الثاني: الاستعمار الحديث وقد ظهر هذا الاستعمار بعد قيام الثورة الصناعية في أوروبا في القرن التاسع عشر، حيث بدأت هذه الدول تبحث عن الأسواق لتصريف منتجاتها وكذلك البحث عن المواد الأولية المتوفرة في آسيا وأفريقيا ولاستثمار رؤوس الأموال الأوربية الفائضة.
يعتبر معظم المؤرخين تأسيس المستعمرة البرتغالية فيسبتة عام1415 نقطة البداية لظاهرة الاستعمار. وبغض النظر عنالحملات الصليبية، كان احتلال سبتة من قبل الجيوش البرتغالية وتأسيس المستعمرة فيها أول عملية لتوسيع سيطرة دولة أوروبية خارج القارة الأوروبية. خلال القرن الخامس عشر، أيام الأميرإنريكيه الملاح، الملكأفونسو الخامس والملكمانويل الأول. شنت البرتغال حملات استكشافية بحرية، وتمكن ملاحوها عام1434 من عبوررأس بوجادور (اليوم فيالصحراء الغربية) الذي اعتبره الأوروبيون نقطة غير قابلة للاجتياز. وأقامت البرتغال في تلك الفترة محطات تجارية، بما في ذلك محطات التجارةبالعبيد، على الشواطئ الأفريقية الغربية بدعمالفاتيكان الذي منحها الأولوية من بين الدول الكاثوليكية في السيطرة على المواقع المعثورة عليها جنوبي رأس بوجادور. عام1498 وصل البرتغاليون إلىرأس الرجاء الصالح وفي عام1497 وصلوا إلى شرقي أفريقيا.
في نهاية القرن الخامس عشر انضمت إسبانيا إلى موجة الجولات الاستكشافية والاستعمار حيث قررملوك الكاثوليك مراعاة محاولة الرحالة الإيطاليكريستوفر كولومبوس اجتيازالمحيط الأطلسي. وكانت نتيجة هذه المحاولة اكتشافالجزر الكاريبية غربي القارة الأمريكية وإقامة «إسبانيا الجديدة»، منطقة في أمريكا سيطر عليها نائب ملك إسبانيا، عام1525.
الاستعمار هو ظاهرة تهدف إلى سيطرة دولة قوية على دولة ضعيفة وبسط نفوذها من أجل استغلال خيراتها فيالمجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهي بالتالي نهب وسلب لمعظم ثروات البلاد المستعمرة، فضلًا عن تحطيم كرامة شعوب تلك البلاد وتدمير تراثها الحضاري والثقافي، وفرضثقافة الاستعمار على أنهاالثقافة الوحيدة القادرة على نقل البلاد المستعمرة إلى مرحلةالحضارة.الاستعمار إخضاع جماعة من الناس لحكم أجنبي، ويسمى سكان البلاد المستعمَرين، وتسمى الأراضي الواقعة تحت الاحتلال؛ البلاد المستعمَرة. ومعظم المستعمرات مفصولة عن الدولة المستعمِرة ببحار ومحيطات. وغالبًا ما ترسل الدولة الأجنبية سكانًا للعيش في المستعمَرات وحكمها واستغلالها مصادر للثروة. وهذا ما يجعل حكام المستعمَرات منفصلين عرقيًا عن المحكومين.
وتتمثل الأهداف السياسية في تحسين مركز الدولة الاستعمارية في التنافس على المراكز المتقدمة على سلم القوى الدولي، إذ إن تحسن المركز الدولي للدولة يوسع دائرة نفوذها في المجتمع الدولي والمحلي، ويجعلها أكثر قدرة على التحكم في القرارت الدولية وتوجيهها لصالحها، ويمكن اعتبارمؤتمر برلين عام (1884م) مؤشرًا على ذلك، فقد عُقد هذا المؤتمر بسبب الصراع بين الدول الاستعمارية على مناطق النفوذ.
ويفسر العالم الأمريكيهانز مورغنثاوالإمبريالية بأنها "سياسة تستهدف قلب الوضع القائم والقيام بمراجعة علاقات القوى بين دولتين أو أكثر من أجل تحقيق تفوق محلي أو إقامة إمبراطورية قارية أو تحقيق هيمنة عالمية ويرى أن الدول كالأفراد لديها "شهوة القوة" أي الرغبة في تحسين وضعها باستمرار، من غير الاقتناع بالوضع القائم.
ولكي تتمكنالدولة الاستعمارية من تعزيز مركزها الدولي في إطار هذا التنافس، لا بد لها من زيادة مواردها، وهو أمر يستدعي البحث عن موارد خارج حدودها، فقامت هذه الدول بالإجراءات الآتية:
تمويلبعثات الاستكشافات الجغرافية التي تستهدف البحث عن مناطق غنية بالموارد أو يمكن الاستثمار فيها، ومن أمثلة ذلك تمويل رحلةفاسكو دي غاما البرتغالي الذي اكتشف الطريق إلىالهند عن طريقرأس الرجاء الصالح في رحلته التي دامت من (1497 -1498م)، وتمويل الإسبان لبعثةكريستوفر كولومبوس الذي اكتشف السواحل الأمريكية (البهاما) عام (1492م).[1][2][3] وتمويل بعثةماجلان الذي وصل إلى سواحلأمريكا الجنوبية عام (1519م)، وعبر الباسيفيكي (الهادي) إلىالفلبين حيث قتل هناك، كما تعرضت القارة الأفريقية إلى حملات استكشافية في القرن الخامس عشر الميلادي، لا سيما المناطق الساحلية، وتواصلت هذه الحملات إلى القارة الأفريقية حتى القرن التاسع عشر من البعثات البريطانية والفرنسية والألمانية.
الاحتلال العسكري المباشر للمناطق الغنية بالموارد، وإرسال موجات من المستوطنين في بعض الأحيان إلى المناطق التي تمت السيطرة عليها.
أما المناطق التي عرفت استعمارًا استيطانيًا فمن أمثلتها: الاستيطان الصهيوني فيفلسطين، والاستيطان الهولندي في جنوب أفريقيا منذ عام (1652م)، والاستيطان البريطاني فيها منذ (1823م).
السيطرة على المواقع: يستدعي تعزيز المركز الدولي للدولة الاستعمارية سيطرتها على المواقع التي تمثل مراكز، يمكن منها السيطرة علىطرق المواصلات أو التحكم بمنابع بعض الأنهر أو مجاريها، أو منع تشكيل أحلاف متصلة جغرافيا مع بعضها.
وإذا طبقنا ذلك على اللغة الثانية في عدد من الدول، فسنجد أنها لغة المستعمر، كما هو حالالإنجليزية فيالعراقومصروالأردن،والفرنسية في دول المغرب العربي، وهو أمر ينسجم مع ما قاله العالم تريتشكا من: أناللغة هي أساس التجارة المزدهرة، إذ إن الأمة لا تفقد مستعمراتها المرتبطة بهاباللغةوالثقافة حتى لو انقطعت الرابطة السياسية.
ارتبط عدد منالحملات الاستعمارية بوجود بعثات وارساليات تبشيرية دينية، وقد نجح عدد منها في تنصير قطاعات من سكان المستعمرات، وكان أبرز حالات النجاح في هذا المجال في الدول الإفريقية مثل جنوبالسودان وجنوبنيجيريا.
لتخفيف الضغط السكاني عندها بالسيطرة على أقاليم معينة ونقل الفائض السكاني إليها، وهو ما اعتمدتهألمانياوإيطالياواليابان في الحربين العالميتين، ولذا فإن من حق الدول الاستعمارية أن تنمو على حساب المناطق التي فيها أماكن للفائض السكاني، وقد قامت فيأوروبا عند اشتداد البطالة فيالقرن التاسع عشر مدرسة الإصلاح الاستعماري التي دعت لتحويل الفائض السكاني إلىالمستعمرات واستخدامهم فيالزراعة، وكان فيبريطانيا في هذه الفترة (103) جمعيات لهذا الغرض. لا شك ان المناطق التي اتخذها الاستعمار الأوروبي هدفاً له كانت على درجة كبيرة من الضعف والتأخر الاقتصادي والسياسي والعسكري والعلمي، وكان هذا دافعاً قوياً للدول على التوسع.
الاستعمارية لاتخاذ مجموعة من الذرائع لتسويغ مسلكها الاستعماري، إذ تحاول إخفاء الدوافع الحقيقة للاستعمار، ولكنها في معظم الأحيان ليست إلا ستاراً للأسباب الأصلية.