إن آريز هو إله الحرب، وقد اشتُق اسم آريز من الكلمةاليونانية "αρή (are)"، والشكلالأيوني للكلمة في اللهجةالدّورية هو "αρά (ara)" ويعني «الهلاك والخراب واللعنة والشقاء». وفيالميثولوجيا الإغريقية كان «آرا» إله الدمار والانتقام.[1] وربما يكون هناك ارتباط بينه وبين إله الحرب الرومانيمارس عن طريق كلمة "M̥rēs" الافتراضية فياللغة الهندية الأوروبية الأولى إذا قارناها بكلمة "marnamai - μάρναμαι" في اللغة الإغريقية القديمة وتعني «يحارب أو يقاتل».[2] وقد قالوالتر بوركرت عنه: «من الواضح أن آريز اسم قديم مجرد يعني حشد الجنود والقوات للحرب».[3]
إنَّ «آريز» إله أوليمبي مهم في التاريخ الملحمي الذي حفظته لناالإلياذة. ومن خلال القراءة في ملامح شخصيته، نجد أنه محاط بهالة من الغموض. وقد عُثِر على نقش جنائزي منأتيكا يعود تاريخه لأواخر القرن السادس، وقد كُتب عليه «قف وانتحب عند قبر الفقيدكرويسوس الذي قتله آريز في يومٍ ما وهو يحارب في مقدمة الجيش».[4] وقد اعتبره الرومان مثلمارس إله الحرب والزراعة الذي ورثوه منالإتروسكان، لكنهم ظلوا فيما بينهم يضعون مارس في منزلة أعلى.
كان آريز دائمًا غير أهل للثقة بينالإغريق.(1) وعلى الرغم من ذلك، فإن أخت آريز غير الشقيقةأثينا كانت تعتبر هي الأخرى إلهة حرب ولكنها كانت تخوض حروبًا إستراتيجية، بينما كانت حروب آريز غير متوقعة؛ إذ لم يكن يعلم متى تثور ثائرة غضبه. وكان هناك عداء بين أثينا وآريز، وقد تم إقصاء مسقط رأسه وموطنه الحقيقي بعيدًا وسطالتراقيين الهمجيين المولعين بالحروب والذين لجأ إليهم بعد افتضاح أمر علاقتهبأفروديت.
وقد ظلت كلمة «آريز» صفةً ونعتًا في العصور الإغريقية والرومانية تُطلق على مظاهر الميل إلى الحرب لدى بعض الآلهة الأخرى مثل:زيوس آريز وأثينا آريز وحتى أفروديت آريز. وفي العصور المسينية، تُظْهِر النقوش أنإينياليوس اسم استمر تداوله في العصور الإغريقية والرومانية كلقب لآريز. وكان يضع الكلاب والنسور التي تتغذى على الجيفة في أرض المعركة في منزلةمقدسة.
كان لدى آريز مركبة حربية قديمة ذات عجلتين تجرها أربعة جياد خالدة، مزودة بلجام ذهبي وتنفث النيران من فمها. ويُعرف آريز بين الآلهة بدرعه البرونزي، وقد كان يُلِّوح برمحه لتهديد الأعداء في المعركة.[ar 5] وكانت الطيور القوية والمقدسة بالنسبة له هينقار الخشبوالنسر والبومة النسر خاصةً في مناطق الجنوب. وطبقًالآرغونوتيكا فإن طيور آريز في الأصل كانت عبارة عن أسراب من الطيور تُسدد سهامًا من الريش وتحرس ضريح إلهالأمازونيات الموجود في جزيرة ساحلية مطلة علىالبحر الأسود. وفيأسبرطة، أصبح تقديم الكلب في الليل كقربان لآلهة العالم الآخر مثل الإله إنياليوس جزءً من طقوس عبادة آريز نفسه. ومن الممكن تقديم القربان إلى آريز عشية ليلة المعركة تقربًا له؛ لينعم على المحاربين بالمساعدة والدعم.
وفي الإلياذة، في الجزء الخامس، انطلق آريز إلى المعركة وعندما جُرح، رجع إلى جبل الأوليمب حيث عالجه زيوس، ولكن فيما بعد أسمعه كلمات قاسية.[ar 5] وبعد ذلك عاد آريز مباشرةً إلى المعركة حاملاً الدرع في يده. وعلى الرغم من ظهوره في أسطورة طيبة، ذلك النوع من الأساطير الذي يشرح أصل المعتقدات والطقوس وبدء تأسيس المدن، فقد ورد ذكره أيضًا في أساطير أخرى.[5]
على الرغم من الأهمية التي حظى بها «آريز» فيالشعر، فإنه نادرًا ما كانت تشملهالطقوس الدينية فياليونان القديمة باستثناء مدينة أسبرطة، حيث كان يتم استرضاؤه قبل المعركة من خلال تقديم المحاربين الشبان كقربان لإنياليوس قبل الاشتراك في قتال طقسي حامي الوطيس في المعركة.(2) وفي شرق أسبرطة فقط كان يوجد تمثال قديم للإله مقيدًا بالأغلال، كي يبدو جليًا أن روح الحرب والنصر لم تكن لتغادر المدينة أبدًا. إن معبد آريز المقام في مدينة أجورا فيأثينا ـ والذي رآهبوسانياس في القرن الثاني الميلادي ـ قد تم نقله وإعادة تخصيصه للعبادة باحتفال خاص خلال عهد الإمبراطورأغسطس، وفي حقيقة الأمر، فقد أصبحمعبدًا رومانيًا للإله «مارس». ويقع جبل آريز «أريوباجوس» ـ الذي ألقي فيهبولس الطرسوسي نسبة إلى مدينةطرسوس مواعظه ـ على مسافة من قلعة أثينا والذي كان موقع ساحات المحاكم قديمًا. وارتباطه بآريز، الذي ربما يقوم على تفسير خاطئ لأصل الكلمات، ما هو إلا أسطورة تفسيرية تحاول أن تشرح سر ارتباط اسم بآخر من خلال تاريخ أسطوري. وهناك معبد آخر وُجِد في موقعمتروبوليس الأثري فيالأناضول في غربتركيا. وكان آريز أيضًا ابن زيوس وهيرا.
كان من بين رفاق آريز في الحربديموس «الرعب» وفوبوس «الخوف»(3). أما أخت ورفيقة السفاح آريز فكانت إيريس إلهة الشقاق والخلاف أو إينيوه إلهة الحرب وسفك الدماء والعنف.[ar 6] وكان يرافقه أيضًا إله الحرب الصغيرإينيالوسوهو ابنه من إينيوه[6] (واسم إينيالوس «يدل على الحرب في معناه» ويحمل نفس المعنى الذي يحمله «إنيوه») وكان يستخدم كلقب لآريز نفسه. وكان يحضر آريز برفقة كل منكيدويموس (وهو نصف إله لضجيج وجلبة المعركة) وأيضًاماكاي (المعارك)وهايسميناي (ذابحو البشر)وبوليموس، روح ثانوية للحرب وربما كان ذلك لقبًا لآريز نظرًا لأنه لم يكن له سلطة محددة، وكذلك ابنة بوليموسآلالاإلهة أوتجسيد لصرخة الحرب الإغريقية التي استخدم آريز اسمها كصيحة حرب له. كما كانت أختههيبي تأتي معه كي تصب له الماء ليستحم.
من الأدوار التي قام بها آريز في اليونان ما ورد عنه في أسطورة تأسيس طيبة: فقد كان آريز هو الجد الأكبر لتنين الماء الذي قتله، وبذلك فهو يعتبر الجد الأكبر للأسبرطيين، حيث تم بذر أسنان التنين في الأرض وكأنها محصول، ثم طرحت أشخاصًا مثل الأسبرطيين الأصليين الأوائل مدرعين بالكامل، وهم جنس من المحاربين من سلالة آريز. وإرضاءً لآريز تزوجقدموس منهارمونيا ابنة آريز منأفروديت وبذلك تمكن من تسوية كل الخلافات واستطاع أن يؤسس مدينة طيبة.
هناك أقاويل كثيرة عن (سيكنوس)، أحد أبناء آريز، سكنمقدونيا وكان متعطشًا لسفك الدماء لدرجة أنه حاول بناء معبد من جماجم وعظام المسافرين. وقد قامهرقل بقتل هذا الكيان البشع البغيض وهذا ما أثار جام غضب آريز الذي جرحه هرقل.
بالإضافة إلى ذلك، كان يربط بين آريز والإلهةأفروديت علاقة حب. وقد أثمر هذا الارتباط عن آلهة صغرى وهم «إيروس» و«أريذوسا» و«فوبوس وديموس» و«أدريستيا».[ar 7] وفي الوقت الذي آثر فيه «إيروس» و«أريذوسا» والدتهما الإلهة نظرًا لوضعهما الإلهي، فقد فضلت «أدريستيا» أن تقلد أباها وكانت غالبًا ترافقه إلى الحروب.
في الحكاية التي تغنى بها أحد شعراء الملاحم في قاعةالسينوس، قامهيليوس إلهالشمس في إحدى المرات بالتجسس على آريز وأفروديت وهما يستمتعان ببعضهما البعض سرًا في قاعةهيفيستوس، وقام على الفور بإخبار زوجها الأوليمبي. وقام هيفيستوس بالتخطيط للإمساك بهما متلبسين؛ فصنع شبكة كي يوقع فيها هذين الحبيبين الذين يحرم عليهما مثل ذلك الفعل. وفي الوقت المناسب، تم إيقاع آريز وأفروديت في الشرك وهما يعانقان بعضمها البعض بشكل حميمي. لكن هذا الانتقام لم يكن كافيًا ليشفي غل «هيفيستوس». ومن أجل ذلك، قام بدعوة آلهة وإلهات الأولمب؛ ليشاهدوا الحبيبين ذوي الحظ العاثر. وقد رفضت الإلهات هذه الدعوة؛ لأن حيائهن منعهن من ذلك، أما الآلهة فقد ذهبوا ليروا هذا المشهد الحميم. وقد علق البعض على جمال أفروديت، بينما قال البعض الآخر أنهم على أتم استعداد لتبادل الأماكن مع آريز لكنهم جميعًا سخروا من الحبيبين. وبمجرد أن تم إطلاق سراحهما، انطلق آريز وهو يعلوه الخزي إلى موطنه في تراقيا.[7] وفي أحداث أكثر تفصيلاً، يُروى أن آريز كان قد استعان بالشابألكتريون كحارس على الباب كي يحذره من قدوم هيليوس الذي من الممكن أن يخبر هيفيستوس عن خيانة أفروديت إذا انكشف الاثنين، لكن أليكترون راح في النوم. واكتشف هيليوس الاثنين وقام بتنبيه هيفيستوس، فاشتاط آريز غضبًا وحول ألكتريون إلىديك لا ينسى أبدًا إعلان بزوغ الشمس في الصباح.
في إحدى الأساطير القديمة الغامضة التي ورد ذكرها في الإلياذة وحكتها الإلهةديون لابنتها أفروديت، قام اثنان من العمالقة من العالم الآخر، يُطلق عليهما «إلودي» وكان اسمهما «أوتاس» و«إيفيالتيس»، بتقييد آريز بالأغلال وزجه في جرة برونزية لحفظ رماد الموتى حيث مكث لمدة ثلاثة عشر شهرًا أيسنة قمرية. «وكان هذا سيكون مصير آريز وشهيته المفتوحة على الحرب لولا أن قامت زوجة أبي العملاقة الجميلة والشابةإيريبوي بإخبارهيرميس عما قاما بفعله.» وكان هذا ما قصته في الإلياذة.[8] وقد ظل آريز يصرخ ويولول في الجرة حتى أنقذههيرميس وقامآرتميس بخداع العملاقان «إلودي» حتى قاما بقتل بعضهما البعض. وفي قصيدةنونوس،[9] والتي تسمىملحمة ديونيسياكا نسبة إلىديونيسوس، قام آريز أيضًا بقتلإيكيدناديس، وهو الابن العملاق لإيكيدنا وعدو كبير للآلهة. وليس من المؤكد ما إذا كان إيكيدناديس المجهول الاسم (والذي يُعتقد أنه من سلالة إيكيدنا) من نسج خيال الشاعر نونيوس أم لا. وبعد ذلك، ساعده زيوس على الشفاء.
فيالإلياذة، صَوّرهوميروس آريز كإله ليس له ولاء ثابت أو اعتبار للترتيب الصحيح للأمور، فقد وعد أثينا وهيرا بأن يحارب في صفالأخيون ولكنأفروديت أقنعت آريز بأن يحارب في صفالطرواديين. وفي أثناء الحرب، قاتلديوميديس معهكتور ورأى آريز وهو يقاتل إلى جانب الطرواديين. وأمر ديوميديس جنوده بالانسحاب ببطء، وعندما رأت هيرا والدة آريز تدخله، طلبت من والده زيوس السماح بإبعاد آريز بعيدًا عن أرض المعركة. وشجعت هيرا ديوميديس على مهاجمة آريز ولذلك رمى رمح على آريز ودوت صراخات آريز وزلزلت كيان بني أخيون والطرواديين على حد سواء. وبعد ذلك، قامت أثينا برمي الرمح على جسد آريز الذي جأر وتأوّه من الألم وهرب إلىجبل الأوليمب مجبرًا الطرواديين على الانسحاب. وفي وقت لاحق، عندما سمحزيوس للآلهة بالقتال في الحرب مجددًا، حاول آريز أن يقاتل أثينا كي يثأر لنفسه من إصابته السابقة. وبالفعل، تمكن آريز من التغلب على أثينا حيث قذفها بصخر جلمود. وعلى الرغم من ذلك، عندما أخبرت هيرا زيوس في أثناء حديث دار بينهما أن ابن آريز آسكالافاس قد قُتل، أراد آريز أن يقاتل إلى جانب بني أخيون ضاربًا بأمر زيوس ـ ألا يشترك أي إله أولمبي في المعركة ـ عرض الحائط. وأوقفت أثينا آريز وساعدته في أن يخلع درعه.
في الأعمال الأدبية التي ظهرت فيعصر النهضة الأوروبية والعصرالكلاسيكي الحديث تُصَوَّر رموز آريز على شكل رمح وخوذة،[ar 5] أما الحيوان الذي يرمز إليه فهو الكلب، والطائر هو النسر. وفي الأعمال الأدبية التي ظهرت في هذين العصرين، تم استبدال آريز بمارس الروماني الذي يمثل البسالة والشجاعة الذكورية بدلاً من الإله القاسي المتعطش للدماء الذي تمثله الأسطورة الإغريقية.
هناكمانغا كورية (مانهوا) اسمها «آريس» تتحدث عن عصر الجحافل الرومانية، آريس ومايكل وبارونا، الثلاثة المحاربين الشباب مع الماضي الغامض ومهارات متفوقة، يجدون أنفسهم يعملون معا من أجل نقابة المرتزقة. وفي لعبة الفيديو «إله الحرب» يعتبر آريز هو العدو الرئيسي في المعركة ولكنه يلقى مصرعه على يد إنسان يُدعىكراتوس.
«آريز» هو اسم سفينة النقل الفضائية الخاصةبوكالة ناسا التي حلت محل المكوك الفضائي. وقد أصبح آريز شخصية شائعة في الكتب الهزلية مما أدى إلى ظهور نسخ مميزة من الشخصية فيدي سي كومكسومارفل كومكس. وقامت الفرقة الغنائية الإنجليزيةفرقة بلوك بارتي بتسجيل أغنية تحمل اسم «آريز» في ثالث ألبوم غنائي يحمل اسم «إنتمسي». ولدى فنان البوب الياباني «غاكت» أغنية باسم آريز في ثاني ألبوم منفرد له بعنوان «مارس». وأيضًا في رواية «لص البرق» التي كتبها ريك ريوردون، كان أيضًا في الكتاب التالي والذي جاء تحت اسم «بحر الوحوش».
كما كان جنود مشاة في فيلمالإسكندر يغنون إينياليوس فيمعركة جوجاميلا أثناء سيرهم إلى أرض المعركة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن آريز شخصية محورية في سلسلة كتب "The Underland Chronicles" والتي كتبتهاسوزان كولينز.
كما أن آريز شخصية معتادة في المسلسل التليفزيونيزينا: الأميرة المحاربة. وكما جسده الراحلكيفن تود سميث، ظهر آريز في المسلسل كإله وإنسان ممزق بين رغبته في زينا وحبه للجنس البشري وبين رغبته الغريزية المتأصلة في دعم الحروب وإثارة شرور النفس البشرية. وتعد الشخصية من أكثر الشخصيات تعقيدًا في المسلسل. وبعد سقوط الآلهة، أصبح آريز فانيًا ولكنه استعاد ألوهيته بعد أن قضم من تفاحة أودن.
^ابجيني مارك (2018)، معجم الأساطير اليونانية والرومانية، ترجمة: أحمد عبد الباسط، الجزء الأول، صفحات 108-109
باللغة الإنجليزية
^Online Etymology Dictionary"نسخة مؤرشفة". مؤرشف من الأصل في 2015-09-24. اطلع عليه بتاريخ2020-05-29.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link)
^والتر بوركرت,Greek Religion (Harvard) 1985:pt III.2.12 p. 169.
^Athens, NM 3851) quoted in Andrew Stewart,"نسخة مؤرشفة". مؤرشف من الأصل في 2008-02-23. اطلع عليه بتاريخ2018-04-02.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link)
^"Odyssey, 8.295". مؤرشف منالأصل في 2019-12-08.InRobert Fagles' translation ""…and the two lovers, free of the bonds that overwhelmed them so, sprang up and away at once, and the Wargod sped to Thrace, while Love with her telltale laughter sped to Paphos…".