للإثمد النقي لون أبيض فضي، وهو سهل التقصف؛ وهو يشبهالزرنيخ؛ ويمكن أن يوجد هذا العنصر في الطبيعة بشكل حر، ولكنه يتوفر بشكل رئيسي على هيئةالمعدن الكبريتيديإستبنيت. كانت بعض مركبات الإثمد معروفة منذ القدم، وكانت تسحق لاستخداماتها الطبية والتجميلية، وكانت تسمى حجرالكحل.
عرفت التقنيات التي يمكن بواسطتها التعامل مع الإثمد؛[3] إذ عثر على قطعة، يظن أنها جزء من مزهرية، كانت مصنوعة من الإثمد، في موقعكرسوالكلداني التاريخي فيالعراق، والتي يعود تاريخها إلى قرابة 3000 سنة قبل الميلاد؛ كما عثر فيمصر على قطعة أثرية أخرى مصنوعة منالنحاس ومطلية بالإثمد والتي يعود تاريخها إلى فترة ما بين 2500 إلى 2200 سنة قبل الميلاد.[4] إلا أن تقاريرعلماء الآثار وضحت لاحقاً أنه من غير المؤكد أن القطعة هي جزء من مزهرية، وهي على الأغلب جزء من مقتنيات حلي شخصية صغيرة.[3]
ذكر العالم الإغريقيديسقوريدس[ط 3] طريقة تحميص كبريتيد الإثمد بتسخينه في مجرى من الهواء، وربما تمكن من خلال ذلك الحصول على الإثمد على هيئة عنصر حر.[5] وفي سنة 77 للميلاد وصف الكاتب التاريخيالرومانيبلينيوس الأكبر[ط 4] طرائق عدة من أجل تحضير كبريتيد الإثمد واستخداماته الطبية في كتابه الموسوعيالتاريخ الطبيعي[ط 5].[5] ميز بلينيوس بين نوعين من الإثمد، ووصف إحداهما أنهذكر والآخرأنثى؛ وعلى الأغلب أن الشكل الأول يشير إلى الكبريتيد، في حين أن الشكل الأخير، الذي وصفه بأنه متفوق وأثقل وأقلهشاشة[ط 6]، قد يشير على الأغلب إلى عنصر الإثمد الحر.[6]
وصف عالم التعدين فانوتشو بيرينغوتشو طريقة لعزل الإثمد في سنة 1540
شاع في العصور الوسطى في أوروبا ذكر الإثمد في النصوصالخيميائية[ط 7]، بما في ذلكSumma Perfectionis المنسوبة إلىجابر الزائف[ط 8]، والمترجمة غالباً من العربية إلى اللاتينية حوالي القرن الرابع عشر للميلاد.[7] ورد ذكر تفصيلي أكبر لطريقة لعزل الإثمد في كتابDe la pirotechnia الذي يعود إلى سنة 1540 لصاحبه الإيطاليفانوتشو بيرينغوتشو[ط 9].[8] من كتب التعدين المعروفة الأخرى التي انتشرت في أوروبا في القرون الوسطى أيضاً كتابدي ري ميتاليكا[ط 10] العائد لسنة 1556 لعالم التعدينأغريكولا[ط 11]، لذلك ينسب البعض بشكل خاطئ اكتشاف الإثمد النقي له. بعد ذلك انتشر نطاق النصوص الأخرى التي تذكر أسلوب التحضير هذا، من ضمنها كتابCurrus Triumphalis Antimonii المنشور في الأراضي الألمانية في سنة 1604، والذي يظن أن مكتوب من أحدالرهبان البندكتيين[ط 12] تحت اسمبازيليوس فالانتينوس[ط 13] في القرن الخامس عشر، وبذلك يكون قد ظهر قبل كتاب بيرينغوتشو.[9] تعرضت هذه المنشورات لاحقاً إلى تمحيص من العالمغوتفريد لايبنتس[ط 14] في سنة 1710، والذي استنتج بعدها أن الراهب بازيليوس فالانتينوس شخصية متخيلة، وأن الاسم الحقيقي للكاتب هويوهان تولده[ط 15] الذي عاش في الفترة التقريبية ما بين 1565 – 1624.[10] بعد انتقاضنظرية الفلوجستون[ط 16] وتطور علم الكيمياء أصبح معلوماً أن الإثمد ما هو إلاعنصر كيميائي وأنه قادر على تشكيلالمركبات مثل الأكاسيد والكبريتيدات.[5] ظهرت بعد ذلك التقارير التي توثق استحصال الإثمد من القشرة الأرضية، مثلما فعل العالم السويديأنتون فون سواب[ط 17] في سنة 1783 عندما وصفموقعاً نمطياً فيمنجم[ط 18] يقع فيبلدية سالا[ط 20] فيمقاطعة فستمانلاند[ط 21].[11][12]
يسمى العنصر باللغة العربيةالإثمد[13][14][15][16] أو وفق الترجمات الحرفيةالأنتيمون[13][14][15] أوالأنتيموان[16] كانت تستعمل مركباته قديماً فيالكحل، لذا تسمى هذه الأملاححجر الكحل أوحجر الإثمد.[17]
يسمى هذا العنصر في اللغة الإنجليزيةAntimony ويعود أصل التسمية فيها وفي أغلب اللغات الأوروبية الغربية إلى الكلمةاللاتينيةantimonium.[18] لا يعلم بدقة أصل تلك الكلمة، وواجهت أغلب الاقتراحات لمعرفة الأصل صعوبات جمة إما في الشكل أو التأويل، لذلك توجد العديد منالتأثيلات الخاطئة[ط 22] الشائعة، إحداها النسبة إلى الكلمةالفرنسيةantimoine من الكلمة الإغريقيةἀντίμοναχός أنتيموناخوس والتي تعنيقاتل الرهبان[ط 23]، والتي جرى محاولة تفسيرها بأن أغلب من اشتغل في التجارب على هذا العنصر في العصور الوسطى في أوروبا كانوا منالرهبان وأن بعض مركباتهسامة.[19] من التأثيلات الخاطئة الشائعة الأخرى النسبة إلى الكلمة الإغريقيةἀντίμόνος أنتيمونوس بمعنىمعاكس للانعزال[ط 24] والذي جرى تفسيره بمعنى أنغير موجود على شكل فلز[ط 25] أوغير موجود بشكل غير مسبوك[ط 26].[4] ولكن فياللغة الإغريقية يستخدم الحرفα- بشكل تلقائي للدلالة على النفي.[20] خمنإدموند أوسكار فون ليبمان[ط 27] وجود كلمة إغريقية افتراضية على الشكلανθήμόνιον أنثيمونيون، والتي تعنيزهيرة (زهرة صغيرة)[ط 28]، واستشهد بالعديد من الأمثلة العديدة التي تصفالتزهير[ط 29] المتعلق بهذا العنصر.[21]
تضمنت الاستخدامات المبكرة للفظantimonium في الفترة ما بين 1050–1100 وجود ترجمات باللغة العربية مقترتة بكلمة «إثمد» ، وخاصة منقسطنطين الإفريقي[ط 30] لأطروحات طبية تعود للعصور الوسطى.[21] لذلك فإن هناك إجماع بين الكثير من العديد من العلماء أن أصل كلمةantimonium ما هو إلا تحوير كنابي لكلمة «إثمد»، وهذا ما أكدهقاموس أكسفورد الإنجليزي. من جهة أخرى، فإن الفضل في اختيار الرمز الكيميائي للعنصر (Sb) يعود للعالميونس ياكوب بيرسيليوس[ط 31]، والذي اشتقه من الكلمة اللاتينيةStibium والتي تشير إلى معدنالإستبنيت.[22] والإستبنيت هو حجرالكحل وذلك يوافق ما تشير إليه أغلب الدلائل في التسميات،[23] كما هو الحال أيضاً فياللغة العربية، إذ يشتق اسم «إثمد» من الجذر الثلاثي «ثمد»، وفي معجملسان العربلابن منظور «الإِثْمِدُ : حجر يتخذ منه الكحْل ، وقيل : ضرب من الكحل ، وقيل : هو نفس الكحل ، وقيل شبيه به». هناك تخمينات تربط بين أصول كلمة إثمد العربية وكلمةmśdmt التي كانت تشير إلى حجر الكحل فيمصر القديمة.[24]:230[25]:541
تبلغ وفرة الإثمد فيالقشرة الأرضية حوالي 0.2جزءاً في المليون[ط 32]،[26] وهي وفرة مقاربة لعنصرالثاليوم بمقدار 0.5 جزء في المليون،والفضة بمقدار 0.07 جزء في المليون. بذلك يحتل الإثمد من حيث وفرة العناصر الكيميائية في القشرة الأرضية المرتبة الثالثة والستين. من جهة أخرى، على الرغم من أن هذا العنصر ليس كبير الوفرة، إلا أن فرص العثور عليه أعلى من مرتفعة، إذ يدخل في تركيب أكثر من 100معدن.[27]
يوجد حوالي 264 معدناً معروفاً للإثمد؛[29] وأشهرها معدنالإستبنيت[ط 36]، حيث يوجد فيه على شكلكبريتيد Sb2S3.[26] تبلغ نسبة الإثمد في الإستبنيت مقدار 71.7%؛ أما أكثر المعادن احتواءاً على الإثمد فهو السبيكة الطبيعيةبارادوكراسيت[ط 37] (تصل نسبة الإثمد فيه إلى حد أقصى 92%). من المعادن الأخرى الحاوية على الإثمد كل منفالنتينيت[ط 38] Sb2O3وبرايتهاوبتيت[ط 39] NiSbوقرمزيت Sb2S2O.
يستخدم الأنتيمون بشكل رئيسي فيثلاثي أكسيد الأنتيمون لمركباتمثبطات اللهب في تركيبة مع مثبطات اللهب المهلجنة إلا في البوليمرات المحتوية علىالهالوجين. ينتج تأثير تثبيط اللهب لثالث أكسيد الأنتيمون عن طريق تكوين مركبات الأنتيمون المهلجنة،[31] التي تتفاعل مع ذراتالهيدروجين، وربما أيضًا مع ذراتالأكسجينوالهيدروكسيد؛ مما يثبط النار.[32] وتشمل أسواق هذه المواد المثبطة للهب ملابس الأطفال ولعب الأطفال والطائرات وأغطية مقاعد السيارات. كما يتم إضافتها إلىراتنجات البوليستر فيالألياف الزجاجية المركبةوالمادة المؤلفة لمواد مثل أغطية محرك الطائرات الخفيفة. من الممكن أن يحترق الراتنج في وجود لهب خارجي المنشأ، ولكنه ينطفيء عندإزالة الشعلة الخارجية.[33][34]
يشكل الأنتيمونسبيكة عالية الفائدة معالرصاص، مما يزيده صلابةً وقوة ميكانيكية. بالنسبة لمعظم التطبيقات التي تشمل الرصاص، تُستخدم كميات مختلفة من الأنتيمون كمعدن للسبائك. تحسن هذه الإضافة فيبطاريات الرصاص الحمضية من قوة اللوحة وخصائص الشحن.[33][35] كما يستخدم في السبائك المانعة للاحتكاك (مثل معدنبابت)،[36] وفيالرصاصات،والكبل الكهربائي،وسبائك اللحام[37] وفيالبيوتر،[38][39] وفي سبائك التصلب مع محتوى قليل من القصدير في تصنيع أنابيب الجهاز.
تستهلك ثلاثة تطبيقات أخرى ما يقرب من بقية إمدادات العالم،[30] الأول هو مثبت ومحفز لإنتاجبولي إيثيلين تيرفثالات،[30] والثاني هو عامل التشحيم لإزالة الفقاعات المجهرية فيالزجاج، ومعظمها لشاشات التلفزيون؛[40] تتفاعلأيونات الأنتيمون معالأكسجين، مما يثبط ميل هذا الأخير إلى تشكيل فقاعات،[41] والتطبيق الثالث هو الصبغات.[30]
يُستخدم الأنتيمون بشكل متزايد فيأشباه الموصلاتكعامل إشابة في رقاقاتالسيليكون من النوع n[42] والصمامات الثنائية وكاشفاتالأشعة تحت الحمراءواختبار هول في الأجهزة. في الخمسينات من القرن العشرين، تشبعت بواعث ترانزستور الوصلات المصنوعة من سبيكة n-p-n مع حبات صغيرة منالرصاص مع سبيكة الأنتيمون.[43] ويُستخدم انتيمون أنديمونيد كمواد للكشف عن الأشعة تحت الحمراء.[44][45][46]
تقل استخدامات الأنتيمون في علمالأحياءوالطب. تُستخدم الأدوية التي تحتوي على الأنتيمون، والمعروفة باسم الأنتيمونيات،كمضادات للقيء.[47] وتستخدم مركبات الأنتيمون فيمضادات الأوالي). استُخدمت مركبات البوتاسيوم أنتيمون تارتارات، أو مبتذلة الجير، ذات مرة كدواءللبلهارسيا في عام 1919، ثم استُبدل في وقت لاحقبالبرازيكوانتيل.[48] ويُستخدم الأنتيمون ومركباته في العديد منالمستحضرات البيطرية، مثل أنتيومالين وثيومالت أنتبمون الليثيوم، كمُعالج للبشرة فيالحيوانات المجترة.[49] يتمتع الأنتيمون بتأثير مغذي أو مؤثر على الأنسجةالكيراتينية في الحيوانات.
تعتبر الأدوية التي تحتوي على الأنتيمون، مثلأنتيمونيات الميغلومين، الأدوية المفضلة لعلاجداء الليشمانيات فيالحيوانات الأليفة. ولسوء الحظ، فبالإضافة إلى وجودمؤشرات علاجية منخفضة، إلا أن الأدوية توفر الحد الأدنى من اختراقالنخاع العظمي، حيث تُقيم الليشمانيا، مما يجعل من علاج المرض - وخاصة الشكل الحشوي - صعب جدًا.[50] استُخدم عنصر الأنتيمون كحبوب الأنتيمون كدواء. يمكن إعادة استخدامها من قبل الآخرين بعد الابتلاع والتخلص.[51]
تساعد كبريتيد الأنتيمون على تثبيت معامل الاحتكاك في مواد سحق فرامل السيارات.[54]
يستخدم الأنتيمون في الطلقات الرصاصية،[55] والطلاء، والفن الزجاجي، وكمواد غير شفافة فيمينا الأسنان.
يستخدم الأنتيمون 124 معالبريليوم فيمصادر نيوترونية؛ حيث تسببأشعة غاما المنبعثة من الأنتيمون -124 عمليةانحلال ضوئي مع البريليوم.[56][57] تحتوي النيوترونات المنبعثة على طاقة متوسطة تبلغ 24 كيلوفولت.[58] يستخدم الأنتيمون الطبيعي في مصادر نيوترونية ناشئة.
^Vannoccio Biringuccio,De la Pirotechnia (Venice (Italy): Curtio Navo e fratelli, 1540), Book 2, chapter 3:Del antimonio & sua miniera, Capitolo terzo (On antimony and its ore, third chapter), pp. 27–28. [Note: Only every second page of this book is numbered, so the relevant passage is to be found on the 74th and 75th pages of the text.] (in Italian)
^Weeks، Mary Elvira (1932). "The discovery of the elements. II. Elements known to the alchemists".Journal of Chemical Education. ج. 9 ع. 1: 11.Bibcode:1932JChEd...9...11W.DOI:10.1021/ed009p11.
^"antimony".Britannica.com. 22 مايو 2024 [July 20, 1998]. اطلع عليه بتاريخ2024-06-10.
^Fernando, Diana (1998).Alchemy: an illustrated A to Z. Blandford.ISBN:9780713726688. Fernando connects the proposed etymology to the story of "Basil Valentine", althoughantimonium is found two centuries before Valentine's time.
^ابEdmund Oscar von Lippmann (1919) Entstehung und Ausbreitung der Alchemie, teil 1. Berlin: Julius Springer (in German). pp. 642–5
^Jöns Jacob Berzelius, "Essay on the cause of chemical proportions, and on some circumstances relating to them: together with a short and easy method of expressing them,"Annals of Philosophy, vol. 2, pages 443–454 (1813) and vol. 3, pages 51–62, 93–106, 244–255, 353–364 (1814)
^Albright، W. F. (1918). "Notes on Egypto-Semitic Etymology. II".The American Journal of Semitic Languages and Literatures. ج. 34 ع. 4: 215–255.DOI:10.1086/369866.JSTOR:528157.
^Sarton, George (1935). "Review ofAl-morchid fi'l-kohhl, ou Le guide d'oculistique (Translated by Max Meyerhof)".Isis (بالفرنسية).22 (2): 539-542.DOI:10.1086/346926.JSTOR:225136.
^De Jong، Bernard H. W. S.؛ Beerkens، Ruud G. C.؛ Van Nijnatten، Peter A. (2000). "Glass".Ullmann's Encyclopedia of Industrial Chemistry.DOI:10.1002/14356007.a12_365.ISBN:3-527-30673-0.
^Harder, A. (2002). "Chemotherapeutic approaches to schistosomes: Current knowledge and outlook".Parasitology Research. ج. 88 ع. 5: 395–7.DOI:10.1007/s00436-001-0588-x.PMID:12049454.
^McCallum, R. I. (1999).Antimony in medical history: an account of the medical uses of antimony and its compounds since early times to the present. Pentland Press.ISBN:1-85821-642-7.
^Jang, H؛ Kim, S. (2000). "The effects of antimony trisulfide Sb S and zirconium silicate in the automotive brake friction material on friction".Journal of Wear. ج. 239 ع. 2: 229.DOI:10.1016/s0043-1648(00)00314-8.{{استشهاد بدورية محكمة}}:تجاهل المحلل الوسيط|last-author-amp= لأنه غير معروف، ويقترح استخدام|name-list-style= (مساعدة)
^Randich، Erik؛ Duerfeldt، Wayne؛ McLendon، Wade؛ Tobin، William (2002). "A metallurgical review of the interpretation of bullet lead compositional analysis".Forensic Science International. ج. 127 ع. 3: 174–91.DOI:10.1016/S0379-0738(02)00118-4.PMID:12175947.